حسن وراق حسن
| موضوع: ظرفاء الصحافة السودانية (جدير بالقراءة) الخميس 24 يوليو 2014 - 18:27 | |
| ظرفاء الصحافة السودانية ظرفاء الصحافة السودانية
[size=18]الاخ االا ستاذ ابراهيم علي ابراهيم صحفي شاطر من الصحفيين الشباب التقيته في صحيفة الايام قبل وبعد ايام الانتفاضة وتواصل اللقاء في دار نقابة الصحفيين شارع المك نمر التي حفظت لنا ذكري ايام خوالي انقطعت بنا الدروب بعد هجمة الانقاذيين وتفرقت بنا السبل .مكث طويلا في القاهرة وعمل بصحيفة الخرطوم .هاجر ابراهيم الي كندا .يحتفظ في ذاكرته بكم هائل من تفاصيل الحياة اليوماتي وظرفاء الصحافة يرجع بنا الي ايام و ذكريات لا تنس مع اصدقاء منهم من قضي نحبه مثل الصحفي النابغة المرحوم حسن كفاح ابن الدتي و صديقي الراحل عبدالواحد كمبال الذي انتظرنيطويلا في مطار الدار البيضاء حتي شق علي نعيه وهو في مهجره بالمملكة المغربية ونتوقع ان يواصل الاستاذ ابراهيم في السرد الشيق لهذه الذكريات الجميلة 07-22-2014 08:25 PM ابراهيم علي ابراهيم
حينما دخلت بعض الدورالصحفية في الخرطوم ، بعد غياب في المنفي استمرلأربعة عشر سنة ، لم اجد سوي احد الزملاء هنا أو هناك ليستقبلني وهو يقول : " ما حتعرف زول هنا غيري انا " .. ، نعم هناك جيل جديد ..وتلك سنة الحياة .. وهناك جيل كامل تقريبا تم أقصاءه بعد وصول الاخوان المسلمين1989..، و هناك بالطبع أبطال جدد جاءوا من خارج " الساحة " .. وأكثر ما أزهلني حالة الصمت المريب وإنكفاء كل المحررين علي مكاتبهم أو كمبيوتراتهم طيلة الوقت .. ، وبلا شك فإن الدكتاتورية تلقي بظلالها " الثقيلة " علي الصحافة بشكل كبير .. ، كما هو الحال في كل المجالات .. ، ولقد شب جيلنا بعد تراخي القبضة الامنية المايوية .. ، ومن ثم سقوطها ومن ثم سنوات الديمقراطية.. ، وكانت أصواتنا .. عالية وكنا أكثر تمردا ونحن نمضي للمساهمة في بناء صحافة حرة من أجل وطن حر .. ديمقراطي ومعافي .. ، ونحمد الله ان هناك مجموعات من الشباب من الجنسين في الاوساط الصحفية اليوم تقاوم ببسالة وتقدم أروع النمازج في الانضباط المهني العالي والعطاء والتضحية.. وهي مجموعات مشرفه بحق.. ، وهي التي ستقود التغيير في الغد .. ، نقول لهم انتم الامل المرتجي ولا تلتفتوا لترهات المداحين والمتملقين وعبدة السلطان .. فهؤلاء لايبنون وطن ولا يملكون اي حلم في التغيير ..وحظهم من الوطنية وشرف الكلمة مبخوس .. فأنتم الامل المرتجي .. * .. نتمني ان تعود الديمقراطية ويعود للصحافة السودانية بريقها وحياتها الصاخبة .. وأجواءها الجميلة التي لا تعوض .. فعشاق الصحافة لايبدلونها بأية مهنة أخري وكما كان يردد أستاذنا الراحل توفيق صالح جاويش مقولة : " الصحافة زوج غيور " .. وهو شيخ ظرفاء الصحافة وهو أحد أستاذة الجيل , كان رئيسا لقسم الاخبار في جريدة الصحافة .. * .. طلب مني يوما الذهاب لتغطية مؤتمر صحفي لأحد وزراء مالية مايو .. ، فقلت له : " ما ماشي " قال لي : ليه ؟ : قلت له : " هذا الوزير كذاب .. والاستماع له مضيعة وقت ساكت .." ، رد علي : والله ياولدي الأرقام البكتبها في طربيزتي دي في سنه ، تعادل ميزانية الكويت في عشرة سنوات .. ، قوم أمشي بلا كلام فارغ معاك .. ، نحن هنا قاعدين عشان نحافظ علي المهنه لا أكثر . * الاستاذ قيلي أحمد عمر الذي عشنا معه في صحيفة الخرطوم أخريات سنوات عمره الحافل بالعطاء الصحفي .. ، كان يأتي الينا في مكتبنا يوميا وهو يحمل إحدي القفشات التي يستنبطها من إحدي الصحف ، ويقول لنا علي سبيل المثال : ما سمعتو الخبر ؟ نقول : لا .. يقول : " أعلنت الحكومة .. حرق فاتورة الشاش .. " أي ان الحكومة لن تستورد بعد اليوم شاش طبي . تصوروا ؟ .. ويقول في أخري : هل أستمعتم الي " رامبو " في إحدي خطبه .. ، فهو يقول : السلام علي رسول الله ( ص ) وأهله .. " والصحيح بالطبع السلام علي رسول الله ( ص ) وآله .. ". وكان يأتي اليه البروفيسور الراحل علي المك وينادي عليه بالشباك قائلا : " أحبها وتحبني .. " فيرد عليه : " وتحب ناقتها بعيري " .. ويدخلا في مسامرة تستمر لوقت طويل .. وكان يكرم ضيوفه في مكتبه ببلح الشماليه الذي يعبأه في إناء زجاجي محكم الاغلاق فيصير رطبا لذيذا .. , فمشكلة الطعام في الصحافة السودانية مشكلة تاريخية .. " وربما هي التي تقصر آجالهم .. حيث يستمر العمل لساعات طوال النهار والليل دون ان يتوفر أي قدر من الطعام " علي جيلنا " ولسنا مثل الصحفيين في العالم .. ، ففي الاهرام القاهرية مثلا يوجد طابق كامل به مطعم " خمسة نجوم " حينما كان يدعونا الاصدقاء في القاهره كنا نأسي لحالنا .. وكان ألاستاذ توفيق صالح .. يقسو علينا - من محبته بالطبع - صديقي العزيز محمد محمود راجي وانا ويوكل لنا " دوام " الجمعه من كل اسبوع لإعداد الصفحة الاولي .. وكان حينما يضربنا الجوع نذهب الي السوق العربي سيرا علي الاقدام كي نعود بطبق فاصوليا .. ، وكان راجي يشتاط غضبا وهو يقول لي : " والله ده سبب كافي .. انو نسيب مهنه العذاب دي " .. * من ظرفاء الصحافة أيضا صديقنا المرحوم حسن علي مزير .. والشهير بحسن كفاح .. كان يجيد العربية .. القديمة والانكليزية وهو صديق للبروفيسور الراحل عبد الله الطيب .., عمل حسن في سونا مع الطيب مصطفي .. سأل حسن يوما : " يا حسن ما شفت خبيراتي .. أرجني هنا ما فيشات .." رد عليه حسن : أرجني ... ؟ ماهذه اللغه .. ؟ .. ، إنك تسوس الاخبار بعقلية راعي إبل .!!!. * أجري حسن مقابلة مع الدكتور حسن الترابي .. ، إبان سطوة الترابي الانقاذية .. ، وأثناء المقابلة قال له حسن : لكن يادكتور انت قبل كده قلت كلام عكس ده .. " في قضايا إمامة المرأة وغيرها " .. ، قلته لصحيفة كينية ..انت قايل الناس مابقروا انجليزي ولا شنو ؟ فسأله الترابي : إنت شغال وين ؟ رد عليه في سونا للأنباء .. ، قال له الترابي : ما خايف علي أكل عيشك ؟ رد حسن : إنشالله أتشرد في الامصار .. ولملم أوراقه وخرج منه .. !!!. .. * وعلي أيام الانتفاضة منتصف الثمانينات فرضت عليه الادارة إجراء حوار مع ابوساق , ولم يكن راغبا في ذلك ، لكنه ذهب وجلس اليه وسأله سؤال .. وأنبري ابو ساق يتكلم .. ثم توقف فقال له : شايفك ما فتحت المسجل .. ؟ فرد عليه حسن : لانو كلامك سخيف .. ، فماكان من ابوساق الا ان يهيج ويقوم بطرده : أطلع بره يا ( .. ) .... فخرج وهو يهتف هتاف المتظاهرين : كسر الساق لابو ساق .. وكان قد أعلن في راديو امدرمان انه سيضرب المتظاهرين بالشباشب كما تضرب العناكب .. فتخيلوا .. * ذهب حسن في رحلة الي الصين مع نائب الرئيس " العسكري .." .. يقول حسن ان الشعب الصيني وقياداته لا يهتمون بالملبس او البروتوكولات كثيرا .. ، إذ كانوا كلهم يرتدون البذات الزرقاء .. يقول في إحدي جلسات المباحثات .. ، كنت مشغولا ببهو القاعات .. والفن الصيني .. في صحن القاعة .. ، وإذ " بالياور" المساعد الخاص بالنائب الاول يأتي ليهمس في أذني : النائب الاول بيقول ليك نزل القلم من أضانك ..