هذا المقال نقلا عن الكاتب صلاح بدوى واللذى يؤكد فيه مخططات اسرائيل للحصول على مياه النيل عبر ترعة السلام
وكان السادات قد وعد بايصال مياه النيل الى اسرائيل
الاطماع “الاسرائيلية” في مياه النيل
صلاح بدوي/ صحافي وكاتب مصري
عن كتاب: الاختراق “الاسرائيلي” للزراعة في مصر
الناشر: مركز الحضارة العربية ـ القاهرة
مقدمة
خلال ازمة الخليج، وقبيل اندلاع المواجهة العسكرية بين قوات التحالف والعراق، اعلن جيمس بيكر وزير خارجية امريكا، ان النظام العالمي الجديد المزمع اقامته عقب انتهاء ازمة الخليج، سوف يراعي مسالة اعادة توزيع المياه بين “اسرائيل” وجيرانها العرب بطريقة عادلة.
وبعد تلك التصريحات التي ادلى بها بيكر، امام لجان الكونغرس الامريكي، في ديسمبر 1990، ادلى الرئيس التركي تورجوت اوزال، بتصريحات لممثلي الصحافة خلال زيارة له لبعض العواصم الاوروبية، ابدى فيها استعداد تركيا لتزويد “اسرائيل” بالمياه العذبة مساهمة من تركيا في اقامة السلام وتوطيد دعائم النظام العالمي الجديد. وهي في الحقيقة، نظام امريكي للشرق الاوسط، والعالم الثالث.
وبعد ذلك بايام ادلى شيمون بيريز رئيس وزراء العدو “الاسرائيلي” السابق، وزعيم حزب العمل “الاسرائيلي”، بتصريحات للصحف اكد فيها ان الحرب القادمة بالشرق الاوسط سوف تكون من اجل السيطرة على مصادر المياه.
والواقع ان الارقام عن المياه المتاحة في “اسرائيل” وحجم الاستهلاك، سواء ما يتعلق بالاحتياجات البشرية للمستوطنين، او احتياجات الزراعة والصناعة في “اسرائيل”، تكشف وبوضوح عن عجز متصاعد في المياه العذبة في “اسرائيل”، وقد حاول “الاسرائيليون” مبكرا ـ وفي اطار تخطيطهم العلمي وتقديرهم للاحتياجات المستقبلية ـ الحصول على كميات من مياه النيل خلال العامين الاخيرين من حكم الرئيس الراحل انور السادات عقب ابرام اتفاقية كامب ديفيد في سبتمبر من عام 1987 وقتها بشر قطب التطبيع في مصر انيس منصور بان الرئيس السادات وافق على مد مياه النيل إلى النقب والقدس الشرقية لسقاية حجاج الاماكن المقدسة، وبالفعل كانت الدراسات والنوايا معقودة ومعدة سلفا لمد مياه النيل عبر صحارات تحت قناة السويس إلى سيناء ومنها إلى فلسطين المحتلة لايصال مياه نهر النيل إلى العدو، الامر الذي جعل قادة العدو “الاسرائيلي” يفكرون في وسيلة للضغط على مصر عن طريق منابع ومصادر الفيضان باثيوبيا، واستغلال الاضطرابات والمعارضة المسلحة هناك، وبالفعل عرضوا على منجستو هيلا مريام قبل سقوطه المساعدات والخبرات العسكرية والتعاون المشترك لتامين مياه البحر الاحمر عند مداخله الجنوبية، على اعتبار ان “اسرائيل” واثيوبيا غير عربيتين، وهو امر في حد ذاته يحتم ويدعم تعاونهم المشترك بهذا المجال وقد اقنع “الاسرائيليون” القيادة الاثيوبية بموضوع اقامة مجموعة من السدود ومشروعات الري على هضاب الحبشة وعشرات الافدنة تحت دعاوي تحقيق اكبر استفادة ممكنة من مياه النيل الفيضانية والطاقة الكهربائية لصالح اثيوبيا، وهم يحاولون حاليا ـ تساندهم واشنطن ـ التلويح للنظام الاثيوبي الجديد الذي خلف منجستو بمشروعات تعاون مشتركة فيما بينهم.
والمؤكد ان هذا الاتجاه الصهيوني، وهذا العرض على القيادة الاثيوبية، كان بمثابة تهديد لرصيد مصر الفيضاني بمياه النيل، وبالتالي تهديد لكل مشروعات الري والكهرباء والزراعة علي امتداد ضفتي الوادي ودلتا مصر.
