قد شارفت جلستهم في ليلة الخميس على الانتهاء وبعد دقائق سوف يغادر المجتمعون المنزل الذي اعتادوا أن يتسامروا فيه كل يوم خميس، وهنا صاح بشير بصوت متهدج ينبه الجميع " لا تنسوا بكره مقيلة الجمعة " وأيده الكل بكلمة " إن شاء الله " وحدد لهم موقع الملتقى المعتاد وهو دكان سلطان الكيف لبيع السعوط ، في وسط السوق.
انفض المجلس وكل واحد ذهب إلى حال سبيله، بعض منهم اتجه ناحية أقصى شمال المدينة لشيء في نفسه، والمجموعة الأخرى اتجهوا ناحية وسط المدينة للذهاب إلى منازلهم التي تكاد تكون في أحياء متقاربة من بعضها، ولم يشاطروا بعض الزملاء بالاتجاه شمالاً لضيق ذات اليد.
أصبح الصبح وتقاطر الأصحاب نحو الموقع المحدد للتجمع وكان أول الحضور كالعادة بشير ثم من بعد ذلك حسن وعلي وبعد تحية بعضهم للبعض انهمكوا في مطالعة الجرائد اليومية حتى حضور بقية الشلة، طال الانتظار ولم يحضر أحد، وكعادته وقف بشير ليحس علي وحسن، على الفطور ومن ثم تحضير لوازم المقيلة وترك رسالة شفهية بأنهم ذهبوا إلى موقع المقيلة المعروف للشلة، وبعد تناول الفطور حضر عبد القادر وبدأ الأربعة بشراء مستلزمات المقيلة من لحم وخضروات وما شابه ذلك، وتقاسم الجميع في حمل الأغراض في أكياس مصنوعة من أكياس الأسمنت الفارغة، وتحرك الركب من أمام جزارة اللحم نحو موقف بكاسي فور إلى الوجهة المطلوبة
بعد الوصول بحوالي دقائق معدودة بدأ بقية الشلة في الانضمام للمجموعة، وكبرت حلقة القعدة، وكاسات المريسة مدورة، وتقسمت الجلسة كل اثنين يتجاذبون الحديث الذي يهتمون به ، البعض يتحدث عن الرياضة ومنهم من يتحدث في مواضيع اجتماعية، كما نجد بعض المجموعات تتحدث في السياسة، وبين الفينة و الأخرى يدخل شخص ويلقي التحية ويرد عليه كل الجالسون في الراكوبة، ويقدموا له كأس من المريسة ويقبله بكل أريحية، وفي جانب قصي من الراكوبة تسمع صوت جقجقة الحلة والتي دائماً ما يوكل أمرها إلى عبد القادر.
استوت الحلة، وطالب الجميع بالأكل، وبدأ عبد القادر في تفقد المستلزمات المكملة، وعلى ضوئها يتم " قلب الحلة للأكل " ويوجه عبد القادر سؤال إلى بشير " وين الرغيف " وفي هذه اللحظة يضع بشير كفه الأيمن على جبهته دون أن ينطق بكلمة ويفهم معناها الجميع وينبري يوسف ليقول بأنه سوف يذهب ويأخذ شلن من والدته ويحضر الرغيف.
ذهب يوسف إلى منزلهم الذي لا يبعد كثيراً عن مكان قعدة الشلة، ويصل البيت ويلقي التحية على والدته، ثم يخاطبها، " يمه أنا عايزك في موضوع " وترد والدته " إن شاء الله موضوع العافية "
ويقول لها يوسف " نعم إنه موضوع العافية " ومن الصدف فإن صاحبة المنزل الذي تجلس فيه الشلة كان اسمها " العافية"