قرشي محمد
| موضوع: الله يسلم من المواسير الأربعاء 5 مايو 2010 - 18:09 | |
| وقبل أن نخوض في هذه البلية الخطيرة ، نذكر أولا بأمور: أولا : إن الله غيور ، يغار أن تنتهك محارمه ، فاتق غيرة الله ثانيا : لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، فقد جعل الله للناس سعة من أمرهم ، فلم يكلفهم بما لا يطيقون ، حتى لا يظن من انغمس في هذه المصيبة أن ترك الربا شيء لا يمكن حدوثه في العصر الحديث ، ثم بعد ذلك يحاول أن يجعله من الضرورات التي لا يمكن الاستغناء عنها. ثالثا : إن الله قد هدانا وأرشدنا إلى سبيل الحق ، ثم الناس بعد ذلك إما شاكرا وإما جاحدا ، " إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا " ، " فالحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات ومن اتق الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه " فيجب على المؤمن تحري الحلال وترك الحرام ، وحري به أن يتورع عما اختلف فيه من المشتبهات حفظا لدينه وعرضه. رابعا : أساس شريعة الله قائم على تحقيق مصالح العباد ودرء المفاسد عنهم ، ولا يمكن بحال أن يجعل الله العز والمنعة والتقدم والحضارة لقوم بمعصيته جل وعلا، فما عند الله لا ينال إلا بطاعته. خامسا : أن سبيل النجاة واضح جلي لمن أراد الله والدار الآخرة ، ولا يظنن ظان أن في اتباعه لسبيل الله جل وعلا العنت والمشقة ، فالله رفع عن الناس الحرج ، وقد أرشدهم لنجاتهم بأن يحصنوا أنفسهم ويبتعدوا عن المهالك ومواطن الشبهات ، ويتحصنوا بسترة من الحلال تكفيهم مغبة الوقوع في الحرام . تعريف الربا لغة: الربا في اللغة: هو الزيادة. قال الله تعالى: (فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ)[الحج:5], وقال تعالى: (أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ) [النحل:92]، أي أكثر عدداً يقال: ”أربى فلان على فلان، إذا زاد عليه“ وأصل الربا الزيادة، إما في نفس الشيء وإما في مقابله كدرهم بدرهمين، يقال: ربا الشيء إذا زاد, ومن ذلك قول الله تبارك وتعالى: (يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) [البقرة: 276] . وأربى الرجل: عامل بالربا أو دخل فيه ويطلق الربا على كل بيع محرم أيضاً . تعريف الربا في الشرع: الربا في الشرع: هو الزيادة في أشياء مخصوصة. وهو يطلق على شيئين: يطلق على ربا الفضل وربا النسيئة. النصوص الواردة في تحريم الربا: الربا محرم بالكتاب والسنة والإجماع, وهو من الكبائر, ومن السبع الموبقات, ولم يؤذن الله تعالى في كتابه عاصياً بالحرب سوى آكل الربا, ومن استحله فقد كفر - لإنكاره معلوماً من الدين بالضرورة - فيستتاب, فإن تاب وإلا قتل, أما من تعامل بالربا من غير أن يكون مستحلاً له فهو فاسق. ودليل التحريم من الكتاب قول الله تبارك وتعالى : (وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)[البقرة:275], وقوله عز وجل: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَس ...) [البقرة:275]. ودليل تحريم الربا من السنة أحاديث كثيرة منها: ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اجتنبوا السبع الموبقات قالوا: يا رسول الله وما هن ؟ قال: الشرك بالله, والسحر, وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق, وأكل الربا, وأكل مال اليتيم, والتولي يوم الزحف, وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات». وما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه», وقال: هم سواء. وأجمعت الأمة على أصل تحريم الربا. وإن اختلفوا في تفصيل مسائله وتبيين أحكامه وتفسير شرائطه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال أمِن الحلال أم مِنَ الحرام»، وأخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم بهذا تحذيراً من فتنة المال، فهو من بعض دلائل نبوته صلّى الله عليه وسلّم بالأمور التي لم تكن في زمنه، ووجه الذّمّ من جهة التّسوية بين الأمرين وإلا فأخذ المال من الحلال ليس مذموماً من حيث هو والله أعلم. وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم، وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فَرُدَّ حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان، فقلت: ما هذا؟ فقال: الذي رأيته في النهر آكل الربا». وقد ذكر الله تعالى لآكل الربا خمساً من العقوبات: إحداها: التخبط . . قال الله تعالى: ( لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَس) الثانية: المحق . . قال تعالى: (يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا) والمراد الهلاك والاستئصال , وقيل : ذهاب البركة والاستمتاع حتى لا ينتفع به, ولا ولده بعده. الثالثة: الحرب . . قال الله تعالى: ( فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِه﴾ [البقرة : 279] . الرابعة: الكفر . . قال الله تعالى: ( وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [البقرة : 278] وقال سبحانه بعد ذكر الربا: (وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) [البقرة : 276] أي: كفار باستحلال الربا, أثيم فاجر بأكل