بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، ربّنا لك الحمد كما خلقتنا ، ورزقتنا ، وهديتنا للإسلام ، وعلمتنا ، وأنقذتنا ، وفرّجت عنّا . لك الحمد بالإسلام والقرآن ، لك الحمد بالأهل والمال والمعافاة . بسطت رزقنا ، وأحسنت معافاتنا ومن كل ما سألناك ربّنا أعطيتنا ، فلك الحمد علي ذلك حمدا كثيرا . لك الحمد بكل نعمة أنعمت بها علينا . لك الحمد حتي ترضي ، ولك الحمد إذا رضيت ..
سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنّك أنت العليم الحكيم . نحمدك سبحانك ونستغفرك ، ونشهد أن لا إله إلا الله رب الجود والكرم . ونشهد أن سيدنا محمدا رسول الله دعا إلي شكر المنعم ، صلي الله عليه وسلم وعلي آله وأصحابه الطيبين الطاهرين . اللهم صلّ علي سيدنا محمد الفاتح لما أغلق ، والخاتم لما سبق ، ناصر الحق بالحق ، والهادي إلي صراطك المستقيم ، وعلي آله حق قدره ومقداره العظيم
وبعد .. هذه وقفات قصيرة مع بعض الأحاديث الشريفة ، جمعتها لكم – إخوتي في الطريق – راجيا قبولها وأن تنال من قبل رضا رب العالمين ، وأن يكون ثوابها لرسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ولأساتذتنا وشيوخنا وأخوتنا في الطريق .. إنّه سميع قريب مجيب .
عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : ( لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ، ما طمع بجنته أحد . ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد ! )
وعن أبي العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : ( كنت خلف النبي صلي الله عليه وسلم يوما فقال لي يا غلام ، إني أعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده اتجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمّة لواجتمعت علي أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا علي أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك . رفعت الأقلام وجفّت الصحف . )
وفي رواية أخري لغير الترمزي : ( احفظ الله تجده امامك ، تعرف إلي الله في الرخاء يعرفك في الشدّة ، واعلم أنّ ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وما أصابك لم يكن ليخطئك ، واعلم أن النصر مع الصبر ، وان الفرج مع الكرب ، وأن مع العسر يسرا )
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ( إني أري ما لا ترون ، أطّت السماء وحق ّ لها أن تئطّ ، ما فيها موضع أربعة أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله تعالي والله لو تعلمون ما أعلم ، لضحكتم قليلا ، ولبكيتم كثيرا ، وما تللذذتم بالنساء علي الفرش ، ولخرجتم إلي الصعدات تجأرون إلي الله تعالي ! )
وعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه : عن النبي صلي الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربّه عز وجل أنّه قال :
( يا عبادي : إني حرمت الظلم علي نفسي وجعلته بينكم محر!ما فلا تظالموا . يا عبادي : كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم . يا عبادي : كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم . يا عبادي : كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم . يا عبادي : إنّكم تخطئون بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعا ، فاستغفروني أغفر لكم . يا عبادي : إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني . يا عبادي : لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا علي أتقي قلب رجل منكم ، ما زاد في ملكي شيئا . يا عبادي : لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا علي أفجر قلب رجل واحد منكم ، ما نقص من ملكي شيئا . يا عبادي : لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد ، فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر . يا عبادي : إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ، ثم أوفيكم إيّاها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله عز وجل ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه . )
وعن أنس رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : قال الله تعالي : يا ابن آدم ، إنك ما دعوتني ورجوتني ، غفرت لك علي ما كان فيك ولا أبالي . يا ابن آدم ، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني ، غفرت لك . يا ابن آدم ، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا ، لأتيتك بقرابها مغفرة . )
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : عن النبي صلي الله عليه وسلم ، فيما يرويه عن ربه عز وجل ، قال : ( إن الله كتب الحسنات والسيئات ، ثم بين ذلك : فمن همّ بحسنة فلم يعملها ، كتبها الله له حسنة كاملة ، فإن هو همّ بها فعملها ، كتبها الله عنده عشر حسنات إلي سبعمائة ضعف ، إلي أضعاف كثيرة ومن همّ بسيئة فلم يعملها ، كتبها الله له عنده حسنة كاملة ، فإن هو همّ بها فعملها ، كتبها الله سيئة واحدة . )
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم
لما قضي الله الخلق كتب في كتابه علي نفسه ، فهو موضوع عنده : إنّ رحمتي تغلب غضبي . )
الخاتمة :
قال صلي الله عليه وسلم : ( من ابتلي فصبر ، وأعطي فشكر ، وظلم فغفر ، وظلم فاستغفر ثم شكر. ( ثم سكت ) قالوا ، ما له يا رسول الله ؟ قال : أولئك لهم الأمن وهم مهتدون . )
اللهم يا غالبا علي أمره ، ويا قائما فوق خلقه ، ويا حائلا بين المرء وقلبه ، حلّ بيننا وبين الشيطان ونزغه ، وبين ما لا طاقة لنا به من أحد من خلقك ، كف ألسنتهم ، واغلل أيديهم وأرجلهم ، واجعل بيننا وبينهم سدّا من نور عظمتك ، وحجابا من قدرتك ، وجندا من سلطانك ، إنّك حيّ قادر .
إلهي .. لطفت فيسرت ، وأنعمت فجبرت كل كسير ، فلطفك بنا في أمورنا ابتداء فتمم لطفك بنا في أمورنا انتهاء . إلهي .. إن أطعناك فبفضلك ، وإن عصيناك فبجهلنا . مننك متواصلة إلينا ، والحجة قائمة علينا . يا من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، أجر لطفك بنا في جميع الأمور ، فكما كنت دليلنا إليك ، فكن شفيعنا لديك . إلهي .. جودك دلّنا عليك ، وإحسانك قرّبنا إليك ، نشكو إليك ما لا يخفي عليك ، ونسألك ما لا يعسر عليك ، إن الحكم إلا لك ، وإن المشتكي إلا إليك ، إذ علمك بحالنا يغني عن سؤالنا .
يا مفرّج عن المكروب كربه ، فرّج عنا ما نحن فيه . يا من ليس بغائب فننتظره ، ولا بنائم فنوقظه ، ولا بغافل فنذكّره ، ولا بعاجز فنمهله . يا عالما بالجملة وغني عن التفصيل ،كفي علمك عن المقال ، وكفي كرمك عن السؤال .. انقطع الرجاء إلا منك ، وخابت الآمال إلا فيك ، وانسدت الطرق إلا إليك
يا الله ! يا سميع ، يا قريب ، يا بصير ، يا مجيب ، اغفر لنا ، وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين ، ويسّر لنا رزقنا ، وسخّر لنا خلقك ، إنّك علي كل شيء قدير ، وصلي اللهم بجلالك وجمالك علي سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ، ناصر الحق بالحق ، والهادي إلي صراطك المستقيم ، وعلي آله حق قدره ومقداره العظيم .
سبحان ربك رب العزّة عما يصفون وسلام علي المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .