بشفافية
قانون بتاع فنيلتك؟!
حيدر المكاشفي
من الصعب الوثوق بقوانين الانقاذ التي تفصلها على المقاسات التي تناسبها، تماماً مثلما من الصعب الركون إلى الاتفاقيات التي توقعها، وهذا ليس من باب الافئتات عليها ورميها بما ليس فيها، وانما هي حقائق ووقائع شاخصة وحية، وتقف شاهدة عليها عشرات الأمثلة المعاشة، فقد عُرف عن الانقاذ خلال عمرها الممتد، غير «قوة العين» أنها أيضاً جُبلت على المراوغة وتطبعت على أساليب الفهلوة وأمور «التلات ورقات»، تضع القانون كما تريد هي بعد أن تزود الترزية المحترفين في حياكة القوانين بالمقاسات ونوع التفصيلة التي تحب، ثم ما تلبث إلا قليلا حتى تكون هي اكبر خارق ومتلاعب بهذه القوانين ومتحايل عليها، مع أنها هي من اختار الخامة والموضة وحدد الترزي، ثم إنها أيضاً توقع الاتفاقيات والتفاهمات مع معارضيها وحاملي السلاح ضدها بعد أن تبذل جهداً خارقاً وتنفق زمناً غالياً ومالاً عزيزاً، وبعد أن تلهث بين العواصم وتجري هنا وهناك وتوسط هذا وذاك حتي إذا ما انتهى هذا اللهاث الى توقيع اتفاق وظن الناس أن الامر قد انتهى الى توافق ووفاق، إلا وعمدت الانقاذ للالتفاف حول ما وقعته بنفسها وسعت اليه وهي راضية وسعيدة، ومارست «اللولوة» على بنوده، بل وحتى على لغته وحروفه، كما حدث أخيراً مع اتفاق الدوحة الذي وقعته مع تجاني السيسي زعيم حركة التحرير والعدالة حين تملصت وتنصلت عما أقرته بشأن تخصيص منصب نائب الرئيس لأبناء دارفور، وكذا فعلت مع اتفاق اديس الإطاري الذي وقعه نافع مع عقار ولكنه للأسف طار بمجرد أن هبط الرئيس أرض المطار واعتلى المنبر، هذا هو حال الانقاذ وديدنها مع القوانين التي تصيغها والاتفاقيات التي تمهرها، فكيف لأحد والحال هكذا وبعد كل هذه التجارب المريرة أن يثق أن الانقاذ بصدد وضع قانون جديد للصحافة يكون أفضل من سابقه لصالح الصحافة، بل هب أن شيلا وجماعته قد صدقوا وبالفعل انجزوا قانوناً للصحافة يحتذى «لا فيهو شق ولا طق»، فما الذي يضمن أن لا يكون هذا القانون الجديد سوى مسودة ورقية لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به، وهل يقوى أي قانون للصحافة جديد أو قديم، تليد او حديث، أن يمنع «خمش» الصحف من المطابع كالذي حدث اخيرا مع «الاحداث»؟ وهل يستطيع ان يحمي الصحف والصحافيين من أية تغولات أو اعتقالات تعسفية تستمر لزمن طويل دون أن يقدموا لمحاكمة؟ وهل وهل وهل.. من «الهلاهيل» التي هلهلت جسد الصحافة..
الواقع ان القوانين المهنية عند الانقاذ مقامات ودرجات، هناك قوانين أعلى شأناً وأرفع وأقيم على ما عداها من أمثال قانون الصحافة الذي تصدق عليه وعلى الصحافة مقولة «عزيز قوم ٍ ذل»، فعلى عزة الصحافة كسلطة الا انها الى جانب قانون مثل قانون الامن مثلا لا تساوي جناح بعوضة، فلجهاز الامن سلطة فورية وايجازية تجعل من أي قانون للصحافة مجرد «هبوب»، وتجعل من أية صحيفة لا تساوي قيمة «هبابة»، فما الداعي إذن لقانون للصحافة جيداً كان او سيئاً، أليس الافضل من ذلك ان تتحاكم الصحافة الى القوانين الطبيعية في المحاكم الطبيعية وامام القضاة الطبيعيين؟، فذلك أرحم ألف مرة من ان يواجهك أحد حين تحاججه بقانون الصحافة برد صادم «قانون صحافة بتاع فنيلتك»..؟