| غادة السمان | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
Enas Adawi
| موضوع: غادة السمان السبت 21 نوفمبر 2009 - 17:09 | |
| غادة أحمد السمان هي كاتبة وأديبة سورية ولدت في دمشق عام 1942 لأسرة شامية عريقة, و لها صلة قربى بالشاعر السوري الكبير نزار قباني. والدها الدكتور أحمد السمان حاصل على شهادة الدكتوراه من السوربون في الاقتصاد السياسي و كان رئيسا للجامعة السورية و وزيرا للتعليم في سوريا لفترة من الوقت. تأثرت كثيرا به بسبب وفاة والدتها و هي صغيرة. كان والدها محبا للعلم و الأدب العالمي و مولعا بالتراث العربي في الوقت نفسه، و هذا كله منح شخصية غادة الأدبية و الإنسانية أبعادا متعددة و متنوعة. سرعان ما اصطدمت غادة بقلمها و شخصها بالمجتمع الشامي ( الدمشقي ) الذي كان شديد المحافظة إبان نشوئها فيه.
أصدرت مجموعتها القصصية الأولى "عيناك قدري" في العام 1962 و اعتبرت يومها واحدة من الكاتبات النسويات اللواتي ظهرن في تلك الفترة، مثل كوليت خوري و ليلى بعلبكي، لكن غادة استمرت و استطاعت ان تقدم أدبا مختلفا و متميزا خرجت به من الاطار الضيق لمشاكل المرأة و الحركات النسوية إلى افاق اجتماعية و نفسية و إنسانية. | |
|
| |
Enas Adawi
| موضوع: رد: غادة السمان السبت 21 نوفمبر 2009 - 17:14 | |
| هذا ديوان الكاتبه اللبنانيه غاده السمان اعلنت عليك الحب الإهداء هذه الحروف بحلوها ومرها .. نمت في رحم حبك ... وترعرعت في بلاط جدك... وكبرت تحت شمس لقائك ... وانتظمت في سطور لأجل عينيك... لك وحدك اهديها ... واستميحك عذراً في اطلاع الآخرين عليها ..
غادة السمان
آه صوتك صوتك ! يأتيني مشحوناً بحنانك وتتفجر الحياة حتى في سماعة الهاتف القارسة.
آه صوتك صوتك ! _ ويتوقف المساء حابساً أنفاسه _ كيف تستطيع أسلاك الهاتف الرقيقة أن تحمل كل قوافل الحب ومواكبه وأعياده الساعية بيني وبينك مع كل همسة شوق ؟! كيف تحمل أسلاك الهاتف الدقيقة هذا الزلزال كله وطوفان الفرح وارتعاشات اللهفةآه صوتك صوتك ! صوتك القادم من عصور الحب المنقرضة صوتك نسمة النقاء والمحبة في مدينة الثرثرة وأبواق السيارات الضحكة والنكات الثقيلة كالأسنان الاصطناعية مدينة بطاقات الدعوات إلى الحفلات وورقات النعوة وشركات التأمين مدينة المقاهي والتسكع والكلاب المرفهة وزيت الشعر والتثاؤب والشتائم وحبوب منع الحمل والسمك المتعفن على الشاطئ ... آه صوتك صوتك ! صوتك الليلي الهامس طوق نجاة في مستنقع الانهيار.
آه صوتك صوتك ! مسكون باللهفة كعناق يعلقني بين الالتهاب والجنون على أسوار قلعة الليل... وأعاني سكرات الحياة وأنا افتقدك وأعاني سكرات الحياة وأنا أحبك أكثر. .......... آه صوتك صوتك ! ترميه من سماعة الهاتف على طرف ليلي الشتائي مثل خيط من اللآليء يقود إلى غابة ... وأركض في الغابة اعرف انك مختبئ خلف الأشجار واسمع ضحكتك المتخابثة وحين ألمس طرف وجهك توقظني السماعة القارسة.
آه صوتك صوتك ! وأدخل من جديد مدار حبك كيف تستطيع همساتك وحدها ان تزرع تحت جلدي ما لم تزرعه صرخات الرجال الراكضين خلفي بمحاريثهم ؟!
.................آه صوتك صوتك ! وهذا الليل الشتائي يصير شفافاً ورقيقاً وفي الخارج خلف النافذة لابد ان ضباباً مضيئاً يتصاعد من زوايا العتمة كما في قلبي
آه صوتك صوتك ! وكل ذلك الثراء والزخم الشاب تطمرني به وأشتهي أن أقطف لك كلمات وكلمات من أشجار البلاغة ولكن ... كل الكلمات رثة وحبك جديد جديد ... الكلمات كأزياء نصف مهترئة تخرج من صناديق اللغة المليئة بالعتق وحبك نضر وشرس وشمسي وعبثاً أدخل في عنقه لجام الألفاظ المحددة ! ...........آه صوتك صوتك ! يولد منك الفرد والضوء والفراشات الملونة والطيور داخل أمواج المساء الهارب لقد احكمت على نفسي إغلاق قوقعتي فكيف تسلل صوتك الي ودخل منقارك الذهبي حتى نخاع عظامي ؟!
آه صوتك صوتك ! واتوق إلى احتضانك لكنني مقيدة إلى كرسي الزمان والمكطان بأسلاك هاتف ومطعونة بسماعته !
آه صوتك صوتك ! وانصت إلى قلبي ... يا للمعجزة : انه يدق ! | |
|
| |
Enas Adawi
| موضوع: رد: غادة السمان السبت 21 نوفمبر 2009 - 17:16 | |
| صباح الحب
--------------------------------------------------------------------------------
وتنمو بيننا يا طفل الرياح تلك الالفة الجائعة وذلك الشعور الكثيف الحاد الذي لا أجد له اسماً ومن بعض أسمائه الحب
منذ عرفتك عادت السعادة تقطنني لمجرد اننا نقطن كوكباً واحداً وتشرق علينا شمس واحدة راع انني عرفتك وأسميتك الفرح الفرح وكل صباح انهض من رمادي واستيقظ على صوتي وأنا اقول لك : صباح الحب ايها الفرح ...............
ولأني أحب صار كل ما ألمسه بيدي يستحيل ضوءاً ولأني أحبك أحب رجال العالم كله وأحب أطفاله وأشجاره وبحاره وكائناته وصياديه وأسماكه ومجرميه وجرحاه وأصابع الأساتذة الملوثة بالطباشير ونوافذ المستشفيات العارية من الستائر ... لأني أحبك عاد الجنون يسكنني والفرح يشتعل في قارات روحي المنطفئة .................. لأني أحبك عادت الألوان إلى الدنيا بعد أن كانت سوداء ورمادية كالأفلام القديمة الصامتة والمهترئة ... عاد الغناء إلى الحناجر والحقول وعاد قلبي إلى الركض في الغابات مغنياً ولاهثاً كغزال صغير متمرد .. في شخصيتك ذات الأبعاد اللامتناهية رجل جديد لكل يوم ولي معك في كل يوم حب جديد وباستمرار أخونك معك وأمارس لذة الخيانة بك. ..............كل شيء صار اسمك صار صوتك وحتى حينما أحاول الهرب منك إلى براري النوم ويتصادف أن يكون ساعدي قرب أذني أنصت لتكات ساعتي فهي تردد اسمك ثانية بثانية .. ولم (أقع ) في الحب لقد مشيت اليه بخطى ثابتة مفتوحة العينين حتى أقصى مداهما اني ( واقفة) في الحب لا (واقعة) في الحب أريدك ...........
بكامل وعيي ( أو بما تبقى منه بعد أن عرفتك !) قررت أن أحبك فعل ارادة لا فعل هزيمة وها انا أجتاز نفسك المسيجة بكل وعيي ( أو جنوني ) وأعرف سلفاً في أي كوكب أضرم النار وأية عاصفة أطلق من صندوق الآثام ... وأتوق اليك تضيع حدودي في حدودك ونعوم معا فوق غيمة شفافة وأناديك : يا أنا ... ................ وترحل داخل جسدي كالألعاب النارية وحين تمضي أروح أحصي فوق جسدي آثار لمساتك وأعدها بفرح كسارق يحصي غنائمه
مبارك كل جسد ضممته اليك مباركة كل امرأة أحببتها قبلي مباركة الشفاه التي قبلتها والبطون التي حضنت أطفالك مبارك كل ما تحلم به وكل ما تنساه ................ لأجلك ينمو العشب في الجبال لأجلك تولد الأمواج ويرتسم البحر على الأفق لأجلك يضحك الأطفال في كل القرى النائية لأجلك تتزين النساء لأجلك اخترعت القبلة !...
