هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ثلاثون صفحة من (ديوان لبيد) (2)..

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ناجي جندي

ناجي جندي



ثلاثون صفحة من (ديوان لبيد) (2).. Empty
مُساهمةموضوع: ثلاثون صفحة من (ديوان لبيد) (2)..   ثلاثون صفحة من (ديوان لبيد) (2).. Icon_minitime1السبت 31 أغسطس 2013 - 11:31

حرف الدال

أولئك أسرتي [الوافر]
يبدو أن عقبة بن عتبة بن مالك بن جعفر وندماناً له تهجما بشيءٍ على لبيد فقال يردّ عليهما ويفتخر بأعمامه وبأخواله وبأبيه الذي كان ربيعاً لليتامى ويتحدى هذين الرجلين، وفي البيتين الأوّلين روح دينيّة إسلاميّة:
حَمِدْتُ اللّهَ، واللّهُ الحَميدُ ... وللهِ المُؤثَّلُ والعَديدُ
فإنَّ اللّهَ نافِلَة ٌ تُقاهُ ... وَلا [يَقتالُها] إلاَّ سَعِيدُ (1)
ولَستُ كمَا يَقولُ أبو حُفَيْدٍ ... وَلا نَدْمانُهُ الرِّخْوُ البَليدُ (2)
فعَمّي ابنُ الحَيَا وأبُو شُرَيْحٍ ... وعمّي خالِدٌ حَزْمٌ وجُودُ (3)
وجدّي فارِسُ الرّعْشاءِ مِنْهمُْ ... رئيسٌ لا أسَرُّ وَلا سَنيدُ (4)
وَشارَفَ في قُرَى الأرْيافِ خَالي ... وأُعْطيَ فوقَ ما يُعْطَى الوُفُودُ (5)
__________
(1) ما بين قوسين يروى بلفظ: [يَأتالُها]
(2) ندمانه: أي منادمه على الشراب. الرخو: الضعيف الطري.
(3) ابن الحيا: هو عتبة بن جعفر. أبو شريح: هو الأحوص بن جعفر وخالد هو خالد بن جعفر.
(4) الرعشاء: فرس لعتبة بن جعفر. الأسر: كل عيب يصيب كركرة البعير. السنيد: هو المُدْخَل في القوم وليس منهم.
(5) الأرياف: أراد بها أرياف العراق وكل ما بعدها من خراسان وبلاد فارس.
(1/31)
________________________________________
وَجَدْتُ أبي رَبيعاً لليَتامَى ... وللأضْيافِ إذْ حُبَّ الفَئيدُ (1)
وخالي خِدْيَمٌ وأبُو زُهَيرٍ ... وزنْباعٌ وموْلاهُمْ أسِيدُ
وقَيسٌ رَهطُ آل أبي أُسَيْمٍ ... فإنْ قايَسْتَ فانْظُرْ ما تُفِيدُ (2)
أُولئِكَ أُسْرَتي فاجْمَعْ إليَهِمْ ... فمَا في شُعْبَتَيْكَ لَهُمْ نَدِيدُ

