ان نزول المطر هو من عند الله سبحانه وتعالى وفيه خير وبركة . وما قد يصاحب ذلك أو ينتج عنه من سيول وفيضانات مدمرة هي من قدر الله وابتلائه . ولكن معالجة مثل هذه الكوارث هي مسئولية بني البشر واخص بذلك المسئولين بالدولة من رئيس ووزراء اتحاديين وولاة ووزراء ولائييين ومعتمدين كل في مجال مسئولياته ومهامه . ومنذ أيام ابتلي أهلنا الغبش في محلية شندي وقراها وخصوصا المنطقة الجنوبية بأمطار وسيول مدمرة اكتسحت معظم المنازل وتركت اهلها في العراء يفترشون الارض المبللة ويلتحفون السماء المنهمرماؤها . وتضيع آهات النساء والأطفال الرضع واغاثات الشيوخ العجزة والكسح , هباءا منثورا ولا تجد لها آذانا صاغية من طرف الحكومة الاتحادية أو الولائية لانهم مشغولون في شحن وارسال طائرات ( الانقاذ ) الى ( أهلنا ) في تشاد . حيث أن حكومتنا الرشيدة ( حفظها الله ) ذات توجه حضاري عالمي ورسالتها عالمية وهي تدرك ان شعب السودان شعب اريحي ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة . ولهذا فلا ضير على حكومتنا ( حفظها الله ) ان يموت شعبها حرقا او غرقا او جوعا وخصوصا اذا انتهى موسم الانتخابات . وحكومتنا بحكمتها وفطنتها تعرف ان هذه المنطقة منطقة جعليين وان هنالك مثل يقول ان ( الجعلي يقضي يومه خنق ) ولهذا فان لم يمت هؤلاء الجعليون خنقا فليموتوا غرقا . لقد تجاهل المسئولون في الدولة وعلى كافة المستويات عن عمد هذه الكارثة التي ألمت بأهلنا الغبش في منطقة شندي بل حتى التلفزيون ( القومي ) السوداني تجاهلها أيضا ولم يتطرق الى ذلك الا بعد أيام من الكارثة وبعد ان تطرقت اليها قناة الشروق الفضائية والتي تبث برامجها من دبي وليس من امدرمان . لقد كان منظرا مؤلما ومحزنا وانت ترى المواطنيين يصارعون مياه وامواج السيول وهو يحاولون التقاط بعض بقايا الطعام من بين ركام المنازل المهدمة وهم يسمععون ان أهل الانقاذ مشغولون بما ألم باهل تشاد من سيول وفيضانات وان طائرات الانفاذ محملة بمواد الاغاثة من خيم ودقيق ومواد غذائية متجهة صوب ( اخواننا ) المنكوبين في تشاد , لأنهم هم الاحق بالحياة . اما انتم يا أهل شندي فجهزوا قبوركم جماعة وافرادا وانه في نظر حكومتنا الرشيدة فان باطن الأرض خير لكم من ظاهرها .
لكم كانت مفارقة عجيبة بل تماديا في الاستهتار واللامبالاة من قبل المسئولين في الدولة ان ترى أحد الوزراء الاتحاديين وهو الدكتور عوض الجاز ويرافقه والي نهر النيل الفريق الهادي عبد الله ووزرائه الاقليميين وفي معيتهم معتمد شندي اللواء عكود وهم يتفقدون ويحتفلون بتدشين بعض المصانع مثل مصنع الالبان ومصنع الأسمنت في المنطقة وهم غير آبهين بما الم باهل المنطقة من كارثة ولم يكلفوا أنفسهم حتى بالقاء نظرة تضامنية مع أهل المنطقة المنكوبين طوال فترة زيارتهم . وفي نظر هؤلاء فان علب الزبادي وأكياس الاسمنت أحق بالاعتبار من اؤلئك الغبش المنكوبين . وبعد ان انتهت الاحتفالات وتم توديع السيد الوزير ليعود سالما غانما الى الخرطوم بطائرة مروحية خاصة وببدلته الأنيقة النظيفة التي خشي ان يلطخها طين شندي وبعد انتهاء المولد وعرسه . تذكر اخونا الوالي الفريق الهادي بأن هنالك ( قرود ) قد تشبثت بأغصان الاشجار بعد أن داهمتها السيول في منطقة شندي وهكذا أتى بمروحيته لينظر من علو ويتفرج ويلتقط صورا تذكارية ل( يتسلى ) بها اطفاله بمدينة أم درمان وليحكي لهم قصة تلك ( القرود ) . أما أخونا الوزير ونائب الوالي الدكتور / السعيد عثمان الشيخ فقد أطلق تصريحاته من قصره بمدينة الدامر عبر قناة الشروق طالبا من أولئك الغبش المساكين الصبر على البلاء وان الحكومة تراقب عن كثب حالتهم وان السيول القادمة اليهم سوف تكون أكثر مما فات . أما اخونا معتمد شندي اللواء عكود فيؤكد ما قاله الوزير الدكتور السعيد ان القادم أسوا .
رحم الله أهلنا الغبش في شندي وقراها , الاحياء منهم والأموات . لقد استكثرت عليكم الحكومة اتحادية وولائية حتى اكياس التراب لعمل المتاريس , فعلب الزبادي واكياس الاسمنت التي تنتجها مصانع منطقتكم التي دشنها سعادة الوزير والوالي وصحبهما أغلى ثمنا منكم .
هاشم علي السنجك
Hasb2008@yahoo.com
سودانايل ....