داعش في الحصاحيصا
() الحصاحيصا تلك المدينة الصغيرة جدا ، المدينة الترانزيستور التي ولدت بأسنانها وفي فترة وجيزة صارت زهرة لمدن الجزيرة ذات نكهة خاصة تفتح أحضانها للجميع ولا تستطع منها فكاكا . مدينة سر جمالها في تنوعها . لها سحر خاص يتخلل مسامات الروح ويسكن أعماقها . مثلما كانت مصر هبة النيل فان مدينة الحصاحيصا تعتبر هبة مشروع الجزيرة تفتحت كزهرة الأقحوان في العام 1908 عندما تمددت خطوط السكة الحديد لنقل آليات و معدات خزان سنار لري مشروع الجزيرة .
() قبل هذا التاريخ كانت الحصاحيصا ارض جرداء بور بلقع تقع خارج أطماع ونفوذ قبيلتي الحلاوين التي تحدها من الشمال والشنابلة من ناحية الجنوب كأكبر قبائل المنطقة التي تركوا فيها ظلالهم و بصماتهم الواضحة بالإضافة إلي هجرات قبائل رعوية مختلفة وجدت الأمن والأمان لا يتنازعون حول الماء والمرعي كقبائل الدباسين والشكرية وبعض من البطاحين وكذلك مجموعات من البديرية والدناقلة من تجار (العيوش) وبحارة المراكب و عدد من بطون القبائل الاخري الذين يفرض عليهم قحط البطانة الخروج إلي بلدات الجزيرة ..
() في فترة وجيزة استطاعت الحصاحيصا أن تنمو كمدينة عصرية بفضل مشروع الجزيرة الذي أقيمت رئاسته الثانية بعد بركات في الحصاحيصا حيث تحتل إدارة المشروع حوالي ربع مساحة المدينة الحالية التي أقيمت فيها مكاتب ومنازل العاملين وسرايات المفتشين وكنابي العمال بالإضافة إلي المحالج ومطارات القطن والهندسة الزراعية ومصلحة الجيولوجيا وإكثار البذور ومكافحة الآفات والمخازن والورش. كل هذا (العمار) جلب معه العنصر البشري المتخصص والمتحضر من جميع أنحاء البلاد ليشكلوا نواة فريدة لتجمع سكاني فريد .
() بعد قيام مشروع الجزيرة تزامنت معه هجرات من كافة أنحاء البلاد للعمل الموسمي والثابت جاءوا من قبائل شمال السودان فكانت هجرة الجعليين وفروعهم لنقل تجربة زراعة القطن في الزيداب وبعدهم جاءت قبائل الشايقية لممارسة أعمال الري والزراعة والتجارة وجاءت مجموعات موسمية من قبائل دارفور و كردفان ومن شرق البلاد لتستوعبهم الحصاحيصا و تتفاعل مع ثقافاتهم و تهضم كل هذا التنوع الهائل وحتى العاملين بالمحلية كانوا من الكفاءات العلمية والعملية الذين أداروها بكل أمانة و إقتدار .
() وكما أسلفنا القول بأن الحصاحيصا هبة المشروع فبعد انهيار المشروع انهارت الحصاحيصا. ما بقي من موروث كان من الممكن الحفاظ عليه ، يتعرض الآن للطمس والتشويه والترييف . الحصاحيصا الآن تتريف علي يد أحد الضباط الإداريين الذي له أكثر من 7 أعوام متحصن من النقل ، تسنده جهات من الولاية تعصمه من النقل رغم شكاوي أهل الحصاحيصا التي تحولت إلي قرية قبيحة وخاصة السوق الذي أصبح عشوائية تمارس فيه ما يروق لك بعد أن (تدفع) . أكثر من 7 معتمدين عجزوا تماما عن نقل هذا الإداري الذي يشوه في زهرة المدائن لأنه يغدق عليهم من الجبايات التي يتحصل عليها بأسلوب باشبوذقي لئيم ..
نواصل
() أي موظف تربطه الوظيفة بعلاقة مباشرة مع الجمهور لا ينبغي أن يظل في وظيفته أكثر من عام حتي لا (يُضَرِّس) في الوظيفة لمصلحته الخاصة . كثير من القيادات تتحايل علي القوانين واللوائح بالإبقاء علي بعض الموظفين اكبر مدة ممكنة في الوظيفة التي لها علاقة بالجمهور . القيادات العليا أصبحت مستفيدة و منعمة مما يجود به (صغار) هؤلاء الموظفين من عطايا مالية وعينية و (كسير تلج) ليبقوا في الوظيفة أطول فترة ممكنة ولكن مهما كان لا يمكن أن تصبح هذه المدة سبعة أعوام يتربع فيها مسئول بوحدة الحصاحيصا الإدارية يفعل ما يريد دون رقيب أو حسيب متحديا الجميع .
() ما يجري في وحدة الحصاحيصا الإدارية والتي تسمي وسط الضباط الإداريين ب (الكويت) نظرا لثرائها كوحدة إدارية (مطلوقة ) يفوق الوصف .لقد بلغ التسيب الإداري في هذه الوحدة حدا لا يمكن تخيله علي الرغم من وجود مدير تنفيذي إلا أن كل هذه الوحدة الإدارية يديرها بصفة فردية نائب المدير التنفيذي والذي يقوم بكافة المهام (الصعبة) يصدق ويتحصل ويتصرف يعز من يشاء ويذل من يشاء . رسخ أسوأ الانطباعات عن وظيفة الضابط الإداري و أجبر الكثيرين من زملائه مغادرة الوحدة الإدارية لأنه المهيمن بصورة تؤكد أن المسئولين بالمحلية وبالولاية يشجعونه علي هذا (الانفراد) لأنه يجيد (حلحلة) مشاكلهم .
() لان وحدة الحصاحيصا تعتمد علي الجبايات بعد توقف الاستثمار وتعطل الصناعة ، فقد وجدوا ترزية لتفصيل الأوامر المحلية حيث تبلغ الزيادات في الجباية والرسوم أمر لا يمكن احتماله أثقلوا بها ظهر المواطن المسكين . ليت كل هذه المتحصلات المالية تنعكس في شكل خدمات علي المدينة ولكنها تذهب للتسيير لأنهم درجوا علي سياسة عدم توريد المتحصلات لخزينة المحلية إلا فواتير فقط لأنهم يقومون بتجنيبها للصرف عليها دون ضوابط معروفة بطريقة (الجنين خارج الرحم ) في انسجام تام مع مسئول حسابات ظل لصيق (جدا) بهذا المدير رغم أنه تقاعد بالمعاش ولكن تم الإبقاء عليه حتي لا يفك أحدهم شفرة دافنشي الحسابية .
() مساحة السوق الصغيرة وطول شوارعه المسفلت لا تتجاوز الكيلومتر تسير فيه أكثر من 3500 ركشة و2500 كارو حمار وحصان و 2000 درداقة أصبحت متاجر متحركة وكم هائل من الفريشة الذين يبيعون الخضر والفاكهة فوق الأرض الملوثة وآلاف الباعة المتجولة الذين أغرتهم الفوضى و (البلصة) للنزوح إلي الحصاحيصا التي أصبحت لا تحتمل كل هذه الفوضى . هذا المسئول المتهم بترييف و تشويه الحصاحيصا قام بتحويل مساحة في منتصف السوق إلي زريبة للبهائم كل هذه الفوضى من أجل رفع التحصيل والجبايات عبر متحصلين أصبحوا حديث المدينة بعد أن (زبطتهم ) المراجعة . كل هذه الفوضي من (إبداع ) هذا الإداري الذي أصبح يسخر من الجميع و لم يتبقي له إلا أن يقول لأهل الحصاحيصا والمسئولين (طُز) فيكم .