إنّ البريءَ على الهناتِ سعيد [الكامل]
وقال يذكر طول عمره وسأمه من الحياة ويتحدّث عن مآثره ومقاماته ويوازن بين ما كان وما صار إليه من ضعف وشيخوخة:
قُضِيَ الأُمورُ وأُنْجِزَ المَوعودُ ... واللهُ ربّي ماجدٌ محمودُ
ولهُ الفَواضِلُ والنَّوافِلُ والعُلا ... ولَهُ أثيثُ الخَيرِ والمَعْدُودُ (3)
ولَقَد بَلَتْ إرَمٌ وعادٌ كَيْدَهُ ... وَلَقَد بَلَتْهُ بَعدَ ذاكَ ثَمُودُ
خَلُّوا ثِيابَهُمُ على عَوْراتِهِمْ ... فهُمُ بأفنِيَةِ البُيُوتِ هُمُودُ (4)
وَلقَد سَئِمتُ منَ الحَياةِ وطولِها ... وسُؤالِ هذا النّاسِ كَيفَ لَبيدُ
وغَنيتُ سَبتاً [قبلَ] مُجرَى داحسٍ ... لوْ كانَ للنَّفسِ اللَّجوجِ خُلُودُ (5)
__________
(1) الفئيد: الخبز المشوي أو خبز الملة. وقيل هي النار التي تجتمع حولها الناس في الشتاء.
(2) قايسن: أي فاخرت.
(3) النوافل: ج نافلة، وهي العطية والهبة. الأثيث: الكثير الملتفّ. المعدود: ما يقبل العد.
(4) الأفنية: جمع فناء وهو ساحة الدار. همود: أي موتى.
(5) غنيت: أي عشت. مُجرى: أي إجراء. السَبْت: الدهر. وما بين قوسين يروى بلفظ: [بعد].
(1/32)
________________________________________
وشَهِدتُ أنْجِيَةَ الأُفاقَةِ عالِياً ... كَعبي، وأرْدافُ المُلوكِ شُهودُ (1)
وأبُوكِ بُسْرٌ لا يُفَنَّدُ عُمْرَهُ ... وإلى بِلَى ً ما يُرْجَعَنَّ جَديدُ (2)
غَلَبَ العَزاءَ وكُنتُ غيرَ مُغَلَّبٍ ... دَهْرٌ طَويلٌ دائِمٌ مَمدُودُ
يَومٌ إذا يأتي عَليَّ ولَيلَة ٌ ... وكِلاهُما بَعْدَ المَضاء يَعُودُ
وأراهُ يأتي مثْلَ يَوْمِ لَقِيتُهُ ... [لم يَنصرِمُ] وضَعُفْتُ وَهوَ شَديدُ (3)
وحَمَيتُ قَوْمي إذْ دَعَتني عامِرٌ ... وَتَقَدَّمَتْ يوْمَ الغَبيطِ وُفُودُ
وتَداكأتْ أركانُ كلِّ قَبيلَةٍ ... وفَوارِسُ الملكِ الهُمامِ تَذودُ (4)
أكرَمتُ عِرْضي أن يُنالَ بنَجْوَة ٍ ... إنَّ البريء منَ الهَنَاتِ سَعيدُ (5)
ما إنْ أهابُ إذا السُّرادِقُ غَمَّهُ ... قرعُ القسيُّ وأرعشَ الرّعديدُ (6)

يا عينُ هلّا بكيتِ أربدَ [المنسرح]
وقال يرثي أربد بن قيس بن جزء وكان أخا لبيد لأمه، وقد وفد على الرسول -في عام الوفود- مع عامر بن الطفبل وجابر بن سلمى بن مالك، فعرض الرسول عليهم الإسلام
__________
(1) الأنجية: مجالس التجمع والمناجاة. الأفاقة: مكان بالحزن يزوره ملوك الحيرة. عالي الكعب: المشهور الذي لا يُغَالَ [.
(2) لا يفنّد: أي لا يُسَفَّه.
(3) يوم بقيته: أي في صباه وشبابه. وما بين قوسين يروى بلفظ: [لم ينتقص].
(4) تداكأت: أي تدافعت وازدحمت. الأركان: الجوانب.
(5) النجوة: الارتفاع. الهنات: الأمور التي يُرْتَجى منها خير.
(6) غَمَّه: أي تكاثر عليه. السرادق: أهله الساكنون فيه. قرع القِسِيّ: أي المفاخرة بها. الرعديد: من صفات الجبان.
(1/33)
________________________________________
فلم يسلموا، وفي عودتهم توفيّ عامر بالطاعون، وأصابت أريد صاعقة فأحرقته، فذلك قوله: (فجعني الرعد والصواعق بالفارس ... )
ما إنْ تُعَرّي المَنُونُ مِنْ أحَدِ ... لا والِدٍ مُشفِقٍ وَلا وَلَدِ
أخشَى على أَرْبَدَ الحُتُوفَ وَلا ... أرْهَبُ نَوْءَ السِّماكِ والأسَدِ
فَجَّعَني الرَّعدُ والصَّواعِقُ بالـ ... فارِسِ يومَ الكَرِيهَةِ النّجُدِ
الحارِبِ الجابِرِ الحَريبَ إذا ... جاء نَكيباً وإنْ يَعُدْ يَعُدِ (1)
يَعْفُو عَلى الجَهْدِ والسّؤالِ كما ... أُنْزِلَ صَوْبُ الرَّبيعِ ذي الرَّصَدِ (2)
لمْ يُبْلِغِ العَينَ كُلَّ نَهْمَتِها ... لَيلَة َ تُمسي الجِيادُ كالقِدَدِ (3)
كُلُّ بَني حُرَّة ٍ مَصِيرُهُمُ ... قُلٌّ وإنْ أكثَرْتَ مِنَ العَدَدِ
إنْ يُغْبَطُوا يُهْبَطُوا وإنْ أَمِرُوا ... يَوْماً يَصِيرُوا [للهُلْكِ] والنَّكَدِ (4)
يا عَينُ هَلاَّ بَكَيْتِ أرْبَدَ إذْ ... قُمْنا وقامَ الخُصُومُ في كَبَدِ
وعَينِ هَلاَّ بَكَيْتِ أرْبَدَ إذْ ... ألْوَتْ رِياحُ الشّتاء بالعَضَدِ (5)
فأصْبَحَتْ لاقِحاً مُصَرَّمَة ً ... حينَ تَقَضَّتْ غَوابِرُ المُدَدِ (6)
إنْ يَشْغَبُوا لا يُبَالِ شَغْبَهُمُ ... أوْ يَقْصِدوا في الحُكومِ يَقْتَصِدِ (7)
__________
(1) الحارب: الذي يبتز المال. الحريب: الذي سُلِبَ ماله. النكيب: المنكوب.
(2) يعفو: أي يعطي لكثرة ما يُسْأل. الرَّصَد: القليل من الكلأ والمطر، أو المطر يأتي بعد المطر. وقيل: الطريق، ومنه قوله تعالى: {فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا}.
(3) كل نهمتها: أي كل ما تطمع فيه وتشرّه إليه. القدد: سيور الجلد.
(4) ما بين قوسين يروى بلفظ: [للبؤس].
(5) ألوت: ذهبت. العضد: الشجر اليابس.
(6) مصرّمة: مقطوعة الأطباء ليس لها درة إنما درنها الدم. غوابر: اللواتي يَبْقين.
(7) يشغبوا: يجوروا في الخصومة ويجاوز ما حدّ الاعتدال. الشغب: القتال. الحكوم: القضاء عند التحكيم.
(1/34)
________________________________________
حُلْوٌ [كَريمٌ] وَفي حَلاوَتِهِ ... مُرٌّ لَطيفُ الأحْشاءِ والكَبِدِ (1)
الباعِثُ النَّوْحَ في مآتِمِهِ ... مِثْلَ الظِّبَاء الأبْكارِ بالجَرَدِ (2)

قولا: هو البطل المحامي ... [مجزء الكامل]
وقال أيضاً يرثي أخاه أربد:
لنْ تُفْنيَا خَيراتِ أرْ ... بَدَ فابْكِيَا حَتّى يَعُودَا
قُولا هُوَ البَطَلُ المُحَا ... مي حِينَ يُكْسَوْنَ الحَديدَا
وَيَصُدُّ عَنَّا الظّالِميـ ... ـنَ إذا لَقِينَا القَوْمَ صِيدَا (3)
فاعْتَاقَهُ ريْبُ البَرِيّـ ... ـةِ إذْ رَأى أنْ لا خُلُودَا (4)
فَثَوَى، ولَم يُوجَعْ، ولَمْ ... يُوصَبْ، وكانَ هُوَ الفَقِيدا (5)

