الخصخصة من وجهة نظر إسلامية:
أما النظرة الإسلامية للخصخصة. معروف أن الإسلام يعطى الفرد حق التملك بدون حدود من حيث الكمية وفق ضوابط الحلال والحرام ومراعاة ضوابط الشريعة الأخرى قال تعالى " وتق فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا كما أحسن الله إليك " ( سورة القصص، الآية 77).
إن حماية الناس من الإستغلال والإحتكار فيما يتعلق بالحصول على المنافع العامة سواء كانت منافع خدمة مثل الماء والكهرباء أو منافع مادية من الأمور التى أولها الإسلام عناية خاصة قال الرسول (ص) : الناس شركاء فى ثلاثة " الكلا والماء و النار " .
( العوضى 2000م) .
إن الإسلام يحث على الملكية الفردية ويحض عليها فى نفس الوقت , ولكن الخصخصة هى تحويل منشآت القطاع العام وهى أملاك الدولة وهذا يتنفى مع تمليك القطاع الخاص. إن أملاك القطاع العام هى أملاك الأمة وهى ملك لجيل اليوم وأجيال الغد لذلك يجب الحفاظ عليها ... هل يمكن بيعها أو لايجوز بيعها شرعا ..؟
يمكن بيع ممتلكات القطاع العام إذا كان الغرض منها إستثمارها للأجيال القادمة كمشاريع للتنمية والتعليم وخاصة إذا كانت هناك حوجة لرؤوس أموال ضخمة لا تسطيع الدولة توفيرها. لذا يمكن تحويلها للقطاع الخاص وتقوم الدولة بإستثمار عائدتها فى مجالات أخرى أكثر نفع لايستطيع القطاع الخاص الإستثمار فيه وهى ضرورية لعملية التنمية مثل الطرق والكبارى والمواصلات وغيرها من مشاريع البنية التحتية والدليل على ذلك ما أخرجة البخارى فيما يتعلق بالأراضى المفتوحة إن سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال :" لولا أقر الناس ما فتحت قرية إلا وقسمتها فإنها لمن جاء بعدكم من المسلمين " .
( الجزئرى 1407ه)
بناء على ذلك فإن هذا لا يتعارض من تحويل ملكية الدولة إلى ملكية القطاع الخاص أو أى ملكيات آخرى. أى أن يتحول الملك العام الى ملك خاص ويستثمر عائده فى مشاريع إنمائية آخرى بدلا عن صرف العائد فى الإنفاق على جيهات معينة أو أفراد أو لمصلحة خاصة ستنفع منها جيهات معينة للسيطرة على منافع الناس وإرادتهم والتسلط عليهم بإسم الإسلام وولاية الله على الأرض
إن الإسلام عندما وضع منهجه لتشجيع القوى الفاعلة من القوى العاملة أصحاب روؤس الأموال مع إتباع سياسة التحفيز لم يترك معالجة أوضاع كثير من الفئات التى تحتاج إلى هذه المنتوجات أو الخدمات مع كونها لا تستطيع شراء هذه السلع أو المنافع لقلة مواردها . فقد وضع منهجا ماليا من خلال أسايب الإنفاق من الموارد العامة للدولة وتميز الإسلام فى منهجه فى توزيع موارد الدولة بتقسيم الموارد إلى قسمين القسم السيادى والقسم الغير سيادى أما الزكاة فخصصها للإنفاق على أفراد المجتمع بغرض تحقيق الرخاء الإجتماعى بحيث لاتنفق إلا على الأصناف الثمانية التى حددهاالقرآن الكريم . أما المصالح العامة وهى القسم الثانى فيتم الإنفاق عليها من موارد الدولة الآخرى .
( الشيبانى1981م ).
