[img]
[/img]
مقال الفاتح جبرا
سجق ارنب
بعد خمسة عشر سنة بالتمام والكمال قضاها (أستاذ كمال) بالخليج معلماً بإحدى مدارسها الثانوية عاد أخيراً إلى أرض الوطن ، وكأى مغترب عائد (نهائي) فقد كان شغله الشاغل الذى يستحوذ على تفكيره هو عمل (مشروع) يعيش منه أسرته ويدر عليه عائداً لا بأس به من المال .
فى خضم بحثه عن مشروع قام بسؤال جاره (حسن سلك) الذى إشتهر بإنو (خيالو واسع وكده) و الذى أجابه :
شوف يا أستاذ السودانيين ديل بقو ذى القرود
تعمل ركشات يعملو ركشات
تعمل كافتيريا يعملو كافتيريات
تعمل محل إتصالات يعملو محلات إتصالات
تصوير مستندات .. تصوير مستندات
عشان كده لازم الزول لو عاوز يعمل ليهو مشروع ينحت راسو شديد وكده !
- وبعدين يا (حسن ) هسه الواحد يعمل شنو؟
تفتكر يا حسن هسه أنا أعمل ياتو مشروع ... عندك ليا إقتراحات ؟
- والله يا استاذ شوف عندى ليكا مشروعين (فى السلك) .. ما عندهم تالت يا (إبر خياطة) .. يا (سجق أرانب)!
- كدى أشرح ليا يا حسن ياخى شوية شوية المشروعين ديل
- قبل ما أشرح ليكا يا أستاذ ممكن أسألك سؤال (فى السلك) ؟
- أسأل
- فى كم ترزى فى السودان ده ؟
- كتار
- مش كل ترزى بيخيط بى إبره !
- طبعن !
- خلاس تستورد ليكا (مليون إبره خياطة) ولو بعتا الإبرة الواحده بى ألف جنيه ده براهو مليار .. بالله يا أستاذ ده مش مشروع (فى السلك) ؟ !
- يا حسن ياخ دى قصة طويله وعاوزه ليها توزيع وشنو وشنو كدى ورينى المشروع التانى !
- يا أستاذ إنتا لو خايف من الجمارك بتتباصر .. يعنى ممكن ندخلهم جوة (تلاجه) جوه (مكيفات) جوه بوتوجاز جوه أى حاجه ويمرو !
- ياخى دى تبقى سرقة ومخالفة خلينا كدى فى المشروع التانى
- سجق الأرانب ؟ طيب قبل ما أشرحو ليك ممكن أسألك سؤال ؟
- إتفضل
- لحم الأرانب حلال وإلا ما حلال ؟
- حلال طبعن .. بس الناس ما متعوده عليهو
- طيب هسه فى كم نوع بتاع (سجق) فى السوق !
- شركات كتيره
- إنتا عارف اللحمة العاملنو بيها شنو؟
- طبعن ما عارف
- خلاس سجق أرانب !
- ياخى أشرح ليا ..
- الحكاية ما عايزه ليها شرح .. والمشروع (فى السلك) و نجاحو مضمون ميه الميه .. تعمل ليكا مزرعة بتاعت أرانب .. الأرنبة الواحده بتلد ليها كل يومين تلاته (مجموعة) وتجيب ليكا مفرمة كبيرة ومكنة تكبس بيها السجق وخلاااس .. وأقول ليكا حاجه ؟
- قول
– ممكن كمان تصدر الجلود و(الفرو) بتاعهم الخارج وتطلع ليكا بى قرشين حلوين والحكايه تبقى (فى السلك)!
- والأرانب الكتيره دى ألقاها وين؟ عندنا هنا ؟
- هنا شنو؟ إنتا قايل (أرانبنا) المضبلنه دى أرانب ؟ والله الواحد ربع كيلو ما فيهو !
- طيب نجيب أرانب من وين ؟
- نستوردا من بره .. والله قالو ليك (اوزبكستان) فيها أرانب (فى السلك) مبغبغة وسمينة والأرنب الواحد يجيب ليهو سته سبعه كيلو وكمان الأرنبه كل يومين تلاته تلد ليها تمانية تسعه أرانب !
إقتنع الأستاذ كمال بالفكرة تماماً وقام فى أقل من أسبوع بعمل إتصالات مكثفة عبر السفارة (الأوزبكستانية) بالخرطوم وإتفق مع الجهه المورده على توريد عدد ألف (أرنب) كما قام بفتح الإعتماد بأحد البنوك فى ذات الوقت الذى قام فيه بإستئجار إحدى المزارع التى تقع على تخوم الخرطوم وإنشاء (عنابر) بالسلك الشائك و(الإكسبندا) لتكون مقراٌ للأرانب !
لم يمض شهر حتى إستلم الاستاذ كمال (الأرانب) وقام بترحيلها إلى المزرعة بمساعدة (حسن سلك) الذى ذهب إلى السوق المركزى وقام بشحن عدد من الدفارات المليئة ببواقى (الخضار) من جزر وعجور وخيار وخلافه كوجبه تتناولها الأرانب !
- أها يا (حسن) .. مكنت السجق جاهزة وكل الحاجت والعمال إتفقنا معاهم ... نبدأ الشغل متين !
- تمام يا استاذ كل حاجه (فى السلك) .. بكرة طوااالى إن شاء الله !
فى اليوم التالى وعند الصباح الباكر إستقل الأستاذ كمال عربته متوجاً نحو المزرعة يرافقه (حسن سلك) وما أن دخلا إلى المزرعة حتى فوجئا بالعنابر خالية من جنس (أرنب) !
جلس كمال على الأرض واضعاً يديه فوق رأسه ينظر إلى العنابر فى ذهول بينما أخذ (حسن سلك) لفة حول العنابر حتى إذا ما توقف أمام أستاذ كمال الذى كان يعانى ذات الذهول خاطبه قائلاً :
- إنتا العنابر دى يا أستاذ ما عملتا ليها (صبت خرسانة) فى اشلله تحت !
لم يرد أستاذ كمال على سؤال (حسن سلك) الذى أمسك بالموبايل ليطلب الإسعاف !
تنبيه :
أيها المغترب العائد إلى أرض الوطن .. جنن تعرفو ولا جنن ما بتعرفو !