اِنْعَ الكريمَ [الرجز]
وأنشد يرثي أخاه أربد:
اِنْعَ الكَريمَ للكَريمِ أرْبَدَا
اِنْعَ الرَّئيسَ واللّطيفَ كَبِدَا
__________
(1) لطيف الكبد: أي ذو خلق حسن. وما بين قوسين يروى بلفظ: [أريب].
(2) النوح: النساء النائحات، وقد شبههن الشاعر: بالظباء الأبكار. الجرد: الأرض المستوية.
(3) صَيْدا: أي متكبّرين.
(4) اعتاقه: أي منعه من بلوغ المراد.
(5) لم يوصب: أي لم يُصَبْ لألم.
(1/35)
________________________________________
يُحْذي ويُعْطي مالَهُ ليُحْمَدَا
أُدْماً يُشَبَّهْنَ صُوَاراً أُبَّدَا (1)
السّابِلُ الفَضْلِ إذا ما عُدِّدَا (2)
ويَمْلأُ الجَفْنَةَ مَلأً مَدَدَا
رِفْهاً إذا يأتي ضَريكٌ وَرَدَا (3)
مِثْلُ الذي في الغَيلِ يَقُرُو جُمُدَا (4)
يَزْدَادُ قُرْباً مِنْهُمُ أنْ يُوعَدَا (5)
أوْرَثْتَنا تُراثَ غَيرِ أنْكَدَا
غِنىً ومالاً طارِفاً وأتْلَدَا (6)
شَرْخاً صُقُوراً: يافعاً وأمْرَدَا (7)
__________
(1) الأدم: الإبل البيض. الصوار: هو القطيع من البقر الوحشي. أُبَّداً: مستوحشةً.
(2) السابل: هو الضافي السابغ.
(3) الضريك: الفقير.
(4) يقرو: أي يتتبع. الجُمُد: الجبل أو ما يشابهه.
(5) يوعد: أي يقابل بتهديد، هو من الوعيد.
(6) الطارف: من المال كل مُحْدَث. والأتلد: كل موروث من المال.
(7) الشرخ: أول الشباب ونضارته.
(1/36)
________________________________________
حرف الراء