إختلفت وجهات النظر حول إقتصاد السوق بين مؤيد ومعارض حول مسألتين أساسيتين هما الكفأة والأخلاق . فالكفأة التى تتحقق مع مرور الزمن حيث تؤدى إلى تخفيض تكلفة الإنتاج فإنتاج أقل تكلفة يؤدى إلى زيادة المنافسة بحيث يخرج أصحاب التكلفة العالية من السوق . أما وجهة النظر الأخلاقية ترى أن السوق حلبة صراع طبيعى لا يصمد فيها إلا الأقوياء لذلك إن سياسة تحرير السوق تعنى توزيع الثروة وفقا لأهلية الإستحقاق , إن إقتصاد السوق من وجهة نظر الإسلام أصل من الأصول الإسلامية التى تستقيم مع صيانة حقوق الملكية الخاصة وفقا للضوابط الأخلاقية الإسلامية وهو المسئول عن صيانة الأصول والجواهر الخمس ( النفس , النسل , المال , الدين , العرض ) وبالتالى صيانة المنظومة الإجتماعية ولأن الأصل فى العقود والمعاملات هو العدل والإحسان قال تعالى " لقد أرسلنا رسلنا وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط " ( سورة الحديد الآية 15) هذا يؤكد السيادة الأخلاقية للعدل فوق الكفاءة . أما سوق الإحسان يتفاعل مع سوق العلاقات التبادلية ليعطى الصورة الكاملة للسوق . والإسلام يقصد بسوق الإحسان إنسياب التحولات الفردية من القادرين إلى الفقراء والمحتاجين عن طريق الزكاة والهبة والصدقة .
إن حرية النشاط الإقتصادى أصل من أصول الإسلام الأخلاقية وفقا لتكامل قاعدتى العدل والإحسان ولايستقيم هذا السوق مالم تتوفر قاعدته المتمثلة فى السلوك الخيرى الهادف للنمو الروحى مع الوجود الفعلى للدولة كحارس أمين لتعميق هذا السلوك . إن دور الدولة الإيجابى والرقابى يؤدى لتوجيه رؤوس الأموال للإستثمار قصير الأجل ذات العائد السريع والمضمون ولتمويل الإنفاق العام تفرض الدولة الرسوم والضرئب لا بد من ملاحظة معضلة أخلاقية مفادها تساوى فى التكلفة الحدية لكثير من الخدمات بالرغم من التباين الواضح فى العائد الحدى لكل فرد . مع غياب السلوك الذاتى الذى ظهرت بوادر فى حرب الأسعار والهزات السوقية القائمة على الإشاعة مع بوادر التفليس الإجبارى . أدت هذه بدورها إلى زيادة غير مبرره فى أسعار السلع والخدمات إلى إفقار طبقة من ذوى الدخل المحدود الذين لايتمتعون بطبيعة الحال بالتعويض التلقائى . إن عدم توفر الحماية للمستهلكين وصغار الممنتجين تعرضهم للتخلص من منتجاتهم فور إنتاجها لمجابهة الزيادة فى تكلفة المعيشة .
( عباس1995م )
نرى إبعاد الدين عن المجالات الخلافية فى الحياة السياسية والإقتصادية وقصره فى الجوانب الروحية والوجدانية والنفسية والشخصية لتحقيق توازن الإنسان الروحى , والدين يمثل العلاقة بين الخالق والمخلوق.
لكن محنة الحركة الإسلامية المعاصرة تقع فى مشكلة التوفيق مابين التجديد والعودة إلى الأصول وتفسيرات النصوص الدينية فى شكل قوالب للإقتصاد الإسلامى , ويجب عدم ربط الدين بالدولة لان الدولة بمفهوم العصر تتمتع بشخصية تشريعية ُتحكم وُتحاسب وُتنتقد وُتحاكم وُتغير بنظام جديد . ولايمكن أن يكون لها دين فالدين لا ينتقد ولايحاسب ولا يحاكم , و الدولة الدينية لاتعنى تطبيق الشريعة بل تعنى إعتناق شعبها الإسلام.