، فرد عليه حسن : أمشي قول ليهو راسي ولا راسك ..؟ .. ، لكنه رد عليه بعنف .. احسن ليك تنزل القلم .. ، رد عليه حسن : تعال .. تعال .. أمشي قول ليهو انا راسي فيهو قلم .. انت راسك فيهو شنو .. ؟ * كنا نحضر احد المؤتمرات الصحفية لأحد وزراء الخارجية .. ، وكلما سألوه عن قضية ما حاول التهرب من الاجابة .. ، ولم تكن هناك ردود قاطعة .. فقال لي حسن : قوم قوم يا اخي .. ده تضييع للوقت ساكت .. ، وكان ذلك علي مسمع من الجميع حتي الوزير نفسه .. ، وواصل قائلا : مؤتمر صحفي ما بجاوبوا فيهو علي الاسئلة زي السندوتش الفاضي .. قوم أرح .. وأنفجرالزملاء والزميلات من حولنا يضحكون ، وخرجت معه وانا اتفجر من الضحك .. * كان حسن يغطي السهرة في وكالة السودان للأنباء " ديوتي " وفي السادسة صباحا وهو يهم بالخروج من البوابه , يفاجيء بالمدير ، المعروف بولاءه للنظام المايوي ، ولم يكن العاملين يحبونه .. ، فقال له حسن : " والله ده صباح جميل الواحد يتصبح بي و شك .. " .. ّ!.. فوقف المدير حائرا ..يتلفت .. .... * ذهب يوما للصديق والزميل عبد الواحد وراق وهو يشتاط غضبا وقال له والله الليلة شعرت إني جزمه بس .. ، سأله وراق : السبب شنو ؟ قال : لأني مشيت بنك فيصل .. ما عارف الوداني شنو ؟ .. وعلي العلي لمن جيت مارق قابلني المدعو الشيخ عبد الجبار ( ... ) تصور ؟ * .. أعز الاصدقاء الصحفي الراحل وديع خوجلي ، كان نظيفا طاهرا نقيا ويتميز بشجاعة نادرة في حياته وفي كتاباته ، التي جلبت له الكثير من المشاكل وقادته للمحاكم ، وكنا علي أيام الديمقراطية الثانية نعمل معا في جريدة السياسة ، وشن الكثير من الهجوم علي مؤسسات الدولة الخارجة من نفق الديكتاتورية أوانها .. ، ومن بينها " شركة الطيران .. " ، والتي ظلت تبعث بالرسائل ردا علي ما يكتبه وديع .. لكنه أستمر في الهجوم عليها .. ، مما أضطر الشركة لفتح بلاغات ضده .. وصارالسيد خالد فرح رئيس مجلس ادارة صحيفة السياسة في كل يوم ينادي علي وديع : " يله يا وديع المحكمة .. ما عندنا شغل غير وديع والمحاكم .." .. ، وحينما عاد من المحكمة يوما سألته : الحصل شنو؟ مد إلي مقال جديد كتبه بعد عودته من المحكمه .. ، وانا أضحك .. قلت له : يا أخي أعمل حسابك .. تجيك هجمه مرتده .. ، فضحك وهو يقول لي بلهجته الساخرة : " ما تخاف علي .. ، ديل ناس بيوتهم من قزاز .. ما بقدروا يعملوا حاجه " . * من مشاكساته أيضا انه ظل يهاجم تيتاوي .. ويتبادلان الهجوم كل منهم عبر صحيفته ، ولم يكن تيتاوي يعرفه ، وبعد ان ضاق به ذهب إليه في الصحيفة .. ، وكان وديع خارجا .. التقاه في مدخل الصحيفه ورآه يحمل عكاز .. وسأل تيتاوي وديع نفسه : وين وديع ؟ : رد عليه وديع : جوه .. جوه.. ، وجاءني مهرولا في مكتبي بصحيفة الخرطوم .. وهو يقول لي : " عامل فيها ديمقراطي وعاوز يحاور بالعكاز ..." ...؟؟؟؟ * .. عملنا معا في احدي الصحف مع انسان لا علاقة له بالصحافة .. ، يملي عليه فيكتب .. فكتب وديع لافته وعلقها في الحائط خلف مكتبه وفيها بيت الشعر القائل : " من إرتدي ثوب الصحافة خدعة .. لابد يوما ان يجرد عاريا .. " فجاء وقرأها وضحك .. وقال ده وديع .. مش كده ؟ .. *جاء صديقنا الصحفي والشاعرعزمي احمد خليل في إجازة الي القاهرة وهو يحمل الهدايا للزميلات الصحفيات فقط .. ، وهذا بالطبع أغضب وديع .. ، بعد ايام من وصول عزمي وتوزيع الهدايا .. ، أتصل وديع بكل الزميلات وهو يقول لهن " عزمي قال ليكم ترجعوا ليهو الهدايا بتاعتو لأنكم ما اهتميتو بيهو ولا شكرتوه .. وهو زعلان جدا " .. فأتصلن به ليعرفن الموضوع .. ، فعرف عزمي الفاعل علي الفور .. ، وقال لهن : " ده وديع ..مش كده. ما في زول بعمل حاجه زي دي غيره .. أصبروا ليهو " .. * ..ذهب وديع مع الدكتور الباقر احمد عبد الله المدير العام لصحيفة الخرطوم وحضرا مؤتمرا صحفيا .. ، وبعد عودتهما الي المكتب .. ، طلب من وديع صياغة تقرير عن المؤتمر .. ، وظل يلاحقه : " لسه يا وديع .. التقرير ما خلص .. " ثم يعود اليه كل بضعة دقائق .. ، فزهج وديع وقال له : " يا اخي انا مأجر منك عجلة ؟ فانفجر د. الباقر بالضحك .. ، وخرج .. التفت وديع الي وقال : والله دكتورالباقر ده تقول في منو نسختين ّ!! وحقيقة د. الباقر يتمتع بنشاط وافرولا ينام كثيرا , حينما سألوا عنه المرحوم الطيب صالح وقد كان صديقا له قال : الباقر عنده همة عاليه .. * .. أخذ معه يوما صديقنا الراحل زين العابدين احمد محمد " رحمه الله " ليبيت معه في منزله بالقاهرة .. والزين عكس الباقر لا ينام مبكرا .. وبعد ان نام الباقر , بدأ الزين في قراءة الصحف حتي الفجر حينها استيقظ الباقر وتجهز للخروج .. وقال للزين " قوم نطلع " .. رد عليه الزين : نطلع وين ؟ يادكتور انا لسه الجرايد ما كملتها .. وما نمت .. تقول لي نطلع ...؟؟؟ أشهر العائدين من المنفي بعد سقوط مايو صديقنا الراحل عبد الواحد كمبال .. وقد كان عمدة الصحافة .. ، يحكي انه كان مع مجموعة من الصحفيين والكتاب كانوا يسهرون حول حوض السباحة في فندق الواحة بالخرطوم ، حينما استأذن المرحوم د. خالد الكد في سيارته لمشوار عاجل .. ، وحين عودته وجد ان الوقود في السيارة قارب علي النفاذ فوقف في طلمبة " سانجيمس " . فقال له شخص من الجهة الاخري في الطلمبة : " يا ابن العم تبيع السيارة دي ؟ " .. قال له كمبال أيوه .. ، أتفقوا علي السعر وأعطاه السيارة .. وذهب للفندق وفي نهاية السهرة .. دفع كمبال الحساب .. ووضع للكد مبلغ في جيبه وهو يقول له : " ده باقي عربيتك " .. فضحكوا وأكملوا بقية السهرة سيرا علي الاقدام . * .. جلسوا يوما في كافتيريا المحطة الوسطي .. وكلهم في حالة إفلاس تام ..خالد الكد وعمرالدوش ومحمود محمد مدني وكمبال وغيرهم ، فأهتدي كمبال لفكرة يقول انه أعطي شرطي مبلغ 25 قرشا وأقتطع من دفتره ورقة بلاغ وإحضار لصاحب إحدي شركات الاسطوانات التي سجلت أغنية الود التي كتبها الشاعرالدوش ولحنها وغناها وردي ، فذهب الشرطي ومد البلاغ لصاحب الشركة .. وهنا دخلو ا كلهم عليه .. فما كان منه الا ان يرحب بهم .. " ويا اخوانا باركوها " أعطاهم المبلغ .. ، ومنحوه لخالد الكد ليذهب به شهر العسل الي كسلا وذهب معه مجموعة منهم . رحم الله الجميع . نواصل في حلقة أخري . ------------------------------- aliibrahim1958@msn.com [/size] | |
|