راح القطين [البسيط]
وقال لبيد أيضاً يتغنّى بمناظر الحياة الصحراوية ويفتخر بمآثره، ويبدو أن القصيدة من نتاج عهد الكهولة، وهب لاحقة بقصائده (الجاهليات):
راحَ القَطينُ بهَجْرٍ بَعدَما ابتَكَرُوا ... فَما تُواصِلُهُ سَلْمَى ومَا تَذرُ (1)
مَنْأى الفَرُورِ فَما يأتي المُريدَ ومَا ... يَسْلُو الصُّدودَ إذا ما كانَ يَقتَدِرُ (2)
كأنَّ أظْعانَهُمْ في الصُّبْحِ غادِيَة ً ... طَلحُ السَّلائلِ وَسطَ الرَّوْضِ أوْ عُشَرُ (3)
أوْ بارِدُ الصَّيفِ مَسجورٌ، مَزَارِعُهُ ... سُودُ الذَّوائِبِ ممّا مَتّعَتْ هَجَرُ (4)
جَعْلٌ قِصَارٌ وعَيْدانٌ يَنُوءُ بِهِ ... منَ الكوافِرِ مَكْمُومٌ ومُهْتَصِرُ (5)
__________
(1) القطين: أهل الدار. الهجر: منتصف النهار.
(2) الفرور: هي الدابة التي تفرّ من صاحبها. المريد: الرجل الذي يبحث عن دابته يريدها ويطلبها. يسلوا: أي يكفّ عن التباعد.
(3) الأظعان: النساء في الهوادج. الطلح: شجر عظام من شجر العضاه ترعاه الإبل. السلائل: اسم لموضع معروف، ودذا الروض. العُشَر: نبات ذو ثمر بحجم البطيخة ذو أوراق عريضة.
(4) مسجور: أي ممتلئ. الذوائب: جمع: ذائبة، وهي الغصن. متعت: رعت وسقت. هجر: منطقة في شبه الجزيرة العربية، تقع في شرقها ذات مياه كثيرة.
(5) الجعل: كل قصير من النخل. والعيدان: كل طويل منها. الكوافر: الطلع, المكموم: الذي ما يزال محجوباً في كمامته.
(1/37)
________________________________________
يَشربَنَ رفْهاً عِراكاً غيرَ صادِرَة ٍ ... فكُلُّها كارِعٌ في الماء مُغْتَمِرُ (1)
بينَ الصَّفا وخَليجِ العَينِ ساكِنَة ٌ ... غُلْبٌ سواجدُ لم يدخُلْ بها [الحَصَرُ] (2)
وَفي الحُدوجِ عَرُوبٌ غَيرُ فاحِشَة ٍ ... رَيّا الرَّوادِفِ يَعشَى دُونَها البَصَرُ (3)
كأنَّ فاها إذا ما اللّيلُ ألْبَسهَا ... سَيَابَةٌ ما بِها عَيْبٌ ولا أثَرُ (4)
قالتْ غداة َ انتَجَيْنا عندَ جارَتها: ... أنتَ الذي كنتَ، لوْلا الشّيبُ وَالكِبرُ
فقلتُ: ليسَ بَياضُ الرَّأسِ من كِبرٍ ... لوْ تَعَلمَينَ، وَعندَ العالِمِ الخَبرُ
لوْ كانَ غيري، سليمى، اليوْمَ غَيَّرَهُ ... وَقعُ الحوادِثِ، إلَّا الصَّارِمُ الذَّكرُ (5)
ما يَمنعُ اللّيْلُ مِنّي ما هَمَمْتُ بِهِ ... وَلا أحارُ إذا ما اعتادَني السَّفَرُ (6)
إنَي أُقاسي خُطوباً ما يَقُومُ لَهَا ... إلاَّ الكِرامُ على أمْثالِها الصُّبُرُ
مِن فَقدِ مولىً تَصُورُ الحيَّ جَفنَتُهُ ... أوْ رُزْء مالٍ، ورُزْءُ المالِ يُجْتَبَرُ (7)
والنِّيبُ، إنْ تَعْرُ مِنّي رمَّة ً خَلَقاً ... بَعْدَ المَمَاتِ، فإنّي كنت أثَّئِرُ (Cool
__________
(1) عراكاً: أي يردْنَ جميعاً. غير صادرة: أي غير متوجهة عن الماء. مغتمر: أي مغمور العروق في الماء.
(2) الصفا: هو صفا المشقر في هجر. العين: عين محلم بهجر أيضاً. غُلْب: أي أعناقها غلاظ. الحَصَر: أنْ لا يكون نمو النبات جيداً. وما بين قوسين يروى بلفظ: [الحضر].
(3) الحدوج: مراكب النساء. العروب: المرأة التي تتصبّب لزوجها. يعشى: أي يضعف ويكلّ.
(4) ألبسها: شملها وغطاها. السيابة: البسر الأأخضر.
(5) الصارم والذكر: من صفات السيف.
(6) عممت به: أي عزمت على إنفاذه. أحار: أتحيّر.
(7) تصور: أي تجمعهم وتعطفهم عليها.
(Cool النيب: الإبل المسنة. الرمّة: العظام التي بَلَتْ. أثّئِر: أي آخذ بثأري.
(1/38)
________________________________________
وَلا أضِنُّ [بمَعروفِ] السَّنَامِ إذا ... كانَ القُتارُ كَما يُسْتَرْوَحُ القُطُرُ (1)
ولا أقولُ إذا ما أزْمَة ٌ أزَمَتْ ... يا وَيْحَ نَفْسيَ مِمّا أحدَثَ القدَرُ
وَلا أضِلُّ بأصْحابٍ هَدَيْتُهُمُ ... إذا المُعَبَّدُ في الظّلْماء يَنتَشِرُ (2)
وأُرْبِحُ التَّجْرَ إن عَزَّتْ فِضالُهُمُ ... حتى يَعُودَ، سُليمَى، حوْلَهُ نفَرُ (3)
غَرْبُ [المَصَبَّةِ] مَحْمُودٌ مَصَارِعُهُ ... لاهي النّهارِ لسَيرِ اللّيلِ مُحتَقِرُ (4)
يُرْوي قَوَامِحَ قَبْلَ اللّيْلِ [صادِقَة ً] ... أشبَاهَ جِنٍّ عَلَيها الرَّيْطُ والأُزُرُ (5)
إنْ يُتْلِفوا يُخلِفوا في كلِّ مَنْقَصًة ٍ ... ما أتلَفوا، لابتغاء الحَمدِ، أوْ عَقَرُوا (6)
نُعطي حُقوقاً على الأحسابِ ضامِنة ً ... حَتّى يُنَوِّرَ في قُرْيانِهِ الزَّهَرُ (7)
وأقطَعُ الخَرْقَ قد بادَتْ مَعَالِمُهُ ... فمَا يُحَسُّ بهِ عَينٌ ولا أثَرُ (Cool
بِجَسْرَة ٍ تَنْجُلُ الظُّرَّانَ ناجِيَةَ ... إذا توقَّدَ في الدَّيمُومَةِ الظُّرَرُ (9)
__________
(1) أضنّ: أي أبخل. معروف السنام: كل ما أطعمت الناس منه. القتار: هو ريح اللحم والشحم. القطر: دخان العود. وما بين قوسين يروى بلفظ: [مفروض]، وهو بمعنى الطري.
(2) المعبد: هو الطريق الممهدة.
(3) التجر: الذين يتاجرون بالنبيذ. عزّت: أي ارتفع سعرها.
(4) ما بين قوسين يروى بلفظ [المصيبة]
(5) القوامح: التي لا تشرب. ما بين قوسين يروى بلفظ: [صادفة] أي متجافية عن الشرب.
(6) المنقصة: الأأمر المعيب.
(7) الحقوق: أفعال المعروف. ينوّر: أي يطلع النوّار. القربان: مجاري الماء ومسايله.
(Cool الخرق: الفضاء الواسع. المعالم: الطرق.
(9) الجسرة: الناقة الضخمة. تنجل: أي ترمي. الظران: الحجارة الملساء. الديمومة: الأرض المستوية السهلة. الظرر: كسر الحجارة.
(1/39)
________________________________________
كأنّهَا بَعْدَما أفْنَيْتُ جُبْلتها ... خَنْساءُ مَسْبُوعَة ٌ قَد فاتَها بَقَرُ (1)
تَنْجُو نَجَاءَ ظَلِيمِ الجَوِّ أفْزَعَهُ ... ريحُ الشَّمَالِ وشَفّانٌ لها دِرَرُ (2)
باتَت إلى دَفِّ أرْطاةٍ تحفِّرهُ ... في نَفْسِها مِنْ حَبيبٍ فاقِدٍ ذِكَرُ (3)
إذا اطمَأنَّتْ قَليلاً بَعدَما حَفَرَتْ ... لا تَطْمَئِنُّ إلى أرطاتِها الحُفَرُ
تَبْني بُيُوتاً على قَفْرٍ يُهَدِّمُها ... جَعْدُ الثّرَى [مُصْعَبٌ] في دَفّه زَوَرُ (4)
لَيْلَتَها كُلَّها حتى إذا حَسَرَتْ ... عَنها النّجومُ، وكادَ الصُّبحُ يَنسَفِرُ
غَدَتْ على عَجَلٍ، والنّفسُ خائفَة ٌ ... وآيَة ٌ مِنْ غُدُوٍّ الخائِفِ البُكَرُ
لاقَتْ أخَا [قَنَصٍ] يَسْعَى بأكْلُبِهِ ... شَئْنَ البَنانِ لدَيْهِ أكلُبٌ جُسُرُ (5)
وَلَّتْ فَأدْرَكَها أُولَى سَوَابِقِها ... فأقْبَلَتْ ما بِها رَوْعٌ وَلا بَهَرُ (6)
فقاتَلَتْ في ظِلالِ الرَّوْعِ واعتكَرَتْ ... إنَّ المُحاميَ بَعدَ الرَّوْعِ يَعْتَكِرُ