لم تقدم الحركة الإسلامية نظرية إقتصادية متكاملة ولكن تحاول أن تحل الأزمة وتصف سوء الحال والمشاكل بإعتبارها ذات طابع أخلاقى وإسلامى .
ولم تسهم الحركة الإسلامية بأي إنتاج فى مجال الإقتصاد ولكنها إقتحمت عمليا مجال التجارة والمال, ووجهة عدد من كوادرها لدخول دنيا المال والأعمال والإستثمار, مما أدى إلى إزدهار قطاع الإسلاميين فى هذه الدنيا الجديدة , وأصبح للحركة الإسلامية وجود فعال وسط التجار والمستثمرين ورجال الأعمال الذين إستفادوا من علاقاتها وتجمعات مؤيدها فى الخليج. وأطلق على هذا بالإقتصاد الإسلامى .
يقول د. حسن مكى : " إن دور الحركة داخل إقتصاد السودان فى سبعينيات القرن الماضى فى إطار ترجمة معانى الإسلام الإقتصادية , ونفذت شبكة المصارف الإسلامية بالكوادر والخبرات الإسلامية فى مجال الإقتصاد حتى أصبحت جزاءا أساسيا فى حركة المجتمع والمال والأعمال وغذت هذه المؤسسات المجتمع السودانى بعشرات الشركات" .
ويقول د. حسن الترابي : " كان هذا العهد هو عهد العمل الإقتصادي الإسلامى الذى أبتدر قبيل المصالحة عبر بنك فيصل الإسلامى عام 1977م . كركيزه من ركائز التحول الإسلامى والربط بين الإسلامين وبين الإقتصاد والتحول الإسلامى " .
أيضا يقول د. حسن الترابي : " إتسعت رقعت الإقتصاد الإسلامى بتأثر الحركة بالسلطة فأصدرت قوانين فارضة للزكاة ومانعة للربا وواضعة لقوانين الأحكام المدنية الشرعية حتى كاد الإقتصاد الإسلامي أن يكون خيار الدولة فى السودان ".
فى سبيل تنفيذ هذا البرنامج قامت الحركة الإسلامية بعدة ممارسات إنتهازية دفعتها لعدة تحالفات سياسية وإقتصادية مع الشرئح الطفيلية المحلية والدولية ( صندوق النقد والبنك الدولى ) للوصول لسلطة . ودخلت المؤسسات الإقتصادية الإسلامية مجال التموين وتخزين السلع الضرورية والمتاجرة فى العملات وبيع مؤسسات القطاع العام لكوادرها وسيطرة على الإقتصاد السودانى من خلال سيطرتها على مؤسسات الدولة , وإرتبطت بالرأسمالية العالمية ومؤسساتها وإنتهجت سياسات التحرير الإقتصادي (سياسة السوق الحر ) . ويعتبرهذا كسب إقتصادى للحركة الإسلامية وإهتمام بالمال عاني منه الشعب السودانى حتى فقد تحت عمليات نهب (مقدس) وهائل لمقدرات البلاد المالية والإقتصادية .
وأصبح الإسلام واجهة لتحلفات إقتصادية وإنتهازية لتحقيق مصالح شخصية ومن أجل الكسب السياسي وفى سبيل البقاء فى السلطة .
خصخصة المشروع وتأثيرها على الإنتاج :
بفرض علاقات إنتاج الحساب الفردي ( ضريبة رسوم الماء والأرض ) لموسم (81/1982م) ورفعت يد الدولة عن التمويل وخصخصة المؤسسات الخدمية للمشروع لتسهيل بيعه حسب الخطة المرسومة لتعميق التدهور. بإرتفاع التكلفة وعجز المزارعين عن التمويل , ويؤدي بدوره لضعف الإنتاجية وُبعد المزارعين عن الأرض.
