هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 عندما يحكي الطيب صالح

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
كاتب الموضوعرسالة
عبدالمنعم ترتورة

عبدالمنعم ترتورة



عندما يحكي الطيب صالح - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: عندما يحكي الطيب صالح   عندما يحكي الطيب صالح - صفحة 2 Icon_minitime1الأربعاء 3 أبريل 2013 - 8:15

نعم يا بني ، نحن قوم لا نعرف دروب المستشفيات . في الأمور الصغيرة كلدغات العقارب والحمى والفكك والكسر ، نلزم الأسرة حتى نشفى ، وفي المعضلات الكبيرة نذهب إلى الدومة .

هل أقص عليك يا بني قصة ود حامد ؟ أو أنك تريد أن تنام ؟ أهل البندر لا ينامون إلا في أخريات الليل – ذلك أعلمه عنهم . أما نحن فننام في حين يسكن الطير ، ويمتنع الذباب عن مشاكسة البقر ، وتستقر أوراق الشجر على حال واحد ، وتضم الدجاج أجنحتها على صغارها ، وترقد الماعز على جنوبها تجتر ما جمعته في يومها من علف . نحن وحيواناتنا سواء بسواء ، نصحو حين تصحو ، وننام حين تنام ، وأنفاسنا جميعا تصاعد بتدبير واحد .
حدثني أبي نقلا عن جدي قال : (( كان ود حامد في الزمن السالف مملوكا لرجل فاسق ، وكان من أولياء الله الصالحين . يتكتم إيمانه ولا يجرؤ على الصلاة جهارا حتى لا يفتك به سيده الفاسق . ولما ضاق ذرعا بحياته مع ذلك الكافر ، دعا الله أن ينقذه منه . فهتف به هاتف أن أفرش مصلاتك على الماء ، فإذا وقفت بك على الشاطئ فانزل . وقفت به المصلاة عند موضع الدومة الآن، وكان ذلك مكانا خرابا . فأقام الرجل وحده يصلي نهاره ، فإذا جاء الليل أتاه أمرئ ما بصحاف الطعام ، فيأكل ويواصل العبادة حتى يطلع عليه الفجر . كان هذا قبل أن تعمر البلد . وكأن ما هذه البلدة بأهلها وسواقيها وعمارها قد انشقت عنها الأرض . كذاب من يقول لك إنه يعرف تاريخ نشأتها . البلاد الأخرى تبدأ صغيرة ثم تكبر . إنه يعرف تاريخ نشأتها . ولكن بلدنا هذا قام دفعة واحدة . أهله لا يزيد عددهم ولا ينقص ، وهيأته لا تتغير . ومنذ كانت بلدتنا . كانت دومة ود حامد .. كما أن أحدا لا يذكر كيف قامت ونمت ، كذلك لا يذكر أحد كيف قامت الدومة في أرض حجرية ترتفع على الشاطئ ، وتقوم فوقه كالديدبان)) .
حين أخذتك لزيارتها ، هل تذكر يا بني السور الحديدي حولها ؟ وهل تذكر اللوح الرخامي القائم على نصب من الحجر ، وقد كتب عليها " دومة ود حامد " ؟ وهل تذكر القبة ذات الأهلة المذهبة فوق الضريح ؟ هذا هو الشيء الوحيد الذي جد على بلدنا منذ أن أنبتها الله . وقصة ذلك كله أقصها عليك الآن .
حين ترحل عنا غدا – وأنت لا شك راحل ، متورم الوجه ، متوهج العينين ، فأحرى بك يابني ألا تلعننا ، بل ظن بنا خيرا وفكر فيما قصصته عليك الليلة ، فلعلك واجد أن زيارتك لنا لم تكن شرا كلها.
أنت تذكر أنه كان لنا قبل أعوام نواب وأحزاب وضوضاء كبيرة ، وما كنا نعرف أولها من آخرها . كانت الدروب تسوق إلينا أحيانا غرباء تلقيهم على أبوابنا ، كما يلقي موج البحر بالحشائش الغريبة . ما منهم من أحد زاد على ليلة واحدة عندنا ، ولكنهم كانوا ينقلون إلينا أنباء الضجة الكبيرة في العاصمة . حدثونا يومها أن الحكومة التي طردت الاستعمار قد أستبدلت بحكومة أخرى أكثر ضجة ونواباً . وكنا نسألهم : من الذي غيرها ؟ فلا يردون علينا جوابا . ونحن منذ أبينا أن تقوم المحطة عند الدومة ، لم يعد يعكر علينا صفونا أحد ، وانقضى عامان ونحن لا نعرف شكل الحكومة ، سوداء هي أو بيضاء ، ورسلها يمرون ببلدنا ولا يقفون فيه ، ونحن نحمد الله أن كفانا مؤونة استقبالهم .