لا أعتقد أن شروط ومعايير الترشح للانتخابات الرئاسية كانت شاملة وكافية لمنع إيذائنا النفسي كمواطنين بعد أن تتحول أحلامنا وأحلام الوطن إلى مشاهد (فنتازيا) مستفزة لعقول ومشاعر المواطنين تنتجها خيالات مضطربة أو مصابة بأمراض الشهرة والظهور .. كان من المفترض ومن باب الحرص على صورة السودان وتأريخه أن يخضع الراغبون في الترشح للانتخابات الرئاسية لكشف طبي عام يركز على سلامتهم العقلية والنفسية والجسدية أيضاً.. حتى لا يدفع الوطن من عزيز سمعته وتأريخه ثمن (تكملة) العدد ..
ولا أقول هذا الكلام من باب الاستهداف السياسي لهؤلاء، لأنني والله لا أعرف معظم هؤلاء المترشحين الرئاسيين ولم التق- ولله الحمد على تلك النعمة - بهم أو أجلس مع أحدهم من قبل، لكن وبصراحة فإن قضايا السودان والسودانيين - آلامهم وأحلامهم - لا يجب ولا يليق أن تتحول إلى مادة لإنتاج مقاطع العبث والهبل السياسي.. وحين يخرج بعض هؤلاء ببرامج انتخابية هلامية لا يقبلها العقل ويتحدثون عن قدرات خارقة يمتلكونها ووعود خرافية وأرقام خيالية، فإن هناك احتمالين.. إما أن يكون هذا الشخص يحاول وبوعي أن يمارس نوعاً من الخداع المفضوح والبائن للجميع، وبالتالي يكون هذا الشخص مداناً ببث الكذب والتضليل.. وإما في الاحتمال الثاني أن يكون غير مدرك لما يتحدث به من قول، وهو في هذه الحالة مريض ويحتاج لمراجعة طبيب نفسي يباشر علاجه .
لا يجب أن نسمح ببث الوعود غير المنطقية والمستحيلة في وسائل الإعلام.. حتى لا نكون جـــــــزءً من عملية التضليل والدجــــــــــــل على المواطنين الذين يكفيهم ما هم فيه من معاناة ومقاساة الحياة .. مجموعات من الدجالين و(المستهبلين) يزحمون بوابات الوصول إلى الشهرة في بلادنا ولا يواجهون أية صعوبة في تحقيق أهدافهم لأننا شعب طيب لا يحرج أحداً.. وليست هذه الظاهرة حصرية على نجومية السياسة، بل أكلوا أحلامنا لحماً وألقوا بها عظماً في الرياضة والسياسة وحتى المجالات الإبداعية.. بقليل من المال وكثير من الوهم..
لكن ما نطالعه من وعود خرافية تتضمنها برامج بعض المرشحين من النكرات يدين أولئك الذين يشرفون على هذه الانتخابات وعلى قبول طلبات الترشح بفشلهم في وضع معايير حقيقية لتقديم مرشحين جادين يريدون خوض منافسة انتخابية حقيقية ويطرحون برامج ممكنة التحقيق وطموحات منطقية .. يحدثوننا بلغة تحترم عقولنا وتقدر حجم معاناتنا وتراعي مشاعر شعب صابر يبحث عن أمل حقيقي يتعلق به ويعمل لأجل تحقيقه.. برامج انتخابية غير منطقية وأخبار سخيفة نطالعها هذه الأيام ولا نعرف هل ننفعل بالغضب من هذا النوع من الاستفزاز لعقولنا.. أم نشفق على حالتهم الصحية والنفسية.. حمانا الله وعافانا.؟
شوكة كرامة :
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
جمال علي حسن / اليوم التالي 2015/3/13 م.