بنهاية هذا اليوم يكون الشعب السوداني قد بدأ العام الثالث والعشرون من السجن الكبير الذي يعيش فيه، والذي يحكمه شلة من الكذابين، وقد بدأ كذبهم من اليوم الأول بدعوة أن هذا الانقلاب قامت به القوات المسلحة، وبعد ذلك نكتشف أن الجبهة القومية هي التي وراء هذا الانقلاب على الديمقراطية الوليدة، وتاريخهم المعروف للجميع أنهم لا يطيقون الرأي والرأي الآخر لأنهم يستبدون برأيهم القاصر في جميع المناحي سواء كانت سياسية أو اقتصادية او اجتماعية.
قبل أن يصل هؤلاء الأفاقون إلى السلطة ويربضوا على صدور الشعب السوداني الأبي التواق إلى الحرية، كان للسودان مكانة بين الأمم في المحافل الدولية الرسمية وغير الرسمية، وكان السوداني البسيط العادي مرحب به في جميع مطارات الدنيا إذا دعته الضرورة إلى السفر، أما الآن فأنت في محل الشك والريبة أينما حللت ويتم مضايقتك من غير سبب سوى أنك تحمل جواز سوداني.
وبعد كذبتهم الأولى بأن الانقلاب قام به الجيش وليس أي جهة أخرى، نصل إلى كذبة " نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع"، حيث عمت المجاعة جميع أنحاء السودان وصار السودان هو مضرب المثل في الفقر وهجر الناس الزراعة نسبة لعائدها المتدني ، وتم إغلاق جميع المصانع في السودان بالتدريج وخير واقرب مثال لذلك مصنع الصداقة للنسيج بالحصاحيصا، وعلى طاري الزراعة فقد أصبحنا نستورد منتجات الألبان من السعودية، ولقد درسنا في الماضي وإلى الآن أن السودان هو أغنى الدول العربية من الثروة الحيوانية.
وجاءت كذبتهم الثالثة وهي التوسع في التعليم العالي، حيث أصبح في كل حي من أحياء العاصمة ما يدعون بأنه جامعة تخرج نوعية متدنية في التحصيل وفوق ذلك الشارع هو موقعهم بعد عناء أربع سنوات في الفاضي، ,وأول مرة الواحد يسمع بأن الطالب يتخرج من كلية الطب ويصبح عاطل عن العمل في السودان فقط وطبعاً هذا من بركات هذه الشلة الفاسدة
أما التعليم العام فلا يحتاج إلى التطرق إليه " عينك سرك"
وبنهاية هذا اليوم نحصد اثنين وعشرون عاماً وندخل في ال ثلاثة وعشرون عاماً من الريادة في الفساد حيث لم يتنازل السودان قيد أنملة عن المركز الأول باعتباره أكثر الدول فساداَ في العالم .
أما في مجال الصحة فصار العلاج في متناول يد المقتدر مادياً، وفي الأسبوع الماضي قرأت خبراً عن أن أب حاول الانتحار لأنه لا يملك مبلغ علاج فلذة كبده ذو السبع سنوات والمبلغ بالتمام والكمال فقط مائة جنيه، وهنالك خبر مثله عن السيدة التي في شرق السودان التي حاولت الانتحار لأنها لم تعد تحتمل توجع أبنائها عندما تدهمهم نوبة الربو وهي لا حول لها ولا قوة، وفي نفس الوقت البشير في بورسودان يتحدث عن مجانية العلاج والتعليم.
هذا هو السودان الذي يعتبر سلة غذاء العالم !!! وما هو رأيكم دام فضلكم.