وأنهض من رمادي لأحبك ! كل صباح أنهض من رمادي لأحبك أحبك أحبك وأصرخ في وجه شرطة ( كل الناس رجال شرطة حين يتعلق الأمر بنا) أصرخ : صباح الحب صباح الحب أيها الفرح | |
|
| |
Enas Adawi
| موضوع: رد: غادة السمان السبت 21 نوفمبر 2009 - 17:21 | |
| لقد اخترقتني كالصاعقة
--------------------------------------------------------------------------------
لا تصدق حين يقولون لك انك عمري فقاعة صابون عابرة ... لقد اخترقتني كصاعقة وشطرتني نصفين نصف يحبك ونصف يتعذب لأجل النصف الذي يحبك
أقول لك نعم وأقول لك لا أقول لك تعال وأقول لك اذهب أقول لك لا ابالي وأقولها كلها مرة واحدة في لحظة واحدة وانت وحدك تفهم ذلك كله ولا تجد فيه أي تناقض وقلبك يتسع للنور والظلمة ولكل أطياف الضوء والظل ... لم يبق ثمة ما يقال غير أحبك !!... .................أنت تركض كل لحظة فوق جبيبني مثل عقرب صغير أسود آه السعني اشتهي سمومك كلها انزف ظلماتك داخلي لأضيء ... وحينما يأتيني صوتك تمتلك جسدي رعدة خفية كدت أنساها آه صوتك صوتك صوتك الهامس الحار صوتك الشلال الذي يغسلني وأنا اقف تحته عارية من الماضي والمستقبل وقد شرعت أبوابي حتى آخرها ... إدخل !!! ...........كالمخالب تنشب كلماتك في ذاكرتي ... كالسجناء نلتقي وعيوننا معلقة على الزمن الهارب _ العائم مثل طائرة ورقية يلهو بها طفل لا مبال _ كشجرة لبلاب جهنمية تنمو أيامنا حول أعصابي ... وتأتيني يا حبيبي تطالعني مهيباً لا يقاوم كسمكة القرش وأبحث بنفسي عن أسنانك كي أوسدها قلبي وأنام بطمأنينة الأطفال ... والمحتضرين .. ..........أمتلك ذكرى لمساتنا المسروقة كأني ورثت مجرة ... اتأمل كواكبها وانصب خيمة الشوق بين مداراتها .. وانتظرك
لا تقل لي بعد اليوم انني اعبث بك كما القطة تعبث بفأر حميم تشتهي تعذيبه اكثر مما يمتعها قتله ... ألا ترى معي أن كلينا فريسة والحياة هي القط الأسود الكبير الذي قرر أن يلهو بنا والقدر هو الشرك الذي يتهددنا وما دام لا محالة فلنستمتع بسقوطنا ! ..............
أيقظت حواسي النائمة وأنعشت حماسي الممطر ضجراً وأعدت إلي الضحك الذي عدوت خلفه طويلا في دروب العالم ومنذ عرفتك لم تمر لحظة لم أهتف بها باسمك كما اتنفس ولم تمر دقيقة لم أكن فيها ملتهبة حماسا وعملا حتى كدت لا أجد وقتا لك انت يا نهر الفرح جرفتني خذني إلى قاعك دعني أغرق اليك ! ...
يقول غراهام غرين : ان الفشل شكل من أشكال الموت أقول له : ولكن الفراق هو الموت ............... هاجسي صرت هاجسي اكتب عنك ولك كي استحضرك كساحرة محنية على قدرها تخرج منه رأس حبيبها المقطوع بك اغادر تلك البئر السحيقة المعتمة التي اقطنها كن جناحي لاطير من جديد إلى الشمس والفرح ... وصدرك انها لنعمة انني أحيا فقط لأكون قادرة على ان أحبك ومن المؤسف ان اموت وأنا قادرة على هذا الحب كله .............. اتذكر أيامي معك كمن يرى الأشياء عبر نافذة قطار مسرع : نائية وجميلة والقبض عليها مستحيل
من وقت إلى أخر فلنعد أطفالا ولنحزن بلا كبرياء زائفة
يوم احتضر سافكر بتلك اللحظة المضيئة حين وقفنا في الظلمةة على شرفة القرات وقلت لي بحقد : أحبك سأتذكر صوتك وسيجيء الموت عذبا ويضمني كرحم الفرح المنسي وسأهمس بحقد مشابه : آه كم أحببتك ! ............. | |
|
| |
Enas Adawi
| موضوع: رد: غادة السمان السبت 21 نوفمبر 2009 - 17:23 | |
| واعطنا حبنا كفاف يومنا
--------------------------------------------------------------------------------
حين أفكر بفراقنا المحتوم " يبكي البكاء طويلا ويشهق بالحسرة" بالحسرة بالحسرة بالحسرة ........... أية قوة جهنمية تشدني اليك وأرفض التصديق انها تنبع من خارجي وأرفض أن يقال انه القدر يرميني اليك ... أنا أنقذف نحوك كوكبي يرتطم بكوكبك أنا اخترتك أنـــــــا ؟ أم انني لست حرة حقاً وخيوط لا مرئية تعبث بقدري وقدرك وبعد أن كان قطار حياة كل منا يمضي بهدوء على سكتهلا تحدثني عن البارحة ولا تسلني عن الغد وربنا أعطنا حبنا كفاف يومنا وقل لريح الفرح أن تعصف بنا ولصواعقه أن تضربنا دون أن تقتلنا .. واعطنا حبنا كفاف يومنا وكل صباح هو يوم جديد وليس في حبنا مسلمات ولا تقاليد وكل يوم تختارني وحدي من بين نساء العالم وآخذك من بين رجاله وكل يوم تاريخ مستقل بذاته وكل ما تملكه مني ومن نفسك هو " اللحظة " فلنغزها بكل حواسنا لأن الفراق واقف خلف الباب ويد الحزن ستقرعه ذات ليلة سنسمعه حزينا ومهيمنا كجرس كنيسة وستدوي أصداؤه في أرجاء روحنا المكسورة .. مادام الفراق ضيفنا الثقيل الذي لا مفر من حلوله تعال ولننس كل شيء عن كل شيء إلا " اللحظة " ... وأنا وأنت ...........أيها الشفاف النابض كلهبة شمعة ... إرم من يدك قبضة خنجرك وخذ بيدي .. ومد جسورك إلى لحظتي وقل لأحلام الحب الأزلي لا نريد غداً ولا رشاوي مستقبلية .. نحن سكان مدن الريح والموج كل منا جسده مدينته ... وليحتلني جرحك ولتنحدر دموعك من عيوني ..
........... إلى داخل شرايينك هاجرت واستوطنت تحت جلدك وصار نبضك ضربات قلبي ولم أعد أميز بين الخيط الأبيض والأسود !
وكان جسدك بحراً وكنت سمكة ضالة ...
ولم أكن لأعبث بك فأنا أعرف أن من يلعب بالحب هو كمن يلعب التنس بفنبلة يدوية ! .. ............... ثمينة هي لحظاتنا كل لحظة تمضي هي شيء فريد لن يتكرر أبداً أبداً فأنت لن تكون قط كما كنت في أية لحظة سابقة ولا أنا .. كل لحظة هي بصمة أصبع لا تتكرر ... كل لحطة هي كائن نادر وكالحياة يستحيل استحضاره مرتين ... ..................
--------------------------------------------------------------------------------
لا أحد مثلي يستمتع بالحب لأنه لا أحد مثلي يعرف معنى العذاب لقد مررت بمدينة الجنون وأقمت بمدينة الغربة وامتلكتني مدينة الرعب زمناً واستطعت أن اغادرها كلها من جديد إلى مدينة الحياة اليومية المعافاة .. ولكنني خلفت جزءاً مني في كل مدينة مررت بها وحملت جزءاً منها في ذاتي وأنت كلما احتضنتني احتضنت الجنون والغربة والرعب ويدهشك أن ترتعد حين تكون معي ؟..
تعال يا من اجتاحني كالانتحار وهيمن على حواسي كساحر .. واعطنا حبنا كفاف يومنا ... ........... و أحبك أكثر من ... ذنوبي
--------------------------------------------------------------------------------
وتقول شفتاك للفرح : كن فيكون ! ... ويغرد قلبي يحلق بين أسلاك الشمس طائرا من نار لا يخشى الاحتراق بأتون الغبطة
حين مستني يدك كيد نبي تحولت اعماقي من سراديب ودهاليز سرية الاوجاع _ مسكونة بأشباح تشحذ أسنانها وأظافرها على جدران الماضي البشع _ إلى نافذة ستائرها قوس _ قزح مفتوحة للأفق والريح والمطر والمفاجأت وأغاني جنيات الليل العاشقات ............. حين يأتيني وجهك أصير مرهفة كرمال شاطئ تنبض ذراته تحت جسد ليلة صيف باهتة .. وقرعات طبول الموج وموسيقى النجوم الخافتة ... وأخفق لكل ما هو طيب ونبيل في كونك المسحور
وتندف فوق أيامي تندف مطراً مضيئاً يغسلني بالغبطة .. لم أكن أدري أن الزمن يختزن لي هذه السعادة كلها ولا أريد أن أصدق أن سعادتي معك الآن هي طعم في صنارة الشقاء الآتي ... كل هذا الحب الذي تغمرني به أمتصه بشراهة التراب الجاف دونما عقوقه ... ............... وأحبك كثيرا أكثر حرارة من البراكين الحية أكثر عمقا من دروب الشهب أكثر اتساعا من خيالات سجين أحبك كثيرا ... أحبك حتى أكثر من عدد ذنوبي !...
