هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عاطف اسماعيل

عاطف اسماعيل



من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Empty
مُساهمةموضوع: من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر   من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Icon_minitime1السبت 23 مارس 2013 - 13:54

إعدام رجل يفكر

علاء الديب ١٧/ ٣/ ٢٠١٣
وضعنى هذا الكتاب فى قلب اللحظة. هنا والآن، الشهيد الأستاذ
«محمود طه» مفكر إسلامى حر، سودانى الجنسية، تم إعدامه
شنقاً فى ١٨ يناير ١٩٨٥ لأنه كان يفكر بحرية ومسؤولية فى تطبيق
أحكام تعود إلى القرن السابع الميلادى على بشر وعالم يتحرك
ويتغير فى القرن الحادى والعشرين.. يحمل الكتاب «ثلاثة من
الأعمال الأساسية للأستاذ الشهيد :- الرسالة الثانية من
الإسلام- رسالة الصلاة- تطوير شريعة الأحوال الشخصية،
مع مقدمة وافية بقلم ابنته الأستاذة أسماء محمود طه
والفنان الدكتور النور محمد حمد.

خلال أكثر من ٢٠٠ كتاب كتبت فى أربعة عقود، خلال
نشاط دينى وفكرى وإنسانى فى قلب السودان، الخارج
لتوه من استعمار إنجليزى طامح لطمس هويته، ومنقسم
بين الاستقلال والوحدة مع مصر، يعانى من انقسامات طائفية
ودينية، إلى جانب تراكم هائل للفقر والتخلف والمرض، انطلق
المهندس الزراعى المتصوف الزاهد فى عمل دعوى متقدم
متجرد حر، يعتمد على البقاء وسط الناس، والدعوة إلى فكرة
»الإخوان الجمهوريين«، يطبع الكتب الرخيصة، ويوزعها هو
وتلاميذه خلال اجتماعات دائمة فى النوادى والحدائق والقرى.

طرح الأستاذ الشهيد الفكر الإسلامى فى هذه الظروف
الصعبة على أنه حل كونى للعالم. تحدث بيقين غريب عن
توحد البشر فكرياً ووجدانيا، وقال إن الإسلام سيخلف
النظامين الشيوعى والرأسمالى.

لقد جسد الأستاذ تحدياً فكرياً وأخلاقياً لكل المتاجرين
بالشعار الإسلامى، ولكل المنحازين لمعسكر السلطان
من رجال دين ومثقفين، حكم عليه بالردة فى نوفمبر ١٩٦٨،
ثم استدعى الحكم مرة أخرى ليصبح المسوغ لحكم الإعدام
الذى تم تنفيذه فى »١٨ يناير ١٩٨٥« وهو اليوم الذى مازال
يعتبر »اليوم العربى لحقوق الإنسان«، وسقط حكم النميرى بعده.

■ ■ ■

هؤلاء الذين يطالبون بحكم »طالبان« و»بوكو حرام« هؤلاء الذين
قبحوا وجه الدنيا، وجعلوا وجه الإنسان كئيباً حزيناً. هؤلاء هم
الذين ساقوا الأستاذ الشهيد إلى منصة الإعدام شنقاً فى
مشهد سجلته وحدها الصحفية الأمريكية »جوديث ميلر«،
حيث جرى الإعدام سراً فى سجن »كوبر« ثم أذيع بعد ذلك
تصديق »النميرى« على الحكم فى التليفزيون وحكم معه
على أربعة من تلاميذه ولكنهم تمت استتابتهم. سجلت
الصحيفة اليوم الأسود فى تاريخ الإنسانية فى كتاب صدر
باسم »لله تسع وتسعون اسماً« (طبع فى نيويورك فى
دار سيمون وسوستر ١٩٩٦) تقول : »قبل دخول محمود
محمد طه ظل الحضور الذين يقدرون بالمئات، يحيون
بعضهم البعض بتحية الإسلام التقليدية «السلام عليكم»
ويجىء الرد مرات ومرات «وعليكم السلام»، ثم يتضاحكون
ويتجاذبون أطراف الحديث حول حالة الطقس وبشائر محصول
السنة تحت وهج الشمس، التى بدأت حرارتها تزداد قسوة.
دخل الرجل المحكوم عليه، بدا لى أصغر من عمره البالغ
ستة وسبعين عاماً، سار مرفوع الرأس وألقى نظرة سريعة
على الحشد، عندما رآه الحاضرون انتصب كثيرون منهم
واقفين على أقدامهم، وطفقوا يومئون ويلوِّحون بقبضات
أيديهم نحوه، ولوح قليلون منهم بالمصاحف فى الهواء.

«تمكنت فقط من التقاط لمحة خاطفة من وجه طه قبل
أن يضع الحارس الذى قام بالتنفيذ كيساً ملوناً على
رأسه وجسده، لن أنسى ما حييت التعبير المرتسم
على وجهه، كانت عيونه متحدية وفمه صارماً، ولم تبد
عليه أى علامات للخوف».

«أحسست أنا أيضاً أن طه لم يقتل بسبب يتعلق بنقص
فى قناعته الدينية وإنما بسبب نقص فيهم هم».

وقال أحد كتاب السودان بعد فترة من الإعدام :

«قتلته سهام صدئة، أطلقها قضاة عاطبون وحاكم فاجر».

■ ■ ■

«سمع صوت الفتحة، وأصبح جسد الأستاذ متدلياً من
حبل المشنقة من تحت سقف المنصة، بدا جسمه
ساكناً كأنما هو واقف فقط. قدماه متدليتان تبدو
راحتاه بيضاويين، كان يبتسم تلك الابتسامة التى
وصفتها وكالات الأنباء بأنها ابتسامة رثاء وسخرية!».

■ ■ ■

ولد الشهيد فى مدينة رفاعة فى وسط السودان
١٩٠٩ وكان أول سجين سياسى فى السودان
عندما تحدى حكماً إنجليزياً ضد امرأة مارست ما
يعرف باسم «الطهارة الفرعونية»، واعتبر رغم
وقوفه ضد العملية نفسها أنه تدخل فى حرية
فردية، أخذ نفسه بأنواع خاصة من الصيام الصمدى
والصلاة الصوفية للوصول إلى أنواع من المعرفة
والكشف، وكان ضد الخرافات والسحر والشعوذة
بنفس الحدة التى كان يقف بها ضد الاتجار بالدين
ورفع الشعارات الجوفاء التى سيطرت فى السنوات
التالية على ما عرف بتطبيق الشريعة ومحاكم قطع
اليد، وشرب الخمر، والشروع فى الزنى، وكان دائماً
صاحب مواقف من قوانين سبتمبر الإسلامى، ويرى
أنها مبالغات شكلية لستر فساد الحكم والحكام، فى
حين أنه يرى أن نصرة الفقراء والمستضعفين هى أمر
دينى لا مساومة فيه، وكان يرى أن حكم النميرى
وحكم البشير هو حكم ديكتاتورى فاسد له غطاء دينى
يوفره ظهور وغياب ميكيافيليه، وانتهازية علماء دين
وفقهاء سلطة على رأسهم الترابى، وله كتاب صغير
تحت اسم «هم وهابيون وليسوا أنصار السنة»، وقد
جرت المحاكمة الأخيرة التى أعدم بعدها عن منشور
صغير بعنوان «هذا.. أو الطوفان». وللشهيد موقف
من إسرائيل أرسله فى خطابات إلى عبدالناصر يقترب
فيها من فكرة «التحدى الحضارى» التى صاغها الكاتب
أحمد بهاء الدين بعد حرب ٦٧، وله قول «القضية ليست
إسرائيل ولكن الخسران المبين يأتى من أننا نتمسك
بقشور فى الدين وفى معرفتنا وتعاملنا مع الحضارة
الغربية»، وكذلك للرجل مناقشة طويلة تقع فى كتابين
لفكر «الإخوان المسلمون فى مصر» عن حسن البنا
وسيد قطب. كما أفرد كتاباً خاصاً لمناقشة ظاهرة
الترابى الذى يبدو أنه قد لعب دوراً غامضاً فى نهاية
الشهيد محمود طه.

■ ■ ■

هل نحن فى صحو أم أننا نيام! كيف يحدث هذا كله
فى سنواتنا هذه دون أن ندرك أننا نعود إلى القرون
الوسطى؟ كيف يعدم إنسان لأنه يفكر. قالت الصحفية
الأمريكية جوديث ميلر بعد إعدام طه إنها حاولت مقابلة
النميرى، سألته : لمَ قتلت محمود طه؟ رد النميرى
«أنتم تقولون إنه معتدل، لكنه غير معتدل»، ولم يزد على
ذلك ثم قال : «القرآن يوصى بقتل المرتدين، ولا يستطيع
الرؤساء والملوك والسلاطين تغيير ذلك» ثم غطس النميرى
فى كرسيه ودخل فى حالة من الصمت، جذب منديلاً ومسح
حاجبه وبدا وكأنه قد نسى وجودى تماماً، مرر يده بذهن شارد
على شعره المجعد، وجهه الذى كان متجسداً فى حضوره،
قبل لحظات قليلة تهالك فجأة وتراخى فكاه وتمدد، عندها تنهد
وأمرنى بالانصراف بتلويحة من يده، وكانت هذه آخر مقابلاتى
مع الرئيس نميرى.. بعد أربعة أشهر ذهب جعفر النميرى.

■ ■ ■

يبقى محمود محمد طه، ويبقى السودان ولكنه فقد هو الآخر
وحدته، مع أن للشهيد طه كتاباً عنوانه «حل مشاكل الجنوب
يبدأ من الشمال»، كان الرجل يعبد الله خالصاً ويفكر وكان يرى
أن ارتباط الدين بالأخلاق أهم وأجدى من تدخله فى السياسة،
فكره الدينى لا غموض فيه ولا التواء، هو يرى أن أصول الإسلام
اكتملت فى «مكة» والتشريع المدنى قائم على ملاءمة التغير
والتحولات. وهى مسألة قتلها الفقه والفقهاء. أما الإنسان الذى
ظل الشهيد يبشر بميلاده فهو الإنسان الذى لا فجوة لديه بين
القول والعمل «العارف» الذى ربط ربطاً معرفياً عضوياً بين عالمى
الغيب والشهادة، فتحرر من الخوف.

إذا لم يمتلك المثقف هذا النوع من الوعى الوجودى، أياً كان
مصدره، فإن استغلال السلطة السياسية للمثقف عن طريق
الترغيب والترهيب سيظل قائماً أبد الدهر، وسوف تستمر
خيانة المثقف للمظلومين والمضطهدين قائمة هى الأخرى
أبد الدهر.

حطم فى حياته كل أنواع الاستعلاء بالمال أو بالجاه والسلطة
أو حتى بالمعرفة. خلال كتبه ترى بساطة لا نهائية فى التعبير،
كما ترى استخداماً حياً ومتجدداً وخاصاً لآيات القرآن الكريم
ولحياة المعصوم، فترى بوضوح كيف توسع تجليات الحياة
الجديدة من فضاء النص.

■ ■ ■

إننا فى النهاية نشكر السودان على كتب وحياة
الشهيد كما نشكره دائماً على ماء النيل.

الكتاب: نحو مشروع مستقبلى للإسلام

المؤلف: محمود محمد طه

الناشر: رؤية للتوزيع والنشر

٢٠١٢

http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=375099&IssueID=2807#top


عدل سابقا من قبل عاطف اسماعيل في الثلاثاء 2 أبريل 2013 - 1:56 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاطف اسماعيل

عاطف اسماعيل



من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Empty
مُساهمةموضوع: رد: من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر   من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Icon_minitime1السبت 23 مارس 2013 - 14:03


من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Z
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاطف اسماعيل

عاطف اسماعيل



من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Empty
مُساهمةموضوع: رد: من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر   من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Icon_minitime1السبت 23 مارس 2013 - 14:05

من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Images?q=tbn:ANd9GcSYEHpuxJ5TKSFb_4QlNyTu9QeQIS4mVB0VotZHvvuFhTDgUrhLzA
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاطف اسماعيل

عاطف اسماعيل



من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Empty
مُساهمةموضوع: رد: من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر   من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Icon_minitime1الخميس 28 مارس 2013 - 16:50

من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Images?q=tbn:ANd9GcSXpGDpq17FAi4GenO9trYqfU13J0zx9I94200suMYsZMblbW6n
علاء الاسوانى

كيف يتحوَّل المؤمن إلى جلاد..؟!


