موضوع: الفراش الحائر من بعدكم يا عثمان..! السبت 7 يونيو 2014 - 17:51
الفراش الحائر من بعدكم يا عثمان..!
محمد عبد الله برقاوي.. bargawibargawi@yahoo.com
إنما الذكرى عبيرٌ حين تغشى الساهرينا.. وربيعٌ فيه سحرٌ ياسر الصب الحزينا . والذكريات هي أيضاً صدى السنين الحاكي. بعض الناس يمضون الى آخراهم وسط مواكب العظمة وبحور الدموع ..فتنبت صورتهم حية فوق اليابسة من بعدهم كشجرة يستظل بها من أحبوهم لأخلاقهم أو صلاحهم أو عطائهم دون منٍ أو أذىً والبعض يظل إبداعهم أياً كان لونه بين ضروب الفنون عبيراً ينعش الوجدان من نفحات ذكراهم التي تأسر القلوب المكلومة على فراقهم ولكن يظل عزاؤها فيما تركوا من أثر لا تمحوه الأيام ! في بداية الستينيات وأنا صبيٌ دون العاشرة وكنت مسحوراً بالمذياع وما يبثه من غناء الى درجة الجنون ..سمعت عمي عبد الله الشهير بالضبيع وكان وقتها شاباً متيماً بالفنان الرائع الراحل عثمان حسين ، كيف أنه شد الرحال من وسط الجزيرة رغم صعوبته وقتها قبل إكتمال شارع الخرطوم مدني ..وتوجه مباشرةً لتحقيق ذروة أحلام شبابه وهو لقاء فنانه المفضل الذي إستقبله هاشاً باشاً فرحاً بمقدمه دون سابق معرفة واستضافه بكل أريحية لعدة ايام بمنزله العامر و كان يصطحبه الى حفلاته ويقوم بتقديم الخدمات له بنفسه ويجلس معه على المائدة ، وحينما إستأذنه ضيفه بالرحيل أوصله الى موقف الخرطوم ثلاثة و أجزل له العطاء بالهدايا مقسماً على عمي الذي تمنع عن ذلك في خجل شديد ! لم تبارح تلك الصورة خيالي إلى أن قيّض الله لى العديد من السوانح لتقديم الرجل في عدة حفلات من خلال عملي التطوعي في أمانة الثقافة بنادي الجالية هنا في مسارح وقاعات عين الخليج الخضراء..فكانت صورة شخصيته الفريدة التي لمستها من قصة عمي قد تجسدت أضعافاً لما وجدته عن قرب والتصاق في الرجل الفنان من جمال الروح والطيبة والبساطة والحياء وهي صفات ثابتة ظلت تتجدد مع سني عمره واتساع خضرة حديقة فنه المتعددة الأزهار التي ترقص مع فراشات العشق الحائرة في عمق ذلك الصوت و عبقريته اللحنية وتربعه الدائم عند قمة المجد الفني على الساحة حتى لحظة رحيله المر وبعده أيضاً ! وكم بات الفراش يا سيدي عثمان أكثر حيرة من بعدك إنت والعمالقة الذين رحلوا معك . وأنتم الآن في رحاب ورحمة العزيز المقتدر ! كنتم قلة وكان جمهوركم الذواق بالملايين يستمتع بعصارة صدقكم الفني غير المصنوع لا في الكلام ولا في الأنغام ولا في الأداء ..وتركتمونا الآن في عصر بات فيه المطربون هم الجمهور الغفير ..أما المستمعون الصفوة الذين إفتقدوا جيد الغناء ..فتأبوا عن سماع رديئه هم العدد القليل ..ألم أقل لكم حقاً حار من بعدكم الفراش ..!
صداح فاروق وراق
موضوع: رد: الفراش الحائر من بعدكم يا عثمان..! الثلاثاء 10 يونيو 2014 - 18:20
التحية ليك با أستاذ برقاوى على هذه الإطلاله و أنت تدق ناقوس الذكرى لرجل مبدع أجمل مافيه -مع أغانيه بالطبع -التواضع ، رحمة الله عليه.