كان هذا تفكير “اسرائيل” في الاضرار بمصر بعد فشلها في الحصول على تلك المياه، ولكن نود ان نذكر هنا ان “اسرائيل” في نفس الوقت تقريبا، وعقب اجتياحها لجنوب لبنان ودخولها بيروت عام 1982 كان ضمن اهداف مخططاتها ان تسيطر على مصادر مياه الانهار الجنوبية وخاصة الليطاني والحاصباني والكلب. وحتى بعد ان انسحبت “اسرائيل” بقواتها جنوبا وابقت على وجودها العسكري بمنطقة الجنوب اللبناني التي تسميها المنطقة الامنية.
كانت شبكات مواسير سرقة مياه نهر الليطاني قد تم مدها تحت الارض وعبر الحدود مع فلسطين المحتلة لسحب تلك المياه إلى الجليل وبحيرة طبرية لمواجهة خطر ازمة المياه وتناقصها في “اسرائيل”.
من ناحية اخرى اكدت دراسة هامة، اعدها الاستاذ مغاوري دياب عالم المياه وعميد كلية العلوم بجامعة المنوفية، خطر المشكلة المائية في “اسرائيل” والذي دفعها إلى تركيب محطات شفط ذات طلمبات جوفية عملاقة بالمناطق الحدودية بالنقب المحتل، تستهدف سحب اقصى ما يمكن من المياه من جوف الارض. وقد اثر هذا كثيرا على خزان وادي الجراف الجوفي للمياه بسيناء والذي ينحدر بمساحة الفي كيلو متر مربع إلى الشرق من وسط سيناء متجها نحو النقب والبحر الميت بفلسطين المحتلة. والى الدرجة التي اضطرت معها محافظة شمال سيناء وبناء على توجيه من المسؤولين عن الزراعة والمياه بالمحافظة، إلى اصدار قرار بوقف ضخ المياه من بعض آبار سيناء لنقص تلك المياه وارتفاع معدلات الملوحة بها، نتيجة لسرقة العدو للمياه من الخزان الجوفي.
واذا كنا قد استعرضنا خلال السطور السابقة الرؤية “الاسرائيلية” لمشكلة المياه ومحاولاتهم السيطرة على منابع النيل فاننا لخطورة موضوع مياه النيل علي الحياة والامن القومي المصريين فسوف نستعرضه بشيء من التفصيل والايضاح.
ان مسألة المياه هي في الواقع مسالة حياة، والنيل بالنسبة لمصر هو عصب الحياة على ارضها، ومتوسط الايراد السنوي لنهر النيل يبلغ حوالي 84 مليار متر مكعب وتبلغ الحصة المقررة لمصر منه وفقا لاتفاقية مصر والسودان حوالي 54.5 مليار متر مكعب وسوف تصل التوسعات المزمع تنفيذها في قطاعات الزراعة والصناعة بهذه الاحتياجات المصرية السنوية إلى 64.5 عام 1995 إلى 79 مليار متر مكعب في عام 2000 (الملحق الوثائقي
.
ومعروف ان مصر هي من اكثر بلاد العالم اعتمادا على الزراعة المروية، حيث ان الامطار كمصدر للري والزراعة لا يعتمد عليها الا في الساحل الشمالي حيث تتراوح الكمية التي تسقط هناك ما بين 140، 230 سنتيمترا مكعبا في العام.
ولذلك كانت الزراعة المصرية محدودة في تلك المساحة التي لا تتجاوز 2% من المساحة الكلية المنزرعة في مصر، في حين يعتمد 97% من اراضي مصر المزروعة على مياه النيل وتروي المساحة الباقية والموجودة بواحات الصحراء الغربية وشبه جزيرة سيناء بالمياه الجوفية.