\
خلال الاشتباكات التى تمت يوم الجمعة الماضى
بين المتظاهرين والإخوان المسلمين فى منطقة
المقطم.. قبض الإخوان على المناضل اليسارى
كمال خليل وحبسوه فى المسجد، حيث رأى
بنفسه عدداً من المتظاهرين وقد تم تجريدهم
من ملابسهم وجلدهم ببشاعة داخل المسجد
حتى غاب معظمهم عن الوعى. كان الإخوان
يستعملون كرباجاً كبيراً فى ضرب ضحاياهم
وقد سأل الأستاذ كمال صاحب الكرباج فقال له:

ـــ ده كرباج سودانى أنا ناقعه فى الزيت من فترة
طويلة..الضربة الواحدة منه تقطع الجلد.

من حظ كمال خليل أن تعرَّف إلى أحد جيرانه بين
الإخوان فتوسط ومنع تعذيبه لكنه نشر شهادته
عن سلخانة الإخوان على موقع البداية، ثم تواترت
شهادات الضحايا فى الصحف لتؤكد تعذيبهم
ببشاعة، أما المتظاهر أمير عياد فقد اكتشف
الإخوان أنه قبطى فضاعفوا جرعة التعذيب حتى
شارف الموت وكانوا ينادونه بـ«الكلب المسيحى».
لقد ارتكب الإخوان فى المقطم نفس الجرائم
البشعة التى ارتكبوها من قبل أمام الاتحادية وفى
معسكرات الأمن المركزى. قرأت شهادات ضحايا
الإخوان وفكرت أن عضو الإخوان المسلمين الذى
افتخر بكرباجه السودانى وزملائه الذين يجلدون
ضحاياهم بقسوة حتى يفقدوا الوعى، هؤلاء جميعاً
مؤمنون يحرصون على الصلاة والصيام ويحرصون فى
حياتهم على ألا يفعلوا شيئاً حراماً أو حتى مكروهاً..
كيف يتحولون إلى جلادين..؟! يجب أن نذكر أن ارتكاب
الجرائم باسم الدين قد حدث فى الأديان جميعاً.
فالكنيسة الكاثوليكية مثلاً التى قدمت للعالم
قيماً عظيمة فى المحبة والتسامح هى ذاتها التى
شنت الحروب الصليبية وعقدت محاكم التفتيش وقتلت
مئات الألوف من اليهود والمسلمين. أى دين يمكن أن
نفهمه بطريقة صحيحة فيجعلنا كائنات إنسانية أرقى
ومن الممكن قراءته بطريقة متعصبة تؤدى إلى ارتكاب
الجرائم. السؤال: كيف يتحول المؤمن إلى جلاد..؟!
أعتقد أن المؤمن الحقيقى لا يمكن أن يرتكب مثل
هذه الجرائم وإنما المتطرف هو الذى يتحول إلى جلاد،
ويتم تحوله عبر الخطوات التالية:

أولاً: احتكار الحقيقة

ليس الدين وجهة نظر يمكن مناقشتها أو تغييرها وإنما
الدين إيمان وجدانى راسخ. الناس غالباً يستعملون
العقل لتأييد الإيمان، ونادراً ما يكتشفون الإيمان بواسطة
العقل. الدين اعتقاد حصرى بمعنى أن أصحاب كل دين
يؤمنون بأن دينهم صحيح وكل الأديان الأخرى على خطأ..
بالرغم من ذلك فقد ثبت فى التاريخ أن الفهم الصحيح لأى
دين يجعل صاحبه متسامحاً مع أصحاب الأديان الأخرى إلا
أن المتطرف يؤمن دائماً بأنه يحتكر الفهم الصحيح للدين،
أما الآخرون فهم فى نظره كفار أنجاس أو فاسقون منحلون
مقيمون على الخطايا. إن المتطرف يعتبر أنه مركز العالم وكل
من يختلف عنه فى الأطراف المهملة.. هذا اليقين باحتكار
الحقيقة واحتقار الآخرين لا يستند إلى حقيقة الإسلام الذى
يحمل فى جوهره تعاليم متسامحة مع البشر جميعاً، كما أن
غطرسة المتطرفين تتجاهل حقيقة أن المسلمين يشكلون
فقط خُمس سكان العالم ما يجعل المتطرف يحتقر أربعة
أخماس البشر.

ثانياً: ممارسة الدين بالتميز

المتطرف ليس لديه تجربة دينية عميقة. الدين بالنسبة
إليه ليس علاقة روحانية مع ربنا سبحانه وتعالى وإنما
الدين عنده وسيلة لإظهار تميزه على الآخرين. المتطرف
يستمتع بإظهار تدينه لأنه يحس عندئذ أنه أفضل من
الآخرين الأقل التزاماً بالدين منه. إن المتطرف غالباً ما
يعانى من مركبات نقص يعالجها بتفوقه الدينى على
الآخرين. إنه لا يمارس تدينه ليمنحه السكينة والسلام
وإنما يستعمله لكى يقهر الآخرين ويسيطر عليهم. قد
يحس بأن الآخرين أفضل منه تعليماً أو أكثر حظاً فى
الحياة لكنه يعوض ذلك بأن يمارس عليهم تدينه حتى
يحس بأنه أفضل منهم عند الله كما أن المتطرف لا
يكتفى بإظهار تميزه على الآخرين وإنما يظهر غالباً
احتقاره للمختلفين عنه لكى يستمتع بتفوقه الدينى.

ثالثاً: استعادة مجد الدين عن طريق الحرب المقدسة

لابد للمتطرف أن يعيش فى عالم افتراضى متخيل مريح
فى ظل فكرة وهمية تجعله يحس بأنه ليس مؤمناً عادياً،
وإنما هو جندى شجاع يجاهد فى سبيل إعلاء كلمة
الدين. لابد أن يتخيل المتطرف أن هناك حرباً عالمية كبرى
شرسة متعددة الأطراف ضد الدين الذى يؤمن به ويجب
عليه أن يقاتل بضراوة أعداء الدين لإعلاء كلمة الله. إن
المتطرف الذى يتمسك بعالمه المتخيل يشبه تماماً
الشخصية التى أبدعها الروائى الإسبانى الشهير
«سرفانتس».. «دون كيخوته» الذى أحب أن يكون فارساً
بعد أن انقضى عصر الفرسان فانتهى به الأمر إلى محاربة
طواحين الهواء. إن مشايخ الإسلام السياسى نجحوا فى
صناعة فكرة وهمية اسمها «الخلافة الإسلامية».. مئات
الألوف من أتباع الإسلام السياسى الذين تعلموا تاريخاً
مزيفاً عن طريق مشايخهم يؤمنون بأن المسلمين حكموا
العالم عندما اتبعوا تعاليم دينهم، فلما خالفوا الدين ضعفوا
واحتلهم الغرب وهم ينتظرون عودة خليفة جديد ليحكم
وحده كل الدول الإسلامية.. لا مانع بالطبع من تعاون الدول
الإسلامية مع بعضها البعض ولا مانع من تعاون البشر جميعاً،
لكن استعادة الخلافة الإسلامية وهم كبير لسبب بسيط أنها
لم توجد أصلاً حتى نستعيدها... يحتاج الإنسان فقط إلى قليل
من القراءة الجادة ليدرك أن ما يسميه مشايخ الإسلام السياسى
«الخلافة الإسلامية» لم تكن خلافة ولم تكن إسلامية. على مدى
قرون من الدول التى أنشأها المسلمون لم يستمر الحكم العادل
الرشيد سوى 31 عاماً.. 29 عاماً فى عهد الخلفاء الراشدين الأربعة
وعامين حكم خلالهما عمر بن عبدالعزيز.. أما الدولة الأموية ومثلها
الدولة العباسية فقد قامتا مثل كل الإمبراطوريات بعد ارتكاب جرائم
رهيبة وقتل آلاف الأبرياء من أجل تمكين السلطان من العرش. أما
الخلافة العثمانية فلم تكن إلا احتلالاً بشعاً لبلادنا وكل من يشك فى
هذه الحقيقة عليه قراءة المؤرخ المصرى محمد بن إياس الحنفى
القاهرى (1448 ــ 1523)، عندئذ سيدرك الأهوال التى قاساها
المصريون على أيدى الجنود العثمانيين (المسلمين).. بل إن
الخليفة العثمانى الذى يبكيه أتباع الإسلام السياسى كان من
أسباب احتلال مصر عندما أصدر فى يوم 9 سبتمبر 1882 قراراً
بإعلان عصيان الزعيم عرابى، ما أدى إلى انصراف كثيرين عن
جيش المقاومة ونتج عن ذلك هزيمة الجيش المصرى والاحتلال
البريطانى لمصر.. الخلافة الإسلامية لم توجد أساساً حتى
نستعيدها لكن للأسف لا جدوى من محاولة إقناع المتطرفين
بهذه الحقيقة لأنهم سيرفضون دائماً الخروج من العالم الافتراضى
الذى صنعه مشايخهم.

رابعاً: نزع الطابع الإنسانى عن المعارضين

عندما استنكر كمال خليل جلد المتظاهرين بهذه البشاعة داخل
المسجد «بيت الله» حاول الإخوان إقناعه بأن ضحاياهم ليسوا
ثواراً وإنما بلطجية مجرمون، كما أنهم مدمنو مخدرات مسطولون
لا يحسون بالتعذيب الذى يتعرضون له.. يحتاج الجلادون دائماً
إلى مثل هذا التبرير تجنباً لوخز ضمائرهم. لابد من شيطنة
الضحايا بشكل يبرر الاعتداء عليهم. إن كل من يعترض على
جرائم الإخوان سرعان ما ينهالون عليه بالاتهامات لتشويهه،
معارضو الإخوان فى رأيهم إما من فلول نظام مبارك أو عملاء
للصهيونية العالمية أو أتباع سريون للماسونية أو فى أفضل
الأحوال فاسقون منحلون جنسياً هدفهم الأساسى فى الحياة
إشاعة الفاحشة فى المجتمع والسماح للسحاقيات والشواذ
بالزواج من بعضهم البعض. هذه الخزعبلات يرددها أكبر قيادات
الإخوان بغير أن يستشعروا أدنى حرج وبغير أن يسألوا أنفسهم
مرة: ما الذى جعل ملايين المصريين الذين احتفلوا بنجاح مرسى
يطالبونه الآن بالرحيل عن الحكم..؟! إن ذهن المتطرف عاجز تماماً
عن رؤية الواقع كما أن قيادات الإخوان لا يمكن أن يقنعوا شبابهم
بجلد الناس بالكرابيج إذا اعترفوا للضحايا بأى فضيلة. من هنا
يرتكب الإخوان جرائمهم وهم يكبرون بحماس. إنهم يؤكدون
عالمهم الافتراضى خوفاً من تأنيب الضمير.. إنهم يجتهدون
لكى يقنعوا أنفسهم بأنهم لا يرتكبون جرائم وإنما يخوضون جهاداً
دينياً مقدساً.

