بسم الله الرحمن الرحيم
___________///___________///_________
(( ياأيتها النفس المطمئنة ارجعي الي ربك راضية مرضية فأدخلي فى عبادي وأدخلي جنتي ))
فى الحديث المرفوع : الموت راحة
بعض السلف : ما من مؤمن الا والموت خير له من الحياة : لان الله تعالي يقول : (( وما عند الله خير للابرار )) .
قالت الفلاسفة : (( لا يستكمل الإنسان حد الإنسانية الا بالموت لان حد الإنسانية انه حي ناطق ميت ))
___________///___________///_________
الاشجار تموت واقفة
تاركا لنا قيم الخير والحق والمروءة
العم بابكر نصر
الي جوار الله
___________///___________///_________
ا
لحمد
لله الذي اختص بالبقاء والقدم وحكم علي عباده بالفناء والعدم والصلاة
والسلام علي سيدنا محمد سيد العرب والعجم وعلي آله وأصحابه اهل النقاء
والتقي والخير والهمم .
فى الساعات الاولي من مساء الاثنين الثالث من
سبتمبر 2012 للميلاد غيب الموت العم / بابكر نصر محمد علي عالم بمستشفي
الحصاحيصا بعد يومين من دخوله اليها مستشفياً من ألم داهمه فجأءة . وافاني
الاستاذ الشقيق / حسام الدين الطيب بنبأ فاجعتنا المفجعة ليغيب عن حياتنا
مناضل جسور وانسان فذ ووطني من العيار الثقيل وقيادي نافذ بالحزب الوطني
الاتحادي واحد اهم أعمدة
العمل النقابي بولاية الجزيرة ومدرسة متحضرة فى الاخاء والصفاء والعطاء ورفيع علي كل المستويات .
والليل يقبض بتلابيب ثلثه الاخير ليشد من وطاته حملت وطأة النبأ الي أبي
الشيخ عبدالله ازرق طيبة فالفيته عائدا من خلوته بعد استغراق فى المعية
الالهية واستشراف آفاق بركاته ليعاين الحلول والطب للمرهقين من نساء ورجال
الامة ومباركة الاصحاء منهم والكاهل لا يئن من ثقل شئون الوطن الجريح
وتفلته نحو الفوضي فيضع قدمه العالي ولاية وشرفا علي اركانه فيسكن يابسه و
اخضره . فنطقت بسلام غير مسموع وانا اتعتع الخبر فصمت برهة واتكأ علي عصاه
مردداً (لا حول ولا قوة الا بالله) يكررها ثلاثاً ثم اردف قائلاً : (انا
لله وانا اليه راجعون) . وقد استاذنته فى نهار ذات اليوم للذهاب الي مستشفي
ودمدني بعد ان تناهي الي علمنا تحويل العم بابكر اليها فأمر بتجهيز
السيارة مما يعني أنه كان مبيتاً نية زيارته علي جاري عادته فى معاودة
المرضي . وفي الطريق الي ودمدني هاتفنا احد الاشقاء بمغادرة العم بابكر
مستشفي ودمدني التي اجري فيها بعض الفحوصات ليعود الي مستشفي الحصاحيصا
التي توفي فيها . وقبل الوصول الي القصر كلفني والاخ سفيان الجيلي بالاتصال
بالشقيق الرفيع الاستاذ يوسف محمد زين رئيس الحزب الوطني الاتحادي فوجدناه
صاحياً وتلقي النبأ بأسف شديد علي الفقد الجلل .
