إجازة العقل ..

في بعض الاحيان نقرر و بدون سابق إصرار أو ترصد أن نضع عقولنا في إجازة .. و ربما كان ذلك بشيء من القصد الخفي الذي طالما تجيد أنفسنا حياكته في كيدها المستتر الذي لا يبرع فيه غيرها تلك الأمارة بالسوء .. نضع عقولنا في عطلة حتى نتحرر من ذلك العبء الثقيل الذي يلقي بكلاكله على النفس و هي التائقة أبدا للتحرر من كل قيد و الإنطلاق كالطير يرف بجناحيه كيفما أراد .. لا رادع له في في فضاء لا يحده أفق .. و خلال عطلة العقل هذه سرحت النفس تتفيأ ظلالا في الحياة لم تألفها .. و وردت مورادا لم تختبرها من قبل .. كانت مثل ظاميء ضاع في صحاري من الجفاف لآلاف السنين وجد واحة من الماء العذب الزلال تنتصب فجأة قبالته .. فعب منها و لم يتسائل وقتها لمن هذه الواحة .. أهو سراب خيل إليه ماء أم ماذا .. ولكن كيف يكون سرابا و قد أطفأ الظمأ و أخمد اللهيب .. و فيم التساؤل و العقل قد تعطل .. إنها لحيظات نسترقها من الحياة التي يصم صرير تروسها الآذان .. لحيظات نتوسد فيها الفرح نستلبها من فك زمان لا يرحم .. هي غيمة تمر على أرض لاهبه تنثر حبات من الرذاذ فتنثر فيضا من الفرح و الحبور .. فيا أيها العقل مرحبا بعودتك التي لا مفر منها و تأكد من أنك منغص لا بد منه .. و لو لم تعد لما افتقدناك !!