خامساً: إنكار كل ما يهدد العالم الافتراضى

خلال مذبحة مجلس الوزراء التى قتل فيها جنود الجيش
عشرات المتظاهرين تمت تعرية فتاة متظاهرة ودهس
الجنود جسدها العارى بأحذيتهم أمام الكاميرات، لكن ا
لإخوان المتحالفين مع المجلس العسكرى آنذاك سخروا
من البنت المسحولة وشككوا فى أخلاقها. وفى عهد
رئاسة مرسى عادت الشرطة المصرية إلى جرائمها
فقتل 80 متظاهراً وعذب كثيرون، أحدهم تم سحله أمام
الكاميرات ورآه العالم كله لكن الإخوان أنكروا كل هذه
الجرائم وبرروها.. هنا نكتشف سلوكاً تقليدياً لدى
المتطرفين جميعاً هو إنكار كل ما يهدد عالمهم الافتراضى
مهما كانت الحقيقة واضحة.. فالمتطرف الذى أسس حياته
فى عالم افتراضى يرى نفسه من خلاله جندياً فى سبيل الله
لن يسمح أبداً بإقناعه بعكس ذلك. إذا حاولت إقناع المتطرف
بعكس ما يعتقده فأنت تضيع وقتك وجهدك وسيدهشك أن
الذى يباهى بتدينه سيتحول إلى شخص عدوانى وقد يصب
عليك أقذر الشتائم (كما يحدث على فيس بوك) لأنك تشكك
فى أشياء يعتبرها مسلَّمات. إنه فى الواقع قد بنى عالمه
الافتراضى ولن يسمح أبداً لأى شخص بإعادته إلى الواقع
الحقيقى لأن ذلك سيؤدى إلى انهيار الأساس الذى بنى
عليه حياته.

بعد هذه الخطوات الخمس يتحول المؤمن إلى متطرف ويكون
مستعداً لارتكاب أى جريمة يأمره بها مشايخه.. سوف يضرب
النساء ويسحلهن ويشتمهن بأقذر الشتائم ويجلد المعارضين
بالكرابيح ويصعقهم بالكهرباء. سيتحول إلى جلاد لكنه سيظل
مقتنعاً بأنه يمارس مهام مقدسة لأنه وحده صاحب الإيمان
الصحيح، وقد كلفه الله بالدفاع عن العقيدة واستعادة مجد الدين،
كما أن المختلفين معه ليسوا فى نظره كائنات إنسانية كاملة
الحقوق، وإنما هم إما عملاء أو عاهرات أو أعداء للدين لابد من
إزاحتهم عن الطريق حتى ترتفع راية الإسلام على الدنيا كلها.

إن الجرائم التى يرتكبها الإخوان المسلمون تتزايد كل يوم،
وبالرغم من بشاعتها فهى تكشف حقيقة الإخوان. لقد
اكتشف المصريون أن الإخوان لا علاقة لهم بالدين وعرفوا
غدرهم وأكاذيبهم وخيانتهم للثورة. إن الإخوان الوجه الآخر
لنظام مبارك. لقد استبدلنا بنظام مبارك نظاماً قمعياً آخر
يتاجر بالدين. استبدلنا بالفاشية العسكرية فاشية دينية.
سيسقط حكم الإخوان قريباً وسيحاكمون على كل هذه
الجرائم. الثورة مستمرة حتى تحقق أهدافها بإذن الله.

الديمقراطية هى الحل

http://www.almasryalyoum.com/node/1593991


عدل سابقا من قبل عاطف اسماعيل في الثلاثاء 2 أبريل 2013 - 2:07 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاطف اسماعيل

عاطف اسماعيل



من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Empty
مُساهمةموضوع: رد: من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر   من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Icon_minitime1الخميس 28 مارس 2013 - 17:04

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
د/يحيى الشيخ





من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Empty
مُساهمةموضوع: رد: من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر   من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Icon_minitime1الجمعة 29 مارس 2013 - 18:33

ألاخ الكريم عاطف

عطفاً لما عطفت اليه فى موضوع الراحل محمود محمد طه ولزيادة
المعرفه أنقل الى الذين يهمهم الأمر ما دار حينها وبعدها وأنائها ....



شاهد على حكم ردة محمود محمد طه

هل نطق محمود بالشهادة ؟

بما أنني كنت ممن سجل حضوراً في تلك الفترة حيث شهدت
ملابسات الحكم على محمود محمد طه؛ وشهدت كل الأحكام الحدية؛
حد السرقة، والقطع من خلاف وحد الحرابة وحد الردة؛ فإنني أستأذن
القراء الكرام في تسجيل شهادتي على تلك الفترة.

من أجل الحقيقة ودحض وتفنيد المزاعم التي رددها بعض خبراء القانون
ممن توفاه المولى عز وجل حيث يدّعون أن مقتل محمود محمد طه صاحبه
عجلة في التنفيذ وصاحبته أخطاء كثيرة حيث كان الغرض سياسيًا وأن الذين
طبقوا الحدود في بدايتها طبقوها بحقد شديد وربنا سيسأل من ذلك يوم القيامة.

المشهد السياسي ومواقف زعمائه
حتى يعلم أولئك الذين يدعون أن حكم الإعدام الذي نفذ على محمود محمد طه
حكم غير سياسي فلا بد لي أن أعيد إلى الأذهان المشهد السياسي العام
الذي كان وقتئذ عند بدء تنفيذ الأحكام الإسلامية بالبلاد
في أواخر عام 1983 وعام 1984 حتى ابريل من عام 1985..

لم تعرف الأوساط السياسية أن الحزب الجمهوري برئاسة محمود محمد طه
حزباً ذا وزن في ميزان السياسة السودانية ولم يكن يمتلك من الإمكانات
والمقدرات التي تؤهله التأثير على سلوك وحياة المجتمع وخارطة العمل
السياسي حتى يجعل منه نداً لحكومة الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري
رحمه الله وجعل الجنة مثواه لما قدم لهذا البلد.

بعد صدور القوانين الإسلامية سارع محمود محمد طه فى إصدار كتيب عادي
فيه نظام الحكم وانتقد فيه الأوضاع حيث تمت مصادرته من قبل الأجهزة الأمنية
فوراً وكان ذلك قبيل منشور الجمهوريين الذي صدر بموجبه حكم الإعدام عليه.

أما حزب جبهة الميثاق الإسلامي فقد كان حزباً له دوره ومكانته وسط الخريطة
السياسية السودانية وكان زعيمه الدكتور حسن الترابي الذي يشغل منصب
النائب العام من أوائل السياسيين الذين هاجموا القوانين الإسلامية في الشخوص
الذين أعدوها وصاغوها وذكر أنهم «يفع وادعى أنهم كانوا طلبته بجامعة الخرطوم»
حيث لم يكن لهم شرف تدريسه إياهم وقد عاصرت بعضهم بجامعة الخرطوم وقتها.

استشاط سيادة الرئيس الأسبق جعفر نميري رحمه الله غضباً من موقف دكتورالترابي
حول القوانين الإسلامية وعزم على عزله من منصبه حتى لا يكون معوقاً في مسيرة
التوجه الإسلامي؛ ومن ثم استشار اللجنة التي صاغت القوانين الإسلامية حول دكتور
الترابي وتصريحاته حيث أشاروا إليه بعكس ما كان يتوقع السيد جعفر نميري وذلك بأن
يتم ترفيع دكتور الترابي وإبعاده من منصب النائب العام ليدخل القصر الجمهوري مستشاراً للرئيس.

كانت في حسابات اللجنة الاستشارية والمكونة من الأساتذة النيل الشيخ أبوقرون
وعوض الجيد محمد أحمد وبدرية سليمان أن ترفيع الترابي مستشاراً لرئيس
الجمهورية سيجعل منه حرزاً ومدافعاً وحامياً للقوانين الإسلامية؛ ولقد
صدق الله ظنهم فيما أشاروا فيه للسيد الرئيس؛ فقد شهدت دكتور الترابي
بالقصر يدافع عن القوانين بفصاحة لسان ومحكم بيان وبلغة إنجليزية يعجز أهلها
والناطقون بها عن مجاراتها؛ شهدته يطمئن السائلين من الوفود الأجنبية عن
عقودات التمويل والقروض الخارجية الربوية بوفاء الدولة لها حين استحقاقها؛
لقد ساعد دكتور الترابي في تهدئة روع تلك الوفود الأجنبية التي
كانت تتقاطر على القصر الجمهوري.

للتاريخ وحسب علمي بما شهدته فإن الدكتور الترابي كان مغيباً عن
مشاركته في إصدار القوانين الإسلامية أو الصياغة أو المراجعة أو
الاستشارة في قانون الإجراءات وقانون العقوبات وقانون
الزكاة والضرائب التي أصدرت قبل دخوله القصر الجمهوري.

لنأتي لدور السيد الصادق المهدي الذي كان معتقلاً وقتها
حيث أعد ما يسمى ببرنامج الصحوة الإسلامية، فقد قبل فيه
الرئيس الأسبق النميري رحمة الله عليه شفاعة أحد مستشاريه
أو هيئة مستشاريه القانونيين بالقصر بعد أن أوضحوا له وبينوا له
أن القوانين الإسلامية التي صدرت كفيلة بتقديمه إلى المحاكمة
ومعاقبته قانونياً. من ثم تم إطلاق سراحه وظل ساكناً يترقب.

أما الحزب الاتحادي الديمقراطي فلم نعرف له برنامجاً أو طرحاً إسلامياً
يناهض النظام الحاكم وقتها كما لم يكن الحزب ذا ميول عدوانية لمقارعة
سلطان الرئيس الأسبق جعفر نميري رحمه الله.

وإذا القينا نظرة إلى الإقليم الجنوبي فقادة حركة التمرد فيه رأوا أن إصدار
القوانين الإسلامية تمثل نكوصاً عن اتفاقية أديس أبابا لعام 1972وهي
بمثابة حرب عليهم؛ والحقيقة أن القوانين الإسلامية لم تكن سبباً
رئيسياً في اندلاع التمرد بجنوب السودان مرة أخرى.
بعد إصدار القوانين الإسلامية كان لا بد من أن يدعم تلك القوانين
أحد الأحزاب السودانية بدلاً من الإتحاد الإشتراكي؛ حزب الحكومة
الذي كان رأساً بلا جسد. كعادته استشار الرئيس الأسبق جعفر
نميري عليه الرحمة، هيئة مستشاريه بالقصر فأسقطوا حزب الأمة
الذي كان يعتقد قادته أن الدين لا يبعث من جديد إلا من خلالهم؛
أما الحزب الإتحادي الديمقراطي فقد تحسس الاستشاريون فيه
الهوان وضعف الهمة، وبما أن المرحلة التي تلت إصدار القوانين
الإسلامية لهي هي مرحلة بناء وشدة وقوة وإقامة دين؛ فقد
غلبوا اختيار جبهة الميثاق الإسلامي على الأحزاب الأخرى إذ
أن إقامة الشريعة الإسلامية من خلال القوانين يتوافق تماماً مع
طرحهم وبرنامجهم العام لإقامة الدين. نقول في وقتها نعم الرأي،
فقد شهدنا قدرات الجبهة التنظيمية والإدارية ممثلاً في تنظيمهم
للمسيرة المليونية الحاشدة وقدراتهم على تكوين هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

نقول لمن أراد أن يزيف حقيقة الردة والكفر ويلبس الحكم الصادر بثوب
السياسة المهترئ الذي لا يواري سوأته أين الحزب الجمهوري من
ذلك العرض ومن ذلك المشهد؟؟ وأين محمود محمد طه من السياسة؟

ما تقدم كان ذلك هو المشهد السياسي باختصار، فلا أقل من أن نذكر
أنه كانت هنالك معارضة واحتجاجات من بعض الوزراء فمنهم من كان
يقول ابحثوا لكم عن دولة تعطيكم جازولين توقدون به المساجد؛
ومنهم من أرعبه أوامر مولانا دكتور المكاشفي طه الكباشي بإيقاف
التعامل الربوي في المصارف؛ ومنهم من تشكك في تنفيذ قانون
الزكاة والضرائب لعام 1983 وفيما سيكون القانون بديلاً للسياسات المالية التي عرفها العالم.

ما ذكرناه وأوضحناه من مشاهد سياسية ومن معارضة في تقديرنا
كان لا يرقى إلى المخاصمة السياسية التي تودي بحياة المعارضين
وتصفيتهم جسدياً ولو كان ذلك جائزاً لقبل الرئيس الأسبق نميري
رحمة الله عليه تصفية جون قرنق بواسطة المخابرات السودانية وقتها
حيث كان يؤكد الرئيس نميري أنه لا يريد أن يسن سنة الاغتيالات
والتصفيات السياسية في السودان التي سوف لا تنطفئ نارها أبداً.