وكلما ابتسمت يا غريب أمتلىء غبطة لأنني أعرف أنك حين تبتسم تنبت الأزهار في قلب الصخور بالجبال حين تبتسم تتناسل أسماك الشوق الملونة وتسبح داخل شراييني ... حين تبتسم تنمو حقول الياسمين الدمشقي فوق أيامي المعدنية الصدئة ... ............. --------------------------------------------------------------------------------
وأتكئ على الفجر الذي ولا بد أن يطلع وانتظرك وحين تمخرني ترحل بحاري مع مركبك دونما ندم دونما ندم
قدري ؟ أبسط لك كفي لا لتقرأ بل لتكتب في راحتها ما شئت من النبوءات والكلمات وترسم فيها ما يحلو لك من الخطوط والدروب والرموز بوردتك أو بسكينك !... ............... تتقاطع السكك فجأة ونرى بوضوح أنه لا مفر من لحظة الاصطدام والانفجار والاحتراق والدمار وربما دمار من حولنا ولكن أحبك !! | |
|
| |
Enas Adawi
| موضوع: رد: غادة السمان السبت 21 نوفمبر 2009 - 17:25 | |
| فراقكم مسمار في قلبي
--------------------------------------------------------------------------------
عذاب أن أحيا من دونك وسيكون عذابا أن أحيا نعم .. يبقى أملي الوحيد معلقا بتلك الممحاة السحرية التي اسمها الزمن والتي تمحو عن القلب كل البصمات والطعنات كلها ؟
اذكر بحزن عميق أول مرة ضممتني اليك وكنت ارتجف كلص جائع وكنا راكعين على الأرض حين تعانقنا كما لو كنا نصلي اجل ! كنا نصلي ... ..............أذكر بحزن عميق يوم صرخت في وجهي : كيف دخلت حياتي ؟ آه أيها الغريب ! كنت أعرف منذ اللحظات الأولى انني عابرة سبيل في عمرك وانني لن املك إلا الخروج من جناتك حاملة في فمي إلى الأبد طعم تفاحك وذكراه ... ............. أذكر بحزن عميق انني أحببتك فوق طاقتك على التصديق وحين تركتك ( آه كيف استطعت أن اتركك ! ) فرحت لانك لم تدر قط مدى حبي ولأنك بالتالي لن تتألم ولن تعرف أبدا أي كوكب نابض بالحب فارقت !..
فراقك مسمار في قلبي واسمك نبض شراييني وذكراك نزفي الداخلي السري وها أنا أفتقدك وأذوق طعم دمعي المختلس في الليل المالح الطويل .............. لم يعد الفراق مخيفا يوم صار اللقاء موجعا هكذا ...
وأيضا أتعذب لما فعلته بك بعد أن دفعتني إلى أن أفعله بك
لقد مات الأمل ولذا تساوت الأشياء ... واللقاء والفراق كلاهما عذاب و ( امران احلاهما مر ) ... ........... يقولون : في الليل المنخور بالوجع تنمو بذرة النسيان وتصير غابة تحجب وجهك عن ذاكرتي ... لكن وجهك يسكن داخل جفوني وحين أغمض عيني : أراك !..
عشنا أياما مسحورة كمن يسبح في بحيرة من زئبق وعطور ويركب قاربا في انهار الألوان لقوس قزح مبحر من الأفق إلى نجمة الرعشة ... كان ياما كان !.. ............. كان ياما كان !.. وكانت السعادة تصيبني بالارتباك .. وحدها تخيفني لأنني لم اعتدها .. فأنا امرأة ألفت الغربة وحفظت أرصفة الوحشة والصقيع وأتقنت أبجدية العزلة والنسيان... وأعرف ألف وسيلة ووسيلة لأحتمل هجرك أو كل الألم الممكن أن تسببه لي ... ما لا أعرف كيف أواجهه هو سعادتي معك ... وحينما أصير مثل آنية كريستال شفافة ممتلئة برحيق الغيطة وبكل الفرح الممكن أرتجف خوفا أمام السعادة ... مثل طفل منحوه أرنبا أبيض ليقبض عليه للمرة الأولى في حياته !.. ......... وكنت دوما اصلي : رب ارحمني من سعادتي أما تعاستي فأنا كفيلة بها .. آه !.. كان ياما كان حب ...
وكنت بعد أن أفارقك مباشرة يخترقني مقص الشوق اليك ... وتزدحم في قلبي كل سحب المخاوف والأحزان .. وأشعر بأن البكاء لا يملك لي شيئا فأضحك !! وتركض الي حروفي فأكتبها وأستريح قليلا بعد أن أكتب .. وأفكر بحنان بملايين العشاق مثلي الذين يتعذبون في هذه اللحظة بالذات دون أن يملكوا لعذابهم شيئا وأصلي لأجلي و لأجلهم وأكتب لأجلي ولأجلهم ... وأترك دموعهم تنهمر من عيني وصرختهم تشرق من حنجرتي ... وحكايتهم تنبت على حد قلمي .. مع حكايتي .. وأقول عني وعنهم : كان ياما كان حب ... | |
|
| |
Enas Adawi
| موضوع: رد: غادة السمان السبت 21 نوفمبر 2009 - 17:30 | |
| وها أنا أنساك ..
--------------------------------------------------------------------------------
ها أنا أنساك ... أدمر هيكل الذكرى علي وعليك .. وأترك جثة الذاكرة مشلوحة لصقور الزمن تنهشها وتأتي عليها .. وأصنع من سواد عينيك حبرا لسطوري المتوحشة
مرة كان حبك وكان حبك شراع مركب الفرح العتيق ورحيلا من نهر الظلمات والدم إلى جزر الدهشة وصحو مطر النجوم مرة حبك كان عبارة " ممنوع المرور " في وجه قاطرة الحزن حبك رغيفي في قحط التكرار والسأم ... .......كان حبنا وعلا جميلا كالحرية راكضا كسهم افريقي ملون لكنه حين دخل غابة اشكوك والنزق علق قرناه في أغصان الحزن الكثيفة ورغم كل المرارة التي ما يزال طعمها في فمي كالدم إثر لكمة متفجرة كانت هنالك لحظات في حبنا لحظات مضيئة عانقنا فيها الطفولة والفرح الفرح الفرح ...........
ومرت أيام ... صار بيتنا الزلزال واستحال حبنا إلى " هاراكيري " يومية ورسائلنا إلى مجزرة وصار حوارنا جلدا متبادلا بصواعق اللؤم وصار صوتك يخرج إلي من الهاتف مثل لسان أفعى تسكن سماعته !.. يلدغني واغفر ... على أمل أن تشاركني ثقل الليل على صدري ... وثقل الكرة الأرضية فوق رأسي ...
واذكر أيامنا : مقهى وديعا أكل البحر أطراف أعمدته ... يهزه صفير قطارات الوداع المتلاحقة حين جاء صفير قطارنا كان لامفر ودعنا المقهى بصمت ودعنا الدرج العتيق بصمت ورحلنا عن ذلك الربيع البحري وفرغت الصدفة من لؤلؤتها وشرارتها وملأها الرمل والضجر والثرثرة الدامعة .............. أتمدد على سريري وأتوهم أنني نمت وحين يغرق في النوم قناعي يستيقظ قلبي العاري يهرب مني راكضا في الشوارع كزعيق سيارة الاسعاف يركض قلبي العاري معولا مطلقا ساقي البكاء للريح ويغلق سكان الحي نوافذهم ويشتمون صوت العاصفة ... إنهم لا يعرفون أن العاصفة هي غبار القلوب المنطفئة ... إن العاصفة هي صوت قلب لم يثأر له !.. إن العاصفة هي صوت بكاء قلب بدأ ينسى ينسى ينسى وهو لا يريد أن ينسى ........... لا تقل لي " ماضينا " معا و " مستقبلنا " ... ها أنا أنساك ... وحبيبي اسمه " الآن " " البارحة " و " الغد " كلمتان أطلقت عليهما الرصاص ولن أهاجر إلى الماضي لأعيش بك فالمهجر إلى الماضي كمحاولة الآقامة في قارة الاتلنطيد التي ابتلعها البحر منذ دهور ... والهجرة إلى المستقبل موعد غرامي فوق سهول القمر في " بحر الهدوء " عام 2020 ! الآن أو أبدا ... وها أنا أنساك ... ..........وأنا شريدة في وهج الربيع
--------------------------------------------------------------------------------
نيسان يطلق في الجو صرخته : ها هو ربيع جديد يأتي نيسان يستعيد مملكته صدر الأرض يخفق يتفتح يزدهر يتنهد التراب رائحة زهر الليمون حارة كثيفة موحية كالذكرى ... فأتنهدك أتنهدك أيها الغريب ...