ولانه رحمة الله
كان عارفاً للجميل وصاحب قلب كبير يتسع للجميع -وزول واجبة- أكتظت سرادقات
العزاء بحشود ضخمة تشابكت فيها كل فئات المجتمع علي اختلاف تنوعها وجوههم
وسحناتهم وخرجت مدينة الكاملين مسقط راسه علي بكرة أبيها . تبكي فيه صفاء
النفس ونقاء الضمير ودماثة الخلق وكمال المروءة تاركاً فى قلوب الجميع
غصصاً تغور فى الاعماق وتشد علي الافئدة باصابع من جمر وحديد . فمشي فى
جنازته وجهاء المجتمع وأعيان الناس ورجالات العمل السياسي والنقابي بمختلف
توجهاتهم وتنوعهم الفكري والسياسي والنقابي والحزبي , كلهم مشوا صوب القلب
الاخضر الذي يختزن كنوز الوفاء
والعطاؤء والكبرياء وساروا خلف رجل
أعطي فى رضاء تام وقدم لوطنه فى سخاء دون ادني انشغال بالتطلعات السياسية .
وشخصت الابصار علي خسوف قمر سوداني من الانس والتواضع . وبكت عشيرته
واسرته قلباً فيه لطيف المعشر رؤوفاً رؤوماً . دنيا من الود وحصيلة من
الذكري ستكون بعد اليوم حزناً مشتركاً بيننا وبينهم وصبراً مشتركاً بيننا
وبينهم فى ليالي الوحدة خلال دورب الحياة الموحشة وعهداً مشتركاً بيننا
وبينهم لترسم خطاه واسلوبه فى الحياة وانحيازه لقوي الخير والحق والجمال
حتي لا يتوقف سيره ولا ينضب خيره وفي هذا عزاء لنا ولهم وللوطن فالموت حق
كما ان الحياة حق فوجب العيش فيها بقبول تام ورضا لان نصيبنا منها وفيها
معلوم ومحن الدنيا وإحن الحياة لن تفعل بالانسان اكثر مما اراده له الله .
و ذهاب ابينا الشيخ عبدالله ازرق طيبة علي راس وفد رفيع من ابناء الطريقة
القادرية وقيادات الوطني الاتحادي لقراءة الفاتحة والترحم علي روح الفقيد
قد ترك اثراً طيبا عند اهله وعشيرته ومن غيره سليل الدوحة النبوية ووارث
الاعراك رضي الله عنهم اسلافهم واعقابهم فى حضوره عزاء القلوب اذا نزل
الموت وبلسم الصبر عند المصائب والشدائد وفى مشاهدته تذرع بالرضاء والقبول
بقضاء الله وقدره ومواساة تبدد غموم الحزن وتخفيف لوطأة الالم الذي هو شعور
لا يعرفه الا من عرف فقيدنا العزيز وقاسي لوعة فراقه وغيابه عن دنيانا
التي ما هي الا عبث ظالم .
ولقريب معرفتي بالراحل وقصير عهدي به لا
املك حق الحديث عنه لنقصان المامي بسيرته وشهادتي علي جزء يسير من حياته
ولكنه بكاء الحرف ودموع علي الورق . وماجادت به مجالس الانس بيننا انه
بدا مشواره الحياتي فى بواكيره كصبي زيات بالهندسة الزراعية بمشروع الجزيرة
وتمرحل فيها الي سائق كراكة والتحق بمختلف اقسام المشروع وعمل فى تقان
واتقان ومروءة اذا تمعنتها بفراسة تراها قد تركت قسماتها فى تقاطيع وجهه
الطيب الجميل . وبعد الهيكلة الوظيفية التي حدثت بالمشروع اتجه للاهتمام
بالزراعة ليعمل مزارعاً بالمشروع ليصبح بعد ذلك احد ابرز الاعضاء بتحالف
مزراعي مشروع الجزيرة
والمناقل واهباً وقته وماله للعمل علي
استرداد حقوق المزارعين المسلوبة ومن اجل عودة مشروع الجزيرة الذي طوحت
