ثمة أسئلة ظلت عالقة بذهني ولم أجد لها إجابات طيلة الفترة الماضية، تقتحم عليّ كلما رأيت حملات تنظيم الأسواق التي تنفذها محليات الخرطوم، وتلح عليّ ذات الأسئلة
بجنون عندما أشاهد منظر الدفارات وهي تصادر بضائع الباعة الجائلين، وترابيز ستات الشاي والكفاتير والكبابي والفناجيل، ولا تدع لهم شيئًا... أسائل نفسي في دهشة: كيف يعود هؤلاء «المصادرون» مرة أخرى، ويعمرون أسواقهم العشوائية بعد أقل من يوم من المصادرة، هل اشتروا «عدة» جديدة؟، وبضاعة جديدة؟، أم تراهم ذهبوا وتسلقوا أسوار المحليات ليلاً وأخذوا حاجياتهم المصادرة وعمروا أسواقهم بليل والمحلية تغط في نوم عميق؟...
يالهم من «مفتحين و شطار»... لكن أخيرًا اكتشفت خطل تفكيري وسطحيته وبدا لي أن «المفتحين» و«الشطار» هم جماعة الطرف الثاني، أصحاب الدفارات، فهؤلاء وبحسب إفادات كثيرين منهم عندما تتم المصادرة الشاملة يسارعون إلى حوش المحلية ويدفع الواحد منهم مبلغ «120» جنيهًا للمحلية وذلك للإفراج عن «عدته» ثم يعود إلى الموقع ويواصل عمله، ثم تأتي الدفارات بعد «كم» يوم، وتصادر ثم يذهبون لتخليص «هتشهم» وفناجيلهم وكبابيهم ومناقدهم ثم مصادرة ثم «إنقاذ» حاجاتهم إنقاذ دي عجبتكم مش ــ .. يعني الحكاية زي لعبة «توم آند حيري»، ويبدو والله أعلم أن الطرفين لاقين اللعبة دي حلوة جدًا،
وإلا فلماذا الاستمرار فيها، لا الحكومة تريد أن تُنهي هذا الوضع بقرار نهائي وبإمكانها أن تفعل ذلك، وبدا لي كأنها تريدها كتحصيل للمحلية ولا ستات الشاي والباعة الجائلون يريدون أن يضعوا حدًا لهذه اللعبة بأن يتوقفوا نهائيًا طالما أن القصة فيها «رسوم وغرامات» باهظة مثل ذلك، وهي ليست تحصيلاً شهريًا وإنما مصادرة يمكن أن تحدث في الشهر خمس مرات، وهناك من تضيع «ودائعه» كما أُخبرت... لكن الشيء الذي لا يزال يحيرني هو عدم مبالاة «المصادَرين» ــ بفتح الدال ــ،
وركون الحكومة لاستمرار هذه اللعبة، فهل تريد جباية لذلك تسمح باستمرارها... بينما أنا أهم بكتابة هذا الموضوع هاتفني مربي الأجيال أستاذي المحترم عمر مفضل يخبرني أن محلية الدندر حصرت كل بائعات «العرقي » ــ وليس الشاي ــ وأوجدت لهن وظائف عاملات في المحلية، وتمنى أن تحذو بقية المحليات حذو معتمد الدندر المحترم المهندس «أبو القاسم» حسن فضل الله.. فهلاّ تعلمت الخرطوم الدرس من أختها الصغيرة الدندر..
أحمد يوسف التاي
الإنتباهة