نيسان يبسط عباءته الملونة يكسر قارورة الوجود العطرية على شواطئ لبنان وأنا شريدة في وهج الربيع شريدة في الليل العتيق المذهل ليل نيسان الذي يفتح المسامات النفسية للحب والحياة لازدهار الجسد ( ليل الطفلة محروقة الخدين لا ليل المقاهي والأقنعة والكرنفالات الاجتماعية ) فأتنهدك وأذكرك ...........دوما تأتي إلي عبر إيقاع الأرض ومع غليان التراب بالعطاء ... مع رائحة زهر الليمون رائحة الاحتضان دوما تأتي إلي من نزيف ذاكرتي .. وعبثا نفتح في جدار الفراق كوة ... وعبثا ننسى أننا صنعنا الربيع ذات مرة !
أصرخ : من له قلب فليتبعني ... ولكن حين أعانق سواك أيها الشقي أكتشف أنني أعانق أجساد رجال مقطوعي الرؤوس وحتى رأسي أحسه ينفصل عني ليعوم مقطوعا فوق بحر الليل والحزن ...نيسان يطلق في الجو صرخته فأتنهدك وأذكرك وأشم رائحة أيامي معك ... وانتثر في فضاء الليل وأتراكم كالغبار على مرايا أيامنا القديمة وعبثا ألتصق بصورنا الهاربة إلى داخلها ... كيف ضيعتك أيها الشقي يا ربيع القلب ؟..
سعداء كنا ولم نستطع أن يغفر لنا الناس ارتكابنا جرم السعادة ... كان لنا ربيع في قحط شتائهم ... وكان لابد من عقابنا .. وتم اعدام قلبي _ السنونو لأنه طار بعيدا عن قبيلة الغربان والشتاء والروتين واحترف البحث عن الربيع والدهشة ... ................ لكني أتوق اليك حين تصير الأيام مكررة وبلهاء مثل أشرطة تعلم اللغات بالمراسلة ... أتوق اليك حين تصير الوجوه حولي أصناما يغطيها الجليد والرياء وحين يصير الشوق متسولا في دروب مجهولة وحتى الكتابة تصير صدأ في الشرايين أتوق اليك لأن الشمس لفظت أنفاسها وداست جثتها أقدام السكارى ( بالحياة الاجتماعية ) الناجحة أتوق اليك لأنني كلما ازددت ايغالا في أرض الشهرة كلما اكتشفت كم أنا وحيدة وحزينة مثل مرصد مهجور في قمة جبل ... أتوق اليك لأن ذئاب شتاء الحزن انتشرت في دروب أعضائي أتوق اليك لأن القلب الذي عرف معنى مرورك بقريته الكئيبة مرة مازال يتوق لبيارقك الملونة وأناشيدك أتوق اليك لأننا معا ربيع !..أيها الشقي لو تزهر جذورنا في الأرض الحرقة لو تشق براري الركام لو تعود الريح لتكون صوتنا لو !.. لو أنني لم أتركك تمضي لو أنني لم أصر على أن أمضي لو لو كنت أدري أنني حين أسدل الستار نهائيا على مجزرتنا أكون قد أغلقت أيضا كوة الربيع في عمري .. لو !...
لو !... لو عرفنا أننا ساعة افترقنا تدلى ربيعنا إلى الأبد طفلا مشنوقا على شجرة يهتز أمام أعيننا مثل ناقوس هائل في كاتدرائية يقرع لهول عظيم ... لو ... ...............هل يمكن أن ننسى أنه كان لنا ربيع ؟ وأننا ركضنا معا فوق درب المجرة المرسوم باللآلىء ... وراقبنا الكون كيف يزهر الضوء والموسيقى والضحك حين يغسله قلبان بالحب ؟ هل نستطيع أن ننسى ربيع الوجود حين أسرجنا النجوم الملونة وصنعنا منها مركبة للفرح المجنون ونصبنا أرجوحة اللعب إلى الكواكب المشعة وأرحنا خدنا إلى أبراج الأساطير لو !... لو لم نفترق وتنطفئ النجوم كالفقاعات ويعود الكون ليقذفنا من رحمه وتبدو الكواكب من جديد محايدة ولا مبالية وخاضعة لقوانين الفيزياء وحدها !...
آه كم افتقد حبك ! ونيسان يطلق صرخته والأرض تمارس الفرح ........... طويل هو شتاء الانتظار بين الحب والموت ... طويلة هي تلك الأيام الممددة في غرفة الجراحة على طاولة طبيب مجنون اسمه " القدر " ... طويلة هي أظافر الليل السود حين يحاصرك بالصحو ويسيجك بالذكرى ويستبيح حجرات النسيان فينبش صناديقها وبالجمر يرسم على صفحة القلب صورة لوجه كان ربيع القلب ... تتأمله وتشهق ويلتحم الضحك بالبكاء وتهرب من فراشك وعبثا تغسل وجهك بالماء البارد ... كيف تطفئ حريق القلب بغسل جلد الحواس ؟ ... ..................... تعال يا من وجهك الرحيل ونظرتك الشفرة الرجمية وصوتك الهاوية تعال وأزهر داخل لحمي تدفق في روحي كالنزيف وفجر في ودياني ينابيعك تعال واعبرني كصاعقة وانتشر في كعروق الذهب في الصخر واحتوني كنار تأكل بيدرا تعال كي يزهر البرق في رماد القلب ... أنت يا ربيع القلب ... | |
|
| |
Enas Adawi
| موضوع: رد: غادة السمان السبت 21 نوفمبر 2009 - 17:32 | |
| أعلنت عليك الحب
--------------------------------------------------------------------------------
كانت القسوة خطيئتك .. وكان الكبرياء خطيئتي .. وحين التحمت الخطيئتان .. كان الفراق مولودهما الجهنمي ..
طالما قررت : حين نفترق سأطلق الرصاص على صوتك .. وأربط جسد ذكراك إلى عمود رخامي وأضرم فيه النار كما كانوا يحرقون السحرة وشرورهم ... واليوم وقد افترقنا أفكر فيك بحنان وحزن ملئ بالصفاء كهمس الصحراء للسراب .. .................. فراق أو لا فراق إني أعلنت عليك الحب .. إني أعلنت عليك السلام .. إني أعلنت عليك الشوق .. إني أعلنت عليك الغفران .. ولست بنادمة لأنني أنفقت عليك جسدي وروحي ..
برد برد وسجادة النجاح من الجليد وجوه الأصدقاء حقل مزروع بالألغام ... وأصابعهم خناجر .. وحدك كنت ملاذ القلب _ القنفذ ولأجلك وحدك استحالت اشواكه سنابل ربما لذلك كانت طعنتك الأشد حذقا ونفاذا ... .............. قليل من الشجار ينعش ذاكرة الحب ... قليل من الشجار ينعش قلب الحب .. لكننا شربنا من خمرة الشجار حتى ثملنا وقتل كل منا صاحبه وعربد على جثته حتى دون أن يلحظ ذلك !..
وأيضا أغفر لك أنك حولتني من عصفور الرحيل إلى مسمار في تابوت الغم .................
كنت ممتلئة بك راضية مكتفية بك ولكن زمننا كان مثقوبا .. يهرب منه رمل الفرح بسرعة
أتعذب ... بسبب ما فعلته بك ... بعد أن ارغمتني على أن أفعله بك
أعلنت عليك الحب أإعلنت عليك السلام أعلنت عليك الغفران بقي أن تعلن على نفسك السلام والغفران أما الحب فأنت جسده ... ................ تم كل شيء بسرعة الصاعقة وامتزجت في حكاياتنا شهقة الولادة بشهقة الاحتضار
طويلا تعثرت في شبكة عنكبوت الحيرة ... وكانت كلمة وداعا جسر الفرار الوحيد الباقي .. وكانت كلمة وداعا قاسية كضربة إزميل في رخام .. وها هي ثلوج النسيان تهطل تهطل تهطل وعبثا تغطي معالم حديقة حبنا ... ............... قبل أن انام اطرد صورتك من رأسي بكل تعاويذ العقل وكل القوانين الاجتماعية .. ولكن حبك يقطن تلك الدهاليز في اعماقي التي لا تطالها سلطة الملك _ العقل حبك يتكاثر ويتناثر ويتناثر في داخلي ويصدعني ويتناسل دونما مبالاة بشهادات الميلاد الرسمية ... وهكذا حين أظنني رحلت إلى النوم يظل جزء مني يتابع حياته السرية مسكونا بك .. ممعنا في حبك .. ويوقظني عند الفجر بضربة من فأس الشوق في منتصف رأسي ... أهو صداع ؟ أم تصدع في روحي ؟.. .................. أيها الغريب على مرمى صرخة البعيد على مرمى عمر إني أعلنت عليك الحب إني أعلنت عليك السلام إني أعلنت عليك الغفران رغم كل ما كان وما قد يكون !.. ................وحده حبيبي الحقيقي ...