به طوائح الزمن فأصبح وكراً لعصابات الفساد الاداري والمالي فبيعت اصوله
وانهارت مؤسساته الواحدة تلو الاخري. ولم يبخل بوقته فى الزود عن كل
القضايا العادلة فكانت مساهماته جالية الوضوح فى قضية ملاك اراضي الملك
الحر بمشورع الجزيرة وفى هاجرة من النهار كان من ضمن المتظاهرين وشرفاء
الناس المعتصمين امام ادارة المشروع ببركات المطالبين بالغاء قانون مشروع
الجزيرة لسنة 2005م الذي لم يروا فيه إضاءة لانسان الجزيرة وهم يفضحون
زماناً ومكاناً المؤامرات التي حاكها الاسلامويون مع البنك الدولي لتصفية
المشروع وتشريد اهله وهم يجهرون بصوتهم فى واضحة من النهار كبرياءاً
وجسارة وتترقبهم العيون التي بها رمد . فكان واصل القدم والرأي فى كل
القضايا التي تحاك ضد اهله ومواطنيه . ولا يتواني من الدخول فى معارك مع
خصومه اينما وجدهم فله مواجهات مع احد رؤساء مجلس ادارة مشروع الجزيرة
تتداولها مجالي المدن والقري بالمشروع عندما هدده بجهور الصوت وحمله
مسئولية ضياع مشروع الجزيرة دون ان ينبس المسئول ببنت شفة فقد كان رحمه
الله مهيب الطلعة وصاحب بسطة فى جسده الفارع وله ذات الموقف مع احد الولاة
الذين تعاقبوا علي ولاية الجزيرة الامر الذي جعله طلعة لاجهزة الامن
وملاحقاتهم .وتعرض للاعتقال دفاعاً عن مبادئه وقضايا اهله وعندما نتذكر هذا
الفصل من حياته تجدني انحاز الي قول الشاعر :-
جزي الله عنا المـوت خيراً فانه أبر بنا من كل بــــر وأرأف
يعجل تخليص النفوس من الاذي ويدني من الدار التي هي أشرف
وامتد
عطاؤه فى مشواره الحياتي ليعمل فى سوح القضاء الشعبي وطوال عمله كقاضي
شعبي بمدينة الكاملين لم ينحاز الا الي الحق والعدالة . وقد حكي لي ذات مرة
عن قضية توافق فيها الانصاف وتوافر فيها العدل لطرف مظلوم وتحت تاثير
النصر ونشوته عرض عليه مبلغا من المال فرفض ان يمد يده لشئ لا يري فيه
استحقاق .نقاء ضمير وعفة يد سار بها الركبان وهو الزاهد الذي لم يتجه همه
الا
لتعمير الدار الاخرة محققاً سيرته الزاهدة باهتمامه الكبير
بمقابر الكاملين صيانة وانارة كأنما كان يرتب لرحيله المفاجئ والمبكر فتجد
كل معدات والات الحفر بمنزله ويضع طوب اللحد بكمية تكون كافية للمدينة وما
حولها لمدة تزيد عن الشهرين والاكفان وكل ما يلزم تجهيز الموتي حتي انه عطل
عمل منظمة حسن الخاتمة فصار الرجل منظمة لوحده يقصده الناس حتي فى حال
غيابه دونما ان يخطر ببالهم منظمة حسن الخاتمة ولا اظن هذه الهمة الا فتحا
الهياً من لدن العلي القدير اذ انه قل أن تتوافر مثل هذه الصفات فى هذا
الزمن المظلم .
زمانك بستان وعصرك أخضر
وكنت فكانت فى الحقول سنابل
وبذات نفسه كان يباشر الحفر فى القبور بهمة أوفر .. فهنيئاً لك عمي بابكر
نصر هذه الصالحات التي نسال الله ان تتنزل شآبيباً من الرحمة وأنواراً علي
قبرك الطاهر وتتفتح عليك ابواب مغفرة ومفاتيح رضاء وقبول .
وعلي
الصعيد الحزبي انحاز لبرنامج الحزب الوطني الاتحادي كقناة يعبر فيها عن
تطلعاته ورؤاه الفكرية والسياسية وقيم الديقمراطية والعدالة الاجتماعية
ومواجهة الانظمة الظلامية والديكتاتورية .فقد كان حزبياً شجاعاً وملتزماً
لا يتغيب عن اجتماعات الهيئات والوحدات الحزبية التي يناضل من خلالها بعدت
او قربت ولا يتواني عن تنفيذ التكاليف والتوصيات التي يخرجها الحزب مما جعل
منه قيادياً فذاً الي ان كلفه الحزب بخوض الانتخابات التي جرت بالبلاد
مؤخراً وترشيحه للمجلس الوطني عن الدائرة القومية "3" الكاملين الجنوبية
فترك لنا أدباً سياسياً رفيعاً وإرثاً نضالياً من الطراز الفريد لم
يتوافر عليه غيره علي مر تاريخ الحراك السياسي بالسودان فقد كان يجوب المدن
والقري الواقعة فى دائرته الانتخابية راكباً علي ظهر حمار اشتراه خصيصاً
لهذه المهمة وقد حكي لي زاده الله رحمة انه كان يضع ملصقة الدعائي خلف ظهره
وملصق البروفسير الطريفي يونس ابراهيم مرشح الحزب لمنصب الوالي لولاية
الجزيـرة من امامه
وهو يستعرض علي الناس برنامجه الانتخابي
ويخاطبهم علي امتداد دائرته دون كلل اوملل المبادئ علي الروح والجسد علي
الدابة مواصلا ليله بنهاره وفى نهاية يومه يعود لينصب اهتمامه علي هذه
الدابة التي دخلت عالم السياسة من اوسع ابوابه مقدماً لها البرسيم استعدادا
ليوم انتخابي جديد وعندما تناقلت مواقع الانترنت واستعرضت الصور لهذا
الرجل الجسور والمناضل من العيار الثقيل اتصل به احد اقربائه المقيمين
بسويسرا وألقي عليه اللوم لعدم استخدامه احد سياراته التي تقبع بجراج منزله
بالكاملين وكان يحكي لي ضاحكاً انه فى نهاية المطاف قام باهدائه لاحد
فقراء الناس وبسطائهم بالدائرة والسرج الذي ارسل له من نيالا كهدية من احد
معارفه :-
تعاودني ذكراك كل عشية
وتابي جراحي ان تضم شفاهها
وقد شرفني كثيراً بالتحدث الي جماهيره العريضة ومخاطبتهم فى تدشين حملته
الانتخابية من امام منزله بالكاملين مع البروفسير الطريفي يونس الذي كان
متحدثا رئيسيا فى هذه الاحتفالية السياسية . كما سعدنا كثيراً بالاستماع
الي كلمة الراحل التي كانت بلغة اهله البسيطة موصلا ملامح برنامجه السياسي
بعادية سودانية صرفة فقد كان مكرماً بتواضع جم فأتي حديثه من الناس واليهم
إنصب معظمه لصالح وحدة السودان وديمقراطية الحكم واستدامة سلامة وامنه
وطهارة الحكم ومحاربة الفساد والمفسدين وتأسيس دولة المواطنة والخدمات
وتفكيك دولة الجبايات وانحاز الي انسان الجزيرة وحقه فى مياه الشرب النقية
ومجانية التعليم والعلاج وتوظيف الشباب واحياء مشروع الجزيرة ودعم
المزارعين واسترداد حقوقهم وتأهيل المدارس والمناهج والمعلمين وخلق بيئة
مدرسية سليمة وقد شرفني مرة ثانية بمشاركتي تدشين حملتي الانتخابية
بالدائرة القومية "14" ام القري الشمالية رئاسة القسم الشمالي لمشروع
الرهد الزراعي برغم بعد المسافة والسفر وعدم المامه بتلك المنطقة فلمحته
