في صباح يوم الاثنين الموافق25-4-2011م انطوت صفحة حافلة بالبذل والعطاء امتدت لما يقارب العقدين من الزمان ونعى الناعي النجم الفذ البارز مرتضى ود الجنيد، الذي طواه الردى بعد ما ملأ قلوب أحبته حزناً وألماً وملأ الأكف التي امتدت إليه بذلاً وكرماً, لم تكن الحياة له منحدراً سهلاً ولا طريقاً معبداً, بل بادأته الحياة بوعورة دروبها وخشونة ملمسها منذ نعمومة أظفاره فبدأ
ملامسة معشوقته في سن صغيرة… كان الإنجاز الأسطوري للراحل ود الجنيد، وذلك خلال عشرة مواسم كان فيها نجماً ملأ اسمه أرجاء الوطن والعالم. أيضا يعتبر الأول خلقاً، والأول في تاريخ اللعبة الشعبية من حيث قدراته الدفاعية، وغير ذلك حقق أرقاما قياسية في فنون اللعبة، ولم يُشاء للاعب بعده تجاوزها. لعب ود الجنيد أولا لـ(فريق الزهرة الأم درماني) ثم لعب (لمنتخب الشباب) والأولمبي والفريق القومي السوداني مدافعاً عن شعار الوطن).
توفى ود الجنيد أمس بعد معاناة من مرض حيث تعرض اللاعب لعملية بلع لسان في مباراة الهلال والزمالك في الخرطوم وقام طبيب الزمالك بإنقاذ اللاعب…حسب الذاكرة الضعيفة وما تناقلته الصحف..وبعدها كتبت الصحف أن اللاعب يعاني من أورام أو ورم في الرأس ويجب إزالته ,,وبعدها انقطعت الأخبار عن اللاعب إلى أن ظهرت في الإعلام حاجته الماسة لإجراء عمليات في الفترة الأخيرة. قبل وفاته كان ود الجنيد طريح الفراش بمستشفى الأطباء بالخرطوم قبل أن يتم نقله لكبرى المستشفيات بلندن حيث فارق الحياة بها. قبل وفاته التي أصابت المجتمع السوداني بالحزن، بقي ودالجنيد لفترة في منزله ولأن كرة القدم في السودان تأتي في الترتيب الأول لمن يواصل نشاطه بها،، لم يجد ود الجنيد اهتماماً كبيراً بعد اعتزاله إلا أنه ظل في ذاكرة الوسط الرياضي، والذي كان اهتمامه بكرة القدم راسخاً، ولكن معاناة ودالجنيد الأخيرة مع المرض فرضت الاهتمام به لدى جمهور الرياضة السودانية بعد تألقه قبل أن يقعده المرض ويجبره على الاعتزال، وصار من أكثر الرياضيين شهرة في الفترة الماضية لأن أطرافاً كثيرة تجاذبت في معاناته، وظلت هذه الشهرة تتابع اسمه وهو طريح الفراش.
وكان ود الجنيد اللصيق الصلة بحيه الثورة بأمدرمان ناشطاً جداً في الأعمال الخيرية طوال تواجده بالحي. وفي الواقع قضى جزءاً كبيراً من ثروته الضعيفة التي جمعها خلال ممارسته لكرة القدم لمدى عشرة أعوام. وعرف بأخلاقه وكرمه،، بأنه نصير لمختلف شرائح الفقراء.
إبان التسعينات برز نجم ود الجنيد كلاعب كرة لايشق له غبار وحظيت موهبته الكروية ونبوغه ودماثة خلقه مما مكنه من دخول قلوب خصومه قبل مناصريه.
رحيل ود الجنيد يعيد الجدل حول العلاقة بين الدولة وأبنائها الذين رفعوا اسمها في المحافل الرياضية المختلفة مع فريقه والمنتخب، ويتخذون مواقف سياسية نحوها. فنادراً ما تقوم الوزارات المعنية بالاهتمام بهم في مرضهم، ولا تكلف نفسها بإصدار نعي للذين يغادرون الحياة، أو تسعى لمساعدة المنكوبين الذين تعثروا في حياتهم، ولقد عانى ود الجنيد بعد تعرضه للمرض الذي أقعده وأودى به إلى الفانية من تجاهل تام من قبل المسؤولين عن الرياضة في البلاد برغم السمعة الطيبة التي حققها للسودان في الخارج في صفوف المنتخب، فضلاً عن ذلك فإنه لم يجد الرعاية الرسمية من الدولة أثناء مرضه الأخير، ولم يزره أي مسؤول، ولا بد أن المسؤولين علموا بأخبار وفاته عبر أجهزة الإعلام التي نعته ومواقع الانترنت.
ظهوره في الهلال
مرتضى ود الجنيد من سكان الثورة الحارة الأولى ويشهد له الحي بحسن الخلق وقد كان بارا بوالدته… سجله الهلال من الزهرة مع رفيقه السادة.
مسيرته الكروية
وكان الراحل ضمن فريق الشباب الذي شارك في بطولة شرق ووسط إفريقيا سيكافا عام 1996 والتي نظمها السودان وشارك فيها بفريقين الأول والشباب ولعب فريق الشباب ضمن مجموعة كسلا التي احتل فيها منتخب الشباب المركز الثاني وصعد إلى نصف النهائي والتقي المنتخب الأول وفي حادثة غريبة تمكن الشباب من تخطي الكبار ووصولاً إلى النهائي في موجهة منتخب يوغندا ولكن طموح الشباب لم يكف للفوز على الخبرة اليوغندية واكتفى رفاق ود الجنيد بالميداليات الفضية بعد الخساراة في النهائي.