مشهد محكمة العدالة الناجزة
بعد أن تم فتح بلاغ في نيابة العدالة الناجزة بأم درمان ضد بعض
الجمهوريين وهم عبد اللطيف عمر حسب الله ؛ تاج الدين عبد الرازق حسين،
خالد بابكر حمزة ومحمد سالم بعشر، استأنفت محكمة العدالة الناجزة
رقم «4» تحت سلطات القاضي حسن إبراهيم المهلاوي أعمالها بالنظر
في موضوع القضية والتي لم يكن محمود محمد طه طرفاً فيها.

أثناء سير المحكمة حانت من القاضي المهلاوي التفاتة نحو شباك
المحكمة فرأى محمود محمد طه جالساً في ميدان المحكمة يتحلق
حوله ويحف به مجموعة من البنات الجمهوريات حيث كان هذا دأبه
فقال في نفسه ما لهؤلاء الذين كانوا يوزعون المنشورات وقدموا
للمحاكمة من سبيل؛ إنما السبيل على الذين يبغون في الأرض
بغير الحق؛ محمود هو الذي أعد المنشور ومحمود هو الذي
أوعز إلى هؤلاء المتهمين بتوزيعه؛ إذاً لماذا لا يقدم محمود إلى المحاكمة؟؟

لإيمانه بأن المتهم الأساس هو محمود محمد طه فقد شرع القاضي
حسن إبراهيم المهلاوي في طلب تقديم محمود محمد طه للمحاكمة؛
وفعلاً تم التوجيه بإلقاء القبض على محمود لتقديمه للمحاكمة.

إنني على علم ويقين تام بأنه لم تكن هنالك دوافع ولا إملاءات
ولا ضغوطات على قاضي محكمة الموضوع السيد المهلاوي من
أي جهة تنفيذية عليا ولا حتى من رئيس الجمهورية الأسبق
رضوان الله عليه من أجل القبض على محمود وتقديمه للمحاكمة.

مداولات محكمة الموضوع
تدافع الناس لحضور جلسات المحكمة حيث كان محمود محمد طه
جالساً على طاولة منصة الاتهام حيث يفتتح القاضي المهلاوي
الجلسة آمراً المتهم محمود محمد طه بالوقوف، فيرفض محمود
الانصياع لأمر المحكمة ويقول بأنه لن يتعاون مع هذه المحكمة؛
فيقول له القاضي دعك جالساً ويستطرد القاضي أن المحكمة
لم تطلب منك التعاون وإنما هنالك دعوى مرفوعة ضدك وتطلب المحكمة أن تدفع بنفسك تلك التهم الموجهة إليك.

ومن بعد تُليت الاتهامات على المتهم الرئيسي محمود محمد طه
فأقر واعترف بأن قوانين سبتمبر لعام 1983 مخالفة للشريعة الإسلامية؛
ومخالفة للدستور وأنها أذلت الشعب السوداني وفرقت الأمة؛ وأنها أساءت إلى البلاد ؛
وأنها لا تصلح لإنسان القرن العشرين وطالب بإلغائها.

صدور الحكم على محمود
في اليوم التالي أصدر قاضي محكمة الموضوع الحكم ولم يكن فيه
إشارة إلى حكم الردة مطلقاً وحسب علمنا القانوني المتواضع نعتقد
أنه تم اتباع الإجراءات القانونية الصحيحة التي تم بموجبها رفع دعوى باتهامات محددة وفق مواد محددة.

عجز المدعي عليه دفع تلك التهم بل أقر واعترف بما نسب إليه والاعتراف
سيد الأدلة ومن ثم صدر الحكم الذي لا لبس فيه ؛ فأي أخطاء قانونية ارتكبت في حق المتهم يا أهل القانون؟؟

من ثم أصدرت المحكمة رقم «4» حكمها على المتهمين بالإعدام شنقاً
حتى الموت تحت المواد «96» و «105» عقوبات وتحت المادة «20 أ» من قانون أمن الدولة.

في لقاء لي مع السيد لقاضي المهلاوي وبعد صدور الحكم سألته عن
شعوره إذ هو ذاهب يتلو الحكم وفيما أحس برهبة أو خوف فذكر لي أنه
عندما دخل قاعة المحكمة أصابه شيء من الوجل والرهبة وسرعان ما
خطر على قلبه الآية الكريمة: «ويثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في
الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء»
«سورة إبراهيم» فصار يرددها حتى هدأ روعه ونزلت عليه سكينة من ربه
فكان في ثبات الجبال الراسيات «وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب».
بعد صدور الحكم سرت بعض الإشاعات تشكك في إعدام الشيخ الكبير المسن
كما سرت إشاعات بأن القاضي الذي أصدر الحكم صغير في السن، على الرغم
من أنه من حملة درجة الماجستير ؛ وتخرج في كلية الشريعة والقانون ؛
واجتاز امتحان مهنة القانون من أول مرة؛ وفوق ذلك أنه يحمل القرآن الكريم بين جنبيه
وهو ابن سبع سنين حيث كان يسمى بالطفل المعجزة وقدمه للإذاعة السودانية
الإعلامي القامة محمد خوجلي صالحين رحمه الله في حلقة من الحلقات.

هذا يقودني لما ذهب إليه بعض كتاب أعمدة الصحف عن أهلية القاضي التي
تسقط باختلافه مع المتهم، فلم يكن هنالك خلاف بين القاضي المهلاوي وبين
المتهم وقد ذهبوا أيضاً إلى عدم محاكمة متهم إلا بمن هو في سنه مما يقود إلى
البحث عن شيخ في سن محمود وفي درجته العلمية ليحاكمه وبالتالي
أن لا يحاكم الشيوعي إلا شيوعي ولا يحاكم المرأة إلا امرأة مثلها وهلم جرا.

محكمة الاستئناف
أقرت محكمة الاستئناف برئاسة مولانا دكتور المكاشفي الكباشي
حكم محكمة الموضوع ثم أضافت حكم الردة وأشارت في حيثياتها إلى الأحكام
السابقة الصادرة في حق محمود محمد طه.

ساحة سجن كوبر
دعونا ننتقل إلى سجن كوبر بالخرطوم بحري حيث تدافع الناس
في الصباح الباكر ليوم 18/2/1985 فجاءوا يهرعون زرافات ووحداناً ؛
امتلأت ساحة السجن التي تنقسم إلى قسمين أحدهما خصص
إلى جمهور الشعب والآخر قسم صغير معد للقائمين بالسجن والمسؤولين من الحكومة.

المشهد عجيب وغريب حيث فاضت تلك الساحة وعجز الحضور عن الدخول
حتى امتلأت الساحات الخارجية وانسدت الطرق المؤدية إلى سجن كوبر.

الناس في ترقب وفي تساؤل هل سيتم تنفيذ حكم الإعدام أم لا؟؟ وهل
سيصعد جسد محمود إلى السماء «ورفعناه مكاناً علياً» أم لا؟ وماذا لو آمن
هذا المرتد ونطق بشهادة لا إله إلا الله وأن سيدنا محمد رسول صلى الله
عليه وسلم في آخر لحظة؟ وهل ستُقبل شهادته أم ترد عليه؟

داخل الساحة الصغيرة انتصبت منصة تنفيذ حكم الإعدام في شموخ وإباء
مجاورة لمكاتب إدارة السجن ؛ منصوبة تجاه القبلة ويتم الوصول إليها من
خلال درج حديدي يتكون من عدة درجات.

لقد تشرفت بحضور هذا المشهد الفريد وأنا أدلف من المنصة من مكان قريب
لا تبعدني منه إلا عدة خطوات.

تنفيذ حكم الإعدام في محمود
من خلال باب صغير من الناحية الجنوبية الغربية يطل السجانون وهم
يقودون أربعة من الجمهوريين يرزحون في سلاسلهم ثم يصفونهم إلى
الحائط الغربي ووجوههم التي يسقط عليها شعاع الشمس منصوبة
تجاه منصة تنفيذ حكم الإعدام.
وبعد هنيهة يخرج السجانون يقودون محمود محمد طه ووجهه مغطى
بالبرقع الذي يميل لونه إلى البرتقالي دون الأحمر مكبلة أرجله
بالقيود وأيديه مغلولة من الخلف.

بخطى متقاربة وبطيئة جيء بمحمود محمد طه يتهادى بين يدي سجانين؛
وما إن اعتلت رجليه الدرج الأول إلا وخارت قواه؛ وعندئذ تثقل قدماه وتعجز
عن الارتقاء إلى الدرجات العلا، فحمله السجانان من عضديه اليمين والشمال
حتى إذ اعتلى المنصة ارتفعت أصوات الحضور بالتكبير فأرعدت جنبات الساحة
وماجت الوفود كأنها الحجيج ملبية في يوم عرفة.

«وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم»
ما إن هدأ دوي التكبير حتى صاح أحد الجمهوريين من الحضور بأعلى صوته
«وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم» فتم القبض عليه فوراً ونقل
من الساحة الكبرى إلى الساحة الصغرى من فوق السياج.

حينئذ سرت إشاعة كما تسري النار في الهشيم تقول إن الذي سينفذ
فيه حكم الإعدام ليس بمحمود محمد طه!!! وينبري لهذه الإشاعة مولانا
السيد رئيس القضاء الأسبق فؤاد الأمين آمراً بإزاحة الغطاء «البرقع» عن وجه محمود محمد طه.

ما إن أُزيح البرقع عن وجهه نظر محمود إلى هؤلاء الجمهرة من الناس
التي ملأت الساحة دوياً تكبر الله سبحانه وتعالى حتى بدرت منه ابتسامة
أقرب منها إلى التكشيرة؛ وقد لاحظت أن الغبرة التي كانت تعلو وجهه
أثناء حياته قد انزاحت مما يعني أن شيطانه قد ولى الدبر وعاد وجهاً عادياً.

أعيد البرقع بعد أن اطمأنت القلوب وسكنت إلى أن الذي أمامهم هو
محمود محمد طه؛ ومن ثم كانت الإشاعات تتجدد فتسربت إشاعة
أخرى تقول بأنه سيرفع إلى السماء !!! سبحانك ربي ما أعظم شأنك
وأرفع مكانك يا متقدساً في جبروته. ترفع من؟ ترفع من أشرك بك ولم يسجد لك؟
ترفع من رفع عنه التكليف ويصلي صلاة الأصالة وليست صلاة «الحركات» كما
شرعتها على نبيك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

هل نطق محمود بالشهادة؟
في ذلك الموقف المهيب يرفع أحد السجانين من كبار السن طرف
البرقع من ناحية أذن محمود اليسري ويهمس فيها؛ وبعد تنفيذ
الحكم وفي حوار مع هذا السجان بإحدى الصحف ذكر أنه طلب
من محمود محمد طه أن يشهد أن لا إله الله وأن سيدنا محمداً رسول الله
فجزم السجان بأنه لم يسمعها منه وأردف يقول إنه قد سمع الشهادة من
كل الذين تم فيهم تنفيذ حكم الإعدام في السابق إلا محمود إلا محمود إلا محمود.

استدبار محمود قبلة أهل التوحيد

والعياذ بالله «إن في ذلك لآية»
ما إن تلقى السجان الأمر بفتح مزلاج الشباك الخاص بالمشنقة لسقوط
المحكوم عليه؛ وفي لمح من البصر هبط جسد محمود محمد طه إلى الأدنى
مستديراً ومستدبراً قبلة أهل التوحيد والتمجيد والثناء الحسن؛ وأنني أشهد
بأني أول من لاحظت هذه الظاهرة الفريدة والعجيبة وقمت بلفت نظر من كان
قريباً من المنصة فارتفعت أصوات الموحدين بالتكبير والتهليل ومن ثم صعد
الدكتور أحسبه دكتور كمال زكي لينقل للملأ شهادة وفاة المرتد محمود محمد طه
الذي ظل وجهه متجهاً إلى الجنوب الغربي «إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين».

من خلال هذا المشهد الفريد، ينبغي لإدارة سجن كوبر تصويب قبلة المشنقة
المتجهة إلى الشرق بتعديلها إلى الشمال الشرقي قليلاً فلا أفضل من ذلك
ذكراً ولا أفضل من ذلك دقة حيث حدد وجهة المرتد الاتجاه المضاد للقبلة.

