هو رضي الله عنه أبوعبدالله، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته.ولد لخمس خلون من شعبان سنة أربع علي الأصح، وكانت فاطمة قد علقت به بعد ولادة الحسن بخمسين ليلة. وحنكه صلى الله عليه وسلم بريقه، وأذن في أذنه، وتفل في فمه، ودعا له وسماه حسينا، يوم السابع، وعقَّ عنه، كان شجاعاً مقداماً من حين كان طفلاً.
(وهذه جملة من الأحاديث والآثار الواردة في حقه زيادة على ما سبق) أخرج الحاكم وصححه عن يحيى العامري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال(حسين مني وأنا من حسين، اللهم أحب من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط)، وروى ابن حبان وابن سعد وأبويعلى وابن عساكر عن جابر بن عبدالله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة، فلينظر إلى الحسين بن علي) وروى خيثمة بن سليمان عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس في المسجد، فقال أين لُكَعْ، فجاء الحسين يمشي حتى سقط في حجره، فجعل أصابعه في لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففتح صلى الله عليه وسلم فاه أي الحسين فأدخل فاه في فيه، ثم قال: (اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه) وروى الحسن بن الضحاك عن أبي هريرة، قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتص لعاب الحسين كما يمتص الرجل الثمرة، وكان ابن عمر جالساً في ظل الكعبة، إذ رأي الحسين مقبلاً فقال: هذا أحب أهل الأرض إلى أهل السماء اليوم، وجاء رجل إلى الحسن يستعين به في حاجة فوجده معتكفاً في خلوة فاعتذر إليه فذهب إلي أخيه الحسين فاستعان به فقضى حاجته وقال لَقَضَاءُ حاجة في الله عز وجل أحب إليَّ من اعتكافي شهراً.
ومن كلامه رضي الله عنه
اعلموا أن حوائج الناس إليكم من نعم الله عليكم، فلا تملوا من تلك النعم، فتعود نقماً، واعلموا أن المعروف يكسب حمداً، ويعقب أجراً، فلو رأيتم المعروف رجلاً، لرأيتموه رجلاً جميلاً يسر الناظرين، ولو رأيتم اللؤم رجلاً، لرأيتموه رجلاً قبيح المنظر تنفر منه القلوب، وتغض دونه الأبصار، ومن كلامه: من جاد ساد، ومن بخل ذل، ومن تعجل لأخيه خيراً وجده إذا قدم على ربه غداً، ومات ابن له فلم تُرَ عليه كآبة فعوتب في ذلك فقال (إنا أهل بيت نسأل الله فيعطينا، فإذا أراد ما نكره فيما نحب رضينا).والتزم يوماً ركن الكعبة، وقال : (إلهي نعمتني فلم تجدني شاكراً، وابتليتني فلم تجدني صابراً، فلا أنت سلبت النعمة بترك الشكر، ولا أدمت الشدة بترك الصبر، إلهي ما يكن من الكريم إلا الكرم).كانت إقامته رضي الله عنه بالمدينة إلى أن خرج مع أبيه إلى الكوفة، فشهد معه مشاهده، وبقي معه إلى أن قتل، ثم مع أخيه إلى أن انفصل، فرجع إلى المدينة واستمر بها حتى مات معاوية، فأخرج إليه يزيد من يأخذ بيعته فامتنع وخرج إلى مكة، وأتت إليه كتب أهل العراق بأنهم بايعوه بعد موت معاوية، فأشار إليه ابن الزبير بالخروج، وابن عباس، وابن عمر بعدمه، فأرسل إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل فأخذ بيعتهم وأرسل إليه يستقدمه، فخرج الحسين فأرسل إليه ابن عمه مسلم بن عقل فأخذ بيعتهم وأرسل إليه يستقدمه، فخرج الحسين من مكة قاصداً العراق، ولم يعلم بخروجه ابن عمر، فخرج خلفه فأدركه على ميلين من مكة، فقال ارجع فأبى فقال إني محدثك حديثاً إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فخيره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة، وإنك بضعة منه، والله لا يليها أحد منكم، فقال إن معي حملين من كتب أهل العراق ببيعتهم، فقال ما تصنع بقول قتلوا أباك وخذلوا أخاك فأبى إلا المضي فاعتنقه وبكى وقال استودعتك الله من قتيل ثم سافر فكان ابن عمر يقول غلبنا الحسين بالخروج ولعمري لقد رأى في أخيه وأبيه عبرة وكلمه في ذلك أيضاً من وجوه الصحابة جابر بن عبدالله إني لأظنك لتقتل بين نسائك وأبنائك وبناتك كما قتل عثمان فلم يقبل فبكى وقال أقررت عين ابن الزبير فلما رجع قال لابن الزبير قد جاء ما أحببت خرج الحسين وتركك والحجاز فعلم يزيد بخروج الحسين فأرسل إلى عبيد الله بن زياد واليه على الكوفة يأمره بطلب مسلم وقتله فظفر به فقتله ولم يبلغ حسيناً ذلك حتى صار بينه وبين القادسية ثلاثة أميال ولقي الحر بن يزيد التميمي فقال له ارجع فإني لم أدع لك خلفي خيراً وأخبره بالخبر ولقي الفرزدق فسأله فقال قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني أمية والقضاء ينزل من السماء فهم أن يرجع وكان معه أخوه مسلم فقالوا لا ترجع حتى نصيب بثأره أو نقتل فساروا وكان ابن زياد جهز أربعة آلاف وقيل عشرين ألفاً لملاقاته فوافوه بكربلاء فنزل ومعه خمسة وأربعون فارساً ونحو مائة راجل وكان أمير الجيش عمرو بن سعد بن أبي وقاص وكان ابن زياد ولاه الرأي وكتب له به أن حارب الحسين وارجع فلما التقيا وأرهقه السلاح قال له الحسين اختر مني إحدى ثلاث إما أن ألحق بثغر من الثغور أو أن أرجع إلى المدينة وإما أن أضع يدي على يد ابن معاوية فقبل ذلك عمرو منه وكتب به إلى ابن زياد فكتب إليه لا أقبل منه حتى يضع يده في يدي فامتنع الحسين فتأهبوا لقتاله وكان أكثر مقاتليه الكاتبين إليه والمبايعين له فلما أيقن أنهم قاتلوه قام في أصحابه خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ثم قال نزل من الأمر ما ترون وإن الدنيا تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها وانشمرت حتى لم يبق مها إلا كصيابة الإناء وإلا خَسيسُ عيش كالمرعى الوبيل ألا ترون الحق لا يعمل به والباطل لا يُتَنَاهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله عز وجل وإني لا أري الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا جرماً فقاتلوه إلا أن قتل رضي الله عنه وذلك يوم الجمعة يوم عاشوراء سنة إحدى وستين بكربلاء من أرض العراق ما بين الحلة والكوفة قتله سنان بن أنس النخعي وقيل غيره وقتل يومئذ مع الحسين من أهل بيته ثلاثة وعشرون رجلاً كما قيل