لا تعجب من كلام أهل الباطل، ولكن أعجب من سكوت أهل الحقِّ.
ولا تفجع من حديث أصحاب الكذب، ولكن ـ بحق وصدقٍ ـ فاجعة الفواجع انخراس أهل الصدق!
سلامٌ على الدنيا إذا استنوق الجمل، واستفحل الفسل، واستأسد الهرُّ، وستعذب صوته الغراب..
يا نفسُ مُوتي فقد جدَّ الأسى موتي ** ما كنتِ أوَّل صبٍ غير مبخوت
يقول الإمام الشافعي - رحمه الله -
إذا نطق السفيه فلا تجبه ** فخيراً من إجابته السكوت
إذا كلّمته فـرّجت عنه ** وإن خلّيته كمداً يمـوت
السفيه كما جاء في معاجم اللغة هو الجاهل والأحمق ، وقد يتعدى ضرر هذا الجهل فيه على غيره فيمسّ أذاه الناس وعاداتهم بل قد يصل به والعياذ بالله إلى القول على الله تعالى بلا علم كما جاء في محكم التنزيل: (وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا)
قد يكون من الحكمة الإعراض عن قوله وعدم الخوض في نقاش معه فمجاراته قد تزيده سفهاً وتعالياً وتعطيه أكبر من قدره فيزيد شرّه ويعظم ضرره.
ولكن قد يعتلي أحد هؤلاء السفهاء منابراً لا يجدر بمثلهم ارتقائها ، وكم في وسائل الإعلام - بأنواعها - من أمثالهم، ويطرحون من بلايا فكرهم السفيه شظايا تلوث فضاء المجتمع ، وفي تركها ضرر قد يعظم أو يقل بحسب مكانة ذلك السفيه وتطبيل أتباعه له.
لذا كان من المحتم أن يتصدى الناس لأمثال هؤلاء السفهاء رداً عليهم
وقد قيل : (شرّ ما ابتلي به العاقل سفيه ما من مجاراته بُدّ) !
ولكن العام الغالب على هؤلاء أن تأخذهم العزة بالإثم فيلجئون إلى تشتيت الأفكار والتهرب واختلاق ما ليس له صلة بالموضوع ويتمسكون بالقشور دون اللباب فيكون حوارهم كالنفخ في قربة مثقوبة.