ظاهرة الاستدبار وعدم النطق بالشهادتين يؤكدها شيخ السجانين الذي قام
بتلقين محمود الشهادة فذكر أنه لم يسمعها منه البتة ويضيف أن ظاهرة
استدبار القبلة والتفاف الحبل إلى غير القبلة هي الأولى من نوعها التي شهدها في حياته.

نتساءل؛ هل هنالك خاتمة أسوأ من هذه؟؟ ويا من تقولون إن محمود قد
اغتيل سياسياً وإن الله سيحاسب من اشترك في مقتله فهل هنالك
أعظم من أن يريكم الله في حياتكم الدنيا هذه المعجزة الإلهية؟

أقول لهذا المرتد: يا من تكالبت عليه الخطايا والأوزار وأهلكته الذنوب والآثام،
وغطته الغفلة مدى الليالي والأيام جعلك الله عبرة للأجيال «إن في ذلك
لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد»

هذا المرتد الذي اعتمد على عقله وفساد علمه، إنما هو عبد طوقته الذنوب
فذل واعتمد على فكره فضل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؛ وصدق الله سبحانه
حين يقول «قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً ؛ الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا
وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت
أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً، ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي وما أنذروا هزواً»

وبما أنني شهدت ذلك العصر الذهبي من تطبيق القوانين الإسلامية فقد شهدت
أيضاً إعدام الواثق صباح الخير رحمه الله وهو من أبناء الصبابي بالخرطوم بحري
المشهود له بحب المساكين وتربية اليتيم؛ فمات مشنوقاً مستقبل القبلة
وكنت في نفس المكان الذي فاضت فيه روح محمود.

نقل جثمان محمود
ما إن أفاد الدكتور بموت محمود إلا وفي سرعة البرق أدخل بالباب الذي أخرج منه؛
وما هي إلا دقائق معدودات إلا وقد دوّى صوت المروحية مرتفعة إلى عنان السماء
حاملة جثمانه إلى مكان مجهول.

ارتفعت أصوات الموحدين بالتكبير وانفض سامر المواطنين زرافات ووحدانا وهم على
يقين بأن محمود محمد طه لم يرفع إلى السماء بل هو ميت على مروحية ؛
كما ثبت لديهم بطلان الفكر والدعوة المحمودية.

في حوار مع أحد القانونيين الأمريكيين السود كان بجامعة الخرطوم ذكر أن
محمود لا يموت فقلت له افترض أنه مات موتتنا التي نعرفها ودفن تحت الثرى فماذا ترى؟
فقال سيكون هنالك خطأ في الدعوة المحمودية.

ويحضرني أن دكتور عبد الله النعيم الأستاذ القانوني بجامعة الخرطوم والجمهوري السابق
أخذ الإذن بالطواف على السجون مؤكداً مقتل محمود للجمهوريين المسجونين
ليتم إطلاق سراحهم كما أنه لم يقل بإعدام محمود سياسياً.

بعد تلك المشاهد أوصي أولئك الذين يدعون أن محمود قد اغتيل سياسياً بتقوى الله
فإنه خير ما وصى به المسلم المسلم أنه يحضه على الآخرة وأن يأمر بتقوى الله ؛
ولا أفضل من ذلك ذكراً ولا أفضل من ذلك نصيحة.

وأسأل أولئك المدافعين عن محمود محمد طه كم من الفتيات اللاتي انتهكن
أعراضهن بجنيه سوداني واحد «بقاعدة الخابور والصامولة» مع ترديد خطبة النكاح
التي يقول العريس فيها «أنا انبثاق نفسك عنك خارجها والله شهيد بيننا» وتقول
العروس مثل ذلك؛ وهنا يلزمك أن تضع ألف خط أحمر تحت اسم الجلالة حيث
إن اسم الجلالة عندهم يعني «ذلك المرتد» والعياذ بالله.

وبعد هذا فأي فكر محمودي يمجد وأي تصفية سياسية تشيرون إليها وأي
زنديق تتباكون عليه وقد علمتم خاتمة محمود محمد طه وكيف لقي الله
ووجهه مستدبراً القبلة؛ أما سمعتم قول الله تعالى «أفرأيت من اتخذ إلهه
هواه أفأنت تكون عليه وكيلا * أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون *
إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا»

فيا من تتباكون عن محمود اسمعوا قول المولى سبحانه وتعالى
«ها أنتم جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم يكون عليهم وكيلا»

صحيح قولكم «أن ربنا يسأل من ذلك يوم القيامة» فهل ترون أن الله سبحانه وتعالى
مجز من أعدم محمود خير الجزاء وبأحسن ما عملوا أم ماذا؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاطف اسماعيل

عاطف اسماعيل



من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Empty
مُساهمةموضوع: رد: من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر   من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Icon_minitime1الجمعة 29 مارس 2013 - 20:40

عزيزى / د.يحيى
سلام .. لاسف إن الشهادة التى أوردتها نابعة من أحد شهود
الهوس الدينى فى ذلك الزمان الأغبر ؟! كما تعلم لم يُقدم الاستاذ
محمود للمحاكمة بالصدفة التى ذكرها شاهدك المُغرض ،لقد سبق
أن قُدم الاستاذ لمحكمة فى بورتسودان ، 1968 ، بتهمة قذف القضاة
الشرعيين ، إذ رفع القاضى إبراهيم جاد الله ضد الأستاذ محمود محمد
طه، وعددا من الإخوان الجمهوريين. منهم،( المرحوم، بكري الحاج
عبد الله، وبدر الدين يوسف السيمت، وأحمد المصطفى دالي). وعندما
فشلت تلك محكمة المهزلة ،وشطبت تلك القضية ، الا أن نيران الغل ظلت
تُجج صدور القضاة الشرعيين ، فوجدوا ضالتهم فى نظام مايو البغيض ، فتربصوا
بالاستاذ ومُحاكمته بقضاة السلطان ( المهلاوى ،الكباشى ،النيل ابوقرون،
بدريه سليمان ..الخ) . إن ما قاله الشاهد عن إرتباك الاستاذ عند صعوده
المنشقه ، فهذا قولاً مردوداً بشهادة أُناس كُثر . إذ سمعت شهادة
من ضابط سجون حضر تلك اللحظة العصيبة بأن مركوب الاستاذ ،
كان موضوعاً كأن صاحبه خلعه للصلاة ، وذكر لى بأنه حضر شنق
أعظم شهداء الفكر والرأى الشهيد عبدالخالق محجوب والشهيد
محمود محمد طه ، لقد ذُهل بثبات الشهيدين .
وذكر لى أن الشناق رفض حافز شنق الشهيد عبدالخالق محجوب ،
ولذلك لمهابهة ، وروعة ،ثبات ، والموقف البطولى للشهيد .
إن هذا الإفتراءات عن إستشهاد الاستاذ محمود لن تنال من عظمة
إستشهادته البطولى . لن نتباكى على الإستشهاد ،بل سوف نمجد
إستشهاده.
يا دكتور لوسمحت أقرأ تفاصيل حيثيات القضية التى رفعتها الاستاذة
أسماء محمود محمد طه ضد حكومة السودان فى الرابط -ادناه- للموسوعة.
السودانية للاحكام والسوابق القضائيه ، والرابط _ادناه- للمرافعة الاستاذ محمود
أمام قضاة السلطان،فى 7/1/1985.
مودتى



http://sjsudan.org/details.php?id=755&lang=ar&target=p&title


http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board

]http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=9&msg=1138404030[/url]


عدل سابقا من قبل عاطف اسماعيل في الأربعاء 3 أبريل 2013 - 23:15 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاطف اسماعيل

عاطف اسماعيل



من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Empty
مُساهمةموضوع: رد: من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر   من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Icon_minitime1الثلاثاء 2 أبريل 2013 - 2:25

من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Aswany

علاء الأسواني
2 أبريل 2013
... أن تكون مفوضاً من الله!!

فى عام 1492 سقطت مدينة غرناطة، آخر معاقل
الإسلام فى إسبانيا، إذ انهزم أبو عبدالله، آخر ا
لملوك العرب، أمام الجيش الذى أنشأه الملكان
الكاثوليكيان فرديناند وإيزابيلا، وبالرغم من توقيع
اتفاقية تعهد فيها الملكان باحترام عقائد المسلمين
واليهود فإنهما لم ينفذا تعهدهما فاتخذا قراراً بطرد
اليهود من إسبانيا (اعتذر عنه الملك خوان كارلوس
بعد أربعة قرون)، أما المسلمون فقد تم تخييرهم
بين التنصير والقتل. لقد تم قتل آلاف المسلمين
الذين رفضوا التنصير، قطعت رؤوسهم جميعاً رجالاً
ونساء وأطفالاً واعتنق مسلمون كثيرون المسيحية
خوفاً من القتل، هؤلاء المتنصرون تم إطلاق عليهم
اسم إسبانى مهين لتحقيرهم هو LOS MORISCOS
الموريسكوس.

على أن إكراه المسلمين على اعتناق المسيحية
لم يكن إلا بداية العذاب فقد اتخذت السلطات إجراءات
مشددة متوالية بغرض التضييق عليهم وقمعهم
وإفقارهم والقضاء على الثقافة والعادات الإسلامية
تماماً، مما أدى إلى تمرد المتنصرين أكثر من مرة،
ثم لاحظت السلطات أن متنصرين كثيرين مازالوا
يمارسون شعائر الإسلام سراً. هنا زاد الأمر تعقيداً،
فالمتنصرون من الناحية القانونية مسيحيون
كاثوليكيون مثل بقية الإسبان لكنهم من الناحية
العملية مسلمون سراً، الأمر الذى ينذر بإمكانية تعليم
أولادهم مبادئ الإسلام مما سوف ينتج عنه جيل جديد
من المسلمين لا ترغب السلطات فى وجوده. أضف إلى
ذلك الشكوك القوية التى ثارت فى الكنيسة حول مدى
صحة عقيدة المتنصرين.. هل يقبل المسيح إيمانهم أم
أنهم سيظلون خارج حظيرة الإيمان؟! عندئذ ظهرت
شخصية غريبة غامضة لعبت دوراً أساسياً فى تطور
الأحداث. راهب من طائفة الدومينيكان اسمه «بليدا»
اشتهر بالورع والتقوى والحرص البالغ على نقاء العقيدة
الكاثوليكية. بعد تفكير طويل توصل الراهب بليدا إلى أنه
من المستحيل أن تعرف الكنيسة على وجه القطع إذا كان
المتنصرون مؤمنين حقاً بالمسيح، أم أنهم يتظاهرون
بالمسيحية خوفاً من الموت، وبالتالى فإن الحل الوحيد
أن يتم عرض هؤلاء المتنصرين على المسيح ليقرر بنفسه
إذا كانوا مخلصين فى إيمانهم أم منافقين. العرض على
المسيح بالطبع لا يكون إلا فى الحياة الأخرى.

هكذا اقترح الراهب بليدا أن يتم قتل المتنصرين جميعاً
فوراً وبذلك تصعد أرواحهم بعد الموت إلى المسيح ليقضى
فى صحة إيمانهم. الغريب أن الكنيسة الكاثوليكية وافقت
على خطة الراهب بليدا وتحمست لها، وكان القساوسة
على أتم استعداد لقتل مئات الألوف من المتنصرين تقرباً
إلى الرب، وحرصاً منهم على نقاء العقيدة الكاثوليكية،
لكن الحكومة الإسبانية اعترضت على قتل هذه الأعداد
الضخمة من المتنصرين تحسباً لمقاومتهم التى قد تؤدى
إلى إرهاق السلطات.. قررت الحكومة عندئذ طرد المتنصرين
نهائياً من إسبانيا، وقبل الراهب بليدا هذا الحل بالرغم من
أنه كان يفضل القتل الفورى.. ويصف المؤرخ الفرنسى
جوستاف لوبون (1841- 1931) فى كتابه «حضارة العرب»
هذا الحدث فيكتب:

«أمرت الحكومة الإسبانية فى عام 1610 بإجلاء العرب
عن إسبانيا، فقتل أكثر مهاجرى العرب فى الطريق،
وأبدى ذلك الراهب البارع بليدا ارتياحه لقتل ثلاثة أرباع
هؤلاء المهاجرين أثناء هجرتهم، وهو الذى قتل مائة ألف
مهاجر من قافلة واحدة كانت مؤلفة من 140000 مهاجر
مسلم، حينما كانت متجهة إلى أفريقيا».