ومن إستعجال الحكومة فى تنفيذ شروط البنك الدولى وتطبيق نظام الحساب الفردى موسم (81/1982م) يتضح أنه فى ظل الحساب المشترك من موسم (75/1976م - 80/1981م) قد بلغ متوسط العائد من المحاصيل الحقلية . ( قطن , قمح , الفول السودانى , ذرة) حوالى (39,82,26,133, دولار) للفدان بينما فى ظل الحساب الفردى من موسيم (81/1982م - 88/1989م) فقد بلغ متوسط العائد (43,68,37,90دولار) للفدان . إن إجمالى متوسط العائد للمحاصيل الحقلية للفترة الأولى (280دولار) . بمتوسط قدره ( 80 دلاور) للفدان . وإجمالى متوسط العائد للمحاصيل الحقلية للفترة الثانية ( 238 دولار) بمتوسط قدره ( 59,5 دولار ) للفدان .
نتيجة لذلك أصبح المزارع يتحمل المخاطرالناتجة من تدنى الإنتاجية الذى إستمر بعد سياسات التحرير الإقتصادى بشكل واضح, لقد تأثر المزارع كثيرا من جراء تغير علاقات الإنتاج بالرغم من أنه العنصر الفعال فى العملية الإنتاجية إلا أنه لايعرف الكثير عن علاقات الإنتاج والمنصرفات والمبيعات . والتدنى وقلة الإنتاج ساعد فى إهمال المزارع للعمل الزراعى والبحث عن مصدر دخل آخر.
ومن الأسباب التى أدت إلى تدهور الإنتاجية التغيرات فى الدورة الزراعية ( الثلاثية , الرباعية , الثمانية , السداسية وآخيرا الخماسية ) أن لكل دورة مشاكلها فالدورة الكثيفة تؤدى إلى إنتشار الحشرات والآفات التى تعوق نمو المحاصيل مما يؤدى إلى زيادة تكلفة الإنتاج .
لاشك أن توفر مياه الرى من أهم مدخلات الإنتاج وعدم توفر المياه بالقدر الكافى وفى القوت المناسب يعيق نمو المحاصيل , إستمر العمل بنظام الرى رغم التعديل الذى طرأ على خارطة المشروع بسبب التوسع والتنوع فى محاصيل الدورة الزراعية, وقنوات الرى محتفظة بتصميمها القديم تسبب هذا فى خلق فجوة بين الطاقة التخزينية للقنوات , ومحاصيل الدورة الزراعية وأدى إلى تراكم الطمى فى القنوات وكثافة الحشائش المعمرة .
ومن المشاكل أيضا تقليص عدد الآليات وظهورالعطش خاصة فى الأقسام الطرفية . يعانى المشروع من تدنى مستوى الأداء فى كافة العمليات الفلاحية مما أدى إلى تدنى الإنتاج فى محاصيل الدورة الزراعية التى كان يمكن تخفيضها بإستخدام الحزم التقنية كان الفرق واضح بين مايطبق وبين ما توصى به البحوث الزراعية ويعزى لعدم إفاء الإدارة بإلتزاماتها تجاه العمليات الزراعية وعجز عدد من المزارعين . إما بسبب كبر السن أو لعدم توفر التمويل الكافى بالإضافة لدخول المزارعين فى علاقات إنتاج جديد مع العمال الزراعين ( الشراكة لموسم فى كل المحاصيل) أوالتأجير لموسم (الدنقدة).
تتمثل مدخلات المشروع من مدخلات ما قبل الزراعة من الآليات لتحضير والوقود والمبيدات للحشائش , ومدخلات مابعد الزراعة وهى مبيدات الآفات والحشرات والأسمدة ومدخلات الحصاد من آليات الحصاد والخيش والترحيل .
لقد كان المشروع يمتلك معظم هذه الآليات ( الهندسة الزراعية , السكك الحديدية, المحالج ...الخ ) لكنها تدهورت بسبب الإهمال وعدم الصيانة , هذا التدهور فتح الباب أمام القطاع الخاص وأدى إلى هيمنتة على العمليات الزراعية .
