هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 حالتان .. ووقفة قصيرة !

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد برقاوى

محمد برقاوى



حالتان .. ووقفة قصيرة ! Empty
مُساهمةموضوع: حالتان .. ووقفة قصيرة !   حالتان .. ووقفة قصيرة ! Icon_minitime1الأربعاء 13 يونيو 2012 - 11:46


حالتان .. ووقفة قصيرة !




محمد عبد الله برقاوي..
bargawibargawi@yahoo.com






الثراء الفاحش و الفقر المدقع ..خطان متوازيان مثل قضيبي السكة حديد ، ولكنهما متشابهان في عدة أشياء منها أن حمولتهماواحدة ، و هي قطار الحياة اما مكتنزا بالركاب والبضائع واما أنه فارغ على عروش عرباته و قد لا يلتقيان رغم طول رحلتهما ، لكن نهاية مشوارهما هي محطة الخاتمة ، لانسان ذلك القطار ، فيترجل عنه منشولا عن كل مقتنياته في الرحلة كثرت أم قلت !
للغنى بريقه الذي يلهث خلفه الفقراء فيما هو يبتعد عنهم كالسراب ، وللفقر حسناته التي يفتقر اليها الأغنياء ولكم حسدوا فيها المعدمين !
معادلة لا يستطيع تقديرها الا من يقف على مسافة واحدة بين الخطين ليرى الصورة من منظور العقل ويقيسها بميزان القناعة والواقعية ، فيحمد الله انه لم يجعله ثريا يشتهي الفقر ..ولا فقيرا يتذلل للثراء !
لكم تألمت لقصة ذلك الشيخ السعودي التسعيني الذي نزل وحيدا في مطار الخرطوم يستجمع بقية أنفاسة أو قل آخرها على كرسي متحرك ، ربما كان دفعه عامل المطارالى ساحة السيارات ..فقيض الله له السائق السوداني الشهم محمد الفاتح ، و لاتدري نفس باى أرض تموت.. لتكون خاتمة حياته الطويلة في بلاد لو قيل له أنك ستموت فيها وهو في كامل صحته وبين أهله لسخر من الأمر ، اذ كيف يتصور من يكون في بلد بثراء السعودية و يأتي وهو يخطو على مشارف المائة سنة بلا مرافق من ابنائه أو بناته أو قريب له أو حتى خادم ليدفع بكرسيه نحو البحث عن العافية في زريبة الشيخ البرعي النائية في اصقاع كردفان، تاركا مراكز البحوث وأرقي المستشفيات و أكبر الاستشاريين العالمين في بلاده!
فعلا من الثراء ما قتل !
وبالمقابل لا زالت تؤرقني صورة ذلك الشيخ السوداني التسعيني الذي قابلته في أحدى مدن الامارات وهو يتحسس طريقه متعثرا بعصاته ، ويمشي واهنا خلف نظارات سمكية تعينه بالكاد على تمييز شكل الحافلات والعربات السريعة التي كان يلح في محاولة ايقافها !
توقفت حياله وظننت أنه قد جاء في زيارة لأبن او بنت فخرج يتمشي وفقد سبيله!
أخذت يده بيميني وكنت أمسح الدمعات الحرى الطافرة بيسراى من عيني الخجولتين ،حينما أجاب على سؤالي من اين جئت والى أين تتجه يا والدي ؟
فاجابني ..أكل العيش يا ولدى !
وحكي لى قصته وهي مشوارحياة حافل بالتنقل في عدة بلدان وزيجات من كل لون ولسان لا حصر لها وابناء وبنات لم يجتمعوا ابدا في مائدة واحدة، وان من يقارب سن الخمسين صاروا من أحفاده ، لكن الكل تشتت وذهبوا عنه ، وهو محاصر بصغار من زيجتيه الأخيرتين، لابد أن يكمل معهم باقي المسيرة أو يسقط دونها شهيدا كما قال وهو يطوي مسبحته الى جيبه!
صورتان تجمع بينهما أشياء وتفرقهما أخرى ، ولكنهما تلتقيان عند نقطة الانسانية العصرية البائسة المشبوحة بين غنى يؤدى الى اهمال الكبير في غمرة مشاغل من حواليه جريا وراء المصالح والكسب والمتعة .. والكل ينسى أنه سيلقى ذات المصير ولو بعد حين !
وبين ضنك يحّمل شيخا في هذا الضعف عبئا لطالما حلم بان يساعده فيه ، من انفضوا من حوله في قوتهم التي اكتسبوها من قوته الآفلة الا عن روحه الشبابية المرحة وضحكته الطفولية التي بددت انقباض وجهي وانكماش دواخلي واحباطي الذي لفني مبكرا من عاقبة المصير ، وأنا دون الستين ، قبل ان أفارقه بعد أن حدد لي وجهته!
كلهم تركوه في ضعفه فقيرا يلملم الذكريات في كنانة الاصرار والكد مع بقية عمر لا يعلم الى اين ستمضي به وهو الغريب !
كما ذلك الشيخ السعودي الذي مات ربما غنيا وكان هائما وحيدا بعيدا عن وطنه!
ياله من زمان المفارقات والعجائب !
ولاحول ولا قوة الا بالله العظيم .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حالتان .. ووقفة قصيرة !
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصص قصيرة
» كلمات أثرت في نظرتي للحياة / الناس من حولي / سلوكي
» قصة قصيرة: إستقراد
» قصص قصيرة
» ترانزيت..قصة قصيرة ..

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: منتدى الحصاحيصا العام-
انتقل الى: