المطامير إندثرت لحقت العيش ودي قصة بنرجع ليـها بعدين
أما المقابر فما بتدل عليـها إلا بعض "الشواهد"
وبحرسا الصالحون أهل الله
"أب شِله" "وأب حِرحِر"
وأولاد المحبوب "الشيخ والشفيع"
يلحقونا ويفزعونا
يقضوا غرضنا ويزيلوا مرضنا
أب شِلة بـ"قبتو" "المجيرة" باللون الأخضر
"واقف طولو" للبندهو وينده رسولو
والقبة واقفة في مهابة وإجلال
متحدية "عِين الخريف" من الضراع
العواء والسِماك
ولي صرفتو وقفرو
تصد بفدائية هجمات الهبائب ومدافرة الزيف القارس
وتمتص بصبر حرارة الشمش الوجواجة
يحوم حولـها الزمن كان شتاء كان صيف
مسكونة بروائح الصوفية المميزة
روائح لا تجدها إلا داخل "القُبه"
رائحة اللبان الممزوجة بأنفاس الزائرين
ومعتقة ببوحهم المكنون
وأدعيتـهم المحمولة على كفوف الأماني ومبذولة بـ"النضُر" البواح
((الشيخ "هيلنا" أبعصاية
ندهتك راية راية
تحقق لي منايا وليك جبنة بي شايا))
المساحة حولـها ممدودة بسعة "الإطلاق"
تسع "دون تبرم" صنوف من المناسبات "السمح والزين"
والبنشوفو "شين"
تحاكي سعة النفس البشرية في مدارج سموها "علوا وهبوطاً"
يوم عويل ويوم مديح ويوم غنا ويوم دوبيت وحكاوي
ويوم موقف أو نقطة تجمع للماشين في شان المناسبات
مُداح الرسول الهادي
نوبة السمانية التي تـهز القلوب الوجلة
وطاراتـهم التي تبث الإطمئنان وتقشعر لـها الأبدان
محاضرات الشيخ الجيلي وحضراته وأحاديث "الشريعة والحقيقة"
غنا شعبي ومرات "حديث"
أشهر الشعبيين صديق سرحان
لمن كان بقوقي بـ (( رقاصة رقاصة يا أسماء
زي البانة والبانة منقسمة ))
والعجب لمن يكسرا بـ (( تسمح أقولك
ياجميل كلك
خفيف ظلك عينيك ناعسة))
ومن "المحدثين" الراحل مصطفى سيد أحمد
وبحس في كتير من الأحيان بأن السمحة رحلت من "عندنا"
وغدار دموعك ما مقصود بيـها غير دموعنا
وبلابل الدوح ساكنة معانا
ومن غير ما تقول نحن نقول ونتبادل كلام الريد
كفاية علينا لما تمر نشوفك من بعيد لبعيد
وتنتهي المساحة "الساحة" بالمقابر القديمة
مقابر كادت أن تلحق "حتـها كمان" بالرفيق الأعلى
لولا حديد بعض الشواهد
وبسبب تكالب عوامل "التعرية" بقت أقرب للدقاشيم "الأوتاد"
وما يفصل بين المساحات والمقابر
فاصل كالذي يفصل بين الحياة والموت
الحياة بكل تفاصيلـها وزخمـها والموت بحرمته وجلاله
وإمكن الضل البنقصدو بستمد عظمتو من هذه الجيرة المباركة
"ضُل" بيتمدد في فضاء "عريض"
فضاء ببتلع "خِشوم بيوت" كتيرة
(( ربنا يرحم مشيديـها ويجعلـهم من أصحاب اليمين))
وبقيف في نص حلقو "دكانان"
دكان عبد الرحمن ودكان حسن
بيتنا وبيت عمي الطيب تاي الله
وعمي إبراهيم تاي الله
وفي الزقاق حوش أولاد اللرباب
واولاد النابه الأنيق محمد تاي الله
يا الله
بيت ناس جدي بلة وبيت أولاد حسن إمام الدين
ومن تالا الشرق بيت أولاد السنجك
وبيت أولاد المقدم حسن وخلوة شيخ أحمد "فنجري"
ومن الشمال الشرقي بيت أولاد الطيب محمد عبد الكريم
شارع متعدد الأغراض
وبتتباين ملامحه حسب الموقع من الشمس
ويظل على هيئته "وقارا" في ليالي البدور
يؤمه "خلق" لا حصر لـهم ولا لنشاطاتـهم المتعددة
ناس الضل "جماعة المُنقلا والسيجا"
ونسوان الضل "الخدار والعيش" والداردوما والطعمية
وونسة الضل "هلالاب ومريخاب وبين بين"
ناس السياسة والأدب والرومانسين
دا غير العابرين في سبيل الدين والدنيا
فهو في الصباح "بدري" أهم طرق الجامع العتيق
وعندما تتبين العين الأسود والأبيض بوضوح
يتحول لسكة للمزارعين أصحاب الغلبة المغلوبين
