نحو أسماء سودانية خالية من الدلع والمياعة
أسماؤنا السودانية القديمة الأصيلة، كان من الصعب بل المستحيل بأن تأتي لها باسم دلع، فمهما بلغت براعتك فلا يمكنك أن تدلّع أسماء مثل: بلة، الطريفي، أب جيبين، التجاني الخزين، عجبين، الزبير، أب كساوي، الصديق، فضل المولى، فتح الرحمن، عبد الجبار، البشير،عكاشة، الجنيد، تيراب، الريّح، الماحي، حمد النيل، حسب الله،حسب الرسول , جبارة الله، أب سقرة، البي كيفو، تميم الدار، جبر الدار، عمسيب الجاك، الجزولي باشكار , وغيرها..
عليْ النعمة تحاول تدلع أي واحد من الأسماء الفوق ديل إلا ضهرك كع ينكسر، لأنها أسماء قوية زي الخرسانة... أسماء مضببة ضد التدليع زي العكاكيز.. أسماء أهلنا زمان أسماء رجال وما في أي طريقة لتمييعها أو تدلعيها،
حتى النسوان عندنا كان أسماهن صلبة ومحتشمة، وتنافس أسماء الرجال! في قوتها وخشونتها، فنلقى أسماء مثل ست النفر، الساتر الله، أم حقين، البتول، سكينة، التاية، نفيسة، النخيل، أم زين، بت الجقمتها وغيرها، والواحدة حتى لو أهلها كانوا متحررين، بالكتير يسموها الصندلية، ومع ذلك ما تقدر تشوفها أو تشم ريحتها، النسوان كانن بنات خدور...
والراجل ذاتو بيكون معجب باسم أمو المحتشم وتلقاهو يحلف بيهو في الصغيرة والكبيرة فنسمع: أنا ولدك آآآ ام زين .. أنا ولدك آآآ البخيتة.. هسه أولاد الزمن ده يقولوا شنو ويحلفوا باسم منو.. معقول الواحد يقدر يقول: أنا ولدك يا عبق أو أنا ولدك يا رنا؟
أهلنا الكبار الزمان كانوا ما بعرفوا الني وكل شيء عندهم نجيض. الني بدوهوا النار..
عليْ الطلاق تنطق الاسم كده لما شعرة جلدك تكلّب، وتتنفخ وجضومك تتورّم من العجب والخيلاء بهذه الأسماء
أب كريق في اللجج
سدّر حبس الفجج
عاشميق حبل الوجج
أنا أخويا مقلام الحجج
أبشر آ جنا .. حررّم تبشر.. أبشر آ جنا التقدْ مركوبك..
مش زي أسماء الأيام دي، شدة الأسماء ما بقت مايعة تقررررّب تخت الاسم في التلاجة عشان يجمد ويبقى اسم رجال.
شوفوا الأسماء دي: وائل، وضاح، وحيد، وليد، وديع، ربيع، مازن، تامر، لؤي، راني، هاني، نادر، حمادة، طلال، أيمن، مهند، وفائى, رامى , إيهاب وغيرها..
والأسماء دي رغم مياعتها لكن الناس برضو دلعوها، فحصل ليها ما يعرف في اللغة بتمييع المايع وهو محرّم لغوياً فسمعنا ب: هنو، ولي، مزوني، تموري، عموري، ندوري، أيموني، هنودي، هوبة وغيرها من الأسماء المايعة الما شادة حيلها...
وكذلك غناهم كان غناء رجال وأصواتهم كانت أصوات رجال،
كان المغني يغني الليل كلو بدون مايك وصوتو تلقاهو زي الجبخانة
يا ليل أبقالي شاهد على نار شوقي وجنوني
وناس زمان ديل حتى كعكهم كان كعك رجال.. تدخل الكعكة في خشمك كده لما يغلبك تلوكها وتقعد تقرقش فيها كُرُم كُرُم زي الخروف القاعد يصقع في الجرة. والآن جابوا لينا الكعك المايع بشتى أنواعو تدخل القطعة في خشمك تجي تلوكها تلقاها عملت (سواح) وما تعرف ! نفسك هل أكلتها ولا ما كانت في قسمتك..
نفس الشيء ده بينطبق على الولادة، زمان الواحدة تلد من خمسة لعشرة وكل سنة تساهم مع زوجها في مصاريف البيت بإنجاب طفل جديد، ومرات لو الظروف ساعدتها ممكن في نفس السنة تلد طفل وتشرع في وضع حجر الأساس لطفل جديد، ومرات الراجل ذاتو من كترة الولادة، ما بعرف أسماء أولادو ومنو الأكبر ومنو الأصغر فيهم.. الراجل يسأل مرتو: إنتِ آآآ الزينة دحين كبير ضيف الله ولا كرم الله ؟ فتجيبه الزينة باستغراب: أجي يا راجل: شن جاب ضيف الله لكرم الله! أنا لما ولدت كرم الله ده، ضيف الله كان يا دوووب بيحبا، لكنهم الاتنين مولودين! في نفس السنة المات فيها خالي عبد الرحمن...
بنات الزمن ده الواحدة إلى أن يتخرج ولدها من KG2، حتى يقولوا ليك فلانة قاعدة تتوحّم.. وهو شن الوحم؟ الواحدة وحمها ذاتو مخالف وضد العادات والتقاليد.. تلقاها متوحمة ليها على تفاح لبناني أو زبيب إيراني أو عنب إيطالي أو مهند تركي، فيطلع ليها الولد باطل ومنعّم ومرخ رخ ،والواحدة أصلها ما بتراعي ظروف زوجها.. زمان حتى وحم حبوباتنا وأمهاتنا كان وحم رجال ووحم بسيط وسهل التنفيذ ، الواحدة تتوحم على أم بقبق فيقوم يطلع الولد لايوق وعبيط أو تتوحم على ويكاب مرس فيطلع الولد بتاع مرايس وشطوط! وكمونية .. نحن ناس بتعيش حياتها بالكمونيّة والنيّة السليمة)..