وانا علي منصة التدشين يتوسط
جمهوري ويشرفني كـأنه منهم سحنة
ووجها فسعدت كثيراً باطلالة هذا الوجه الجميل فكان الحماس لغتي والقوة
مفرداتي والتحدي موقفي والفخر أستمده من هذا الرجل فقد كان الراحل سودانياً
اصيلاً تمتلي جوانحه غيرة للوطن وغيرية لاشقائه الحزبيين بالوطني الاتحادي
وكلنا نذكر بالخير مواقفه البطولية إبان توقيف الشقيق عبدالجليل بشير
ومجموعته من قبل جهاز الامن عند مداخل الخرطوم وهم يقومون بواجبهم المقدس
لاستقبال رئيس السجادة القادرية ابينا الشيخ عبدالله ازرق طيبة علي جاري
العادة عند كل زيارة له الي الخرطوم سمعاً وطاعة ومتابعة ومحبة وعندما تم
اقتيادهم الي بيوت الاشباح كان الراحل المقيم اول من هب لنصرتهم وطرق ابواب
المستحيل لاخراجهم واطلاق صراحهم واجري اتصالات مع بعض النافذين مع
معارفه واخيراً افترش الارض امام مبني جهاز الامن دون ان يلتفت الي الوقت
المتأإخر ليلاً محذراً افراد الامن من المساس بالموقوفين حتي لو تطور
الامر لاعتقاله معهم. لم يبرح مكانه ولم يهدأ له بال حتي الافراج عنهم
وإخلاء سبيلهم وقد مشت مجالسنا اعجاباً لهذه المروءة المتفردة والبطولة
والاخلاص لروابط الاخاء والعشره وقد كان يحكي لي هذه القصة وهو يضحك بقلب
وادع وضمير ابيض تلمح من ثنايا وجهه الاستنكار والسخرية لما يجري فى هذه
البلد ولسان حالة يحاكي الشاعر :-
من كان يرجو ان يعيش فإنني أصبحت أرجو ان اموت فأعتقا
فى الموت ألف فضيلة لو انها عرفت لكان سبيله أن يعشقا
ولم يكتف اختبار النظام له ولحزبه بالاعتقالات والتهديد والمطارادت بل
اتجه الي المراوغة والمساومة علي مبادئه الراسخة بالسلطان والمال غير انه
كان اكبر من اتجاهاتهم الملتوية هذه . فعاش شريفاً لذاته نبيلاً ,ونبيلاً
لغيره , شريفاً لا يساوم حول تطلعات الضعفاء وآمالهم واحلامهم ودروسه
للناس دوماً ان هذا النظام يهدم ولا ينشئ ويجوع شعبه ويفقر بلده ويصادر
الحقوق الانسانية لامته فى التعليم والصحة والامن وسائر خدماتها الي ان
خلدت الي الوهن والضعف وتمرر فيها كل مخططات الذل ومؤامرات الخزي والخزلان.
وانا اذ أٌنعيه انما اعزي الوطن فى غياب مناضل جسور وسياسي واعي
الفكر وصاحي الضمير وتخرج فى مدرسة تجوع وتأكل اصابعها ولا تبيع قضاياها
الوطنية ولأجل ارادتها لنور الحرية تصطلي بنارها -ازهري المبادئ وهندي
الحكمة- فذهب فى شق لحظة لتبقي القيم التي ناضل من اجلها فى قلوب شباب
الحزب الوطني الاتحادي بمدن وقري الكاملين وفيهم الاطباء والاساتذة
والمهندسون والعمال والمزارعون جديرون بترسم خطاه والتزام منهجه ورفع
راية الحزب عالية خفاقة والاستفادة من ارثه النضالي فى تحالف المزارعين
وملاك اراضي الملك الحر بمشروع الجزيرة والمناقل وارثه الاجتماعي العريض
الذي تتبادله المجالس بمختلف انحاء الجزيرة ويتسامرون بتواصله مع الناس
وقدرته علي الايفاء بواجباتهم وحقوقهم فى السراء والضراء .
