هل يمكننا أن نختار الذكريات التي نريد الاحتفاظ بها وان نتخلص من تلك التي تزعجنا؟
يبدو ان الجواب عن هذا السؤال هو نعم اذ اكتشف العلماء اخيرا الطريق الذي تتبعه الذكريات عبر وحدة الجهاز العصبي من اجل ان ينساها الانسان.
لقد عشت امس نهارا متعبا جدا! إليك ما يمكنك القيام به لنسيانه كليا: لا تفكر به بتاتا وتصرف كما لو انك ارسلته الى النسيان! لابد انك تقول الان انه من السهل علي قول ذلك ومن الصعب عليك تنفيذه. لكنك مخطىء تماما. هذا ما اثبتته دراسة قام بها علماء الجهاز العصبي الاميركيون براندن دوبو وزميلاه تيم كوران وماري بانيش في جامعة كلورادوفي دانفر. فمن خلال اعمالهم يبدو انه اذا تمرنت قليلا فيمكنك ان تمحو، أو بالأحرى ان تتفادى تذكر صور شاهدتها منذ دقائق فقط كيف؟ يكفي ان تقرر انك تريد ذلك.
تنظيف العقل الباطن
هذا بالضبط ما ذكره ايضا - منذ حوالي قرن او اكثر - مبتكر التحليل النفسي سيغموند فرويد اذ قال انه يمكن للمرء ان يمحو من ذاكرته كل ما لا يريد ان يتذكره بمجرد 'حبسه' اي عدم التفكير فيه ونقله الى ما يعرف بالعقل الباطن.
فعلى سبيل المثال يمكن لابنك ان يحصل على علامة سيئة في المدرسة لكن ليتفادى الحديث عن الموضوع معك يمكن ان يتناسى الموضوع ولا يأتي على ذكره. وبالفعل لن يتذكر ابنك العلامة السيئة التي اختار ان يحبسها في عقله الباطن سوى ان اتصلت بك مديرة المدرسة او وقعت عينك على دفتر علاماته.
ويصرح براندن دوبو 'يمكننا ان ننسى الامور التي نختار عدم تذكرها من خلال منعنا اياها من الوصول الى ذاكرتنا اي كما لو اننا ننظف عقلنا الباطن من دون ان نمحو الذكريات نهائيا'.
أسباب النسيان
لقد اعتمد العلماء في هذه الدراسة على آخر ما توصل اليه علم الجهاز العصبي وعلى صورة مغناطيسية للدماغ وهم يعلمون اليوم ان الحفظ يتم على ثلاث مراحل: التشفير وهو عملية وضع كل ما تتكون منه الذكريات في الذاكرة (الاصوات والصور والروائح والمشاعر) والتخزين الذي يحافظ على تلك المعلومات وعملية الاسترجاع التي تسمح باعادة احياء الذكريات.
يمكننا ان نقول اذا ان للنسيان ثلاثة اسباب هي:
- عدم وصول المعلومات الينا بشكل صحيح (خلال مرحلة التشفير).
- اختفاء المعلومات (خطأ في التخزين).
- عدم التمكن من استعادتها (أثناء عملية الاسترجاع).
لقد تأثر براندن وزميلاه بهذه النقطة الاخيرة في دراستهم حول النسيان الطوعي وحددوا هدفهم بالاتي: التعرف الى اجهزة المخ التي تعمل على تحديد الذكريات التي نرغب في الاحتفاظ بها وبتلك التي نرغب في التخلص منها، وتبين لهم ان قشرة الدماغ الجينية هي الاكثر نشاطا خلال محاولة الذين شاركوا في الدراسة نسيان صورة مزعجة. اعتبرت تلك المنطقة من الدماغ مركز السيطرة الادراكية لانها سيطرت على اجهزة الدماغ الاخرى المسؤولة عن المشاعر والذاكرة والبصر.
لكن بم يفكر الخاضعون لتلك الدراسة حين يطلب منهم نسيان شيء ما؟
يمكن ان نتخيل انهم يجبرون انفسهم على التفكير بأشياء اخرى بقصة تشغل تفكيرهم مثلا لكن لا! كان الخاضعون الى تلك الدراسة يركزون فقط على التهرب من الذكريات التي طلب منهم نسيانها.
وهي التجربة التي تعتمد على فكرة التحكم بردات فعلنا.
واخيرآ هل يمكن ان تمحى تلك الذكريات الى الأبد؟