أهلنا الزمان كانوا متباشرين وحنينين، بكاهم شهر وعرسهم شهرين، والواحدة لما يموت راجلها من شدة الحزن والأسف والإخلاص، بدل أربعة شهور وعشرة يوم، تتحبس عليهو ثمانية شهور وعشرين يوم، لأنو أصلنا ما كنا بنعرف الشوية.. شهر العسل كان عندنا ثلاثة شهور، العريس يعديها في ضبّيح الخرفان وكسّير العناقريب، كل يوم يبدلوا ليهو في العناقريب زي بطاقات الاسكراتش..
أولاد الزمن ده شهر العسل عندهم ما بزيد ليهو من أسبوع بالكتير، وما سمعنا لينا بعريساً كسر العنقريب، الواحد رجالتو يتمها فياجرا وطاحنية ومديدة تمر.. والبلد كلها بقت ضارباها رطوبة أبو ظبي..ويجوا يرموا ليك اللوم على سكر التموين! وبعد ده كلو الواحد يقول ليك عاوز أتزوج تاني، الشرع حلل لي أربعة.. يا اخي في الأول شبّع زوجتك الأولى مودة ورحمة ولحمة وبعد كده فكّر في الزوجة التانية..
عليْ الجزيمة في الزمن المايع ده حتى شطتنا بقت مايعة وما بتحرق.. ونحن والله شعب لو ما حس بالشطة في جوفو تسوي تح تح، الأكل ما ينفعو. أنا ود التور البتنتّح ومن الشطة ما بقول أحححححح الزمن ده بقى زمن الكيتشاب والمايونيز، أما الشطة الخضراء وشطة القبانيت فزمنهم فات وغنايهم مات..
الناس هجرت المطاعم وبقوا مستعجلين وما عندهم وقت للقعاد عشان كده اتجهوا للكافتيريات، الأكل كلو بقى عبارة عن بوفتيك وطعمية وبرجر وما شابه، والناس بقوا زي المجانين تلقاهم ياكلوا ماشين ويتكلموا ماشين وكان قلت لزول سلام عليك لا بسمعك ولا برد عليك.. مشيت السودان قبل سنة ما لقيت زول يتونس معاي وفي النهاية جيت راجع وشنطتي مليانة ونسة وشوق للناس الزمان...
وكلابنا برضها بقت مايعة وكسلانة ومسكينة وما بتهوهو في زول، الكلب تجي ماشي فوق ليهو ما يقول ليك هوْ، ولو بقى نشيط خلاص، يقوم ينبح فيك بتهوهوة واحدة تاني ما يزيدها، كأنو عامل ليك مس كول.. مرة ناقشت مسألة عدم مبالاة كلاب اليوم مع واحد كلب، فقال لي: زمان كان بيطغى الحماس والانفعال على أدائنا ككلاب، وكنا بننبح في الفاضية والمليانة، لكننا لما شفنا الحكومة ما بتدفع لينا مواهي وحاولت تستملحنا، قلنا ما لنا ومال المشاكل والعباطة الفي الفارغ.. ونحن الآن في ظل نظام عالمي جديد ولن ننبح ببلاش لأنو في حاجة اسمها الملكية الفكرية وأصواتنا دي لازم تقيّم التقييم المناسب واللي عاوز ليهو (هوت دوق) يشوفوا بعيد مننا، نحن خلاص ودعنا عهد العباطة والتهور.
فقلت في نفسي: يا حليل زمان وأيام زمان.. لما الكلاب كانت بتسك الشفّع وتشرط هدومهم.. الآن نبيحها ذاتو بقى مشروط.. زمان تجي ماشي تلقى الكلب منتظرك في الطريق مليان جسارة وعنفوا ن ولسانو حالو يقول يا دنيا ما فيك إلا أنا، أما الآن فالكلاب بقى مغضوب عليها وضالة ومهمشة وبتعيش على حافة النسيان ولو نظمت نفسها كويس ممكن تدخل الغابة أو تقيم في فنادق وتعلن التمرد وتعمل ليها حركة تمرد وممكن تسميها حركة تحرير الكلاب وتختصرها في كلمة (حتك)..
يا جماعة الكلام ده عيب في حقنا وما بصح في حق شعب عاش (علماً) بين الأمم .. ويا جماعة كفانا تمييع أسماء وتمييع كعك وتمييع وحم وتمييع فحولة وتمييع قضايا وتمييع مياعة وخلونا نرجع لقديمنا ونخلي في البنسوي فيهو ده، الكلام ده بالحيل ما سمح في حقنا ..
حليل زمن الصبا الماضى حليل زهر الحياة الزاهر
حليل زمن الحبيب راضى وحليل زمن الهوى الطاهر
حليلو الأبلج الباسم حليلو الكاحل الناير
حليل قمر السما القاسم لياليه وصبح داير
آه لو آه تفيد مجروح والمثل القديم ساير
رهاب ماحصلو الجاري وسماك ما حصلو الطاير
تجدنى مراقب أخبارك اذا النسمات بها تخابر
تجدني على الفراش مضنى وتجدنى على الأسى صابر
أنا البعدك أصون عهدك وليتك كنت بى خابر
وليتك مرة تذكرنى ولو في ذكرة الغابر
(ايميل مرسل فى بريدى من جنى)