وتواجه مصر في مجال الزراعة والري تحديات التوسع الافقي الذي يحتاج لكميات اضافية من المياه، وتقتضي خطة وزارة الزراعة للتوسع الافقي بمجال استصلاح الاراضي اضافة 150 الف فدان من المساحات المستصلحة سنويا حتى نهاية القرن الحالي، بيد ان ذلك يحتاج إلى تدبير 11 مليار متر مكعب من المياه الاضافية سنويا وقبل نهاية هذا القرن، منها 9 مليارات للري و2 مليار للصناعة والشرب، والسبيل إلى ذلك هو زيادة السحب من المياه الجوفية في الوادي والدلتا، وهذا أمر ميسور يمكن البدء به من الان وانجازه خلال خمسة اعوام وذلك يوفر 2.4 مليار متر مكعب واعادة استخدام مياه الصرف بالزراعة ويقدر حجم المشروع بـ 3.6 مليار متر مكعب، ولا ينتظر الانتهاء من تخزين مياه السدة الشتوية بالبحيرات الشمالية، وهي البرلس والمنزلة، قبل عام 1997، ويوفر ذلك 2.3 مليار متر مكعب في حين ان ما يمكن ترشيده من مياه ري الاراضي القديمة في اطار المشروع القومي لتطوير الري يقدر بمليار متر مكعب بالاضافة لمشروعات بحر الغزال المتوقع ان توفر 3.5 مليار متر مكعب سنويا ومستنقعات مشار وتوفر 2 مليار متر مكعب. فضلا عن 2 مليار متر مكعب من المياه يوفرها مشروع المرحلة الاولى من قناة جونجلي بجنوب السودان، والتي بات انجازها مرهونا باقرار السلام بجنوب السودان وبالتالي تكون جملة الزيادة المتاحة بالموارد المائية حتى عام 2000 في احسن الحالات 10:9 مليار متر مكعب وهي تكفي بالكاد الاحتياجات دون زيادة تذكر، ولو تأخر تنفيذ أي مشروع من المشروعات السابقة بان استصلاح الاراضي الجديدة لابد ان يتوقف خاصة وانه يوجد خلافات حول خطة تخزين المياه بالبحيرات الشمالية بين خبراء الري والزراعة خوفا من الفيضانات.
وعلى ضوء ما سبق من موارد المياه التي يمكن للحكومة توفيرها حتى عام 2000
لا تكاد تكفي طموحاتها التنموية بل وتجعلها مهددة بعجز مائي لاول مرة منذ عقود خلت فضلا عن ارتفاع تكاليف توفير المياه بطرق اخرى، مثل تحلية مياه البحر والتي يتكلف المتر المكعب الواحد منها 1.5 دولار اميركي وهي نسبة مرتفعة للغاية لم يتحملها العدو “الاسرائيلي” بما لديه من تقنيات متقدمة بهذا المجال وبما تقدمه له واشنطن من دعم. ومن ثم فان البديل الوحيد امام مصر حاليا لحل ازمة المياه لا يتأتى الا "من خلال الحوض تقدر بألف مليار متر مكعب من المياه شاملة الانهار والمياه الجوفية ومياه الامطار".
ويدرك العدو “الاسرائيلي” تلك الحقيقة منذ قيام كيانه على ارض فلسطين، وفي نوفمبر تشرين الثاني 1977 طالب شاؤول ارلوزدرف مدير هيئة تخطيط المياه الاقليمية “الاسرائيلية” بتنفيذ مشروع النيل الازرق والابيض وطبقا لهذا المشروع يتم تحويل 850 مليون متر مكعب لمشروعات الري بالنقب، ويحول 150 متر مكعب للري بقطاع غزة ووفقا للدراسات المبدئية “الاسرائيلية” تبلغ تكلفة المتر المكعب من مياه النيل لتصل إلى العدو “الاسرائيلي” 12 سنتا امريكيا تشمل 4 سنتات لمصر، ويري الخبراء “الاسرائيليون” ان هذا المشروع يمثل افضل المشروعات لتامين احتياجات “اسرائيل” من المياه بالمقارنة بتكلفته. وهذا هو المشروع الذي بدئ في تنفيذه منذ اكتوبر 1979 تحت اسم ترعة السلام.
اذن الحكومة المصرية لم تأخذ تحذيرات خبرائنا طوال سنوات التطبيع مأخذ الجد والمتعلقة بضرورة الاسراع بتقوية علاقات التعاون مع الافارقة بحوض النيل، وذلك ادى لاستفحال الوجود “الاسرائيلي” بمنابع النيل، الامر الذي حدا بالرئيس الاثيوبي المخلوع مانجستو هيلا مريام عندما استدرجه الصحفيون الصهاينة ليدلي بتصريحات خطيرة في اوائل عام 1991 يؤكد فيها انبهاره بتجربة “اسرائيل” في العيش وسط عالم عربي متوحش يستعد لالتهامها، وان اثيوبيا واسرائيل تشتركان في عدائهما للعرب لان بعض الاقطار العربية لديها اطماع توسعية تجاه منابع النيل لاقامة امبراطورية عربية كبرى، لذلك فعلى أثيوبيا واسرائيل ان تدركا ذلك لتنمية علاقات التعاون فيما بينهما، ووقتها احدث هذا التصريح ضجة كبرى في مصر واحتجت الحكومة المصرية على تصريحات منجستو والذي اوفد وقتها مبعوثا للقاهرة يتهم الصهاينة بتحريف تصريحاته.