حتى كان قبل أربعة أعوام ، حين حلت حكومة جديدة محل الحكومة الأولى ، وكأن هذه السلطة الجديدة شاءت أن تشعرنا بوجودها . صحونا ذات يوم فإذا بموظف ذو قبعة ضخمة ورأس صغير ، ومعه جنديان وهم عند الدومة يقيسون ويحسبون . سألناهم ما الخبر ؟ فقالوا : إن الحكومة تريد أن تبني محطة تقف عندها الباخرة تحت الدومة .. قلنا لهم : ولكننا رددنا عليكم ذلك من قبل فماذا تظنون أننا سنقبله اليوم ؟.
قالوا : الحكومة التي سكتت عنكم كانت حكومة ضعيفة ، ولكن الحال قد تغير الآن . ولا أطيل عليك ، فقد أخذنا بنواصيهم وألقيناهم في الماء ، وانصرفنا إلى أعمالنا . وماهو إلا أسبوع حتى أتتنا كوكبة من الجند ، وعلى رأسهم ذلك الموظف الصغير الرأس ذو القبعة الكبيرة . فنادى بهم أن خذوا هذا وخذوا هذا وخذوا هذا ، حتى أخذوا عشرين رجلا منا كنت أنا بينهم . وحملونا إلى السجن . ومضى علينا شهر وذات يوم جاء الجند أنفسهم الذين سجنونا ففتحوا علينا الأبواب . وسألناهم ما الخبر ؟ فلم يكلمنا أحد . ولكننا وجدنا حشدا كبيرا خارج السجن – أول ما رأونا هتفوا ونادونا وعانقنا أناس نظيفوا الثياب ، تلمع على معاصمهم ساعات مذهبة وتفوح نواصيهم برائحة العطر . وحملونا في موكب كبير إلى أن أتينا أهلنا . فوجدنا خلقا كبيرا لا أول له ولا آخر . وعربات واقفة وخيولا وجمالا . وقال بعضنا لبعض : (( إن ضوضاء العاصمة قد وصلت عندنا )) وأوقفونا نحن الرجال العشرين صفا يمر علينا الناس يصافحون أيدينا . . رئيس الوزراء .. رئيس مجلس النواب .. رئيس مجلس الشيوخ .. نائب دائرة كذا .. ونظر بعضنا إلى بعض دون أن نفهم ما يدور حولنا ، إلا أن سواعدنا كلت من طول ما صافحت من أولئك الرؤساء والنواب ، ثم أخذونا في حشد عظيم إلى حيث الدومة والضريح .. ووضع رئيس الوزراء الحجر الأساسي للنصب الذي رأيته ، والقبة التي رأيتها والسور الذي رأيته . وكما يهب الأعصار برهة ثم يذهب ، إختفى ذلك الحشد كما جاء فلم يبت ليلة عندنا .. وأحسبه ذباب البقر . فقد كان عامها سمينا بدينا يطن ويزن كالعام الذي جاءنا فيه الواعظ .
وقد روى لنا أحد هؤلاء الغرباء الذين تلقيهم الدروب عندنا قصة تلك الضجة فيما بعد فقال )) لم يكن الناس راضين عن تلك الحكومة منذ أن جاءت ، وهم يعلمون أنها لم تأت إلا بشراء عدد من النواب . وظلوا يتربصون بها الفرص . كانت المعارضة تبحث عن شرارة توقد بها النار . فلما حدث حادث الدومة معكم أخذوكم وألقوا بكم في السجن ، نشرت الصحف النبأ ، وخطب رئيس الحكومة المقالة في البرلمان خطبة داوية قال فيها )) لقد بلغ من طغيان هذه الحكومة المقالة أنها أصبحت تتدخل في معتقدات الناس )) (( في أقدس الأشياء المقدسة )) وحمل الناس الصيحة ، واستجابت أفئدة الناس في سائر القطر لحادث الدومة ، كما لم تستجب لحادث من قبل ، لعل السبب في كل بلد من بلدان هذا القطر علما كدومة ود حامد يراه الناس في أحلامهم . وبعد شهر من الضوضاء والصراخ والشعور الملتهب ، اضطر خمسون من نواب الحكومة أن يسحبوا تأييدهم منها. فقد أنذرتهم دوائرهم أنهم إما أن يعلنوا ذلك ، وإلا فهذه الدوائر التي انتخبتهم تنفض أيديها منهم .
وهكذا سقطت الحكومة وعادت الحكومة الأولى إلى الحكم . وكتبت الصحيفة الأولى في القطر تقول ( إن دومة ود حامد أصبحت رمزا ليقظة الشعب ) .
"دومة ود حامد"
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالمنعم ترتورة