--------------------------------------------------------------------------------
لقد نضج الموت في حقولي فمتى القطاف ؟ تنسحب الحلزونة إلى صدفتها ينطوي الذئب الجريح على نفسه تنحسر الخلايا داخل متاهاتها وحتى المحيط يحشر نفسه في مغارة والحائر يلتف في قشرة صمته فمتى متى يلملم قلبي الضال مواسم جنونه ومتى تحنو القسوة على ذاتها وترق الشراسة على جروحها ؟ ............. كلهم يتساقطون عني في براري الهرب والغربة يتدثرون بخدرهم كلهم يتناثرون عن مسيرتي الأكيدة نحو قارة الصحو اللامتناهي ... بياض جدران المستشفى بياض أبرة المصل بياض الصمت تنتظم أنفاسها متواترة مع أنفاس الليل الوديع ... وحدها آلامي تتلاحق نبضاتها وتشمخ نائية وتنتصب كعمود النار الراقص ... وسط الغابة الساكنة ... .............. حين يتعب جسدي من الرجال جميعا ... يتسلل " السيد الحزن " ليعانق روحي ... يعرف جيدا رقم هاتفي ... ويعرف طريقه إلى مخدعي ... ويدوس بقدميه الثابتتين جثث عشاقي المتلاشين حولي ... و أستقبله دونما دهشة أو بكاء .. مرصودة له .. وتسجد الضوضاء حين يسعى إلي حبيبي ... ويحبس كوني أنفاسه حين يحتويني حبيبي " السيد الحزن " ... وتتلصص الصقور والغربان لترى عرسي الوحيد الحقيقي ... ............... وحين أتأمل وجه حبيبي " السيد الحزن " حين أتأمل وجهه جيدا أرى وجهي كما لو كنت أحدق في مرآة
أتأمل عمري على شاشة الجدار الأبيض : آه كل ذلك الضجيج لا يجدي ... كل ذلك الصخب والعتب ومسرحيات الوصال والشجار وكل ذلك الركض المسعور في الليل والأحاديث الهاتفية الصباحية المحمومة واللمسات المختلسة والنظرات الخجلة المشحونة بالصراخ كل ذلك لا يجدي ... ف " السيد الحزن " يعرف دوما طريقه إلي ... وحين يمد أصابعه الشفافة تنهار كل حصون الزحام والصخب مثل بيوت من ورق اللعب .. هدمتها في غمضة عين رفة عصفور ... .................. لقد جربت كل الوصفات ضد حبيبي الحزن .. وحملت كل الأحاجي العتيقة .. ولففت على جسدي كل التعاويذ .. ومارست كل ما تعرفه المرأة منذ أقدم العصور وكل ما اكتشفته في آخر الزمان .. واتخذت من أوسم الرجال دروعا واختبأت داخل أجسادهم منه ... لكنه يا إلهي كضبع الاساطير وحين يهمس تحت نافذتي لا أملك إلا أن أتبعه مسحورة منومة .. إلى وديان الأنين الباكي ..
اسكن قصرا ؟ في الشوارع ينطلق قلبي في الشوارع ينطلق قلبي وحيدا تحت المطر بلا معطف وبلا مظلة بلا مظلة ...............
يا حبيبي يا طفلي يا حبيبي يا حصني ضد زحف الكوابيس افتح عينيك ومد اهدابك سقفا فقلبي وحيد وحيد كإصبع مقطوع عن جسده وروحي شهقة بدأت بالتلاشي بالتلاشي ...
مغفورة خطايا كل الرجال الذين عرفت مغفورة خطايا الذين احببت فأنا لم أخلص لأحد منهم وكنت باستمرار أخونهم مع حبيبي " السيد الحزن " حتى وأنا معهم بل بالذات وأنا معهم ... ............... .الليل طويل طويل لكنه لا يتسع لتنهيدة من صدري ... والشوارع مظلمة مظلمة لكنها تضن بالمفاجأة أو الدهشة ... والأبجدية شاسعة لكن الحوار قد اهترأ ... وحده الحزن يطل لا متناهيا واثقا من نفسه وحده يعرف كيف يمتلكني وفي ملكوته وحده أعرف شهقة التلاشي .. __________________ | |
|
| |
Enas Adawi
| موضوع: رد: غادة السمان السبت 21 نوفمبر 2009 - 17:34 | |
| معك عرفت أن الأرض مسطحة !...
--------------------------------------------------------------------------------
يا غريب ... لاتصدقني حين أقول لك انني نسيتك ... وان صدرك لم يعد وكري وان عينيك لم تعدا أفقي وان غضبك لم يعد مقصلتي ... فقلبي مايزال كرة ذهبية تتدحرج على سلالم مزاجك وساحات الصحو والمطر في أيامك ... .............
ولا تصدقني حين أقول لك : انتهينا .. وأرمي في وجهك كنوزي التي خزنتها كبخيل : رسائلك وموسيقاك وعقدا من الياسمين الجاف وقارورة عطر فارغة وشمعة نصف منتهية .. لأنني بعد أن تمضي ألملمها عن الأرض بشفتي وأغسلها بنبيذ أساي .. وأستحيل قصبة مثقوبة .. تصفر فيها رياح الندم .. ................ مع كل فجر أعد نفسي للفراق كعروس تزف إلى حبيبها المرصود لها ... وبأحزاني أطعن وجه النهار وأعد نفسي للفراق وأقول لك انتهينا ... لكن حقل الجمر في وادي حبنا مايزال يغلي تحت الرماد ... وشوقي اليك ما يزال مثل طيور البحيرات يهب نحو ضفافك ............... قبلك ! كثيرون .. ولا أحد بعدك ؟ انت !.. قبلك كنت امرأة تتثاءب بينما يقبلها رجل ... وتتابع برامج التلفزيون بينما يحتضنها ... قبلك كنت أحتضر ضجرا مثل نقطة داخل دائرة !..
معك استحال جسدي من صحراء قاحلة إلى عنقود من ضوء ... وصار قلبي غزالا وصارت أصابعي خمس فراشات .. معك وحدك انصهرت رقصت تناثرت استحلت جنية أسطورية عارية تركب حصانا عربيا أصيلا يعدو بها إلى فجر الفرح .. مخلفا مقبرة الماضي خلفه .. .................. معك عرفت سكاكين الانتظار والهاتف الذي يجيء ولا يجيء ( الهاتف الذي ينشر الحب في المدينة كالزكام ) .. معك عرفت أغاني جنيات الشك والخوف من الزمن وكنت قبلك لامبالية كطاحونة هواء وشاردة كسمكة .. معك عرفت أن الأرض مسطحة لأنها ممدودة على طول جسدك وسريرك وتنتهي عند أصابع قدميك معك عرفت أن الأرض لا تدور .. وإنما تتكوم أمامي كقط وديع لاهث ... وحينما تبتسم تستحيل الأرض حلما شفافا وتعوم كالزورق فوق بحيرات قوس قزح ... معك عرفت كيف تستطيع الموسيقى أن تكون حفارة تفجر كل لوعة القلب المرهق .. معك صار جلدي القلق ووسادتي الوساوس ... ................ من سقف الصمت يتدلى صوتك العاتب كالمصباح الشرس .. آه لا تعتب يا غريب .. ليس صحيحا أنني تسيتك .. لكنني كرهت أن أغسل فراقنا المختوم بالدمع وبقايا الكحل وألفه بكفن كلمات الوداع التقليدية لذا أشعلت فيه نيران الكبرياء ورميت برماده في البحر حفنة من الصمت واللامبالاة ... وها هو حبي ينهض من رماده ليحبك من جديد ... ............... كيف تصدقني يا غريب حين أقول لك انني نسيت ؟.. وانني صرت استعرض أيامنا الماضية بحياد عالم آثار أمام رف في المتحف ؟.. كل تلك اللحظات المضيئة كالشموع هل يمكن أن تنطفئ إذا حاصرتها رياح الحزن ؟ كل تلك الأيام الجميلة مثل سرب من الأحصنة البرية انطلقت إلى الأبد في حقول ذكرياتنا .. وستظل تركض تركض داخل عيوننا وتمنع ذاكرتنا من النوم عما كان ... .................. كيف تجرؤ على أن تصدقني حين أقول لك أن شرنقة النسيان نبتت حول تلك اللؤلؤة الوحشية السوداء التي كان اسمها حبنا ؟.. هل نسيت ارتجافي بين يديك مثل عصفور لم يتعلم الطيران بعد ؟.. وساعات الهمس ؟.. ومسحوق الجنون وسحابات انين المتعة ؟.. كيف تنسى ؟ وكيف تجرؤ على أن تصدقني حين أقول لك أنني نسيت ؟
وكيف كيف أغفر لك أنك صدقتني حين قلت لك أنني نسيت ؟... | |
|
| |
Enas Adawi
| موضوع: رد: غادة السمان السبت 21 نوفمبر 2009 - 17:35 | |
| كم أحب أن أحبك
--------------------------------------------------------------------------------
ذلك الصباح حين أيقظتك وجاءني صوتك على الهاتف مسكونا بالنعاس والبراءة شعرت بأنني ولثانية لمحت وجهك الحقيقي العتيق وكما تضيء ومضة البرق كل شيء لبرهة شاهدت عبر صوتك الصباحي حقولك وجبالك ووهادك وكانت فسيحة ومترامية وباهرة الفرادة مثل كوكب الأمير الصغير ............... ذلك الصباح حين أيقظتك كانت مخالبك ماتزال نائمة وأنيابك ماتزال مسترخية ومخاوفك وشكوكك وبالتالي شراستك ماتزال تغط في النوم ... وجاءني صوتك شهيا مسكونا بلهفة المراهقين ينبض حرارة وأنت تقول : " صباح الخير حبيبتي " .. وتخيلت أن جسك لابد وأن يكون في تلك اللحظة حارا ونابضا كصوتك ... ................. حين تكون هكذا لاأملك إلا أن أحبك حين تكون نصف نائم نصف يقظان تصير رجل الحب المثالي ... تصير حنانا بلا شكوك ولهفة بلا ذاكرة وعطاء بلا مخاوف ...
ولكنك حين تستيقظ تصير رجلين رجل يحب وآخر يحاسب رجل يقبل وآخر يضحك من الذي يقبل رجل يقول أنه سيمنح إلى الأبد وآخر يهمس ساخرا : أي أبد أيها المراهق أنت فن والحب فان وكل ما تقوله أو تفعله ليس جديدا سبق لك أن قلته وسبق للرجال أن فعلوه وكرروه نصف مليون عام !. .................. لا يهمني أن تقول لي كلمات مكررة لا جديد ي اللغة لكنني أستطيع أن أميز نبض الكلمة وشرارتها وأستطيع أن أميز بين لغة ممدودة على أرض الصباح مثل الأسلاك الكهربائية التي لم توصل بعد وبين شبكة من الشرايين والأعصاب لها شكل كلمات ... فقل لي كلماتك القديمة كلها قل لي كل كلمة قلتها لامرأة سواي ولكن قلها وأنت نصف نائم نصف يقظان وقلها بحرارة كحرارة جسدك لحظة اليقظة الاولى ... ........... كم أحب أن أحبك لايمكن لامرأة مثلي إلا أن تحب وغدا مثلك لحظة يكون نصف نائم ونصف يقظ ومخالبه غارقة في ريشها كمخالب القطط نصف الغافية نصف المتأهبة للصيد وأنيابه ومخاوفه وشكوكه آثامه وأحقاده لما يستحضرها عقله الواعي من مغاور الخدر ...
هل أنت قريب على مرمى دمعة مني وبعيد على مرمى عمر !...
أيها الشقي كيف ضيعتك في زحامي أيها الشقي كيف صدقت زحامي كيف صدقت زحامك ؟... .............. أيها الشقي اكرر : الصداقة مشروع حب والحب مشروع جرح فهل في صدرك موضع لطعنة ؟... بل الصداقة مشروع ضجر والضجر يقظة ... فهل لديك لحظات بين النوم واليقظة بين الخدر التام والوعي التام نعيشها معا قبل أن نغرق من جديد في رتابة النوم أو بلادة اليقظة ؟.. .............. أنا نهر من النزيف عبثا يوقفون تدفقه بسدادة زجاجة نبيذ أشتهي صخورك سدا يوقف انهيارات الدقائق والثواني ... ولا يهمني بعدها إن سقطت مضرجة بالذكريات أو سبحت في بركة من أحزاني ... المهم أن نلتقي ثانية في لحظتك المجيدة تلك حين تكون نصف نائم نصف مستيقظ !... | |
|
| |
Enas Adawi
| موضوع: رد: غادة السمان السبت 21 نوفمبر 2009 - 17:36 | |
| أسافر ... وفي حقائبي ذكرياتنا
--------------------------------------------------------------------------------
وافترقنا .. وها أنا حفنة من الزجاج المسحوق عبثا تستعيد صورتها كامرأة ...
واقترقنا السفن تطلق صرخات الوداع في مساء المرافىء ... والطيور المهاجرة لاتملك إلا الطيران في مدارات رحيلها المحتوم وزمن المد انتهى وها هو الجزر ينحسر عن الصخور التي طالما ملأ ثقوبها الموحشة ماضيا عنها إلى غير رجعة ... لا قطرة في الموج قادرة على العودة إلى ذرة رمل سبق واحتضنتها كل ما في الطبيعة يستعصي على التكرار وكذلك حبنا ................. وافترقنا يا للجنون ... وأنا أحبك هكذا وانت تحبني هكذا أي شيطان يسكنني ويجعلني أغمد سكيني في جسد الحب الغض مستبقة بذلك سكين القدر المحتومة؟
أي شيطان يسكنني حتى أصرخ كساحرة مجنونة : بيدي لا بيد الزمن ... علي وعلى احبائي يارب !.. .................وافترقنا وسف تنقضي أيام طويلة قبل أن نم في الشوارع التي طالما احتضنتنا معا دون أن تقفز صورة كل منا داخل عين الآخر واسمه .. والحوار الذي تبادلناه هناك وضحكاتنا المختبئة في الزوايا ... وسوف تنقضي أيام طويلة قبل أن ألفظ أسماء أصدقائي الذين يحملون اسمك نفسه دون أن أغص ويرتجف صوتي ... وسوف تنقضي أيام طويلة قبل أن اسمعهم يتحدثون عنك ويلفظون اسمك دون أن تغمد في صدري سكين الشوق .. وسوف تنقضي أيام طويلة قبل أن أخط اسمك دون أن تدمع عين قلمي !.. ...............وافترقنا لكن الزمن لابد وأن يمر بدواليبه فوق جسد ذكرياتنا ويطحنها جيئة وذهابا ... وفي النهاية لايبقى إلا التراب ... من الضوء وإلى التراب تلك حكايتنا ...
وافترقنا وها أنا أرحل وفي حقائبي الذكريات ... آه الذكريات
اودعك وأقف على طرف الكرة الأرضية ثم أقفز إلى الظلام ... والمجهول
فراقك شوكة في حلق زمني الآتي ............. لاجسد لهذا الحب في فضاء الأيام لامكان له في عمرنا المطعون ولم يعد بوسعي أن أخطو اليك ولم يعد بوسعي أن أخطو عنك هذا زمن الانهيارات والفوضى استولت على مدارات حبنا هذا زمن الانهيارات وارقب أنياب الخلل تلتهم أعصابي لم يعد بوسعي أن أصرخ لم يعد بوسعي أن أناديك لم يعد بوسعي أن أذكرك ولم يعد بوسعي أن أنساك من الضوء وإلى التراب .. تلك حكايتنا !.. | |
|
| |
علم الدين هاشم
| موضوع: قصيدة للطيور المهاجره الأحد 22 نوفمبر 2009 - 0:15 | |
| اختيار موفق لقصيدة رائعه تطفىء نار الغربة للطيور المهاجره ! | |
|
| |
بت امها
| موضوع: رد: غادة السمان الأحد 22 نوفمبر 2009 - 2:34 | |
| غادة السمان تجرد الحرف والكلم اتحفتينا حقا بهذه القصائد ..
.... همسة: اقرأي رسائل غسان كنفاني لغادة ورسائلها له | |
|
| |
Enas Adawi
| موضوع: رد: غادة السمان الأحد 22 نوفمبر 2009 - 5:44 | |
| - علم الدين هاشم كتب:
- اختيار موفق لقصيدة رائعه تطفىء نار الغربة للطيور المهاجره !
