محمد برقاوى
| موضوع: من شيرين عبد الوهاب ..الى ..أحسنت ياشيخ.. السبت 14 أبريل 2012 - 8:27 | |
| من شيرين عبد الوهاب ..الى ..أحسنت ياشيخ.. الضوابط أم المنع !
محمد عبد الله برقاوي.. bargawibargawi@yahoo.com
كنا دون شك سنكون أكثر سعادة وتباهيا وفخرا بنواب مجلس عاصمتنا القومية التشريعي الكرام، لو انهم يندفعون دائما وبذات الهمة والاجماع أو الأغلبية في اجازة القرارات التي تخفف من أعباء المعيشة على سكان العاصمة الذين باتوا يشكلون ثلثي تعداد السودان الطارد في انحائه الأربعة لمنع الحكومة في الولاية التي هي مركز الثقل من رفع الدعم عن مكونات الكسرة والملاح والغاز و محروقات تسيير المواصلات الناقلة للبشرو التي تشكل العصب الحساس الذي يبث الاضطراب والرعشة في دماغ الحياة كلها متي ما ارتفع سعر تذكرتها ! وبكل تلك ( الحنتفة ) التي تكالبوا بها على الغاء مجرد حفل للفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب التي أختارت المكان والزمان والسلطة الخطأ لاقامة حفلها ! لسنا مهتمين بالامر في حد ذاته ، ان كانت شيرين أو غيرها ،فليس ذلك بالحدث الهام الذي يجعل النواب يتركون ( الحمار ويضربون البردعة ) كما يقول المثل ، لاسيما السلفيون المتشددون منهم ، وهم يرون بغالا كثيرة تمد رؤوسها من الأباريق أمام أعينهم ، فيدسونها الى الداخل بيمناهم فيما يشدون لحاهم باليسرى وأنظارهم ترنو في أفاق الطناش بعيدا عن قضايانا الحيوية وهم يدركون حجم فساد السلطة وتفشي البطالة وسط الشباب المؤهلين ، مقابل محاباة الفاقد التربوي الفاشل من كوادر المؤتمر والاسلاميين ! فضلا عن ظلمها للناس في معيشتهم و مضايقتهم في موارد رزقهم الحلال على ضيقها ، لصالح اصحاب الرزق الواسع حراما ! فيما شيوخنا الأبرار يمالونها بالولاءمقابل طناشها هي الأخرى عن تجاوزاتهم وتعديهم على فئات المجتمع المختلفة واستعدائها لفرض وصايتهم وقوامتهم على الناس في توهم خلافة يرونها في سباق بين الفضيلة والرذيلة وكأنها قد حققت من العدل الاجتماعي ما بات لن يكتمل الا ، بمحاربة المديح وحلقات الذكر و هدم الأضرحة ومحو معالم القبور و اسكات أصوات النغم وقياس تنورات الفتيات ، ليحيلوا الحياة الى جحيم من الفتن فوق ما هي عليه من صراعات وحروبات وازمات اقتصادية تنذر بعودة الصفوف للحصول على قطعة رغيف أو نقطة بنزين أو حبة بندول وربما تعود المجاعة بجيوشها لتنضم الى أرتال محارق المجاهدات التي اطلقتها السلطة من جديد وهي لم تصدق السانحة لتزداد أعداد الجثث المفقودة في ساحات الحروب باعداد من الذين يقضون جوعا وهما !
ولعلى أكتفي بهذا القدر من فش الوجع ، على أمل العودة لاحقا للتوسع في موضوع الفرق بين الضوابط والمنع في مثل الحالة موضوع مقالنا مستشهدا بأمثلة من دول عربية شقيقة ولكنى اختتم بطرفة تصب في ذات المسرب أعلاه !
كنت اتناول طعامي في أحد المقاصف الشعبية المصرية المعروفة بالامارات ، وكان صخب المكان خليطا من أصوات الجرسونات على طريقة أخوتنا المصريين الطريفة وقرقعة المواعين و همس الزبائن الذي يعلو هرجا احيانا ثم يخبو ، واطفال يركضون بين الطاولات ، وقطط تموء بل وتمد يدها في نظرات تودد ! وتنسل من بين كل تلك الأصوات موسيقى حالمة تكسر عصبية السامع وتسترخي معها شهيته للطعام ! وفجأة دخل ثلاثة من الأخوة المتشددين ، بسيمائهم الصارم ولحاهم الطويلة و ثيابهم القصيرة، وقفوا يتأملون الصالة ، فهرع اليهم صاحب المحل مرحبا ومفسحا لهم مكانا للجلوس ، سائلا عن طلباتهم ، فبادره احدهم في لهجة آمرة ، قائلا قبل ان نطلب ..أى شيء اغلق هذا المنكر، مشيرا الى سماعة جهاز التسجيل ! فامتثل الرجل ، بل وظنا منه أنه سينال رضاهم ، قام بابدال الموسيقي بشريط قران كريم ! فانبرى له رجل مصرى آخر من الزبائن دون أن يسمع الجماعة كلامه اذ احتج لصاحب المطعم ، بقوله .. هو كل واحد يعني يمشي مزاجه علينا كده ؟ وبعدين القرآن، للانصات مش ينفتح وسط الزحمة واللخمة ديت .. يا معلم ! فطلب منه صاحب المطعم أن يعديها بقي ، وأضاف مخفضّا صوته ، دول ممكن يكسرولي المحل يا عم ! بعد أن غسل صاحبنا المحتج يديه مر عابرا بالشيوخ الكرام ، وداعبهم بطرفة خاطفة وابتسامة ساخرة قائلا ! ( أحسن الله غداكم يا شيوخنا ) ويبدو أنهم لم يستوعبوا قصده فردوا وأفواهم ملاءى بالطعام وهم يرفعون الأيادي تعبيرا عن امتنانهم وشكرهم له، بالقول (أحسنت يا شيخ .. تفضل بالله) فيما كان صاحب المطعم بروحه اللماحة المصرية يكاد يسقط من شدة الضحك تحت طاولة الحسابات و هو يجذب يد صاحبنا عالى المزاج و يسأله بين قهقهته الدامعة بخفة دم ! ( والنبي قلي يابيه ( الصنف اللي بتستعمله ده ، بتجيبه منين ؟ ) فانصرف الرجل الظريف دون أن يجيب تاركا صاحب المطعم والزبائن في نشوة و تبسم ، الا جماعتنا الذين عادوا الى تجهمهم و كانوا آخر من يعلم بحقيقة ما يجري ، وربنا ستر! واسبوع جديد سعيد على الجميع .. والله المستعان .. وهو من وراء القصد | |
|