عبدالمنعم ترتورة



عندما يحكي الطيب صالح - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: عندما يحكي الطيب صالح   عندما يحكي الطيب صالح - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 4 أبريل 2013 - 7:53

ومن يومها ونحن لا نحس للحكومة الجديدة وجودا ، من يومها لم يزرنا أحد من القوم العمالقة الذين زارونا وحمدنا الله أنه كفانا مشقة مصافحتهم . عادت حياتنا إلى سيرتها الأولى ، لا مكنة ماء ، ولا مشروع زراعة ، ولا محطة باخرة ، وبقيت لنا دومتنا تلقي ظلها على الشاطئ القبلي عصرا ، ويمتد ظلها وقت الضحى فوق الحقول والبيوت حتى يصل إلى المقبرة . والنهر يجري تحتها كأنه أفعى مقدسة من أفاعي الأساطير . بيد أن بلدنا قد زاد نصبا رخاميا وسورا حديديا وقبة ذات أهلة مذهبة . ولما فرغ الرجل من كلامه ، نظر إلي وعلى وجهه إبتسامة غامضة ترفرف على جانبي فمه كضوء المصباح الخافت . فقلت له : (( ومتى تقيمون طلمبة الماء والمشروع الزراعي ومحطة الباخرة ؟ )) فأطرق برهة ثم أجابني : (( حين ينام الناس فلا يرون الدومة في أحلامهم )) . قلت له : ومتى يكون هذا ؟ فقال : (( ذكرت لك أن ابني في البندر يدرس في مدرسة ، إنني لم ألحقه بها . ولكنه هرب . سعى إليها بنفسه ، إنني أدعو أن يبقى حيث هو فلا يعود . حين يتخرج ابن ابني من المدرسة ويكثر بيننا الفتيان الغرباء الروح . فلعلنا حينئذٍ نقيم مكنة الماء والمشروع الزراعي .. ولعل الباخرة حينئذٍ تقف عندنا .. تحت دومة ود حامد )). فقلت له : (( وهل تظن أن الدومة ستقطع يوما ؟ )) فنظر إلي مليا ، وكأنه يريد أن ينقل إلى خلال عينيه المتعبتين الباهتتين ما لا تقوى على نقله الكلمات (( لن تكون ثمة ضرورة لقطع الدومة . ليس ثمة داع لإزالة الضريح . الأمر الذي فات على هؤلاء الناس جميعا أن المكان يتسع لكل هذه الأشياء .. يتسع للدومة والضريح ومكنة الماء ومحطة الباخرة )) . وبعد أن صمت برهة نظر إلي نظرة لا أدري كيف أصفها ، ولكنها أثارت في نفسي شعورا بالحزن – الحزن على أمر مبهم لا أستطيع تحديده . ثم قال : (( أنت لا شك راحل عنا غدا . فإذا وصلت إلى حيث تقصد ، فاذكرنا بالخير ولا تقس في حكمك علينا )) .
" دومة ودحامد "
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاطف اسماعيل