وطريق لعمال المحالج وناس السوق والمصنع نسوان ورجال
رجال صنعتـهم نحت الصخور وملاواة الغول
قللوا اللقيمة وطيبوا الكليمة وتركوا النويمة
يتسارعون في اللحاق بالبصات المن المصنع والمن المحالج
وبرنسات السوق
ومع طلوع الشمس تزينه الأزياء المدرسية أولاد وبنات
النشيطين منكربين والكسالى يجرجرو في كرعينن
أزياء مدرسية بغلب عليـها اللون اللبني الفاتح "بيجي"
ومرات مرات الكاكي والأخضر واليابس
وفي تمام التاسعة تمور بمساحته أفواج المقدمين "الغنم"
وتتصائح في بطنه "النساء" من كل فج وصوب
الماشة المستشفى بـ"عمود" الألمنيوم وترامس الشاي
أو مغطية واحد من شفعا يقحقح
"عاملين ليهو إزعافات" أولية
يعني ماسحين وشو بزيت سمسم "مُر"
وهنا لازم يوقفوها ناس جبايات الكلام والفضول
"نعل ما عندكن عوجة ماشين وين من صباح الرحمن ؟؟"
هنا تقيف وتشرح "أمبارح لا نمنا لا غمدنا حدنا النباه الأولاني"
والماشة دار الرعاية داخلا في السابع بإسبوعين
وشايلة كروت "المقابـــلا" والتطعيم في إيد
وساندة قفاها باليد التانية
والمعزومة والماشة البكا في "ود افـرع" هكذا ننطقـها
والماشة السوق تجيب ليـها كراشات أومقاشيش أو وجاجات
ومرات مرات "الحطابة" غُمُتي
"ماشة قريب هنا وجاية"
وما أن يضع "ضل الصباح" أحماله المنسمة
حتى يتحول لسوق تاني "خالص"
ولظرافة ناسو إشتـهر وبقى سوق "عالمي" وقرب يخش البورصة
فالسوق الأول حكر على ستات اللقيمات
وديل بكملن في الثامنة "والباقي بمشو بيهو المدارس"
السوق التاني بتجمل بألوان الخضروات
الجرجير نداهو "يهتف" واليمون أصفر تدسو من عين العدو
وما بتعكر صورته إلا "قُفاف" السمك الملفلف في الخيش "أحياناً"
أو أصوات "جدادة" مودنـها السوق زعلانة تكورك
"يا حليلة تشتكي من حزة الربطة بدلقان دمورية مكودب"
أنا شخصياً كنت من رواد السوق التاني "ستات الخضار والعيش"
من الصباح حتى مواعيد الفطور
ومع الرواد المخضرمين كمان حبوبتي فاطنة وحبوبتي ستنا
ثنائي يجبرك "تقطع خدارك وتورق خدرتك قدامن"
بت العوض دائماً بتتأخر في الفطور بنمش نلقاها هناك
بعد تشتري بتابع البرامج العلي الهواء "بث مباشر"
الجراد في يوم كان متوعك راقد في البيت
ولمن جاع سأل منـها قالوا ليهو مشت الضل
لحقا لقاهة تقابض في الخبورات
" قاليـها مالك إتأخرتي؟؟"
إرتبكت قالت ليهو
"هي ما منتظرا عيش السوق ...
دايرني أجيب ليكن عيش الحلة الزي الفتريتا دا"
وكانت ناسية القروش الشالتا منو لطماطم "الشرموط"
قال ليـها "فاطنة ما تخافي الله الليلة الشرموط بالعيش ؟؟"
في الصباحية ديك ناس الونسة كيمان كيمان
الكورة والسياسة أهم الموضوعات "خاصة أيام الجمع"
وأحياناً عقاب كلام عن شكلة أول البارح في الحفلة
وفي واحدين بجو مخصوص "لمداعبة" ستات الخدار
ولبذر "الفتن البريئة" بيناتن للقرقراب والقهقهة
وفي إحداها "إتحاربن" حبوباتي فاطنة وستنا وكانن بايرات
وحبوبتي فاطمة "إتبلمت" بالتوب "إلا العينين"
"يعني قطع جميع العلاقات الدبلوماسية وسحب الرعايا "
ولحبوبتنا ستنا "ضحكة" مميزة جداً معاها "جرة"
مرة عجبتا حاجة فكت ضحكتا المجلجلة ديك
ولمن لاحظت الممتنعين عن التصويت "مبلمين"
قالت وهي تتابع في عقاب ضحكتا "سجم المايضحك"
ديك فكت البُلامة وأخدت ليها ضحكة "خجولة"
وقالت "مجبورين"
مرة حرستني طماطم ولا عليك بيـها "راقدة موية"
قلت أغيظا قمت قلت ليـها :
"أسي عليك النبي أكان جاني زول أبيعا ليهو أكل ولا ملاح ؟؟"
قالت بلجنتها المحببة "لا أديـها ليـهو شراب آآ الممسوح المدعي"