صحيفة الصدى- الثلاثاء : 11/06/2013م
كبد الحقيقة- مزمل أبو القاسم
* وصلتني الرسالة التالية من الأخ الأستاذ الزميل الإعلامي محي الدين شجر، وقد فضلت نشرها كاملة لقيمتها العالية، وقد كتب فيها ما يلي:
كثير من محللي كرة القدم في السودان ومراقبيها لا يفرقون بين اللاعب الموهوب والحماسي وبين اللاعب الذي يمكن أن يحدث الفارق بموهبته وبين اللاعب الذي يعتمد على عضلاته فقط في ممارسته لكرة القدم.
* ولهذا دائماً تأتي الاختيارات للاعبين في السودان عدا قلة منها بعيدة كل البعد عن مستوى اللاعب الحقيقي، صحيح أن الحماس والغيرة والقوة من مقومات لاعبي كرة القدم، ولكنها ل
يست من المقومات الأساسية التي تعطي التميز والنجاح لأن الموهبة هي أساس كل نجاح وأساس كل تفوق وبخاصة في لعبة مثل كرة القدم.
* وبالتالي فإن معضلة الكرة السودانية تتمثل في أن كثير من فنيي كرة القدم وإدارييها لا يعرفون مقدرات وإمكانات ومواهب اللاعبين وتتم خياراتهم في العادة وفي أغلب الأحيان متسرعة، بل حتى المدربين الكبار والخبراء الذين تستعين بهم الأندية تأتي روشتاتهم بعيدة كل البعد عن واقع اللاعب ومستواه وعن الرؤية الفنية الصائبة.
* هذه الحقيقة نراها ماثلة بوضوح إذا تمعنا جيداً في كشوفات معظم الأندية السودانية وخاصة أندية الدرجة الممتازة وعلى وجه الخصوص أندية القمة المريخ والهلال للأسف الشديد، ونجدها أكثر وضوحاً في اختيارات لاعبي المنتخب الوطني وآخرهم المنتخب الذي خسر قبل أيام أمام غانا في عقر داره في تصفيات كأس العالم.
* ما ظللنا نشاهده في ملف التسجيلات بأندية الدوري الممتاز يشيب له الغراب ويقول بوضوح إننا بعيدون كل البعد عن الرؤية الفنية الصائبة وأن التسجيلات تتم بواسطة آراء فنية فطيرة.
* الأمثلة على هذه الحقيقة تتوافر بكثرة في فريقي المريخ والهلال أكبر ناديين في السودان، المريخ مثلاً لا يتعظ من أخطائه، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، ولكنه ظل يتمادى فيها كل موسم للتسجيلات وكان من يديرونه فنياً مصابون بعمى التقييم، مع احترامي لكل المدربين والفنيين الذين تستعين بهم إدارة النادي.
* استغنى المريخ في مطلع الموسم عن مهاجمه العاجي أديكو وعاد في فترة التسجيلات التكميلية يتحدث عن إعادته من جديد بعد أن سجل مهاجم أهلي الخرطوم محمد موسى على أساس أنه مهاجم وحيد زمانه، بل صرح في الصحف وقال بوجود هيثم مصطفى سأصبح هدافاً للدوري ولم يفتح الله عليه بهدف واحد في المباريات التي شارك فيها وقبل نهاية الموسم تتحدث الإدارة عن شطبه وإعارته، فبأي رؤية فنية تم تسجيله إذن؟؟
* تتحدث الصحافة المريخية مع نهاية كل موسم رياضي بأن الفريق يحتاج إلى لاعبي وسط مدافعين وأن سعيد السعودي ليس في قامة المريخ وتقوم الإدارة في كل موسم بتسجيل لاعبي وسط ارتكاز وآخرهم علاء الدين يوسف ثم يفاجأ الناس بأن سعيد السعودي لاعب أساسي لكل المدربين فلا نفع أمير كمال ولا شفع علاء الدين يوسف ولا أفاد لاسانا فاني ولا الشغيل جميعهم تم تسجيلهم ليبقى السعودي احتياطياً أو خارج التشكيلة ولكنه يظل هو لاعب كل المدربين.. كروجر والبدري وريكاردو.
* تستغني إدارة المريخ عن أفضل المهاجمين بآخرين تظنهم الأفضل فتبعد ساكواها وأديكو وتأتي بموانزا وسليماني فتكتشف كل مرة أنها لم توفق في الاختيار.
* في كل فترة للتسجيلات تأتي الانتدابات نتيجة لآراء فنية ولكنها فطيرة تكشف أن صاحبها يفتقر للرؤية الفنية، وفي كل مرة يتحدثون عن الآراء الفنية التي اتبعوها.
* في هذا الموسم شطبت الإدارة المدافع نجم الدين عبدالله الذي فضله المدرب كروجر على بلة جابر وأصبح يعتمد عليه في الطرف الأيمن بحجة أنه دعا لإضراب وسط اللاعبين وحرض على عدم اللعب أمام فريق الأهلي المصري في مباراة تكريم السيد جمال الوالي وهي حجة واهية لأن تمرد اللاعبين جاء لأنهم لم يقبضوا حقوقهم والمسألة عادية لا تستدعي الشطب، وستفكر نفس الإدارة في إعادته في الموسم القادم.
* وبعد أن صبرت إدارة المريخ على المدافع الصلب محمد علي سفاري لأكثر من عامين وصرفت عليه ملايين الجنيهات لعلاجه وحينما بدا يعود للعب قامت بشطبه ليتألق في فريقه الجديد أهلي شندي فكأنما قدمته للأهلي هدية، ورعت إدارة المريخ الموهبة وليد علاء الدين وحينما قوى عوده أطلقت سراحه ولم تصعده ليتألق في هذا الموسم مع فريق هلال كادوقلي ويحصد الكثير من جوائز سوداني ويتم اختياره للمنتخب الوطني واللاعب وليد علاء الدين اهتم به مدرب المريخ الأسبق البدري وظل يسأل عنه باستمرار.
* كما استغنت إدارة المريخ عن اللاعب اليوغندي موتيابا والذي سجلته بتوصية من المدرب المصري البدري وبعد أقل من عام قامت بشطبه وهذه المرة بتوصية من المدرب ريكاردو ليخطفه فريق مازيمبي الكنغولي وموتيابا نال إشادة كل مدربي الدوري الممتاز، وأعارت لاعب الوسط قلق إلى هلال الساحل ثم أعادته من جديد وفي نهاية الموسم استغنت عنه مع أنه قادر على العطاء ويتألق هذه الأيام مع الأهلي عطبرة وأعارت من قبل اللاعب أحمد الباشا أفضل لاعب بالمريخ لأنه أخفق في مباراة واحدة وأعادته من جديد.
* يتحدث نادي المريخ هذه الأيام عن إعارة اللاعب السعودي في مقابل تسجيل لاعب أهلي شندي باسيرو بمبا اللاعب المالي والذي كان متاحاً حينما كان في فريق النيل الحصاحيصا، ونفس هذا التخبط نشهده في فريق الهلال ولكن بدرجة أقل والذي شطب من قبل مدثر كاريكا ثم أعاد تسجيله ليصبح أفضل مهاجم في الساحة السودانية، وشطب أتير توماس وسيعيد تسجيله في فترة التسجيلات الحالية، وشطب المهاجم الخطير عبده جابر بعد أن صرف النادي عليه طوال فترة إصابته وبعد أن بدأ يعود تدريجياً تم شطبه مع أن هذا اللاعب وبشهادة الفنيين يعد من أفضل المهاجمين في الساحة لولا تعرضه لإصابة مؤثرة حرمته من اللعب.
* اختيارات الفريق القومي أيضاً تنقصها الرؤية الفنية والهزيمة الأخيرة أمام غانا بثلاثة أهداف مقابل هدف تثبت هذه الفرضية والأخطاء الفادحة التي وقع فيها الحارس إيهاب زغبير تؤكد أنه ليس أفضل حارس مرمى في الدوري الممتاز وأن اختياره لم يكن صحيحاً.
*النظرة الفنية القاصرة التي اختارت زغبير ليكون حارس المنتخب الوطني في وجود حراس أفضل منه بكثير، وهي نفس النظرة القاصرة التي لم تختر اي لاعب وسط صانع ألعاب حريف ورشيق للمنتخب الوطني وهي نفس النظرة التي اختارت لاعبين يفتقرون إلى الموهبة الحقيقية، وهي نفس النظرة الفنية التي اختارت مهاجم المريخ محمد موسى للمنتخب لأنه تألق مع المريخ في مباراة واحدة، واختارت مهاجماً اسمه زمبة من فريق النيل الحصاحيصا وهي التي لم تختر مدافع الهلال عبد اللطيف بويا أفضل لاعب في الهلال كما يراه مدرب الهلال السابق المعروف والشهير غارزيتو.
* في المقابل هنالك إدارات تعمل بكفاءة عالية مثل إدارات أندية الأهلي شندي والأمل عطبرة والخرطوم الوطني ومريخ الفاشر والموردة، وتعرف ماذا تريد وتستفيد من أموال المريخ والهلال ومن أخطائهما لتسيير نشاطها وتستعين بآراء فنية جيدة لاختيارات واختبارات اللاعبين وها هو فريق الأمل (كمثال) ظل في كل موسم يقبض ملايين الجنيهات من أندية القمة لأنه يملك الرؤية الفنية في اللاعبين وها هو يطلق سراح لاعبه علي النور للهلال بملايين الجنيهات ولم يمضِ اللاعب معه أكثر من ستة أشهر ومن قبل أطلق سراح لاعبيه نزار حامد وصلاح الأمين ومجدي أمبدة بأموال طائلة للهلال والمريخ..
* إن عدم معرفة قدرات ومواهب اللاعبين واحدة من أسباب تخلف الكرة السودانية وتجعلنا نعتمد على لاعبين تنقصهم الموهبة الحقيقية، على حساب آخرين أكثر موهبة (وحرفنة)، فتكون النتيجة هزائم جديدة للكرة السوادنية، كما فعل مدرب المنتخب الأسبق قسطنتين الذي جاء بلاعبين يفتقدون الموهبة وفي عهده لم يحقق المنتخب الوطني أي انتصار.
* يمكن القول ومن واقع متابعتي لكرة القدم في السودان إن السيد صلاح إدريس رئيس نادي الهلال السابق يملك نظرة فاحصة في اختيار اللاعبين وهذه الفرضية يسندها تألق معظم اللاعبين الذين قام بتسجيلهم في فريقي الهلال والأهلي شندي أمثال سادومبا وبوي وجمعة جينارو وخليفة ومساوي وبشة وحمودة ومالك وفارس وزكريا ناسو وغيرهم من اللاعبين الذين لم يكن يسمع بهم أحد من قبل إلا حينما شاهدهم في تشكيلتي الهلال وبعده الأهلي شندي.
* ابتعدوا عن الترضيات والعواطف في اختيارات اللاعبين وابتعدوا عن سماسرة الملاعب واستعينوا بالكشافين الحقيقيين والآراء الفنية الصائبة، وإلا فإن الساقية ستظل تدور وتدور ولكن في الهزائم والخسائر.
محي الدين شجر