قرأت للدكتور عبد الوهاب الافندي "الراكوبة" مقال طريف بعنوان " عن الفوضى الخلاقة و 'سيرة البحر': محاولة لفهم سياسة المؤتمر الوطني حول وحدة السودان". مقال الأفندي كان من وحي قصيدة حلمنتيشية أورد الأفندي نصها آخر المقال ، وجعلت القصيدة عنواناً لهذا البوست.
ولأن المقال طويل فآثرت أن أقتطف منه هذا الجزء والذي يعبر بحق عن فوضى "الاسلامويين" وتخبطهم بشأن الأحداث الجسام التي يمر بـها السودان جراء سياساتـهم منذ قبضتـهم لرقاب العباد في 89.
((........هناك قصيدة من روائع القصائد الفكاهية لمدرسة 'حلمنتيش'، (عنوانها 'يا عبدو عيب، يا عبدو صلي على الحبيب'، والنص موجود على الانترنيت لمن أراد) تحكي قصة طالب جامعي وقع في غرام حسناء من زميلاته، ولكنه لم يقبل أن يفاتحها بمشاعره كما نصحه أصدقاؤه، وإنما قرر كما قال لهم أن يتأنى ويكتفي بأن يسحر الفتاة بوسامته ونظراته ذات المعنى. وبينما كان صاحبنا يمارس التأني ويسعى إلى 'كهربة' الفتاة بنظراته الولهى، جاء شاب آخر وخطب الفتاة، فانهار الشاب، وفقد كل تأن ورزانة، وقضى الليل في البكاء والنحيب والتهديد بالانتحار غرقاً في النيل. والتف حوله الأصدقاء يواسونه ويطيبون خاطره، وهو يتأرجح بين التفلسف ولعن الظروف، وبين تعزية النفس بأن البنت لم تكن جميلة أصلاً، وأن خطيبها قبيح، وأنها جاهلة لا تحسن الاختيار، ثم إعادة التهديد بالانتحار والعودة إلى 'سيرة البحر'، بينما أصحابه ينصحونه بالصلاة على الحبيب.
حال المؤتمر الوطني يشبه إلى حد ما حال صاحبنا. فقد كانت القيادات تمني النفس بالقدرة على كسب معركة الوحدة بـ 'كهربة' أهل الجنوب وجذبهم إلى الوحدة، وكسب الحركة الشعبية باستمالتها من جهة، وإضعافها من جهة أخرى. وظل كثير من هؤلاء في مجالسهم الخاصة وأحياناً في خطابهم العام يستخفون بالحركة، ويبشرون بقرب انهيارها (كما أعرب متحدثهم قبل أيام عن الاستخفاف بقوى المعارضة الأخرى).
أما الآن، وقد أسفر الصبح لذي عينين، وظهر أن الاستخفاف بالحركة لم يكن في محله، فإن ردود الفعل تعبر فيما نرى عن الصدمة لفشل تلك التوقعات، والجزع من الكارثة القادمة. والخوف هو أن يؤدي هذا التوجه، بتخطيط أو بدونه، إلى تطبيق السياسة الانتحارية التي بشر بها المسؤول إياه، إذا كانت الحكومة تفضل بحق كما صرح، السقوط على الإشراف على فصل الجنوب.
شاعر القصيدة المذكورة هو اليوم مسؤول كبيرفي الحكم، ولعله من المفيد أن يجرب مع إخوانه استراتيجية الدعوة للصلاة على الحبيب. فما نخشاه هو أن القوم لا يريدون أن يذهبوا إلى البحر بمفردهم، بل يريدون أن يجروا الأمة بكاملها معهم إلى الشاطئ. ولكن الدنيا حر، كما قال الشاعر، 'والموية بتسخن علينا'. فليصل الجميع على الحبيب ويتجنبوا 'سيرة البحر'.
ياعبدو عيب
ياعبدو عيب
في الليلة ديك القصة ذاتها بقت عليك
يا عبدو وأدوك الشريط
يوم قولنا ليك أنضم معاها وكلّما
أبيت تسمع كلامنا وبقيت لميض
وقلت أحسن أكون تقيل... أنا ما جميل
وبقيت تقيل.. لامن سقوك موية الغسيل!
وجيت تنطط زي زمان وتباري بقعور الشجر
كايس كراسي الخيزران...
وقعدت يا زينة الرجال.. كهربجي قال!!
ورفعوا الستار....
والبت تجي وتمشي وتلف
ومرات تقيف
ومعاها يا زول ولداً حريف
والوقفة كانت وقفة ولف
صاحبنا بالاحساس عرف
سألت والناس كلّموك
ملعون أبوك.. دنيا أم قدد
وبقت البقت
وقعتَّ في شارع الزلط
تبكي وتجعِّر والعيون اتورّمت
كم القميص..
يد القميص..
ضهر القميص
حتى الفنيلة اتشرّطت!
يا عبدو عيب
قوم ياخي صلِّي على الحبيب
اشلله صبحت دايرين ننوم
يا أخوانّا لأ...
أنا داير.. أموت أقع البحر
يا عبدو عيب
الدنيا حر ..
والموية بتسخّن عليك
ثلاثة ساعات كاملة وزولنا يسب ويكيل
ودموعو تخرخر تسيل
ويبكي وينف
ودموعو سايلات بالكفوف
وشرايطو تلمع في الكتوف
بقى فيلسوف!
شي كلام عن الدنيا أم قدود
وعلاقة بين يوم السبت وعين الحسود!
ومقارنات بين الجمال الجهل وسوء الاختيار!!
قال شينة قال..!!
قال شينة قلنا كلام صحيح
وخطيبا زاتو ولد قبيح
بس يا خي قوم
ا صبحت دايرين ننوم
قام تااااااااني جاب سيرة البحر ..)).