عود ثقاب واحد كفيل بإصلاح الحال.
08-02-2013 08:24 PM
سيف الدولة حمدناالله
أكثر ما يُسيئ لشعبنا أن الذين ينادون له بالإصلاح اليوم هم الذين تسببوا في عطبه وأوقفوا حاله، وأكبر مهانة له أن يكون الذين يطبطبون عليه هم الذين أساءوا إليه، وليس هناك ما يوضح حجم البؤس الذي وصل إليه بعض أفراد الشعب مثل أن يعلقوا آمالهم على الذين صادروا منهم الأمل، وينبغي على الشعب أن يفطن لهذه الحيلة التي تجري هذه الأيام بالحديث عن الإصلاح والإصلاحيين فليس ذلك سوى نصب وإختلاف لصوص، ومحاولة لتصفير العداد ليبدأ حساب عمر النظام من جديد.
الذي يشجّع الإنقاذ في كل مرة لأن تبيع للشعب "الترماي" هو أنها تجد بينهم من يشتريه، وهي تعتقد بأن هذا الشعب يمكن أن ينضحك علينا بكلمة ترضية قبل أن تجف دموع الألم في عيونه، وللإنقاذ ألف حق في ذلك، فقد شاهدت كيف صفح الشعب عن الترابي وعلي الحاج وإبراهيم السنوسي وأخذهم بالحضن ونسى لهم كل شيئ لمجرد أنهم أصبحوا مظاليم ويتحدثون عن الحرية والديمقراطية والعدالة، برغم أن الشعب يعلم بأنه مجرد كلام يخرج من طرف اللسان لا من القلب والعقل، ويعلم أن كل الكبائر التي إرتكبتها الإنقاذ (الإعدامات، الصالح العام وسياسة التمكين، الإعتقالات والتعذيب في بيوت الأشباح) كان ورائها الذين يذرفون أمامنا دموع التماسيح، فإذا كان للإنقاذ حسنة واحدة هي أنها تُسقي أبنائها من نفس العلقم الذي يجرعونه لخصومهم.
من هذا "الغازي" العتباني الذي تتطلع إليه الأفئدة وتنتظر منه أن يقوم بإصلاح أعطاب النظام!! ما الذي كان غائباً عنه كل هذه السنوات ثم صحى من النوم ليكتشف وجوده !! ما الذي جعل "طبيب" مثله يدور على كل المناصب الوزارية والبرلمانية ثم يصحو بعد ربع قرن ليرى مواطن الخلل في تلك المواقع!! ما الذي فعله "المفسدون" ولم يفعله "المصلحون" حتى يستقيم للأخيرين القيام بهذا العمل!!
الواقع أنه ليس هناك مصلحون ومفسدون، فكل أركان النظام من طينة تم عجنها في قالب واحد، فهذه صراعات وخلافات دائماً ما تحدث في عالم العصابات والجريمة، تحركها بواعث الحسد والغيرة والمطامع، وتبلغ أقصى مدى لها في الخصومة والكراهية، ويمكن أن تنقلب هذه المشاعر بنفس القوة إلى ود ومحبة وفق ما تقتضيه ذات البواعث، ولذلك، من الغباء الركون للتحولات التي تحدث في مثل هذه الجماعات لتبنى عليها نتيجة.
ما يقوم به هذا "الغازي" ومثله جماعة "سائحون" كذبة كبيرة ومناورة لتحقيق مكاسب على الأرض في النظام، وقد نجحوا في ذلك، فقد أخذهم الرئيس بالأحضان حتى نسوا ما خرجوا في سبيله – الإصلاح - دون أن يتحقق أي شيئ من ذلك، فقد جاء في الأنباء أن الرئيس قد إجتمع لساعات طويلة مع الغازي العتباني وفعل الشيئ نفسه مع والفريق صلاح قوش والعقيد ود إبراهيم ورفاقه، وأن نتيجة ذلك هي دخول هذه الأسماء كوزراء ومسئولين كبار بالوزارة التي يتنتظر تشكيلها خلال الأيام القادمة.
لقد أتاحت هذه الأحداث الفرصة للنظام للتفكير في خدعة جديدة يطيل بها عمره، وذلك بالتبشير ب "الرؤية" التي يعكف الرئيس للخروج بها لحل (كل) مشاكل السودان، والواقع أن في هذا تيه وقصر نظر ودليل على توطّن الغباء بالنظام، فليس هناك شيئ أهلك الوطن غير "رؤية" هذا الرئيس، فهو رئيس يرى بالمقلوب، والصحيح أنه لا يرى من الأساس، فقد ظل الرئيس يعيش في حالة "إنكار" للواقع الذي يعيشه الوطن وأهله، ويرى كل شيئ بالمقلوب، وبما يُشبه النكتة، تتفشى الرزيلة والجريمة وهو يتحدث عن الفضيلة، وتندلع الحروب ويتغنى بالسلام، يتجزأ الوطن ويبشّر بالوحدة، ينتشر الفساد بين الوزراء وكبار المسئولين وهو يهتف من آخر بلعومه "هي لله".
الشعب لا ينتظر أن يصلح حاله هذا "الغازي" ولا أي من رفاقه بالحكم، فتكفي الشعب فعلتهم في "إنقاذه"، وليست أمام الشعب فرصة لأن ينصلح حاله قبل أن يضرم النار في كل هذه التجربة بعود ثقاب واحد.
سيف الدولة حمدناالله
saifuldawlah@hotmail.com