والملفت للنظر ان اثيوبيا ترفض حتى الان الانضمام لمنظمة الاندوجو (الاخاء)، وهي تضم دول حوض النيل، وتصر على حضور اجتماعاتها كمراقب، ويلمح مسؤولوها دائما بان حياة مصر بايدي اثيوبيا وان مياه النيل ملك لاثيوبيا، هذا وسبق لاثيوبيا ان احتجت على مشروع السد العالي وعلى مشروعات ترعة السلام واعالي النيل، وعلى تصريحات السادات بتوصيله المياه للعدو “الاسرائيلي”، وذلك لان الاتفاقيات الدولية تتيح لها حق الاحتجاج من منطلق النص الموجود بها والذي يلزم أي دولة بالحوض ان تبلغ الدول الاخرى في حالة تشييدها او اقامتها لاية مشروعات متعلقة بالنيل، ومن هذا المنطلق احتجت مصر على وجود الخبراء الصهاينة بمنابع النيل لمساعدة اثيوبيا في تشييد المشروعات الزراعية والكهربائية الراهنة. وقد استغل الصهاينة هذه الفرصة وقاموا باجراء مسح شامل لمناطق منابع النيل وزودوا اثيوبيا باسلحة لمواجهة خصوم النظام السباق باثيوبيا. وكان من الطبيعي ان يستغل العدو ذلك لفرض ارادته على اثيوبيا، وذلك هو ما يحدث حاليا، بل ان العدو اوعز إلى اثيوبيا بان مصر والسودان وعددا من الدول العربية يزودون ارتريا واوجادين بالاسلحة لتحقيق الاستقلال للاقليمين العربيين عن اثيوبيا. مما دفع اثيوبيا لاستضافة جون قرنق العقيد المتمرد بجنوب السودان وتزويد مافيا تمرده بجنوب الوادي بالاسلحة للانفصال عن السوداء. بل ان مؤشرات واضحة اكدتها الحكومة السودانية تؤكد تزويد “الاسرائيليين” للمتمردين بجنوب السودان ـ حاليا ـ بالاسلحة، وهذا ما جعل خبيرا ووزيرا سابقا ذا شهرة عالمية واسعة ودراية كبيرة جدا بالمياه وبما يحدث بجنوب الوادي (المهندس الكبير ابراهيم زكي قناوي) بان يدعو الحكومة المصرية إلى اللجوء للتحكيم الدولي في حال استفحال المشروعات الاثيوبية والوجود الاجنبي بمنابع النيل، واصفا ذلك بانه تهديد مباشر للامن القومي المصري.
وفي ظل اصرار المسؤولين عن الري ببلادنا على نفي خطورة المشروعات الاثيوبية والتواجد الصهيوني بالمنابع على امن مصر القومي احتجت وزارة الخارجية المصرية رسميا في اوائل عام 1990 لدى “اسرائيل” عن تواجدها بمنابع النيل، وقبل ذلك بعامين اعلن وزير الدفاع المصري السابق عبدالحليم ابوغزالة مساعد رئيس الجمهورية حاليا بان التلاعب بمياه النيل معناه الحرب.
وشهدت الاعوام الاخيرة ما بين 1988ـ 1990 اعواما مائية متوسطة لفيضان النيل مما دفع مصر للسحب من مخزونها الاستراتيجي ببحيرة ناصر، والذي كان ينفذ في عام 1978، بل وكانت مصر مهددة بالعطش، وتوربينات السد العالي مهددة بالتوقف. وذلك اعاد لاذهان الجيل الجديد شبح الجفاف، والذي شهدته مصر خلال القرون الماضية، وقبل تشييد السد العالي العظيم، والذي حدا بالمصريين لاكل الفئران والافاعي من شدة قحط الجفاف الذي واجهته بلادنا سابقا، وذكرهم بالمعاناة التي عاشتها بعض الاقطار الافريقية من شدة الجفاف وتسبب ذلك في وفاة مئات الآلاف من ابنائهم جوعا وعطشا.