عاطف اسماعيل



عندما يحكي الطيب صالح - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: عندما يحكي الطيب صالح   عندما يحكي الطيب صالح - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 4 أبريل 2013 - 16:12

رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" لـ الطيب صالح
تحميل مجانا وقرءة اونلاين من هنا

http://bit.ly/VK8d8G

اختيرت رواية موسم الهجرة إلى الشمال كواحدة من أفضل مائة رواية في القرن العشرين على مستوى الوطن العربي، ونالت استحسانا وقبولاً عالميا وحولت إلى فلم سينمائي. إجمالاً تتناول الرواية في مضمونها مسألة العلاقة بين الشرق والغرب. وتعد "موسم الهجرة إلى الشمال" من الاعمال العربية الأولى التي تناولت لقاء الثقافات وتفاعلها وصورة الاخر الغربي بعيون الشرقي والغربي بعيون الاخر الشرقي الذي ينظر إليه كشخص قادم من عالم رومانسي يسوده السحر ويكتنفه الغموض


عندما يحكي الطيب صالح - صفحة 2 536669_403945956370165_1221537142_n
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالمنعم ترتورة

عبدالمنعم ترتورة



عندما يحكي الطيب صالح - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: عندما يحكي الطيب صالح   عندما يحكي الطيب صالح - صفحة 2 Icon_minitime1السبت 6 أبريل 2013 - 5:46

" المكتب العالمي لفنون السياحة"
هكذا بكل بساطة قررت لافتة طولها ثلاثة أمتار، وعرضها متران، في إطار أصغر‘ لوحتها من خشب البلوط مدهون بطلاء أزرق، حروف ضخمة بالثلث، مُذهبة، معلقة في مبنى عتيق، في الدور الثالث في عمارة متداعية.
أول فكرة خطرت في ذهن أمين ذلك الصباح عبر عنها بصوت مرتفع "إنه لايؤمن بتخزين الأفكار" قال وهو ينظر إلى سقف المكتب. "أنا لا أؤمن بالإبتذال في الإعلان" المكتب العالمي لفنون السياحة؟ هل نحن أصحاب كباريه؟ هل نحن نبيع العيني؟".
وخطر له وهو يتحدث أن سقف المكتب لا يمانع في طبقة جديدة من طلاء أكثر بهجة. ورفعت سناء أهداب عينيها الطويلة في بطء متعمد. الذي لا يعرفها يحسب أنها تدبر إغراء زميلها. " أمين . أنت من هؤلاء المعتوهين الذين ينشدون الكمال في كل شيء". ولآول مرة ذلك الصباح ، نظر أمين إليها، نظرة مركزة حاول أن يبالغ في حدتها، سناء فتاة ليست من نوعه. إنها فتاة رخوة: أببوها مدير شركة، رسبت في امتحان السنة الثانية في الجامعة ثلاث مرات، وتركتها بمحض إرادتها. ولو أرادت البقاء لبقيت.
تأتي المكتب في سيارة فوكسهول موديل 49، وتبدو أصغر من سنها. السيارة تبدو أصغر من سنها. قال أمين وقد شعر بألم في جفنه للمجهود الذي بذله في تركيز نظرته. "حين نبالغ في الدعاية لسلعة، يشعر الناس نحوها بشك تلقائي. يصح أن نسمي هذا جهاز الوقاية. العقل الباطن يحمي المستهلك من الوقوع في مأزق. أمين قرأ نتفاً من فرويد، ويروق له أن يزج "العقل الباطن" في ثغرات الحديث.
وبحركة لا إرادية لمست سناء القرطين الطويلين المتدليين من أذنيها كل منهما على شكل هلال، يتدلى بسلسلة فضية من أذنها. " نرى هل أمين يغمزها؟"إنها تبالغ في صبغ وجهها بالبودرة وشفتيها بالأحمر، وعطرها قوي لا مفر منه. فساتينها من حرير تحدث حفحفة جافة مثيرة حين تمشي، صوت يابس أملس يشعرك بإمتلاء جسدها. وخطر لأمين أن في سناء شيئاً . هي ليست من نوعه، ولعلها تميل إلى الإبتذال. لكن شيئاً فيها يجذبة. وفتح فمه ليتحدث، فدخل بهاء وظل فمه مفتوحاً. وقال بهاء بقسوة مرحة . "مالك فاغراً فاك هكذا كالأبله؟ هل باغتك متلبساً بغزل سناء؟"
"... إذا جاءت"
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالمنعم ترتورة

عبدالمنعم ترتورة



عندما يحكي الطيب صالح - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: عندما يحكي الطيب صالح   عندما يحكي الطيب صالح - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 11 أبريل 2013 - 9:01

وضحكت سناء ووقفت. ثم وجدت أن لا داعي للوقوف فجلست. وخطر لأمين أن بهاء شاب مغرور. (ماذا يحسب نفسه؟) ولم تسعفه الذاكرة باسم ممثل من هوليود يشتمه به، فانقطع حبل الفكرة في ذهنه.
جلس بهاء على مكتبه، ونفخ على سطحه الزجاجي. ولم يكن على المكتب غبار. ولكن بهاء يعمل ذلك كل صباح، كأنه يحشد طاقته للعمل، وضع حقيبته الجلدية على المكتب.
ضربها بحنان على جنبها. ثم فتحها وأخرج منها دفاتر وأوراقاً وكتيبات سياحية نثرها على المكتب: "مررت في طريقي على وكالة كوكس. أعطوني هذه الكتيبات.
أهم من ذلك أنني أغويت فتاة سويدية فرضيت أن تقابلني الليلة". تنحنحت سناء تلقائياً : "لابد لي أن أتعلم كيف أسيطر على انفعالاتي".
فترة صمت.
وقال أمين "هارودز".
وقالت سناء "ماذا".
ولم يقل بهاء شيئاً
وقال أمين : " هارودر.اتش.أي.آر.آر.أو.دي.اس. متجر في لندن. كم اتوق إلى السفر إلى لندن وشراء سترة صوفية من هارودز".
وقال بهاء : "ما شاء الله" ثم قام من مكانه وأدار آلة تكييف الهواء، فامتلأت الغرفة الصغيرة الرثة بأزيز مكتوم، وارتعشت أطراف الأوراق ارتعاشا خفيفاً.
آلة تكييف الهواء، وتلفون جديد أخضر، ورف لامع أبوابه من الزجاج، مملوء بكتب كأنها لقطاء اجتمعوا في ملجأ أيتام. مثلاً : "الجزء السابع من دائرة المعارف البريطانية". "المستطرف من كل فن مستظرف". كتاب عن "القانون الدولي"لمؤلف اسمه ليلنثال. "كيف تتعلم الإسبانية في سبعة أيام دون معلم". "رحلات ابن بطوطة".
ومن تظن كانت تحاكك الركاب مع شيخنا الرحالة؟"لو كريشيا بورجيا". ثم الجزءالأول من دليل التلفون، الأسماء بين ألف وجيم. وفي ركن مهجوراختلت "إمرأة من روما" بمصطفى صادق الرافعي. وأعجب من ذلك أن "رندلي" سعيد عقل و "مسز ورن" صاحبة برناند شو، لم يجد إثماً في أن يناما جنباً إلى جنب. ( ما أضيع الأيتام على موائد اللئام).
لم يجد أمين ما يفعل، فنظر أمامه. وقع نظره على الجزء الأسفل من جسم سناء خلال فرجة المكتبة. كانت تجلس قبالته ارتعش قليلا حين رفعت ساقها اليمنى ووضعتها فوق ساقها اليسرى. حول أمين بصره إلى خريطة كبيرة للعالم، معلقة على الجدار لكنه لم يستطع مقاومة الإغراء، فأدار طرفه ببطء كأنه يقود سيارة بحذر في طريق جبلي. ونظر. أحس بقرصة صغيرة بين كتفيه. وتابع ثنية الفخذ من عند الركبة إلى حيث تاه في طيات الرداء. أحس في أنفه رائحة الطين المبتل. ثم خطر له خاطر غريب. فخذها أبيض وذراعاها محمرتان ونحرها اسمر.
"... إذا جاءت"
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالمنعم ترتورة