لك استاذنا علم الدين هاشم نهدىقصيدة هجرة عصافير الخريف للشاعر اسحق الحلنقىهجرة عصافير الخريف هـجرة عـصافير الـخريف فـى مـوسم الـشوق الحلو هـيج رحـيلا مـع الـغروب احـساس غـلبنى اتـحملو وكتمت اشواق الحنـيـن داير الدموع يتـقـلـو ورجعـت خليت الـدموع يـنسابو ..مـنى ويـنزلو ليـه يا عصافيـر الخريف خضرة مـشاعـرى اشيلا صيف تـحت الـغمام شـايف مـواكب الـهجرة اتـلاشت سراع ليه يـا عـصافير ليه الاسف مين علمك أسف الوداع وعارف دا ما اول سفر لبلاد بـعيدة بـدون مـتاع زى ما بتخافي مـن الرياح بنخاف كمان انحن الضياع ليه يا عصافير ليه الضنى صفقة جناحك احزنها غـايـب الـسنين الـليله مالو غنا العصافير غـلبو طراهو زولا كان ولوف كم رضا خاطرو وطيبو سمع قليبو كـلام حـنين هـدهد مـشاعرو ودوبـو الـناس سعيدم فى الـحياة لا ضاق فراق لا جربو وانا حالى فى بعد الوطن دفـعنى ضي العين تمن | |
|
| |
Enas Adawi
| موضوع: رد: غادة السمان الأحد 22 نوفمبر 2009 - 7:34 | |
| الاخت بت امها شكرا على المرور وهذه هى رسائل غسان كنغانى لغادة السمان
إلى الذين لم يولدوا بعدهذه السطور التي أهداني إياها ذات يوم وطنيّ مبدع لم يكن قلبه مضخة صدئة، أهديها بدوري إلى الذين قلوبهم ليست مضخات صدئة، وإلى الذين سيولدون بعد أن يموت أبطال هذه الرسائلولكن سيظل يحزنهم مثلي أن روبرت ماكسويل دفن في القدس في هذا الزمان الرديء، بدلا من أن يدفن غسان كنفاني في يافا
رسالة غير مؤرخة-لا أذكر التاريخ!....لعلها أول رسالة سطرها لي غادة.. أعرف أن الكثيرين كتبوا إليك، وأعرف أن الكلمات المكتوبة تخفي عادة حقيقة الأشياء خصوصا إذا كانت تُعاش..وتُحس وتُنزف على الصورة الكثيفة النادرة التي عشناها في الأسبوعين الماضيين...ورغم ذلك، فحين أمسكت هذه الورقة لأكتب كنت أعرف أن شيئا واحدا فقط أستطيع أن أقوله وأنا أثق من صدقه وعمقه وكثافته وربما ملاصقته التي يخيل إلي الآن أنها كانت شيئا محتوما، وستظل كالأقدار التي صنعتنا: إنني أحبك. الآن أحسها عميقة أكثر من أي وقت مضى، وقبل لحظة واحدة فقط مررت بأقسى ما يمكن لرجل مثلي أن يمر فيه ، وبدت لي تعاساتي كلها مجرد معبر مزيف لهذه التعاسة التي ذقتها في لحظة كبريق النصل في اللحم الكفيف... الآن أحسها ، هذه الكلمة التي وسخوها ، كما قلت لي والتي شعرت بأن علي أن أبذل كل ما في طاقة الرجل أن يبذل كي لا أوسخها بدوري. إنني أحبك: أحسها الآن والألم الذي تكرهينه – ليس أقل ولا أكثر مما أمقته أنا – ينخر كل عظامي ويزحف في مفاصلي مثل دبيب الموت. أحسها الآن والشمس تشرق وراء التلة الجرداء مقابل الستارة التي تقطع أفق شرفتك إلى شرائح متطاولة... أحسها وأنا أتذكر أنني لم أنم أيضا ليلة أمس، وأنني فوجئت وأنا أنتظر الشروق على شرفة بيتي أنني – أنا الذي قاومت الدموع ذات يوم وزجرتها حين كنت أُجلد – أبكي بحرقة.بمرارة لم أعرفها حتى أيام الجوع الحقيقي ، بملوحة البحار كلها وبغربة كل الموتى الذين لا يستطيعون فعل أيما شيء ...وتساءلت: أكان نشيجاً هذا الذي أسمعه أم سلخ السياط وهي تهوي من الداخل؟ لا..أنت تعرفين أنني رجل لا أنسى وأنا أعْرَفُ منك بالجحيم الذي يطوق حياتي من كل جانب ، وبالجنة التي لا أستطيع أن أكرهها ، وبالحريق الذي يشتعل في عروقي ، وبالصخرة التي كتب علي ّ أن أجرها وتجرني إلى حيث لا يدري أحد ...وأنا أعرف منك أيضاً بأنها حياتي أنا ، وأنها تنسرب من بين أصابعي أنا ، وبأن حبك يستحق أن يعيش الإنسان له ، وهو جزيرة لا يستطيع المنفيّ في موج المحيط الشاسع أن يمر بها دون أن.... ورغم ذلك فأنا أعرف منك أيضاً بأنني أحبك إلى حد أستطيع أن أغيب فيه ، بالصورة التي تشائين ، إذا كنت تعتقدين أن هذا الغياب سيجعلك أكثر سعادة ، وبأنه سيغير شيئاً من حقيقة الأشياء. أهذا ما أردت أن أقوله لك حين أمسكت الورقة؟ لست أدري..ولكن صدقيني يا غادة أنني تعذبت خلال الأيام الماضية عذاباً أشك في أن أحدا يستطيع احتماله ، كنت أجلد من الخارج ومن الداخل دونما رحمة وبدت لي حياتي كلها تافهة ، واستعجالاً لا مبرر له، وأن الله إنما وضعني بالمصادفة في المكان الخطأ لأنه فشل في أن يجعل عذابه الطويل الممض وغير العادل لهذا الجسد، الذي أحتقر فيه قدرته غير البشرية على الصلابة، ينحني ويموت... إن قصتنا لا تكتب ، وسأحتقر نفسي لو حاولت ذات يوم أن أفعل ، لقد كان شهراً كالإعصار الذي لا يُفهم ، كالمطر، كالنار، كالأرض المحروثة التي أعبدها إلى حد الجنون وكنت فخورا بك إلى حد لمت نفسي ذات ليلة حين قلت بيني وبين ذاتي أنك درعي في وجه الناس والأشياء وضعفي ، وكنت أعرف في أعماقي أنني لا أستحقك ليس لأنني لا أستطيع أن أعطيك حبات عينيّ ولكن لأنني لن أستطيع الاحتفاظ بك إلى الأبد . وكان هذا فقط ما يعذبني ...إنني أعرفك إنسانة رائعة ، وذات عقل لا يصدق وبوسعك أن تعرفي ما أقصد: لا يا غادة لم تكن الغيرة من الآخرين.....كنت أحسك أكبر منهم بما لا يقاس ، و لم أكن أخشى منهم أن يأخذوا منك قلامة ظفرك . لا يا غادة ....لم يكن إلا ذلك الشعور الكئيب الذي لم يكن ليغادرني ، مثل ذبابة أطبق عليها صدري ، بأنك لا محالة ستقولين ذات يوم ما قلتِه هذه الليلة. إن الشروق يذهلني ، رغم الستارة التي تحوله إلى شرائح وتذكرني بألوف الحواجز التي تجعل من المستقبل - أمامي – مجرد شرائح....وأشعر بصفاء لا مثيل له مثل صفاء النهاية ورغم ذلك فأنا أريد أن أظل معك ، لا أريد أن تغيب عني عيناك اللتان أعطتاني ما عجز كل شيء انتزعته في هذا العالم من إعطائي . ببساطة لأني أحبك. وأحبك كثيراً يا غادة، وسيُدَمرُ الكثير مني إن أفقدك، وأنا أعرف أن غبار الأيام سيترسب على الجرح ولكنني أعرف بنفس المقدار أنه سيكون مثل جروح جسدي: تلتهب كلما هبت عليها الريح . أنا لا أريد منك شيئاً وحين تتحدثين عن توزيع الانتصارات يتبادر إلى ذهني أن كل انتصارات العالم إنما وزِعَت من فوق جثث رجال ماتوا في سبيلها أنا لا أريد منك شيئاً ، ولا أريد- بنفس المقدار- أبداً أبداً أن أفقدك. إن المسافة التي ستسافرينها لن تحجبك عني ، لقد بنينا أشياء كثيرة معا ً لا يمكن ، بعد، أن تغيّبها المسافات ولا أن تهدمها القطيعة لأنها بنيت على أساس من الصدق لا يتطرق إليه التزعزع. ولا أريد أن أفقد ( الناس) الذين لا يستحقون أن يكونوا وقود هذا الصدام المروّع مع الحقائق التي نعيشها...ولكن إذا كان هذا ما تريدينه فقولي لي أن أغيب أنا . ظلي هنا أنت فأنا الذي تعودت أن أحمل حقيبتي الصغيرة وأمضي ... ولكنني هذه المرة سأمضي وأنا أعرف أنني أحبك، وسأظل أنزف كلما هبت الريح على الأشياء العزيزة التي بنيناها معاً.. غسان __________________ رسالة غبر مؤرخة ، ولكن سياق الكلام فيها يدل على أنها كتبت في القاهرة أواخر تشرين الثاني (نوفمبر)وقبل 29/11/1966 بيوم أو اثنين عزيزتي غادة.. مرهق إلى أقصى حد : ولكنك أمامي ، هذه الصورة الرائعة التي تذكرني بأشياء كثيرة عيناك وشفتاك وملامح التحفز التي تعمل في بدني مثلما تعمل ضربة على عظم الساق ، حين يبدأ الألم في التراجع . سعادة الألم التي لا نظير لها . أفتقدك يا جهنم ، يا سماء، يا بحر. أفتقدك إلى حد الجنون . إلى حد أضع صورتك أمام عيني وأنا أحبس نفسي هنا كي أراك .