أستوقفني هذا المقال من صحيفة الرائد بقلم الأستاذ / ماجد عبد القادر
الزعيم الشيوعي فاروق أبو عيسى.. الرجل الهام جداً في عهد ثورة مايو "الظافرة والمنتصرة أبداً" على حد قول الشيوعيين آنذاك.. وجد نفسه هذه الأيام زعيماً للمعارضة.. وانتظم من ورائه زعماء بعض الأحزاب التي كان يفترض أنها إسلامية الهوية والمزاج. ولأنها فقدت الدعم الشعبي وفقدت النصير وقعدت "ميطي في السهلة" فقد وجد الشيوعي فاروق أبو عيسى فرصة لقيادتها والتحدث باسمها.. وهو الذي كان يهتف من وراء النميري قائلاً "لقد دلت تجاربنا وأثبتت مسيرتنا أن حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي وتوابعهم من الأخوان المسلمين هم أعداء الشعب".. وكان هناك برنامج إذاعي مشهور في السبعينات اسمه أعداء الشعب تعده الكوادر الشيوعية وتنقله إذاعة أم درمان، وقال في سب وقذف حزب الأمة والأخوان ما لم يقله مالك في الخمر.
والرجل فاروق أبو عيسى الذي كان رأس الرمح في تشتيت الأحزاب وسحلها أيام "ثورة مايو" وقف الأسبوع الماضي أمام مجموعة من الصحفيين فيما يعرف "بمنبر الشارع" التابع لمرصد حقوق الإنسان بتاع ما يُسمى بقوى الإجماع الوطني، وقال بالحرف الواحد "الجماعة ديل ربَّنا محرِّشهم علينا".. ولأولادنا في نمرة اثنين نقول إن "الحراشة" هي التحريض والدفع بقوة.. والشيوعي فاروق يريد أن يقول إن "ربنا" أو "ربهم" قد حرش المؤتمر الوطني ومنسوبيه لكي "يلطشوا" الشيوعيين وأعوانهم.. وهنا لا بد من مساءلة فاروق عن "المرجعية" و"الوصي" الذي جاءه بأن ربهم قد حرَّش عليهم الجماعة ديل.
ولا بد من تذكير فاروق بأنه لو صحت اعتقادات التحريش المذكورة فعلى فاروق ومن معه أن يشيلوا "شيلتهم" ذلك لأنه لا قبل لهم بأن يقفوا أمام الذين أرسلهم الله خصيصاً وحرشهم عليكم... وإذا كان ذلك كذلك فإن على فاروق وزمرته أن يستعدوا للثبور وعظائم الأمور... وقديماً قال أهل السودان "مرمي الله مافي زول برفعو".... وقالوا كذلك أن "التسوي كريت في القرض تلقاهو في جلدها" وقد فعل فاروق أبو عيسى في أهل الأحزاب ما لم تفعله كريت في القرض فهو الذي ساعد وأرشد وخطط لتفتيت الأحزاب وخراب ديارها وجعل أعزة أهلها أذلة وجاس خلال ديارهم وأذاقهم سوء العذاب.. وجاء بعد كل ذلك ليكون زعيماً لما تبقى من هذه الأحزاب.
ومن سخرية القدر أن فاروق أبو عيسى ينادي الآن بإطلاق سراح زعماء الإسلاميين وصحيفتهم وهو الذي كان أول من أدخلهم السجون وهدم دورهم وأوقف لسان حالهم "جريدة الميثاق".
ثم من أدرى فاروق أبو عيسى أن ما يدعو له د. الترابي ومؤيدوه هذه الأيام ما هو إلا مسرحية أخرى جديدة يتم إعادة إخراجها بعد أن نفدت الطبعة الأولى من فيلم "إذهب رئيساً وأذهب أنا سجيناً"... واسم الفيلم هذه المرة "إذهب لقيادة الحكومة وأذهب أنا لقيادة المعارضة".... ومن أدرى فاروق أن محصلة هذا الفيلم ربما ستكون خلاصتها انقسام الشعب السوداني إلى قسمين أحدهما يؤيد المؤتمر الوطني "الحاكم" والآخر يؤيد زعامة المؤتمر الشعبي "المعارض"..... وكلهم أحمد وحاج أحمد، وعندها سيجد فاروق أبو عيسى أنه لا مجال لديه غير التسليم الكامل وأخذ البيعة إما من المؤتمر الوطني أو المؤتمر الشعبي وسيضطر عند ذلك إلى أن يعرف نفسه للآخرين قائلاً "بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين أخوكم في الله فاروق أبو عيسى شيوعي سابق وأخو مسلم حالياً"..... وبهذه المناسبة نقص على فاروق الطرفة التي تقول إن الشيوعيين قد اجتمعوا لتدارس "الغلوطية" الخاصة بالمؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي.. وقام أحد الزعماء بتلخيص الأمر بأنهم قد اشتكوا للسفارات ولم ينفع ذلك واشتكوا لدول الاتحاد الأوروبي ولم ينفع واشتكوا للأمم المتحدة ولم ينجح الأمر واشتكوا لأمريكا ولكن لا حياة لمن تنادي... وختم الزعيم قالاً "ولم يبقَ غير أن نشتكيهم لله" وضحك الحاضرون على هذا الاقتراح عندما قام زعيم آخر وقال "ولكن الجماعة ديل الله معاهم".... والآن يأتي فاروق ليقول إن "الجماعة ديل ربنا محرشهم علينا".... ونحن نقول إذا كان الله فعلاً "محرشهم عليكم" فإن الرماد كال حماد واشللاة دي في خشمكم و"مرمي الله مافي زول يرفعو".