( دي المناظر يا عبد الستار) إنتوا لسة شوفتوا حاجة، ، الفيلم لسة
03-18-2013 08:31 AM
الطاهر ساتي
** عذراً على الإحتجاب، كنت بمصر، ولم يعد الزائر السوداني يشعر بالغربة..كل تفاصيل الحياة العامة هناك بمثابة صورة - طبق الأصل - لتفاصيل الحياة العامة هنا..فالدولار، لأول مرة في تاريخ الجنيه المصري، يتجاوز ال (7جنيهات)، أي كما الحال هنا..وأخونة الدولة هناك - وهي اسم الدلع للتمكين هنا - تجاوزت مرحلة السرية والحياء إلى مرحلة الجهر والتباهي بتعيين آلاف من الأخوان في كل مفاصل مؤسسات الدولة ومرافقها العامة، والتبرير لهذا الإحلال والإبدال هو ما يصرح به بعض كتاب صحيفة الحرية والعدالة - لسان حال الحزب الحاكم - بمرافعة من شاكلة : ( مافيش أخونة ولا حاقة يا قماعة، ده تعويض لسنوات التشرد اللي عاشوها الأخوان) ..!!
** وبورسعيد و سيناء - كما بعض مناطق دارفور وجنوب كردفان والنيل الأرزق - خارج سيطرة السلطة السياسية وأجهزتها الخدمية، فالجيش بتلك المناطق هو (الكل في الكل)، ولم يعد مدهشاً للمارة والسيارة أن غضب الناس بتلك المناطق بلغ حد إنتشار الشرطة العسكرية في الشوارع لتنظيم (حركة المرور)، بدلا عن شرطة المرور..وبالمناسبة، ليست شرطة المرور وحدها، بل كل الشرطة بمصر مدهشة للغاية، فالإعتصام هو المناخ العام في الدوائر الشرطية..على سبيل المثال، رصدت إعتصاماً شرطياً بالقاهرة، فسألتهم عن الأسباب، فأجابوا ( أنهم يريدون إطلاق اللحى عملاً بالسُنة، ولكن قانون وزارة الداخلية يمنع ذلك، فاعتصمنا ولن نغادر المكان إلا بتعديل القانون بحيث يسمح لنا بإطلاق اللحى)، فغادرتهم بلسان حال قائل : ( لا تمام، انتو كده ماشين صاح، بس إستعجلتو شوية، ناسنا هناك دسوا دقونهم زي سنة و شوية).. والمستشار الإعلامي لرئاسة الجمهورية يعلق على الحدث بالنص : (رئاسة الجمهورية لاترفض تربية اللحى، ولكن يجب تهذيبها وتشذيبها أسوة بالرئيس مرسي)، والصحف لاتزال تحمد للمستشار هذا التصريح، بحيث لم يقل ( أسوة بالمرشد) ..!!
**والمرشد هناك - كما شيخ حسن هنا زمان - يدير من الظل عجلات ما تحت الشمس، بدليل أن الحزب اقترح ما أسماه ب (مشروع الضبطية)، فتبنت الحكومة المشروع ورعته إلى أن صار واقعاً ببعض المحافظات، ومشروع الضبطية - أيها الأكارم - هو المشروع المسمى هنا بالدفاع الشعبي والشرطة الشعبية ، بحيث تجد شباباً بأزيائهم المدنية يطاردون المتظاهرين - والبلطجية - في الشوارع منذ بداية مسلسل إعلان الإدارات الشرطية عن رفضها للعمل ( عديل كدة)..ولاتزال الصحف تهاجم الحكومة المركزية ومحافظاتها لتحويلها بعض مراكز الشباب إلى معسكرات ل(شباب الضبطية)..وإجتماع الجمعة الفائتة، والذي جمع الرئيس مرسي بسادة الأمن المركزي، مراد به إحتواء تمرد الشرطة بحيث تعود إلى حياة الناس وتؤدي واجبها..وغياب الشرطة هناك - حتى في الأقسام والمراكز- يمنح المواطن إحساساً بغياب الأمن، وغياب الأمن ببعض أحياء المدائن لم يعد محض إحساس، بل واقع في حياة الناس..!!
** فالطرق من القاهرة إلى المحافظات الطرفية لم تعد - كما كانت - تضج بالمارة والسيارة والباعة آناء الليل وأطراف النهار، بل ينصحونك حين تقصد محافظة ما ( خد الأطر، وأحقز بالنهار، ما فيش حاقة بس الحرص واقب)، وهي نصيحة لاتختلف كثيراً عن نصيحة مطارد من قبل الأسد لرفيقه : ( إقرا يس، لكن ساعدها بي جكة)، وهكذا حال الناس هناك في شوارع وأزقة مدائن وأرياف لم تكن تنام من الليل إلا قليلاً..!!
** وقضايا الشعب هناك في واد والتلفزيون الرسمي - كما الحال هنا - في واد آخر، إذ أصدر مديره يوم الخميس الفائت توجيهاً يمنع إرتداء المذيعات للملابس الملونة، وألا تزيد الألوان من (لونين فقط لاغيرهما)..وعلى الجانب الشعبي، ما لم يخرج السواد الأعظم من صلاة الفجر مباشرة إلى حيث الصفوف ، فلايحظى بنصيبه من قوت اليوم (الرغيف المدعوم)، وكذلك حال المركبات في صفوف الوقود..وهناك، على الجانب الرسمي، تعلن شركة النهضة التي تم تأسيسها حديثاً عن طرح أول فيلم يحمل اسم ( تقرير)، وهو فيلم بمعايير أسموها بالأخلاقية، ولكن الدكتور عبد الستار فتحي - رئيس المصنفات الفنية - يغضب عند عرض الفيلم، ويصرح قائلاً بالنص : ( هذا الفيلم لم يمر على الجهاز الرقابي حسب القانون واللائحة، و ده غلط )، فقرأت غضبه على تجاوز شركة الأخوان لقوانين الدولة ولوائحها، ثم طويت الصفحة بلسان حال ينصح عبد الستار وأهله : ( إنتوا لسة شوفتوا حاجة، دي المناظر، الفيلم لسة) ..!!