ما زلت أنفض عن بذلتي رذاذ الصوف الأصفر الداكن. وأمس رأيت كرات صغيرة منها على كتفي فتركتها هناك. لها طعم نادر كالبهار ....إنها تبتعث الدموع إلى عيني أيتها الشقية. الدموع وأنا أعرف أنني لا أستحقك: فحين أغلقت الباب وتركتني أمضي عرفت ، عرفت كثيراً أية سعادة أفتقد إذ لا أكون معك. لقد تبقت كرات صغيرة من الصوف الأصفر على بذلتي ، تتشبث بي مثلما أنا بك ، وسافرت بها إلى هنا مثلما يفعل أي عاشق صغير قادم من الريف لأول مرة.لن أنسى. كلا. فأنا ببساطة أقول لك: لم أعرف أحدا في حياتي مثلك، أبداً أبداً . لم أقترب من أحد كما اقتربت منك أبداً أبداً ولذلك لن أنساك، لا...إنك شيء نادر في حياتي. بدأت معك ويبدو لي أنني سأنتهي معك.سأكتب لك أطول وأكثر...لقد أجلوا المؤتمر إلى 30 ولكنهم سيسفروننا غداً ، الأحد إلى غزة كي نشترك بمآتم التقسيم. يا للهول. ويبدو أنه لن يكون بوسعي أن أعود للقاهرة قبل الرابع . وسأكون في بيروت يوم 6 كانون الأول على أبعد تعديل...إلا إذا فررت من المؤتمر وأتيتك عدْواً..حين قرأ أحمد بهاء الدين حديثك لي خطفه، بل أجبرني على التعاقد معه لأكتب له مواضيع مماثلة ......قال لي وهو يهز رأسه: أخيراً أيها العفريت وجدت من يُسكت شراستك. سينشر الموضوع في (المصور) التي علمت أنها توزع في كل البلاد العربية أعداداً هائلة وتحوز على ثقة الناس واحترامهم ...ولكنني بالطبع لا أعرف متى..وزعت كتبك.تحدثت عنك كثيراً .فكرت بك.بك وحدك..وأنت لا تصدقين..وأنت حين (أعذب نفسي في المساء) موجودة في الماي فير مع الناس والهواتف والضحك..حاولي أن تكتبي لي: فندق سكارابيه شارع 26 يوليو .القاهرة فسيكون أحلى ما يمكن أن يلقاني حين عودتي رسالة منك لأنني أعرف أنك لن تأتين.. آه.. يا عزيزة | |
|
| |
Enas Adawi
| موضوع: رد: غادة السمان الأحد 22 نوفمبر 2009 - 14:09 | |
| جدليّة الحبّ والكتابة في رسائل غسان كنفاني إلى غادة السّمان لا شكّ أنّ الرّسائل تكشف عن سيرة للمناضل أصيلة ،متيّم بفلسطين ،عاشق لأهلها الطّيبين حين استقبلوه بعد غياب ،مهموم ببقايا النكسة ،متمرّد بالفطرة على الخطى الّتي لا توافق نظرته للعالم و القيم ،صديق حميم ،و زوج واقعيّ ،و عاشق ثائر،ومبدع لا يخشى التّجريب،و سياسيّ قدير على استيعاب المرحلة و التّقدّم بالقضيّة من فلسطين ،و إلى فلسطين ،من أجل فلسطين … مناضل حرّ و عاشق حرّ و حبّ أسير الرّفض و القبول .فكان فعل الكتابة في الرّسائل يديره وتران؛وتر الموهبة و الإلهام و وتر الحرّية و السّعي للتّحرّر … تماهى السّماويّ بالأرضيّ ، الإلهي بالإنسانيّ ،فساهما معا في إطلاق المكبوت من عقاله و رفع شغف المخيّلة لتفتح أبواب الشّاعريّة على الخصب والثّراء ،و على تحرير الكتابة من التّرسّل الكلاسيكي .إنّه نداء للحريّة و إنصات لما يتردّد في أغوار الذّات من حنين إلى عالم لا إكراه فيه . و لئن يترجم الحبّ عن رغبة الكائن في البقاء و اللّقاء في رحاب الحبيب كما يلجأ الكاتب إلى الكلمات ،و تبدأ المواجهة ،يبدأ صراع الكتابة و العدم ،كما يبدأ صراع الحبّ و اللامعنى∙ و لمّا كان الحبّ ـ كما قال النّاقد محمد لطفي اليوسفي٭ ـ يخرج صاحبه من عالم الإنس إلى عالم الجان ، والشّعر تلهمه الشّياطين و الجان .فمعنى ذلك أنّ الحبّ و الشّعر صنوان ،كلّ منهما ضرب من الخروج ؛خروج من الأليف إلى المتوحش ،و من النّظام إلى الفوضى . إنّ الحبّ يترجم رغبة الكائن في البقاء و الاستمرار و عناء الحياة أمام الموت ،و الكتابة تصدر عن الرّغبة ذاتها ،رغبة الكائن في الاحتماء و رغبة الكاتب في الاحتماء بالكلمات لأنّ لا وجود للكائن خارج ما تسمح به الكلمات . إنّ الكلمات بهذا المعنى و أعنّي الرّسائل تصبح الأفق الّذي ينفتح به غسّان على الآخر ،باللامتناهي ،بالمطلق داخل تجربة الحبّ ،أي كلّ ما يفتح غسّان على صميم كينونته كالحياة و الموت والجمال والمعنى و الكتابة . فكأنّ غسّان لا يعيش تجربة حبّ بقدر ما يكتب علاقة جديدة يعيشها مع اللّغة . من هنا كان السّؤال:ما الذّي يجعل تجربة الحبّ تجربة إبداعيّة ؟ و ما الذّي يجعل التّجربة الإبداعيّة تجربة في الحبّ؟ الرّسائل نداء ؛يقول غسّان :و حين أكتب ليس ثمّة قارئ غيرك ،يا سماء ،يا همّ ،يا جهنّم ،العزيزة ،الأخت تتعدّد النّداءات و صاحب الرّسائل يخوض غمار الوجد .منصت جيّد لفحوى النّداء ,يحكيه و يكتبه فيميل عن مخاطبة غادة إلى مخاطبة الكون و المبادئ .مخاطبة الخصب و المعنى .مخاطبة الكتابة ذاتها كفعل انطولوجي تنقل غادة من امرأة إلى أديبة ،و من ذات تروم ذاتها في الكلمات إلى ذات تحقّق ذاتها داخل الكلمات . الرّسائل ليست حوارا بين متراسلين بقدر ماهي إنصات لخطاب إبداعي ،لذلك يظهر أنّ الرّسائل كتبت لأجل مبدع مخصوص هو بالضّبط كاتبها ! إنّها محادثة خاصّة لا تريد أن تطوّح بطفلين و زوجة ،ولا تروم قارئا يحجبها ،إنّها كتابة تهوى الامتلاء لا تفرغها القراءات من تنوّع الدّلالات لأنّها بالأساس كتابة عاشقة لمخاطبها ،إنّها اندهاش أمام هيمنة المطلق و صرح يشيّد هوّة الضّعف الإنساني ! كنفاني يستجيب لنداءات الحبّ و يقف على عتباته .فيكتب رغبة الإبداع في الانبثاق بوصفه لغة الآخر و لعلّ ذلك ما يفسّر إصراره على أن تبادله غادة الكتابة لتنصت لذاتها كأديبة باحتفال حميم ،هذا الطّلب تحوّل إلى رجاء تواتر عشر مرّات في الرّسائل ،و هذا الاحتفال بالكلم المعرّش في الذّاكرة يبرهن على التّطور البارز في مسار الرّسائل و انفتاحها على المضامين الوجوديّة والوطنيّة و الثّقافيّة الّتي أرّقت غسان و ألهبته … لقد كشفت الرّسائل بفعل الحبّ والكتابة عن مواقف غسّان من العالم و النّاس و الوجود ،لقد كانت محاولة تأصيل وهروب من الملاجئ و النّجوم على حدّ السّواء . كانت الملاجئ تميد ،تضعف و تخون ،تراود و لا تصون ،يقف من خلال الحبيبة في رمضاء اللّغة و الحبّ فيبحث عن قارئ لا يخون ! قارئ يدخل مشهد المكتوب و كأنّه الشّاهد عليه ! جدليّة الحبّ و الكتابة في الرّسائل لا تتمّ إلا بوجودنا نحن القرّاء .ألسنا شهودا احتمت بنا غادة منذ وجدت في ولاّدة و الخنساء ما يصل تراثنا بحداثتنا ،ألسنا ماكثين في ذهن غسّان منذ تواعد وغادة على نشر الرّسائل ! لقد أطلقت غادة نداء مباشرا من عمق التّراث العربيّ يكشف عن منطلقه و غايته .وفي الرّسائل تثبيتا لأدب البوح و الاعتراف ،رسائل تؤرخّ لحريّة الذّات و رغم غياب ردود غادة على الرّسائل،فإنّ الجدل القائم بين تجربة الحبّ و تجربة الكتابة لا يؤرّخ لنرجسيّة الكاتب بقدر ما تكشف اللّغة الممتلئة عن منبت أصيل لمبادئه ،لوطنه .بالدّم كتب غسّان عن نفسه وعن حبيبته و لذكرى الدّم و الشّهادة نشرت غادة الرّسائل ! | |
|
| |
علم الدين هاشم
| موضوع: عصافير الخريف الإثنين 23 نوفمبر 2009 - 0:20 | |
| فعلا احساس غلبنى اتحملو ,, فى شنو !! | |
|
| |
| غادة السمان | |
|