مثلث برمودا
كتالوج الاحزاب السودانية عبارة عن مثلث تدار به البلاد والعباد وبالضرورة يتكون من ثلاث اضلاع وهى :
1\ ضلع يحتكره حزب الحكومة
وتهيمن عليه تماما من وزرائها الى اصغر موظفيها مع توزيع وزارات ترضية اصبحت معلومة فى كل حكومة جديدة او مستحدثة وتنثر الى بقية الاحزاب كترضيات كوزارة الثروة الحيوانية ووزارة الثقافة ووزارة التربية ووزارة السياحة او وزراء دولة وغالبا ما ( يدس منهم المفتاح) .
والغريب والمريب والمعيب ان هذه الاحزاب الارتزاقية تقبل بهذه الوضعية المزلة وتبقى عليها حكاية ( هاك ترمى فى الهلاك) فهى تقنع وتصبح همبولية وصورية وتعبر من خلالها الحكومة لتمرير سياسات مصالح تنظيمية حزبية اكثر من كونها مصالح خدمية والا لعهدت لتلك الاحزاب بوزارات فاعلة تستطيع من خلالها ان تقدم وتظهر مهاراتها الادارية ومهارات كوادرها العلمية والفنية والتنظيمية. وذكاء الحكومة يتاتى من كونها على علم ودراية بضعف بقية الاحزاب وهشاشة رؤاها الفكرية والادارية والتنظيمية وحتى من رأت فيهم من التفاف جماهيرى بوازع طائفى او قبلى سعت جاهدة لشق صفوفه واجهاده وتفتيته الى كيانات صغيرة مبعثرة لا تشكل اى ازعاج. وقد تذهب الى ابعد من ذلك بالدعم المالى للبعض دون الاخر او الاستمالة وتجنيد كوادر من ذات الاحزاب لخدمة حزب الحكومة . وحتى الاسماء القوية التاريخية لمعظم الاحزاب السودانية الحالية يلعب حزب الحكومة على عامل الزمن باعتبار ان معظم اعمارهم قد جاوزت السبعين مع خلو تلك الاحزاب من الفكر ( التفريخى) لكوادر شبابية جديدة وضخ دماء واعدة ومستنيرة وقوية ومؤهلة ليس علميا فقط ولكن تقدم للجماهير فى ولايات السودان وتدفع بهم للعمل العام لتتراكم لديها الخبرات فى القيادة الفعلية والعمل التنظيمى الحزبى العملى وليس التنظيرى فحسب.
2\ ضلع تحتكره الحكومة
وطبعا هناك فارق كبير بين الحكومة وحزب الحكومة والصراع الذى يدور دائما داخل اعضاء منظومة الحزب الواحد اكبر من الصراع الذى يدور بين الاحزاب فيما بينها وهنا تظهر نظرية تكسير العظم لان اسرار الحزب معلومة لافراد الحزب ونشوز او تمرد اى عضو او اعضاء او تقوقعهم او محاولات بعضهم لتكوين مراكز قوى او قوى داخل قوى داخل الحزب تعرض الحزب للانهيار وتعرض اعضائه للمواجهة الداخلية الحزبية والخارجية مع الاحزاب الاخرى. ومن هنا تنشا نظرية توزيع التورته والمحسوبيات واللوبى الاقتصادى الذى يحاول ان يستفيد ماديا ويستقوى وفى ذاكرته كثير الدروس والعبر لمن ذهبو مفلسين او مضحى بهم كاكباش فداء او مغفلين نافعين ومن هنا ايضا اتت نظرية التوريث الحزبى للابناء وابناء الزعماء والتزاوج بين افراد اسر كل تنظيم فيما بينهم لتسد هوة الانشقاق الحاد الذى قد ينشا لاختلاف وجهات النظر او التطلعات الناشزة عن المسار المطلوب ويظل النسب وصلة القربى هى ركيزة و(شعبة) التركيبة الحزبية .
حزب الحكومة اعضائه من عضوية الحزب لكن اعضاء الحكومة يمكن ان يكونوا من احزاب مختلفة والشفافية ضرورية هنا لتغليب المصلحة العليا على المصالح الحزبية وان لا يعمل الحزب على احتكار الحكومة وان يخدم الحكومة لا ان يجعل الحكومة تخدم الحزب وان يعمل على تقوية الاحزاب الاخرى واتاحت الحرية لها فى مخاطبة قواعدها لطرح برامجها بكل حرية وقوة الحكومة دائما من قوة الاحزاب المعارضة.
3\ضلع الدولة
الدولة الكيان الواسع القومى ارض وسكان ونظام يحكم ومؤسسات سيادية وقانون وقضاء وامن وصحة وتعليم وعدالة اجتماعية ونشاطات انسانية متعددة وعادات وتقاليد وثقافات وارث وتكوينات اثنيية وعرقية وقبلية متنوعة .كيان ومحتوى ومسمى ومسئولية كبيرة تحتاج تجرد وانسانية وامانة وايمان وعدل وقوى بشرية وفكرية ومادية لتقوى وتخدم مواطنها وتخدم الانسانية عامة دون خنوع لفكر او كيان اومذهب اجنبى .يجب على الدولة ان تتيح مساحات التحليق الانسانى بالفكر والوعى والحرية والديقراطية والمساوة لتسود المحبة والسلام والرفاهية لكل افراد المجتمع.
هذا الثالوث العجيب يجب ان يكون متساوى الاضلاع تمدد الحكومة على حساب الاحزاب يقيد الافكار و الحلول وتمدد الحكومة على حساب الدولة يمدد المحسوبية والظلم ويضعف الدولة ويهدم مؤسساتها ويعرضها الى الخطر.
تمدد ضلع الدولة على الاحزاب وعلى الحكومة يضيق على مساحات الحرية ويعيق التطور .
موضوع: مثلث برمودا الاحزاب السودانية 
الإثنين 19 أغسطس 2013 - 15:55