أدى تغير علاقات الإنتاج لنظام الحساب الفردى إلى إحتدام أزمة المشروع وساهم فى تراكم مديونية على المزارعين وهى ديون تترتب عليها فوائد أدت على المدى الطويل إلى عجز الحكومة عن الإستمرار فى التمويل خاص لمحاصيل القطن والقمح وكذلك المبالغ المتحصلة من تكلفتى الماء والأرض وعدم سداد نصيب وزارة الرى .
إن نجاح المواسم الاولى لعلاقات الحساب الفردي في موسم ( 82/83 19م) إلى موسم ( 85/86 19م ) هي فترة برنامج إعمار المشروع إلتي انقطعت بعد ذلك , قبل أن تكمل الفترة المحدد لها و ظهرة مشاكل العطش داخل المشروع بسبب عدم تطهير القنوات وسياسة التكثيف الزراعي والتوسع الأفقي , كانت المعالجات شكلية وإسعافية مثل العون الهولندي لإزالة الحشائش وتطهير القنوات.
وحسب التقرير المعد من إدارة المشروع لفترة عشرة سنوات من عمر علاقات انتاج الحساب الفردي للفترة من موسم 81/82 وحتى موسم (91/92م) وضح الأتي
1. (43%) من المزارعين سجلوا أرباح .
2. (35%) من المزارعين لم يحققوا شيئا ً.
3. (22%) من المزارعين سجلوا خسارة .
ومن أهم سمات الحساب الفردي هي أن يتحمل المزارع عملية تمويل العمليات الزراعية والإنتاجية وذلك من مدخراته او الإقتراض من محفظة البنوك . وجاءت عملية التمويل في التقرير المذكور أدناه كالأتي:
• (2%) من المزارعين يقومون بعملية التمويل بأنفسهم.
• (83%) من المزارعين يتم تمويلهم من المشروع (قروض بنكية من محفظة البنوك) .
• (15%) من المزارعين معسرين ( مدانين لإدارة المشروع ) .
لم يصاحب دخول قانون الحساب الفردي من تعديل في السياسات الزراعية وحل لمشاكل الري , أصبح العطش يهدد أجزاء كبيرة من المشروع وأصبح عائق رئيسي لعملية الإنتاج ، ساهم كل ذلك في تدني الإنتاجية وزيادة تكلفة الإنتاج وبدخول محفظة البنوك كممول للعمليات الزراعية والإنتاجية بنسبة فوائد عالية . تراكمت مديونيةعلي فقراء المزارعين , وسيف الحساب الفردي يهددهم بنزع حواشاتهم في حالة عدم التسديد.
ترى منظمة الفاو الزراعية في تقريرها في عام (2000م) بأن سبب فشل القطاع الزراعي في السودان هو فشل لسياسات الحكومة وإهتمامها بالتوسع الأفقي دون الإهتمام بتحسين علاقات الإنتاج لصالح المزارعين . ووضع إصلاح زراعي يؤمن إنتفاع طويل الآمد لجماهير المزراعين.
إنتهجت حكومة الإنقاذ سياسة السوق الحر وتحرير الأسعار ووضعت برنامجها الثلاثي للأعوام (90-91 –1992م ) تهدف الخطة إلي إلغاء دور الحكومة في القطاع الزراعي وخصخصة القطاع الإقتصادي كهدف إستراتيجي. قامت الإنقاذ بالتركيز على التوسع الأفقي بزيادة المساحة الزراعية في السودان من ( 8و2 مليون فدان) إلى (9 مليون فدان) , وتوسع رأسي بإستخدام الحزم التقنية.