والاستعراض السابق حول مدى احتياجات مصر لكل قطرة مياه، يدفعنا إلى تحذير المسؤولين ببلادنا من فكرة امداد العدو باية قطرة من مياه نيلنا العظيم لحاجتنا لهذه المياه ولان عدونا سينظر إلى ذلك محق مكتسب له من نيل مصر وسينظر لذاته كدولة نيلية، فما بالنا اذا كان هذا العدو لاحق له اصلا في الوجود على ارض فلسطين العربية.
وكان عدد من خبراء المياه بمصر قد ابدوا تخوفهم من فكرة توصيل مياه ترعة السلام لسيناء ودعوا للعدول عن هذه الفكرة والاكتفاء بالاعتماد في زراعة سيناء على مخزون المياه الجوفية الموجودة بها، بناء على الادلة القوية التي توفرت لعلمائنا بان مياه ترعة السلام والتي كان السادات صاحب فكرة اقامتها بغرض توصيل زمزم النيل إلى القدس، سوف تذهب في النهاية للكيان الصهيوني.
وعلماؤنا محقون في شكوكهم تلك لان اليهود يسرقون علانية اليوم ما يقدر بـ 250 مليون مترا مكعبا سنويا من مياه خزان وادي الجراف المصري الحدودي مع فلسطين المحتلة. مما دفع عددا من الخبراء للمطالبة باقامة سد جوفي على حدود سيناء مع النقب يحجز تدفق مياه سيناء الجوفية تجاه معدات الشفط العملاقة التي شيدها العدو لسرقة المياه وبثها بالنقب المحتل.
وانطلاقا من مفاهيم الامن القومي لمصر ومصالحها المستقبلية وجذورها التاريخية طرح الاستاذ الدكتور محمد عبدالهادي راضي عالم المياه وخبير الري المعروف ومدير معهد توزيع المياه بمركز البحوث المائية، عدة اقتراحات على الحكومة المصرية كي تتمكن خلال الاعوام العشرة المقبلة وقبل نهاية القرن الحالي من انقاذ ما يمكن انقاذه بالتعاون مع دول حوض النيل وفيما يلي ملخصها:
1ـ تطوير الاجهزة العاملة بمياه النيل بتبني الافكار التي تقرر المزايا او المنافع المتبادلة مع الاهتمام بالدراسات القانونية.
2ـ بدء خطة قومية شاملة لترشيد استخدام المياه داخل مصر والسعي لخلق وعي قومي عام بقيمة قضايا المياه.
3ـ مناقشة قضايا المياه بموضوعية وبعيدا عن الانفعال لان موارد مياه حوض النيل تكفي الجميع، وعلى مصر طرح مبادرات دائما لكسر محاولات بعض دول حوض النيل لتجميد قضايا المياه المثارة حاليا، وعلينا ان ندرك ان السنوات العشر المقبلة لن تشهد تأثيرا على حصتنا من المياه، ولن تشهد قيام مشروعات لها اثر ملموس على حصتنا، كما اننا لا بد ان نبرز قوة موقفنا لانها ستكون فرصة مواتية لاعادة الحسابات.
4ـ تحقيق الانتشار والتلاحم مع الدول المعنية بمختلف السبل والوسائل، ومنها التدريب والمعونات والمزايا الاقتصادية، ووضع خطط شاملة للتعاون مع اثيوبيا كنقطة انطلاق رئيسية للتعاون الشامل في ظل تحرك مواز مع اوغندا، وتدعيم الموقف المصري من قضايا نهر النيل في المؤتمرات والمحافل الدولية.
5ـ البعد عن الدول الموجودة خارج الحوض والتي تحاول فرض سيطرتها بصورة او باخرى، وكذلك عدم تكرار الندوات والمؤتمرات التي تتعلق بمياه النيل وتؤدي لتجميع وتكتل الآراء المضادة.
ومن المشروعات المطروحة بين مصر ودول حوض النيل، مشروعات مشتركة للزراعة وتطوير اساليبها، ولتوليد الكهرباء، وايضا التدريب والبحوث المشتركة، وتبادل الوفود واقامة بعض الصناعات.
وسيتوقف على نجاح هذه المشروعات للتعاون المشترك بين مصر ودول حوض النيل مصير حرب المياه، التي تحاول واشنطن والكيان الصهيوني وضع هذه الاقطار امام خيارين: اما حصول العدو “الاسرائيلي” على مياه النيل او اشعال حرب المياه بالمنطقة.