نهائيات المغرب
نفس المنتخب وبنفس العناصر تقريباً تمكن من الوصول إلى نهائيات أمم إفريقيا للشباب عام 1997 بعد أن تخطى المنتخب النيجري في مباراة الإياب التي قرر أن تلعب في مدينة كسلا بهدف ود الجنيد من ضربة جزاء ليتأهل إلى النهائيات التي لعبت في المغرب ولكن المنتخب غادر بعد الخسارة فى المواجهات الثلاثة أمام المغرب وغانا ومصر واكتفي بشرف المنافسة وظهور اسم السودان على المسرح الإفريقي.
المنتخب الأول
انضم الراحل إلى المنتخب الأول في عام 1998 وهو المنتخب الذي أعده المدرب الكبير محمد بابكر وخاض به تصفيات بطولة كأس العالم عام 2002 في كوريا واليابان وحقق نتائج جيده للغاية أعادت التفاف الجماهير حول المنتخب بعد سنوات طويلة من الابتعاد بعد النتائج السيئة وقد تمكن المنتخب حينها والذي كان ود الجنيد أحد فرسانه من هزيمة غانا بهدف وهزم ليبريا المدججة بالنجوم على رأسهم النجم العالمي جورج وياه ونافس على الصداره حتى الجولة الاخيرة التي سقطت فيها برباعية أمام نيجيريا ليكتفي بالمركز الثالث بعد نيجيريا وغانا.
مشاركاته في البطولات الإفريقية
مسيرة ود الجنيد الإفريقية مع الهلال لم تكن موفقه للغاية نسبة لأن الأندية السودانية جميعها بما فيها الهلال لم تكن تنافس في البطولات الإفريقية وتصل إلى مراحل متقدمة مثلما يحدث الآن بعد الطفرة المقدرة في الكرة السودانية فأفضل المراحل التي وصلها مع الهلال كانت في ربع نهائي بطولة كأس الاتحاد عام 1998 وخرج فيها من فريق موتمبا الكنغولي وقبل ذلك وفي الدور الأول تمكن الهلال من تخطي فريق الزمالك المصري بعد ملحمة كبيرة , وفي عامي 1999 و 2000 ودع الهلال من الدور الأول وفي عام 2001 ودع الهلال من الدور الأول أمام الزمالك في بطولة الكؤوس الإفريقية. ونجد أن الراحل خاض مع الهلال إفريقياً 12 مباراة.
حادثة مباراة الزمالك
يعتبر ما حدث لمدافع الهلال الراحل في مباراة الهلال والزمالك في الدور الأول لبطولة الكؤوس عام 2001 من أهم الشواهد في حياة اللاعب ففي المباراة المعادة عصراً بسبب حادثة انطفاء الأبراج في المساء سقط ود الجنيد مغشياً عليه بعد أن بلع لسانه، وتم إنقاذه من قبل الطاقم الطبي المصري التابع لنادي الزمالك وكاد اللاعب أن يفارق الحياة بعد أن كان منظر السقوط غريباً للغاية نسبة لوجود حوادث كثيرة ومشابهة له مثل حادثة لاعب الترجي التونسي الهادي بن رخيصه، التي حدثت عام 2007 ثم حادثة لاعب الكاميرون فويه والتي حدثت بعده عام 2003 في نصف نهائي بطولة القارات أمام منتخب كولمبيا.
بعد صراع عنيف مع المريخ وود الجنيد في ذلك الوقت كان في فريق الشباب الذي فاز ببطولة سيكافا بقيادة المدرب أحمد بابكر لعب للهلال موسم 96 و97 ونصف 98 واختتم مسيرته الكروية مدافعاً عن شعار نادي أهلي شندي وترك كرة القدم بعد أن تكررت معه الحالة في ميادين كرة القدم.
أخلاق ودالجنيد بنى بها شخصية اجتماعية تجاوز تأثيرها مجال الرياضة، ومن خلال هذه الأخلاق الطيبة كسب معارف كثيرة وسيرة عطرة بالبذل والعطاء، وربما هناك أكثر من ود الجنيد في قرى، وحواضر الوطن، ولكن يبدو أن حظوظ هؤلاء الذين يتسامقون في الطول أن تقبر مواهبهم ورحم الله ود الجنيد بقدر ما قدم لوطنه.
مجلسا ناديي الهلال والمريخ يحتسبان الراحل
يحتسب مجلسا إدارة ناديي الهلال والمريخ عند المولى عزّ وجل لاعب منتخبنا الوطني و فريق الهلال السابق مرتضى سيد الجنيد(ود الجنيد) الذي لبى نداء ربه صباح أمس بالعاصمة البريطانية لندن بعد صراع طويل مع المرض،والمجلسان إذ ينعيانه ينعيان فيه فارساً من فرسان الوطن الذين أحسنوا الذود عن شعار ناديه والمنتخب الوطني الذي ظلّ جندياً من جنوده، لقد تميز الفقيد الراحل بحسن السيرة وطيب المعشر فضلاً عن قوة الأداء وحب الشعار والغيرة عليه، ويبتهل المجلسان للمولى عزّ وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً وأن يلهم أسرته المكلومة وجماهير الرياضة المنتشرة في كل مكان الصبر وحسن العزاء (إنا لله وإنا إليه راجعون
سوداني
( منقول )