معاكْ يجينى زمن
أمتِّع نفسى بالدهشَهْ
طبول بتْدُق
وساحات لى فرح نَوّر
وجمّل للحُزن..ممْشى
وتمشي معاي
خُطانا الإلفَهْ والوحشَهْ
وتمشى معاي... وتْرُوحى
وتمشى معاي وسط روحى
ولا البلْقاهو بِعْرِفنى
ولا بعرِف معاكْ ..روحى
الحزن القديم كلمات مشحونة بعبقرية الشاعر عمر الطيب الدوش و(تاكسي الحزن القديم) تداعيات يرويها الكاتب والروائي الشاعر يحيى فضل الله:
ها نحن خرجنا من الجامعة ونقف الآن على شارعها ولم يصبر عمر الدوش حتى يقلنا بوكس الي الخرطوم ومنها الي ام درمان،صاح بعصبية اعرفها:
تاكسي...
عمر نحن ماعندنا قروش
وانت مالك ياأخ......ي
وقف امامنا تاكسي ودخل عمر مسرعاً وجلس في المقعد الأمامي وجلست انا متردداً في المقعد الخلفي افكر في كيفية الخروج من هذا المأزق.
أدخل السائق شريط كاسيت داخل مسجل العربية وأنساب صوت محمد وردي:
بتطلعي انت
من غابات ومن وديان
ومني أنا
ومن صحية جروف النيل مع الموجة الصباحية
كان عمر الدوش قد خلع نظارته من عينيه وبدأ يعتصر دمع يلازمه عادة في حالات صحوته، كان عمر يرتعش منه حتى الوجه وصاح في صاحب التاكسي:
اقفل المسجل دا يابن العم
لي بس
بقول ليك أقفلوا ياخ......ي
أوامر يعني
لكن أنا ماعايز أسمع
ياخ حتقفل المسجل دا ولا ننزل
جداً انزل إما إنك غريب
وفتح عمر الدوش باب التاكسي وخرج بعد أن أوقف السائق العربة بفرامل منفعلة
هنا قررت أن أتدخل وعرفت صاحب التاكسي بمن هو هذا الشخص المعصلج، عرفته بصاحب أغنية الحزن القديم والذي لا يحب مطلقاً أن يستمع الي أغنيته هذه تحديداً كان بينه وبينها جفوة ونفور.
لا أستطيع ان أصور الدهشة على وجه ذلك السائق،وأتصور أنه لم يصدقني في أول الأمر لكني جعلته يصدقني وانا أشرح له موقف شاعر من قصيدة تخصه حتي جفوتها!
تحرك بي السائق ولحقنا بعمر الدوش الذي كان يمشي بعصبية أمامنا،وقفنا الي جانبه وصاح السائق:
أهو قفلنا المسجل اتفضل يأستاذ
ونظر عمر الدوش نحوي نظرة توحي بانه عرف أني قد شرحت أمره للسائق، إبتسم ابتسامة خفيفة وفتح الباب الأمامي،نظر الي السائق نظرة فيها من الأسف والحنية معان وقال:
معليش لكن أهو ماعارف أقول شنو
ولايهمك يأستاذ
ودخل الدوش مع السائق في انس حميم،الي درجة أن هذا الأنس تواصل بقية الليلة وحتى الصباح،وبدلاً من ان يأخذ السائق ثمن المشوار من الخرطوم الي الموردة فقد اخذ سهرة ممتعة ومتداعية مع هذا الشاعر الذي يهرب من قصيدته.