عبدالمنعم ترتورة



عندما يحكي الطيب صالح - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: عندما يحكي الطيب صالح   عندما يحكي الطيب صالح - صفحة 2 Icon_minitime1الإثنين 15 أبريل 2013 - 16:10

تمطت سناء في تراخ مليء بالإيحاء. ونظرت إلى أمين، وانفرجت شفتاها دون أن تبتسم . وقال أمين في سره: " إنها بلهاء، سريعة التأثر،تقرأ القصص الأوروبية وتحاول ا، تحياها.لا يستبعد أنها قرأت في الليلة الماية "عشيق الليدي تشاترلي" ثم خرجت تبحث عن حارس غابة!"
أمين قسا في حكمه عليها ففي تلك اللحظة كان بهاء يقول لنفسه: "لماذا تحاول هذه الفتاة أن توهم الناس بأنها رخيصة؟" تذكر ليلة أخطأ في حكمه عليها فظنها رخيصة طلب منها أن تتعشى معه فقبلت بحماسة." البرق يلمع أولاً ثم يهطل المطر". تعشيا في مطعم عشاء ماكان ألذ مذاقه، وما كان أخف وقعه على القلب،بين حك منها وسحر منه، وطيف ايروس يرف عليهما. أخذ وعطاء. "أول الغيث قطرة". ثم خرجا للنزهة في سيارة استعارها من صديق. " في التأني السلامة . وبعض البروق لمعها خلب". سارا في طريق يحاذي البحر، هادئ تقل فيه الحركة، ظلام مثل المخمل ناعم كثيف، والموج يفعل فعله في الشاطئي، ونجمة بعيدة تعغمز في السماء"هذا زمان الشد فاشتدي زيم". وفقد بهاء سيطرته على صوته وهو يقول "أحب الظلام، والمطر والصحراء. موسمي المفل هو الشتاء. الربيع أمقته، الربيع فصل مقيت". صدق الذي قال "ايلول للفم فمد لي زندك. هل أخبروا أمي أني هنا عندك؟" وفكرت سناء، "محاولة حسنة، من رجل ليست فيه قطرة من شاعرية
"... إذا جاءت"
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عندما يحكي الطيب صالح
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 2انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
 مواضيع مماثلة
-
» (من حفنة تمر)- قصه قصيره- للروائي الطيب صالح . بمناسبة جائزة الطيب صالح للإبداع الكتابي
» روائع الطيب صالح
» الطيب صالح هاجر من الشمال .. أيضاً ! (2)
» الطيب صالح هاجر من الشمال أيضاً !! 4
» الطيب صالح هاجر من الشمال .. أيضاً ! 3

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: منتدى الحصاحيصا الثقافى-
انتقل الى: