لاشك في ان انسان الجزيرة يختلف عن باقي مكونات التركيبة السكانية للشعب السوداني ، فنحن اناس مسالمون طيبون صبورون ، للدرجة التي جعلت البعض يتهمنا بالسزاجة ، ولم يكتفوا بـذلك بل أطلقوا علينا لقب اهل العوض واصبح يلازمنا كالعلامة التجارية كناية عن الجهل والسزاجة والبساطة .
ناسين ان الجزيرة تمثل النموذج المثالي للتعايش السلمي في السودان ، والـذي ينعدم حاليا حتى في القبيلة او المنطقة الواحدة في ماتبقى من السودان الـذي اصبح كالمجزوم بعد ان بترت اطرافه جنوبا وشمالا وشرقا ، حيث سكن بالجزيرة بالاضافة الى مكونها الاساسي جميع اهل السودان ، أتى اهل الشمالية وعملوا بمشروع الجزيرة ، وسكنوا في افخم المباني الحكومية بوسط الجزيرة وهي السرايات التي بناها الانجليز في بداية قيام المشروع ، ودرس ابنائهم في مدارسنا وكان ابائهم الوحيدون الـذين يتقاضون الرواتب الحكومية ، اما ابائنا فكانوا يفلحون الارض ليتحصلوا هم على الرواتب والترقيات و....الخ من الميزات المفقودة لدى سكان الجزيرة ، ولينعم السودان بايرادات العملة الصعبة من بيع القطن ، وكـذا الحال لاهل دارفور الـذين عملوا بالسكك الحديدية ، فكانت لهم مبانيهم الحكومية وقراهم الخاصة كقرية قوز كبرو ، والتي تم مدها بالكهرباء والماء والمدارس الحكومية ، علما بان قرانا كانت تغرق في الظلام ، وتنعدم فيها المياه باستسناء عدد قليل من القرى القريبة من المدن ، فكانت الابار المصدر الوحيد للشرب بالاضافة الى مياه الترع ، كما كان يشترك ابناء قريتين او ثلاثة قرى في مقاعد الدراسة بالمدارس المختلطة ، مما تسبب في حرمان الكثيرين من اهلنا نعمة التعليم والدراسة ، اما ابناء الغرب الـذين اتو من أجل العمل بالمشروع كاجراء اثروا العيش منفصلين في قرى صغيرة بجنب قرانا ، وكانت لهم عاداتهم وخصوصياتهم ، لكن شيئا فشيئا بعد ان احسوا برحابة اهلنا بدأوا الالتحاق بمدارسنا والتبضع باسواقنا والصلاة معنا في الجمع والاعياد ، ولهم جميع حقوقنا ، مع احتفاظهم بخصوصياتهم الاجتماعية في الزواج وغيرها من العادات الاخرى ، دون ان يتهضهم احد او يسيئ اليهم ، فلم نسمع يوما بان احد اشتكى منهم او اشتكوا منه ، كـذلك الجنوبيون كانوا يعملوا بالمصانع المختلفة كالنسيج ومطاحن كبرو والجنيد وغيرها من مصانع الزيوت والمصانع الاخري ، فعملوا بسلام وامان حتى اتى التتار وخرب المشروع واغلق المصانع ، فرجعوا الى مدنهم وديارهم دون ان نسمع لهم قصص عن الاتهاض او غيرها من حكاوي اليوم .
بكل اسف بدلا من ان يتم تكريم انسان الجزيرة ولو معنويا ، على ماقدمه من مثال للتعايش السلمي في السودان ، وماقدمه من عطاء للسودان طيلة السنوات التي سبقت استخراج البترول الـذي ذهب جنوبا ، اتى اليوم الـذي يتهم فيه انسان الجزيرة بالعنصرية ، والإسائة
لباقي المكونات العرقية الاخري التي وفدت الى الجزيرة ، هل هذا هو جزاء سنمار ، ام ان الجميع فشل واصبح يبحث عن شماعة يعلق عليها خيباته وفشله ، فلم يجد سوى انسان الجزيرة الطيب الصبور ليلقي عليه احماله الثقال ، نقول لكم لانريد منكم جزاءا ولاشكورا ولا إطراء فنحن قوم ارضعتنا امهاتنا الطيبة والمحنة وحب الاخرين ، وغرس فينا ابائنا الاخلاص والتفاني والعطاء ، فكنا نعطي ولانأخـذ ، ويشهد لنا المستعمر وبنك السودان وقوافل الاغاثة لباقي ولايات السودان ، كم وفد الينا من ضربته المجاعة والجفاف في الثمانينات وغيرها من السنين العجاف ، فكنا لهم الماوى والمرسى ، والله اتانا في الثمانينات من اكل الامباز مع البهائم من الجوع فقدمنا لهم الغذاء والكساء والامان .
من هنا اقدم ثلاث رسائل :
الرسالة الاولى : لحكومة المؤتمر
الرسالة الثانية : للمارضة باحزابها المختلفة
الرسالة الثالثة : الى الحركات المسلحة