عبد الرحمن الكواكبي ( 1854 – 1902 ) رجل دين ومحام وصحفي وموظف حكومه ومفكر مجتهد ولامع , عرف كيف يقدم نسيجا فكريا جديدا ومتماسكا يربط بين الفهم الليبرالي للفكر الديني , وبين مصارعة الاستبداد , وبين حرية الإنسان وحقوقه الإجتماعية .
ولد الكواكبي في ( حلب ) لأسرة إشتهرت بالعلم , ودرس في مدارسها حتي أتقن اللغتين العربية والتركية وأتقن علومهما .
منذ تفتح وعيه توجه إلي الكتابة والصحافة وأصدر صحيفتي " الشهباء " عام 1878
و" الإعتدال " عام 1889 لكن السلطات العثمانية أغلقتهما بسبب هجومهما العنيف علي سياسة دولة الخلافة العثمانية تجاه العرب .
وحيث أن الكواكبي كان محاميا فقد إفتتح مكتبا في ( حلب ) لتقديم المشورة القانونية المجانية للفقراء , وظل يدعو للحرية , ويدافع عن الفقراء , ويهاجم رجال الدين الموالين للخلافة والذين سماهم " عمائم السلطان " , والجهلة المتعممين حتي ضاقت به الخلافة ذرعا فأعتقل وسجن عدة مرات رغم كونه واحد من الأعيان ) بحلب ) , وبرغم إعتراف الجميع بحسيه ونسبه .
وأتي الكواكبي إلي ( مصر ) حيث كان يقول عنها " دار العلوم والحرية " وفي ( مصر ) لمع كمفكر وداعية ومناضل من أجل الحرية ضد الإستبداد .
طبائع الاستبداد في مصارع الاستعباد
كلمات حق وصيحة فــــــــــــــــي واد
إن ذهبت اليوم مع الريــــــــــــــــــــح
قد تذهب غدا بالأوتـــــــــــــــــــــــــاد
ويستهل الكواكبي كتابه متسائلا عن داء الاستبداد ودوائه فيقول :
" يقول المادي الداء القوة والدواء المقاومة , ويقول السياسي الداء إستعباد البرية والدواء استرداد الحرية , ويقول الحكيم الداء القدرة علي الإعتساف والدواء القدرة علي الإستئناف , ويقول الحقوقي الداء تغلب السلطة علي الشريعة والدواء تغليب الشريعة علي السلطة , ويقول الرباني الداء مشاركة الله في الجبروت والدواء توحيد الله حقا " .
وقف حافظ إبراهيم يرثيه بقوله :
هنا رجل الدنيا هنا مهبط التقي هنا خير مظلوم هنا خير كاتب
قفوا وإقرأوا أم الكتب وسلمــــــوا عليه فهذا القبر قبر الكواكبـــــــي
يقول الكواكبي :
" ما بال الزمان يضن علينا برجال ينبهون الناس , ويرفعون الإلتباس , ويفكرون بحزم , ويعملون بعزم , ولا ينفكون حتي ينالوا ما يقصدون " .