لابد هنا أن نتساءل: كيف يوافق رجل دين على قتل
كل هذا العدد من الأبرياء لمجرد أنهم مختلفون عنه
فى العقيدة بغير أن يخالجه أدنى شعور بالذنب. كيف
يتفق الإيمان بالمسيح، الذى علم الإنسانية السلام
والمحبة، وهذا المزاج الدموى الذى أظهره الراهب بليدا..
الإجابة أن الإيمان بأى دين لا يجعلنا بالضرورة أكثر إنسانية.
طريقة فهمنا للدين هى التى تحدد سلوكنا. قراءتنا للدين
هى التى تعلمنا التسامح والعدل والرحمة، وهى أيضاً
التى قد تدفعنا إلى التعصب والكراهية والعدوان. إذا اعتبرنا
أن الأديان جميعاً مجرد طرق مختلفة للوصول إلى معرفة
ربنا سبحانه وتعالى، إذا تذكرنا أنه الأفضل لنا فى أن نكون
مسلمين أو مسيحيين أو يهوداً إذ إننا غالبا ما نورث أدياننا
عن أهلنا، لو تذكرنا أن الله سيحاسب الناس على أفعالهم
قبل أن يحاسبهم على معتقداتهم الدينية.. لو كان هذا
مفهومنا للدين فإننا قطعاً سنتسامح مع أصحاب الأديان
الأخرى وسندافع عن حقوق متساوية للبشر جميعاً بغض
النظر عن أديانهم. أما إذا كنا مؤمنين بأن ديننا هو الحقيقة
الوحيدة المطلقة التى تسمو على الأديان الأخرى، إذا
اعتقدنا أننا الوحيدون المؤمنون الأطهار وأن أتباع الأديان
الأخرى كفار أنجاس يعيشون فى الضلال. عندئذ، منطقياً،
لا يمكن أن نعترف للمختلفين عنا بنفس حقوقنا، وسوف
يدفعنا تعصبنا إلى الشعور بأننا مفوضون من الله لكى نعلى
كلمته وننفذ إرادته. هذا التفويض الإلهى الكاذب سيدفعنا
إلى التعالى على الآخرين والاعتداء على حقوقهم، وقد
يدفعنا إلى ارتكاب أبشع الجرائم بغير أن نستشعر الذنب،
لأننا نعتقد أننا ننفذ إرادة الله فى الناس.. كان الراهب
بليدا مستريح الضمير وهو يوافق على قتل الأبرياء لأنه
أحس بأنه ينفذ إرادة الله التى قضت بأن تكون إسبانيا
بلداً كاثوليكياً لا مكان فيه للكفار المسلمين واليهود..
هذا الشعور بالتفويض الإلهى تكرر كثيراً عبر التاريخ
الإنسانى وعادة ما أدى إلى جرائم بشعة ارتكبت
باسم الدين. هنا لن تجد فرقاً بين الراهب بليدا
والإرهابى أسامة بن لادن. بالرغم من اختلاف العصر
والظروف فإن تفكيرهما واحد ورؤيتهما للعالم واحدة..
كلاهما يشعر بأنه مفوض من الله لينفذ إرادته ويدافع
عن الدين، وكلاهما يرى المختلفين عنه فى الدين
أقل منه فى القيمة الإنسانية، وكلاهما يعتقد فى
المسؤولية الجماعية.. العرب جميعاً فى نظر الراهب
بليدا مسؤولون عما يفعله أى عربى، والغربيون جميعاً
فى نظر أسامة بن لادن مسؤولون عن الجرائم التى
ارتكبها الجنود الأمريكيون والإسرائيليون ضد العرب
والمسلمين. فى فكرة التفويض الإلهى لا مكان
للمسؤولية الفردية.

لا يمكن أن يقتنع بن لادن بأن هناك فى الغرب
ملايين الناس يستنكرون جرائم الجيش الأمريكى،
ومستحيل أن يقتنع الراهب بليدا أن من بين
ضحاياه مسيحيين كان بإمكانهم أن يكونوا مواطنين
صالحين... قيمة حياة الآخرين وحقوقهم محذوفة
تماماً من ذهن المفوض من الله. حياة غير المسلمين
لا تهم بن لادن كثيراً، تماماً كما لم يهتم الراهب
بليدا كثيراً بحياة العرب. الاثنان قتلا آلاف الأبرياء
وهما يظنان أنهما يؤديان عملاً طيباً سيزيد من
ميزان حسناتهما ويقودهما إلى الجنة.. عندما تشعر
بأنك مفوض من الله لن تقبل من الآخرين أبداً أن
ينتقدوا تصرفاتك أو يحاسبوك، مهما كان كلامك
جميلًا لن تحترم المختلفين عنك ولن تعترف بحقوقهم.
ستحس بأنك دائماً على حق لأنك تنفذ إرادة الله،
لن يكون بإمكانك أن ترى الواقع بطريقة صحيحة،
ستعيش دائماً فى عالم افتراضى ثابت مغلق لا
يتطور ولا يتغير، سوف تنكر الحقيقة مهما تكن
ساطعة وسوف تتعامل بعدوانية مع كل من يشكك
فى عالمك الافتراضى، لأنك تعيش داخله وإذا فقدته
سوف تنهار حياتك.

هذه الفكرة ربما تفيدنا فى فهم سلوك الإخوان
المسلمين وكثيرين من المنتمين للإسلام السياسى.
بعد شهور من وصولهم إلى السلطة يتساءل المصريون:
كيف يزعم الإخوان أنهم يمثلون الدين وهم يكذبون
باستمرار ويخونون العهود جميعاً ويتواطأون من أجل
تحقيق مصالحهم حتى لو كان الثمن دماء الشهداء
وسقوط الدولة ذاتها؟! لماذا لا يحس الإخوان بالذنب
وهم يضربون ويعتدون ويسحلون ويقتلون من يختلف
معهم؟! الإجابة أن الإخوان لا يعتبرون أنفسهم
سياسيين يخطئون ويصيبون، بل يؤمنون بأن الله
قد أرسلهم لإنقاذ مصر من الكفر والضلال. إنهم
يعتبرون أنهم ينفذون إرادة الله، وبالتالى لا يمكن
محاسبتهم طبقاً لمعايير الناس العاديين الذين
يتصرفون بوحى من أفكارهم.. الإخوان يعتقدون
أن الله قد فوضهم لإعلاء كلمته وتنفيذ أحكامه،
وبالتالى فإن كل من ينتقدهم أو يختصمهم
سياسياً، فى نظرهم، يعتبر عدواً للإسلام،
لأنهم هم الإسلام ولا أحد سواهم يمثله. كل
موقف نعيشه الآن يسقطه الإخوان على وقائع
التاريخ الإسلامى، فيكونون هم المسلمين
وخصومهم أعداء الله. منذ أيام كتب أحد الإخوان
مقالاً شبه فيه اشتباكات المقطم بغزوة أحد،
وبالطبع كان الإخوان يمثلون صحابة الرسول،
صلى الله عليه وسلم، بينما خصومهم يمثلون
الكفار. هكذا هى الصورة الذهنية للخلاف
السياسى عند الإخوان. هم المؤمنون الذين
يريدون تنفيذ أوامر الإسلام بينما كل معارضيهم
فلول نظام مبارك أو عملاء للغرب والصهيونية أو
إباحيون كارهون للدين.. المشهد فى مصر واضح
تماماً: رئيس منتخب تحول إلى ديكتاتور لحساب
جماعته فدهس القانون وفرض إرادة مرشد
الإخوان على الناس جميعاً، وهو يستعمل نائباً
عاماً غير شرعى للتنكيل بكل من يعارضه، وقد
تورطت أجهزته الأمنية فى قتل مائة مواطن
وتعذيب الآلاف.. على أن الإخوان بسبب
إحساسهم بالتفويض الإلهى عاجزون عن رؤية
الحقيقة ولديهم استعداد دائم للإنكار والجدل
والمغالطة. لا جدوى إطلاقاً من محاولة إقناع
الإخوان بالحقيقة.. لو قتل مرشد الإخوان آلاف
المصريين ومهما أدت سياساته إلى كوارث
سيظل أتباعه يدافعون عن كل ما يفعله، لأنه فى
نظرهم ينفذ إرادة الله.. إن مرشد الإخوان تماماً
مثل أسامة بن لادن والراهب بليدا، رجل يشعر بأنه
مندوب الإرادة الإلهية، وهو على أتم استعداد لانتهاك
حقوق الآخرين دون أن يرمش له جفن، لأنه يؤمن بأن
الله قد أراد تمكين جماعته فلا وزن هنا لإرادة البشر
.. إذن ما العمل؟!

يعلمنا التاريخ أنه لا أمل فى التفاهم مع متعصبين
دينيين يعتبرون أنفسهم أدوات الله لتحقيق إرادته.
لا جدوى من الكلام والمفاوضات. الحل هو الضغط
حتى يتم إسقاط هذا النظام الفاشى. لا يجب على
الثورة أن تتوه فى أروقة السياسة ودهاليز التفاوض
العقيم.. نحن نطالب بانتخابات رئاسية مبكرة وإقالة
النائب العام غير الشرعى وإسقاط الدستور الباطل
ومحاكمة المسؤولين عن القتل والتعذيب، وأولهم
محمد مرسى ووزير داخليته الجلاد محمد إبراهيم.
هذه مطالب الثورة العادلة التى لا يجب أن نتنازل
عنها أو نقبل بدلاً منها بحلول وسط من أى نوع..
الثورة مستمرة حتى تنتصر على الفاشية وتحقق
أهدافها جميعاً باذن الله...

الديمقراطية هى الحل

http://www.almasryalyoum.com/node/1611966
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاطف اسماعيل

عاطف اسماعيل



من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Empty
مُساهمةموضوع: رد: من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر   من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Icon_minitime1الثلاثاء 23 أبريل 2013 - 23:05

د . علاء الاسوانى
13أبريل 2013


متى يفيق دون كيشوت ؟

عزيزى القارئ.. أقترح عليك أن تجرى هذه التجربة: ادخل على فيس بوك أو تويتر واكتب نقداً شديداً لمرشد الإخوان ثم انتظر بضع دقائق، عندئذ ستنهال عليك شتائم مقذعة من بعض المعلقين الإخوان. سيستعملون أفحش الشتائم وسيسبّون أباك وأمك بكل بذاءة.. بعد ذلك ادخل على صفحات هؤلاء الشتامين ستجد أنهم يحتفظون على صفحاتهم بآيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة، بل إن بعضهم قد كتب ابتهالات وأدعية يتضرع فيها إلى الله بخشوع بالغ. المفارقة أن هذا الإيمان العميق لم يمنعهم أبداً من شتم الناس بكل بذاءة.. هكذا فإن الإخوان يكذبون ويفترون ويظلمون بغير أن يتأذى إحساسهم الدينى لحظة واحدة.

لقد رأينا الإخوان، فى عشرات الوقائع المسجلة بالصوت والصورة، يضربون معارضيهم ويعذبونهم بوحشية ويسحلون البنات ويعتدون عليهن. الغريب أنهم يرتكبون كل هذه الجرائم وهم يهتفون ويكبرون كأنهم يحاربون جيش الكفار. فى تفسير هذا التناقض الغريب بين العقيدة والسلوك هناك احتمالان: إما أن يكون الإخوان جميعاً أوغاداً معدومى ضمير ومنافقين، يرتكبون هذه الشرور بوعى كامل ويتظاهرون بالتدين.. الاحتمال الآخر أن يكون الإخوان متدينين مخلصين للعقيدة فعلا، لكن خللاً جسيماً فى إدراكهم يدفعهم إلى السلوك الإجرامى ويبرره لهم فيرتكبون الجرائم وهم يعتبرون أنهم يحسنون صنعاً..

الحق أنى أميل للتفسير الثانى. الإخوان فى رأيى ليسوا أشراراً بطبيعتهم وليسوا أفاكين ونصابين بالمعنى الشائع، لكنهم يحتفظون فى أذهانهم بصورة مغلوطة عن أنفسهم ويعانون من خلل حقيقى فى الإدراك يدفعهم إلى ارتكاب أبشع الجرائم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ويقومون بواجبهم الدينى. إنهم لا ينظرون إلى أنفسهم باعتبارهم مواطنين عاديين يمارسون السياسة وفقا لأفكارهم وبالتالى قد يصيبون وقد يخطئون، لكنهم يعتبرون أنفسهم حماة الدين وفرسانه الذين كرّسوا حياتهم وقرروا التضحية بكل غالٍ حتى يرفعوا لواء الإسلام ويستعيدوا مجده. إنهم فى نظر أنفسهم قد نذروا حياتهم من أجل أداء مهمة مقدسة. من هنا فهم ينظرون إلى غير الإخوان على أنهم أقل إيمانا وأقل التزاما بالدين.. هذا التوحد بين الإخوان والدين فى أذهانهم ربما يساعدنا على تفسير كل ما يفعلونه.

الإخوان يعتبرون أنفسهم هم الإسلام ولا وجود للإسلام خارجهم. الناس من غير الإخوان- فى رأيهم- إما غافلون عن قضية الدين أو علمانيون كفار، أعداء الإسلام، عملاء للغرب، يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، أما غير المسلمين فليسوا فى نظرهم سوى كفار ضلوا الطريق إلى الله، ولأن الإخوان لا يعتبرون الآخرين مساوين لهم فى الدين فمن الطبيعى ألا يعترفوا لهؤلاء الخارجين عن صحيح الدين بالحقوق التى يتمتع بها الإخوان.. إن فكرة المساواة بين الناس لا تتحقق إلا بافتراض الندية بينهم فإذا اقتنعت مجموعة من البشر بأنهم أفضل من الآخرين فلابد أن يؤدى بهم ذلك إلى الاعتداء على حقوق المختلفين عنهم.

من هنا يتميز الإخوان بنوعين متناقضين من السلوك: الولاء الكامل والتعامل الأخلاقى المستقيم فيما بينهم، أما إذا تعاملوا مع الآخرين فهم يعفون أنفسهم من أى التزام أخلاقى.. الإخوان يتعاملون فيما بينهم بقيم الصدق والوفاء وغيرهما من المعانى النبيلة، أما مع الآخرين فلا مانع عندهم من الكذب والظلم والغدر مادام ذلك يحقق مصلحة الجماعة. يسمح الإخوان لأنفسهم- عند الضرورة- بضرب المعارضين لهم وصعقهم بالكهرباء لانتزاع الاعترافات، لا يتحرج الإخوان من سحل النساء وتعذيبهن وشتمهن بأقذع الصفات، لكنهم يرتكبون كل هذه الجرائم بضمير مستريح تماما لأنهم يعتبرون ضحاياهم أقل منهم إخلاصا للإسلام. يعتقد الإخوان أن الله قد اختارهم من أجل استعادة مجد الإسلام، فكل من يعارضهم إنما يعادى الله ورسوله وبالتالى لا كرامة ولا حقوق له، بل يجب أن تفعل به الأفاعيل عقابا له على عدائه للدين. هذه هى الفكرة الوهمية التى يعيش الإخوان فى ظلها ويدافعون عنها باستماتة.. إنهم يعيشون فى عالم افتراضى، تعميهم غشاوة من الوهم يرون أنفسهم من خلالها مقاتلين من أجل دين الله وكل من يختلف معهم عدو للإسلام ذاته. الإخوان يرفضون رؤية الواقع لأنه يهدد الوهم المريح الذى يعيشون فى ظله.

لو رأى الإخوان الحقيقة وأدركوا الواقع مرة واحدة سيكتشفون عندئذ أن الفكرة التى يعيشون من أجلها مزيفة وبلا أساس. لو أدرك الإخوان أن الخلافة الإسلامية (بمعنى الحكم العادل الرشيد) لم توجد إلا 31 عاما خلال قرون طويلة من الدول الظالمة التى قامت على المذابح والطغيان.. لو أدركوا أن الإسلام دين عظيم لكنه لم يقدم نظاما سياسيا محددا للحكم، لو أدركوا أن الطريق الوحيد لنهضة الإسلام إنشاء دولة حديثة ديمقراطية يتساوى فيها المواطنون بغض النظر عن أديانهم وليس تأسيس حكم استبدادى باسم الدين كما حدث فى السودان وأفغانستان والصومال وكل البلاد التى ابتليت بالفاشية الدينية.. لو أدرك الإخوان هذه الحقائق سينهار عالمهم الافتراضى وسيفقدون إحساسهم بالتميز عن الآخرين وستنحل جماعتهم وتفقد دعوتهم جدواها ومعناها. ليس أمام الإخوان إذن حتى يحتفظوا بأوهامهم إلا إنكار الحقيقة حتى لو كانت ساطعة كالشمس. فى لقاء تليفزيونى رأيت أحد قيادات الإخوان يؤكد أن جماعته لم ترفع السلاح قط إلا ضد الاحتلال الإنجليزى.. عندئذ اعترض أحد الضيوف قائلا:

ــ كيف تقول ذلك وأنتم قتلتم مصريين مثل القاضى الخازندار عام 1948؟

عندئذ ابتسم القيادى الإخوانى وقال:

ــ الخازندار هو والإنجليز سواء..

هذه المغالطات التى تنفى الواقع لتحتفظ بالعالم الافتراضى ستجدها فى كل تصرفات الإخوان. إنهم ينكرون الواقع حتى يحموا عالمهم الافتراضى ويحتفظوا بفكرتهم الإيجابية عن أنفسهم.. مصر تدهورت إلى الحضيض فى كل المجالات ومحمد مرسى نموذج للرئيس العاجز الفاشل، لكن الإخوان لن يعترفوا بذلك أبدا وقد طبعوا خلال أسبوع كتابين للحديث عن الإنجازات العظيمة التى حققها مرسى، وهى إنجازات بالطبع لا يراها أحد إلا الإخوان، بل إن مرسى ذاته فى كل أحاديثه يقول كلاما إنشائيا ويرفض الاعتراف بفشله كرئيس، فيبدو وكأنه منفصل عن الواقع يعيش فى عالم افتراضى باعتباره زعيماً عظيماً، أما الأوضاع المأساوية التى يعانى منها المصريون فلا يراها مرسى سوى نتيجة لمؤامرات يقوم بها فلول نظام مبارك وأعداء الدين. فى الأدب العالمى رواية شهيرة اسمها دون كيشوت، كتبها الكاتب الإسبانى الكبير ميجيل دى سرفانتس (1547 ــــ1616).. بطل الرواية رجل ولد بعد انقضاء عصر الفرسان، لكنه عكف على قراءة الكتب القديمة التى تصف بطولات الفرسان وظل يحلم بأن يكون فارسا حتى تحول الحلم فى لحظة ما إلى وهم تملكه، فقرر أن يعيش حياة الفارس بعد أن انقضى عصر الفروسية.. عندئذ يرتدى درعا قديمة ويمسك برمح مهترئ ويتورط فى معارك وهمية فإذا رأى غبارا تثيره مجموعة من الأغنام يتخيل أنهم جنود الأعداء ويندفع فورا إلى قتلهم فيوسعه رعاة الأغنام قذفا بالحجارة حتى تنكسر ضروسه.. مرة أخرى يرى دون كيشوت لأول مرة طاحونة هواء فيتخيل أنها شيطان له أذرع عملاقة ويندفع ليضرب برمحه طاحونة الهواء التى تدور وتقلبه فيسقط على الأرض وقد تحطمت عظامه... تتكرر هذه الحوادث المؤلمة لـ«دون كيشوت» لأنه يعيش فى وهمه ويعجز عن رؤية الواقع حتى يفيق فى النهاية ويعترف بالحقيقة. عندئذ يدرك استحالة أن يكون فارسا لأن عصر الفرسان مضى بلا رجعة ويعترف بأن أشباح الجهل السوداء

- على حد تعبيره- قد تملكته من كثرة قراءة كتب عفا عليها الزمن. أظن دون كيشوت أقرب نموذج أدبى للإخوان المسلمين فهم مثله يريدون استعادة ماضٍ لن يعود أبدا، وهم مثله يعتبرون أنفسهم فى مهمة مقدسة لا وجود لها ولا يحتاج إليها أحد، وهم مثله عاجزون تماما عن رؤية الواقع مما يدفعهم إلى ارتكاب أبشع الجرائم وهم يعتقدون أنهم يؤدون مهمة جليلة. الدرس المستفاد من هذه الرواية العظيمة أن ضغط الواقع وليس قوة المنطق هو ما جعل دون كيشوت يفيق من أوهامه. لا أمل إذن فى الحوار مع الإخوان فهم لا يستمعون إلا لتعليمات قادتهم الذين يتوهمون، مثل دون كيشوت، أنهم يؤدون رسالة نبيلة، بينما هم يرتكبون جرائم مخزية. لا جدوى من أى اتفاق مع الإخوان لأنهم سيتنصلون منه إذا كان يهدد مصالحهم ولا جدوى من تعهدات الإخوان لأنهم كاذبون.

المشهد فى مصر أوضح من أى وقت مضى.. ليس الأمر صراعاً سياسياً بين حكومة ومعارضة كما يريد البعض تصويره، وإنما هو مقاومة شعبية شاملة ضد جماعة فاشية وصلت إلى الحكم عن طريق الانتخابات، وهى ماضية باستماتة فى تنفيذ مخططها من أجل السيطرة على الدولة المصرية مرة واحدة إلى الأبد... محمد مرسى بدأ رئيساً منتخباً لكنه فقد شرعيته عندما اعتدى على القانون والدستور ووضع إرادته فوق القانون وحصن لجنة تأسيسية باطلة أنتجت دستوراً باطلاً، ثم فقد شرعيته مجدداً عندما قتل وزير داخليته مائة شهيد مصرى، بالإضافة إلى التعذيب الموثق لمئات المواطنين.. إذا كنا نحاكم مبارك ووزير داخليته العادلى لأنهما تسببا فى قتل المتظاهرين فإن التهمة ذاتها موجهة الآن إلى مرسى ووزير داخليته محمد إبراهيم.. علينا لكى نكون منصفين أن نحاكم مرسى ومحمد إبراهيم بذات التهمة التى حوكم بها مبارك والعادلى. أسوأ ما يمكن أن يحدث الآن أن نقبل بأى حلول وسط مع الإخوان. هل هناك سبب واحد لكى نثق فى وعود الإخوان وتعهداتهم؟ متى تعهد مرسى بأى شىء ونفذ وعده؟ كل من يشارك فى الانتخابات القادمة فى ظل دستور باطل ورئيس غير شرعى إنما يشارك، ولو بحسن نية، فى تمكين الإخوان من بلادنا إلى الأبد.

إن مصر الآن تمر بلحظة فارقة بمعنى الكلمة، لحظة مواجهة مع الفاشية الدينية تحتاج إلى استقامة الثوريين وليس إلى مواءمات السياسيين. مطلبنا إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. هذا حق ديمقراطى للشعب. لا يوجد رئيس منتخب فى العالم يحتفظ بشرعيته إذا قام بإلغاء القانون وتسبب فى قتل مائة مواطن.. واجبنا- فى رأيى- مقاطعة الانتخابات حتى لا نعطى غطاء سياسياً لرئيس غير شرعى. لابد من ممارسة الضغط الشعبى السلمى المتواصل حتى نجبر الإخوان على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. الثورة مستمرة حتى تحقق أهدافها جميعا بإذن الله.

الديمقراطية هى الحل

http://www.almasryalyoum.com/node/1675801
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاطف اسماعيل

عاطف اسماعيل



من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Empty
مُساهمةموضوع: رد: من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر   من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Icon_minitime1الجمعة 3 مايو 2013 - 9:58

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاطف اسماعيل

عاطف اسماعيل



من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Empty
مُساهمةموضوع: رد: من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر   من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Icon_minitime1الجمعة 3 مايو 2013 - 10:02

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاطف اسماعيل

عاطف اسماعيل



من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Empty
مُساهمةموضوع: رد: من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر   من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Icon_minitime1الجمعة 3 مايو 2013 - 10:03

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاطف اسماعيل

عاطف اسماعيل



من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Empty
مُساهمةموضوع: رد: من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر   من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Icon_minitime1الجمعة 3 مايو 2013 - 10:04

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاطف اسماعيل

عاطف اسماعيل



من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Empty
مُساهمةموضوع: رد: من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر   من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر Icon_minitime1الأربعاء 10 يوليو 2013 - 21:26

د. محمود إسماعيل يكتب : نحو مشروع مستقبلي للإسلام ..محاولة تقييم لفكر محمود محمد طه
ADMIN 3 يوليو 9, 2013 0
من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر %D9%85%D8%AD%D9%85%D9%88%D8%AF-%D8%A7%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D9%84

ثمة حديث نبوي يقول بأن «الله سبحانه يرسل علي رأس كل مائة سنة من يجدد للأمة أمور دينها»، ونحن نضيف: «من أجل دنياها» أيضا. فالإسلام هو خاتم الأديان السماوية- كما هو معلوم- وهو كذلك «دين ودنيا».

لما كان «التغيير» هو سنة الحياة، جاءت الشريعة الإسلامية في صورة مبادئ عامة، باستثناء بعض الأحكام القاطعة في أمور «ثابتة» لا تثير اشكاليات اجتماعية ذات بال أو خطر علي وحدة الأمة الإسلامية. ولأن «المبادئ العامة» بدورها تتسم بالثبات- كالحرية والعدالة علي سبيل المثال- استلزم تطبيقها استنان قوانين مستلهمة منها تخضع للتعديل وحتي التبديل حسب معطيات الزمان والمكان وظروف العصر وقضاياه، دون أن يكون في ذلك خروج علي الشريعة، كما يتصور الإسلامويون المعاصرون. بل إن الخروج علي الشريعة – فيما نري- هو معالجة قضايا العصر بأحكام استنها الفقهاء في أزمان غابرة، لا لشيء إلا لعجز تلك الأحكام عن حلحلة اشكاليات العصر المعقدة والمستحدثة، وفي ذلك تعطيل للشريعة من قبل من يتشدقون بضرورة تطبيقها. فغاية تطبيق الشريعة تكمن في تحقيق مقاصدها، وإلا تصبح عديمة الجدوي. من هنا استحدث علم اصول الفقه لتجديد تلك الأحكام، فضلا عن استنباط أخري مستحدثة لم تكن موجودة عند الفقهاء القدامي.

التجديد والتقليد

لذلك، شهدت المجتمعات الإسلامية – علي مر العصور- صراعا دائما بين فقهاء التجديد وفقهاء التقليد. ومن أسف أن الغلبة كانت في النهاية لصالح الأخيرين منذ منتصف القرن الخامس الهجري وإلي الآن، الأمر الذي افضي إلي «وضع الشريعة علي الرف» – بعد أن أغلق باب الاجتهاد- ولجأت النظم المعاصرة إلي القوانين والدساتير الغربية، كما لجأت الشعوب الإسلامية – من قبل- إلي الأعراف المحلية كمصدر للتشريع والتقاضي.

شهد النصف الثاني من القرن العشرين ظهور شلة مستنيرة من «المجددين» استهدفت تجديد الفقه الإسلامي خصوصا والفكر الإسلامي بوجه عام، بهدف حلحلة الاشكاليات المتراكمة التي أسفرت عن انحطاط العالم الإسلامي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا. منهم – علي سبيل المثال- محمد شحرور ومحمد عيتاني وطيب تيزيني في سوريا، وعلي حرب وحسين مروة في لبنان، وحسن حنفي ونصر أبو زيد ومحمود اسماعيل وجمال البنا في مصر، وهشام جعيط والحبيب الجنحاني وجماعة الإسلاميين المجددين في تونس، ومحمد اركون في الجزائر، ومحمد عابد الجابري في المغرب، ومحمود محمد طه في السودان. وإذ سبق لنا التعريف ونقد مشروعات هؤلاء المجددين، سنحاول التعريف – في هذا المقال وما يليه من مقالات- بمشروع محمود محمد طه. وغني عن القول، أن مشروعه لم يلق ما كان جديرا به من اهتمام، لا لشيء إلا لأنه كان المفكر الوحيد بين المجددين الذي أعدم بسبب أفكاره التي جري اعتبارها هرطقة وإلحادا من قبل النظام الاسلاموي الحاكم في السودان. هذا من ناحية، ومن أخري أنه لم يكتف بالكتابة – شأن جميع المجددين العرب- بل اعتبر نفسه صاحب رسالة كرس لها جهده وعمره لنشرها سلميا، وذلك بالتصدي لتعرية خصومه السياسيين والمذهبين المدعمين بالنظام الحاكم، حيث حرضوا علي محاكمته وإعدامه.

التصوف مرتكزا

علي خلاف انطلاقات جميع المجددين السابقين المتعددة والمتباينة – حيث انطلق البعض من الفكر اليساري، والبعض الآخر من التراث ا لاستشراقي الحداثي الغربي، والبعض الثالث من اتجاهات بعينها في التراث العربي الإسلامي- انطلق محمود محمد طه من المعطيات الدينية السائدة في السودان المتمثلة في التصوف من ناحية، ومن أفكار «ما بعد الحداثة في الغرب من ناحية أخري. لم يحفل بركام «التصوف الطوقي» المكرس لخدمة «السلطانة» وتبرير سياساته اللا إسلامية، بل عول علي «التصوف العرفاني» المؤسس-= تراثيا- علي العلم النظري والنضال الثوري والعدل الاجتماعي. وهو ما بشر به الحلاج وذو النون المصري والجنيد البغدادي، وابن مسرة وابن العريف وابن برجان الاندلسيون، وابن سبعين المغربي، ومعلوم انهم جميعا جمعوا بين الفكر الصوفي والنضال الثوري، وهو ما أخذ به محمود محمد طه.

أما عن تأثره بفكر «ما بعد الحداثة»، فعلي الرغم من موقفه المعادي للفكر الليبرالي الغربي، الذي يشكل «الحداثة» المؤسسة علي التفكير العقلي والعلم التجريبي – علي حساب الجانب الروحي- فقد وجد في فكر «ما بعد الحداثة» سندا لمشروعه المستقبلي الطموح. ذلك آن هذا الفكر الجديد استمد بعده الروحاني من تعاليم بوذا والهندوسية والطاوية والكونفوشيوسية، فضلا عن التصوف الإسلامي، وكل ذلك يلتقي عند قواسم مشتركة أهمها الاعتقاد بحلول الألوهية في الكون وكل المخلوقات هذا فضلا عن تقديس إنسانية الإنسان، باعتباره خليفة الله علي الأرض، ومن ثم وجب أن يكون تحققه الذاتي بمثابة رسالته المنوط بها لعمران الأرض، فضلا عن احترام كل ملكاته وقدراته البدنية والعقلية والعاطفية والرمزية والروحية، بالإضافة إلي احترام التعددية بكل صورها وألوانها. كما تقوم أفكار «ما بعد الحداثة» علي الوفاق بين الإنسان والطبيعة، وكسر «الدوجما» المطلقة واحترام النبوية كمبدأ في الأخلاق وفي المعرفة بالمثل. لذلك – وغيره- تصنع أفكار «ما بعد الحداثة» اعتبارا أوليا لكل من «الهرمونيطيقا»- أي التأويل- ومعطيات البيئة- الايكولوجيا- في صياغة تصور مستقبلي للإنسان «الكامل» الذي تعمل لأجله كل المعتقدات الصوفية.

تراث الشيعة

تأسيسا علي ذلك، يري محمود محمد طه أن التصوف العرفاني- وهو وثيق الصلة بمذهب الشيعة -يجب بعثه من أجل «إسلام جديد» يحل محل الشيوعية والرأسمالية بعد أن ثبت فشلهما في إسعاد البشر، من أجل ذلك سعي ل- «عصرنة» التصوف بتنقيته من أدران التهويمات والشعوذة والتواكل، وإكسابه ابعادا نضالية وأخلاقية واجتماعية تعمل عملها لصالح الإنسان. وفي هذا الصدد، تتسق دعوته مع أفكار حسن حنفي الذي يري في التراث الإسلامي- بكل اتجاهاته وتياراته- معينا لصياغة «إسلام مجدد» للحاضر والمستقبل. وإذ اتهم حسن حنفي – من قبل الإسلامويين المعاصرين- بالهرطقة، انسحب الحكم علي محمود محمد طه، وإن بصورة أشد وأنكي. ذلك أن الكثير من أفكاره المستحدثة – عن المادة والروح، والعبادات وتفسيراته الصوفية للكثير من الآيات القرآنية- برغم انطلاقها من القرآن الكريم والسنة النبوية، شابها الكثير من الغموض المثير للظنون والشك. بل إن تعريفاته لمفاهيم «الناسخ والمنسوخ» و«الجهاد» و«السنة النبوية» ليس لها نظير في كتب القدامي والمحدثين. كما خالف كل المجددين المعاصرين في القول بأن «الإسلام دين ودولة» كما ذهب سائر خصومه الإسلامويين.

جوهر الماركسية


أما عن فكره الاجتماعي، فلم يجد غضاضة في الأخذ بجوهر النظرية الماركسية، ملتقيا في هذا الصدد مع المفكر الفرنسي «جارودي»، كذا أخذه بالديمقراطية- في صيغتها الغربية- كأساس للدولة الإسلامية المنشودة، علي الصعيد السياسي. أما عن تصوره للشريعة الإسلامية، فقد قدمجديدا مفاده أن الآيات القرآنية في التشريع يمكن قسمتها إلي نوعين، الأول، يتمثل في الأصول الخاصة بالطور «المكي» في تاريخ الدعوة، والثاني في «الفروع» التي نسخت – إلي حين- الآيات المكية لا لشيء إلا بجدواها في الترشيع لمرحلة مؤقتة استلزمتها الظروف والمعطيات في مجتمع يعيش مرحلة النشأة والتكوين. أما وقد انصرمت أكثر من عشرة قرون نضج خلالها المجتمع الإسلامي، فلا مناص من العودة إلي «الأصول» لصياغة أحكام الشريعة الإسلامية. ويستشهد في ذلك بالشريعتين اليهودية والمسيحية. حيث كانتا متلائمتين لمجتمعات في ظروف تاريخية خاصة. أما وقد تجاوزتها المجتمعات الإنسانية المعاصرة، فلا مناص من ترشيح الشريعة الإسلامية – المؤسسة علي الأصول- لتكون ترياقا لأمراض الحاضر والمستقبل.

خلاصة القول، أن اطروحات محمود محمد طه ما هي إلا جماع نماذج وأفكار عرفتها البشرية طوال تاريخها، حاول من جانبه – في سذاجة يحسد عليها- أن يعقد بينها- رغم ما تحمله من تناقضات- مصالحة توفيقية صياغة نظرية هشة وغير متسقة هي في التحليل الأخير- أشبه ما تكون باليوتوبيات المثالية.

تلك، نظرة عامة تشكل مدخلا لقراءة متأنية في فكر محمود محمد طه، وهو ما سنعرض له في مقالات تالية.



http://www.al-ahaly.com/%D8%AF-%D9%85%D8%AD%D9%85%D9%88%D8%AF-%D8%A5%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D9%84-%D9%8A%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D9%86%D8%AD%D9%88-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84/#.Ud3QAzs3Ca0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
من صحافة مصـــر ... إعـــــــــــــــدام رجـــــــــل يفـــــــــــــكر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المدهش فى صحافة الخرطوم
» صحافة عجيبة والله !!!!
» صحافة البرير.. صحن الفول..
» قانون صحافة بتاع فنيلتك
»  صحافة الكرتون عفوا الخرطوم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: منتدى الحصاحيصا العام-
انتقل الى: