من عجائب الدكتور عبد الله علي إبراهيم انتماؤه للحزب الشيوعي وغضبه حين أُخلي، مع سعيه الحثيث لتطبيق الشريعة في مسلمي السودان، ناقداً شريعة نميري ومنادياً المسلمين للتلاحم من أجل تطبيقها، عبر مجلس تشريعي خاص بهم.. أعجب من ذلك أن سيادته، يستشعر الخطر على الإسلام، كما يستشعره محمد مرسي، ولأجل حماية الإسلام ، يترشح سيادته لرئاسة الجمهورية، انطلاقاً من ماركسيته الفكرية! لا خوف على الإسلام إلا من الأخوان، ومن يتحدث بهذه الطريقة، يخاف على أجندة تخصّه.. في بلاد الغرب، وفي ملتقيات الأخوان، يظل معتداً باسلامويته وماركسيته معاً وكداعية ثوابت، ناضل تحت مظلة أستاذه عبد الخالق ــ لا الحزب ــ وقدم بذاك النهج، تجربة جديرة بالاعتبار.
ظاهرة عبد الله علي إبراهيم، ظاهرة تستحق الإهمال حتى تموت، لكنه ملء السمع والبصر في القنوات الخليجية هذه الأيام.. أي مساجلة معه لا جدوى منها.
أنظر إلى أحوال بحر أبيض مع الكوليرا وغول السوق في رمضان، فالهذيان مع هذه الحالات لا جدوي منه.. إنّه الهذَيَان المَانَوي بصحيح.. سياسي، أديب وناقد، و ليس لديه موضوع غير حب الظهور في حقبة يعلو فيها تمشدق المتسلقين وتكثر فيها خطرفات المثقفين السبهللين.. مثقفون يطول بهم العمر ويقصر دونهم الأمل. هو شيوعي و يكني عبد الخالق بـ (أستاذنا) و في نفس الوقت ينادي بتطبيق الشريعة، بـ “السفر البودر جملك، ولا القعاد البوم”. سبعيني وعينه على الكاميرا. أستاذ مسرحي صاحب مزاج إستراتيجي، وكوز أكثر من إبراهيم السنوسي.
سبعيني وعينه على الناخب البسيط لعلمه أن الغالبية تصدق الخطاب المنافح عن الدين، انتهازية مثقف رفيع، غارق في ذاتية تنتهي إلى حفيف البركات.. شعوبي، عنصري، يعاني خرف درويش الحلبة الذي يهزج ويبكي ويترجم ويبرطع، حسب مقتضى الحال.. يدي الدلوكة عصا ويدي المناحة وصا. يتحاذق ولايستشهد بالأحياء من مجايليه. يتذاكى ممسكاً العصى من المنتصف.
يبكي ويصبح في الحلبة، ثم يذهب بالصباح لفطور المريسة، يتحدث عن جده وابو امه وأبو دجانة، وعن العروبة وووو، وغير ذلك من دفوعات حسين خوجلي وغازى سليمان عن أبو عصاية أو أبو طوواويس.. لو إكتفى بالحديث عن الأنثربولوجيا والفكلور، لكفانا شر تناوله كظاهرة.
هذا الكوز “ المُختلِف” يود أن يُبارك له الشعب كل تاريخه.. رحلته من الماركسية إلى الإسلام السياسي.. عند الماركسية يفصل بين عبدالخالق محجوب والحزب، وبين إسلامه وإسلام الجماعة التي إنتمي اليها دون اعتراف.
الإسلاميون عرضوا الإسلام للخطر، لكنه لا يقرر ذلك وينزع نحو استنارة زينية، يهاجم د. منصور خالد بتهمة التجسس ويغض الطرف عن جواسيس شغالين عديل، ماشين قِدامو، وما يقدر يقول لإخوانه: فصلتو الجنوب ليه؟
ازدواج يجمع النقائض، كأن يكون ماركسيا ويدعو إلى تطبيق شرع الله.
يدعو للحياة الليبرالية ويتماهى مع نظام شمولي.
يدعي حبه لعبد الخالق ويكيد لحزبه.
عندما تمت تصفية الحزب الشيوعي باغتيال قادته اختار عبدالله أمريكا.. هذا هو الوجه الآخر لأحمد سليمان، والله المستعان.
عبد الله الشيخ / الراكوبة