الربا. الخامسة: الخلود في النار قال تعالى: ( وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [البقرة : 275], وكذلك - قول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران : 130], وقوله سبحانه: (أضعافا مضاعفة) ليس لتقييد النهي به, بل لمراعاة ما كانوا عليه من العادة توبيخاً لهم بذلك, إذ كان الرجل يربي إلى أجل, فإذا حل الأجل قال للمدين: زدني في المال حتى أزيدك في الأجل, فيفعل, وهكذا عند محل كل أجل, فيستغرق بالشيء الطفيف ماله بالكلية, فنهوا عن ذلك ونزلت الآية. حكم الربا: قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: ”أجمع المسلمون على تحريم الربا في الجملة وإن اختلفوا في ضابطه وتعاريفه“. ونص النبي صلّى الله عليه وسلّم على تحريم الربا في ستة أشياء: الذهب، والفضة، والبر، والشعير، والتمر، والملح. وجه الإعجاز: لا يشك المسلم في أن الله عز وجل لا يأمر بأمر ولا ينهى عن شيء، إلا وله فيه حكمة عظيمة، فإن علمنا بالحكمة، فهذا زيادة علم ولله الحمد، وإذا لم نعلم بتلك الحكمة فليس علينا جناح في ذلك، إنما الذي يطلب منا هو أن ننفذ ما أمر الله به، وننتهي عما نهى الله عنه ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم, ولا شكّ أنّ للرّبا أضرار جسيمة، وعواقب وخيمة، والدين الإسلامي لم يأمر البشرية بشيء إلا وفيه سعادتها، وعزّها في الدنيا والآخرة، ولم ينهها عن شيء إلا وفيه شقاوتها، وخسارتها في الدنيا والآخرة، ثم إن المصلحة هي بتحريم الربا لأن أضراره الاقتصادية والسياسية والاجتماعية أكثر من منافعه, ومن ثم فإنه لا يصح القول بأن العلة في تحريم الربا هي الاستغلال أو الظلم؛ لأن الظلم أو الاستغلال هو الحكمة من تحريم الربا، وهناك فرق بين الحكمة والعلة، فالحكم الشرعي يدور مع العلة لا مع الحكمة وجوداً وعدماً. الخلاصة: إن الربا ثروة من الفقراء إلى الأغنياء، تصور إنساناً لا يعمل، يستيقظ الساعة الثانية عشرة ظهراً، لأن أمواله مستثمرة في مشروع ربوي وربحه ثابت لا يهمه نزول مطر أو لا، ولا يهمه كساد ولا يهمه رواج، لا يهمه تقدم الأمة، فربحه ثابت، لذلك فإن أقسى قلب هو قلب المرابي أو الذي يستثمر ماله عن طريق الربا لأنه انتهازي لا يهمه شيء سوى نفسه. وما شرعت الزكاة والصدقة وتحريم الربا إلا ليعم المال جميع الناس بالعدل والقسط قال الله تعالى: (مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[الحشر: 7], إنه مع ضيق المكاسب وقلة الأعمال ارتفعت نسبة الإجرام إلى عشرة أضعاف تقريباً، والعالم الغربي يعاني أخطر ما يعاني من البطالة، بسبب استثمار الأموال عن طريق الربا, فالمرابي كأنه مصاص الدماء يأخذ دماء الناس وتعبهم وعرقهم وكل جهدهم ولا يكفي ذلك كله لسداد ما عليهم. لقد جاء تحريم الربا بنص القرآن على لسان النبي الأمي الأمين الذي لا ينطق عن الهوى؛ بل هو من عند الله العظيم، وهذا ما أكدته اليوم نتاجات الحضارة وخبرات البنوك وتجارب المرابحين والتجار؛ أن الربا مرض سرطاني يجب أن يُستأصل من جذوره لكي تعيش الشعوب بأمان ويعم الرخاء وتنتهي البطالة ويحيى الناس على الحب والتآخي والشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين، حتى ننال السعادة في الدارين ونعيش معيشة لا نضل فيها ولا نشقى امتثالاً لأمر الله القائل: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىوَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) [طه: 123-124].
| |
|
الرشيد حبيب الله التوم
| موضوع: رد: الله يسلم من المواسير الأربعاء 5 مايو 2010 - 19:37 | |
| الأخ قرشي
حفظك الله شعلة من مشاعل هذا الدين.. و شاباً من شبابه المجيدين و خدامه الأوفياء.. حقيقة لم أجد ما أضيفه من رأي لما طرحت و لا أريد أن أتغول علي الدين أو أن أكون أحد (المفتين) في هذا العصر الذي يجيد فيه كثيرون الإفتاء..؟؟ و دمت | |
|
قرشي محمد
| موضوع: رد: الله يسلم من المواسير الخميس 6 مايو 2010 - 7:32 | |
| - الرشيد حبيب الله التوم كتب:
الأخ قرشي
حفظك الله شعلة من مشاعل هذا الدين.. و شاباً من شبابه المجيدين و خدامه الأوفياء.. حقيقة لم أجد ما أضيفه من رأي لما طرحت و لا أريد أن أتغول علي الدين أو أن أكون أحد (المفتين) في هذا العصر الذي يجيد فيه كثيرون الإفتاء..؟؟ و دمت الأخ الغالي: الرشيد حبيب الله التوم وفقه الله جزاك الله خيراً قال صلى الله عليه وسلم: (من صًنع إليه معروفٌ فقال لفاعله: جزاك الله خيراً فقد أبلغ في الثناء) | |
|
قرشي محمد
| موضوع: رد: الله يسلم من المواسير السبت 8 مايو 2010 - 17:01 | |
| الأخ الحبيب الغالي/ أبودجانة وفقه الله السلام عليكم ورحمة الله وركاته وبعد،، أسأل الله عز وجل لنا ولكم العافية في الدين والدنيا والآخرة. اصدُقك القول هو في هيئة علماء في السودان. إن كانت في هذه مصيبة كبرى. تعرف يا أبودجانة لماذا لعن الله بني إسرائيل كما ورد في القرآن الكريم: (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون* كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون). ونسأل الله السلامة وجزاك الله خيراً على المرورك | |
|