في مشروع الجزيرة والمناقل تم تحويل الدورة الزراعية من رباعية إلى خماسية , وفي موسم (92-1993م ) رفعت الدولة يدها بصورة كاملة من عملية تمويل العمليات الزراعية , وعملت إدارة مشروع الجزيرة والمناقل على هيكلة الديون والضرائب والرسوم المتراكمة التي نتجت من الإرتفاع الباهظ لتكلفة العملية الإنتاجية وتدهور الإنتاج .
1/ التحضير :
كانت الهندسة الزراعية تمتلك العديد من الآليات والمعدات الزراعية وغيرها من البنيات الأساسية . ولكن تدهورت بسبب الإهمال والقصور فى عمليات الصيانة والمتابعة .
جدول رقم (
يوضح آليات مصلحة الهندسة الزراعية من حيث النوع والعدد والكفأة
العملية الزراعية نوع الآلة العدد نسبة الكفأة
حفار أبوعشرين جرار ثقيل 8 50%
الحرث العميق جرار ثقيل 58 50%
الحرث دسك 50 40%
التسريب محراث السراب 173 50%
الزراعة آلة زرع بالطلب 70 75%
التسميد فالكن 170 صفر %
مكافحة آفات رشاش 20 30%
المصدر : الهندسة الزراعية 1987م
من الجدول يتضح قلة العددية ونوعية الآلات المطلوبة لكل عملية زراعية مع تدنى كفاءتها للقيام بالعمليات الزراعية ويرجع مرد ذلك , إن الغالبية العظمى من الآليات والمعدات الزراعية هالكة بسبب الإستهلاك المستمر دون صيانتها مع عدم توفير قطع الغيار بالكميات المناسبة فى الوقت المناسب .
كان التحضير للقطن يعرف ( بتحضير البايت) حيث كان هذا النوع من التحضير يعطى المزارع الفرصة الكافية لنظافة الأرض من الحشائش المعمرة و تعرف العملية ( بالكمترة ). كان التحضير يتم عن طريق الهندسة الزراعية فى كل أقسام المشروع وفقا للشروط التى تحددها الإدارة الزراعية الإ أن القطاع الخاص ممثلا فى الأفراد قد بدأ يغزو المشروع مع تطبيق الحساب الفردى موسم (81/1982م ) .
منذ موسم ( 92/1993م ) أصبح تقوم بالتحضير شركات القطاع الخاص بدلا عن الهندسة الزراعية وهى:
1/ شركة دال الهندسية .
2/ شركة الدالى والمزموم .
3/ مركز سنار للخدمات الزراعية .
4 / شركة التنمية الزراعية.
5/ شركة عين اليقين.
6/ شركة الوادى الأخضر .
بالرغم من هذا العدد من الشركات والهندسة الزراعية الإ أن عملية التحضير لم تنفذ فى الوقت المحدد لها . يؤدى هذا التأخير إلى تأخير الزراعة والعمليات الفلاحية الأخرى الأمر الذى يؤدى إلى تدنى الإنتاج . كما إتضح أن الهندسة الزراعية كانت الأفضل لتحضير الأراضى ( العميق , التسريب ) . وذلك لما تراكم لديها من خبرات إلا أن دورها فى التحضير قد تقلص بشكل واضح أنظر الجدول رقم ( 8 ) .
جدول رقم (9) يوضح المساحات التى قامت شركة الدالى والمزموم بتحضيرها
خلال الفترة من موسم ( 95/1996م) إلى موسم (2000/2001م)
الموسم المساحة الكلية بلألف اللأفدانة المساحة التى قامت الشركة بتحضيرها بلألف اللأفدنة النسبة
95/1996م 301 97 32%
96/1997م 331 251 75%
97/1998م 346 98 39%
98/1999م 156 146 93%
99/2000م 200 143 71%
2000/2001م 200 42 21%
الجملة 1434 768 54%
المصدر : شركة الدالى والمزموم 2001م
من الجدول يتضح أن الشركة قامت بتحضير (54% ) من جملة المساحة المزروعة للفترة من موسم (95/1996م ) إلى موسم (2000/2001 م).