يموت قوم وراء قوم ويثبت الاول العـــزيز
يجوز ان تبطئ المنايا والخلد فى الدهر لا يجوز
علي صعيدي الشخصي يشكل غيابه فقداً مزدوجاً فعلي خلاف العمل الحزبي
والعام توطدت علاقتي به فى الكثير من جلسات الانس والاخاء عند زياراته
لطيبة الشيخ عبدالباقي احتفالا باحياء المناسبات الدينية باصبوحات الاعياد
ونفحات ليالي المولد النبوي الشريف وبركات الرجبية وتنزلات النصف من شعبان
وانوار بدر الكبري ودعوات راس السنة الهجرية وعند مناسبات الاخوان
افراحهم واتراحهم وكان يلقي علي اللوم عندما لا يجد خبراً بهذه المناسبات ,
ولاهتمامه الشديد بهذه الواجبات وتمسكه بجمال نفحاتها وطيب بركتها اخبر
ابي الشيخ عن تقصيري فى إخطاره وملقياً علي اللوم فى المناسبات المتعلقة
بالعركيين افراحهم واتراحهم . فأمرني أبونا الشيخ بمد بالاخبار وقال لي :-
(بابكر زولك) فأصبح التواصل بيننا غير مقطوع بعد هذه المباركة من ابينا
الشيخ الذي ينفح حياتنا وديننا انفاساً باهرة ويبلور فى صياغة رائعة وجهات
أنظارنا جميعاً . ولما كان الراحل مكرماً بمحبة الشيخ وآل بيته الاعراك ظل
يواصلني دون انقطاع لمعرفة اخبارهم وذات مرة فقدت هاتفي الجوال فانزعج
إنزعاجاً
شديدا وتخوف من انقطاع الحديث بيننا والاخبار اذ كنت
اوافيه بلازمها وواجبها فاهدي الي هاتف ليسل سخيمة القلوب كرما منه وشهامة
وتلهفاً لمعرفة اخبار ابينا الشيخ فى طيبته محبة وشوقا فكان الهاتف
الاخير بيننا قبل رحيله بثلاثة ايام وفى حديثه تنبؤ بالرحيل لو انني كنت
القيت السمع بقلب بصير لكنت عزيته فى نفسه وقرأت له الفاتحة علي روحه
ولكنه قلبي فيه غشوات العمي فدس عني فى مقاله قول لابونا الشيخ الفضل لله
ولكم .
ان الزمن دوار فمن يدبج المرثيات اليوم يكون موضوعها غدا .
ارجو لعموم اسرته وعشيرته جميل الصبر والسلوان الا أن حزننا عليه جد عظيم
والحزن أعمق من السرور مهما طال عمره فنسال الله ان يلقيه السعادة التي وعد
بها انبياءه وأولياءه وعباده الصالحين وان يبلغه من الغبطة والسرور
والنعمة والحبور ما ينخفض دون اعاليها مراقي الافهام ويتضاءل دون أقاصيها
مرامي سهام الاوهام وان ينيله بعد الورود علي نعيم الفردوس ما لا عين رأت
ولا أذن سمعت ولا خطر علي قلب بشر ...
انا لله وانا اليه راجعون
أللهم اني أعتذر اليك من معروف اسدي الي فلم أشكره ومن حق ذي حق لزمني
لمؤمن فلم أوفره ومن مظلوم ظلم بحضرتي فلم أنصره , أعتذر اليك يا الهي
منهن ومن نظائرهن اعتذار ندامة يكون واعظاً لما بين يدي من اشباههن , فصلي
علي سيدنا محمد واله وأجعل ندامتي علي ما وقعت فيه من الذلات وعزمي علي ترك
ما يعرض لي من السيئات توبة توجب لي محبتك يا محب التوابين.
والحمد لله الذي لا يحمد علي مكروه سواه
توقيع علي دفتر الغياب
ادم فضل الله ادم