ورث الإنسان المعاصر سجل أحداث الماضي وتفاصيل لاحصر لها حول عظائم هذه الأحداث وصغائرها وورث تجربة ثرية حول أنظمة الحكم المتنوعة في مختلف الحقب الزمنية وفي مختلف بقاع المعمورة. فقد ورث خبرة وتجارب الإنسانية على مر العصور . مايهمنا في هذا المجال هو التجارب الثرية في أنظمة الحكم وكيفية الاستفادة منها .إذ يبدو من الصعب نقل تجربة ما بالسهولة التي تبدو بها العملية على الرغم من أننا على يقين إن هذه التجربة الأكثر نفعا لنا في مجال الحياة وإننا بالاستفادة منها نوفر الكثير مما دفعه الكثيرون من خسائر جسيمة في الأرواح والأموال والفرص , فالمعارضة لهذه العملية قوية جدا والمعارضون لها يملكون مفاتيح بوابات مقفلة ليس من السهولة فتحها لأن الصدأ قد علاها في هذا السياق .
هنالك سؤال هام يفرض نفسه . ماهو الدور الذي يلعبه الانتماء والذي يرثه الإنسان وهو ليس مخيرا برسم مسارات مستقبله وتعيين موقف الآخرين منه؟
سؤال من الحكمة أن نواجهه بجرأة موضوعية ونحن شعوب المنظومة التي يطلق عليها مسمى الدول النامية ,نقف عند مفترق طرق تشدنا وشائج قوية لايزال الكثير منا غير قادر على التخلص منها وتجذبنا نحو المستقبل طموحاتنا في أن نكون ,نبحث عن طريق الى المستقبل المشرق من خلال اختيار نظام الحكم الذي يضمن لنا ذلك ونطمح أن يتبنى القائمون على شؤون شعبنا الأسس والأفكار والمعايير التي تنسجم مع طموحاتنا هذه إلا أننا نواجه مقاومة شديدة تتخذ أشكالا مختلفة تتراوح بين رفض كلي للطموح بحجة مخالفته لما ورثناه وبين رغبة قولبة الأطر التي تخدم مصالح القلة على حساب الكثرة .
إن الانتماء الى عرق أو دين معين أو طائفة معينة مسألة ليس للإنسان خيار فيها فهو يولد هكذا لم يختر عرقه أو دينه أو طائفته ولم يختر كذلك لون شعره أو لون بشرته بل لم يختر حتى الاسم الذي ينادى به .فهل نبني بلدا او نشرع دستورا ونضع قوانين تتفق على أعراف وأسس كهذه ونحدد سلفا من يشغل المواقع في هيكل الدولة وندعي إننا نسير في طريق الديمقراطية .
إن من سبقنا في سلم التطور فكرا وممارسة قد اكتشف إن هذه الموروثات ليست هي التي تحدد درجة تحضر ورقي الإنسان ودوره في المجتمع ومدى قدرته على العطاء وإنما الذي يحدد ذلك الأمور التي تتعلق بتركيبه العقلي وأسلوب تفكيره وطرق انعكاس ذلك على سلوكياته في مختلف نواحي الحياة وهذه الخصائص الهامة لاتاتي من فعل الجينات الوراثية وإنما من خلال التأثير الذي تحدثه الأنشطة المختلفة في المجتمع والتي تعمل متداخلة على خلق عقلية الفرد وخلق العقل الجمعي للمجتمع