ملاحظ أن هناك شركات آخرى تؤدى نفس الدور فإنه لا يمكن القول بأن هذه الشركة قد أصبحت تقوم بتحضيرالأرض. أيضا أن هناك عدد من الشركات توقفت من العمل بالمشروع بسبب عدم سداد مستحقاتها . إن تآخير الدفعيات والمستحقات أدى إلى خروج العديد من الشركات والأفراد وذلك لعجز هذه الشركات عن توفير حتى قطع الغيار لآلياتها , أما الشركات التى كانت تخطط لتقديم خدمات زراعية متكاملة فقد توقفت عن العمل بالمشروع حيث قامت بتخفيض نسبة العمالة بنسب تصل إلى (50% ) فى ( شركة دال , شركة الدالى والمزموم )
ملاحظ أن الخصخصة أدت إلى زيادة التكلفة فى عملية التحضير .
جدول رقم (10) يوضح تكاليف عملية تحضير الأرض ( فدان / جنيه سودانى )
قبل الخصخصة بعد الخصخصة
الموسم قيمة التحضير الموسم قيمة التحضير
85/1986م 48,880 92/1993م 1,562,000
86/1987م 62,500 93/1994م 2,720,000
87/1988م 88,700 94/1995م 6,340,000
88/1989م 163,500 95/1996م 8,590,000
89/1990م 280,500 96/1997م 17,193,000
90/1991م 306,370 97/1998م 30,250,000
91/1992م 641,980 98/1999م 32,325,000
الجملة 1592,430 الجملة 98,981,000
المصدر : وحدة البحوث ,2002م
*/ من الجدول يتضح أن متوسط تكلفة التحضيرللفدان قبل الخصخصة لسبعة سنوات بلغت (226,490جنيها) بينما بلغت بعد إتباع سياسة الخصخصة (14,140,142جنيها ) بزيادة تصل إلى (6,143% ) نتيجة لتضخم الإقتصاد السودانى أنظر جدول رقم (7) يوضح سعر صرف الجنيه السودانى مقابل الدولار الأمريكى .
2/ التقاوى :
كان هناك إهتمام واسع بإستخدام التقاوى المحسنة وخاصة بالنسبة إلى محصول الذرة الذى زاد إنتاجه فى التسعينات , أدخلت العديد من العينات المحسنة مثل ( طابت , ود أحمد , الهجين ) . أصبحت إكثار البذور تتعاقد مع بعض الشركات لتوفير التقاوى المحسنة مثل شركة بايونير والريد والشركة العربية , الإ أن الكميات التى تصل الأقسام غير كافية مما يضاعف أسعارها فى السوق , ويختلف نوع التقاوى من قسم لآخر حسب تجربة المزارعين . من الملاحظ أن أغلب المزارعين يفضلون زراعة القطن طويل التيلة لانه يحقق إنتاجية عالية وبالتالى يحقق دخل أفضل مقارنة مع القطن قصير التيلة .
مع علم أن الشركات العاملة فى مجال التقاوى تقوم بزراعتها فى الأقسام المختلفة . فإذا نظرنا إلى تجربة شركة بايونير لموسم (2001/2002م) قامت الشركة بالتعاقد مع أصحاب الحوشات بالنمر (7-3-4)+30 فدان بترعة ( العمارة وأم دبيبة ) فى تفتيش( العمارة كاسر ) قسم ( وأدى شعير) لمساحة300 فدان , وقامت الشركة بتوفير مدخلات الإنتاج والسلفيات للمحصول وتم تحديد سعر جوال الهجين 70 ألف جنيه . بالإضافة إلى محصول خطوط الأب (تهجين) والقصب فهى من حق المزارعين , إذا ما قورنت هذه التجربة مع تجربة إكثار البذور فإننا نجد أن الشركات العاملة فهذا المجال قد ضاعفت أسعار التقاوى حتى التى تصل عن طريق مصلحة إكثار البذور , أما أسعارها فى الأسواق فإن ( الكيلة) تقاوى الهجين تصل إلى (70 ألف جنيه) . وهذا يساوى سعر جوال الهجين إستلام الشركة من المزارع . علما بأن الجوال به سبعة كيلات يصل سعره فى السوق إلى (490الف جنيه) . وإن (8فدان) تحتاج لكيلة من التقاوى. وهذا بدوره يساهم فى زيادة التكلفة.
الرى:
إن سياسة التكثيف والدورة الزراعية الخماسية لم تتم لهما الدراسات الكافية , أن القنوات صممت لدورة زراعية مختلفة بعروة صيفية وشتوية . لهذا واجه المشروع العديد من المشاكل تمثلت فى العطش والغرق كما فى أقسام المشروع الطرفية ( أبوقوتة , الحاج عبدالله , الماطورى , الجاموسي ) حيث يصل العطش فى هذه الأقسام إلى (30%) من المساحة المزروعة .
ومن ملاحظ أن النواكيس وفتح المياه أثناء الليل وحيازة عدد من المزارعين لمفاتيح الترع أصبحت ظاهرة توضح إلى أى مدى وصلت مشكلة الرى بمشروع الجزيرة .
إن عملية الرى قبل الخصخصة كانت تتبع لوزارة الرى حتى المواجر ثم ُتتابع بواسطة خفراء الترع حتى أبوستة ( داخل الحواشة ) وفق جدول زمنى معلوم , الإ أن هيكلة وإعادة توزيع المسؤليات بين المشروع ووزارة الرى قد ساهمت فى هذه الفوضى.
كما ساهم تقليص الآليات والبطء فى تجديدها وعدم توفير قطع الغيار لتشغيلها , ساهم هذا فى فتح الباب أمام الشركات ودخلت العديد منها مثل ( شركة روينا , شركة التنمية الإسلامية , شركة حجار , شركة الوادى الأخضر ) . وتعمل كلها بصورة إسعافية وإن عملية تطهير الأرض غالبا ما تكون جزئية بالرغم من أن هناك ترع تحتاج إلى هذه العملية أكثر من مرة وخاصة فى الأقسام الطرفية نتيجة للزحف الصحراوى فى الأطراف , إن تدهور الرى إنعكس سلبا على المساحات المزروعة قطنا .
جدول رقم (11) ويوضح مساحة القطن قبل وبعد تطبيق الخصخصة
-
المساحة قبل الخصخصة 85/1986م-91/1992م بعد الخصخصة 92/1993-99/2000م
الجملة 2429 1609
لمتوسط 347 230
المصدر : الإدارة الزراعية 2001م.
يتضح من الجدول أن مساحة القطن إنخفضت بعد تطبيق سياسيات الخصخصة , إذ أن جملة المساحة المزروعة خلال السبعة سنوات قبل الخصخصة , كانت ( 2429 فدان ) بمتوسط قدره (347 فدانا) للعام . أمابعد الخصخصة فقد بلغت (1609 فدانا) بمتوسط قدره (230 فدانا ) للعام وكان معدل النقصان (37,7% ). علما بأن المساحة التى كانت تزرع قبل سياسات التحرير الإقتصادى كانت ( 510-600 ألف فدانا ).
( يوسف 1993م)
يعزى ذلك لسياسات الخصخصة فى الرى . حيث إنعكس ذلك على محاصيل الدورة الزراعية لأخرى ( الفول – الذرة – القمح ) . أصبح هناك بعض المزارعين لا يقومون بزراعة أى محصول بسبب شح المياه مثال لذلك مجلس إنتاج (قرية السحيماب ) تفتيش ( بجيجة) قسم ( أبوقوتة ) الذى تحول معظم مزارعيه إلى عمال زراعين .