قد يقبلُ الضَيمَ الذليلُ المَسيَّرُ [الطويل]
أنشد ذات مرة يعنف بعض قبائل بني عامر ويعيرهم بعدم الحفاظ وقبول الدية:
وَلمْ تَحْمَ عَبدُ اللّهِ، لا درَّ دَرُّها، ... على خيرِ قَتْلاها، ولم تَحْمَ جَعفرُ
__________
(1) الخنساء: البقرة الوحشية ذات الأنف القصير. مسبوعة: التي أكب السبع ولدها.
(2) الجو: ما اطمأنّ من الأرض. الشفّان: الريح الباردة. الدرر: جمع: درة، وهي الدفقة من المطر.
(3) الدف: الجانب. الأرطأة: الواحدة من الألاطى، وهي نبتة شجيرية من الفصيلة البطاطية تنبت في الرمل. ويخرج من أصل واحد كالعِصِي، ورقه دقيق وثمره كالعُنّاب.
(4) مصعب: أي صعب شديد. زور: أي ميل وما بين قوسين يروى بلفظ: [مائل]
(5) شئن: ذو الأصابع الغليظة. وما بين قوسين يروى بلفظ: [جشر]
(6) الروع: الهلع والفزع. البهر: انقطاع النفس بسبب العدو الكثير.
(1/40)
________________________________________
ولمْ تَحْمَ أولادُ الضِّبابِ كأنَّمَا ... تُساقُ بِهِمْ وَسْطَ الصَّريمَة ِ أَبكُرُ (1)
وَدَوْكُمْ غَضَا الوادي فلم تَكُ دِمنة ٌ ... وَلا ترة ٌ يَسْعَى بها المُتَذكِّرُ (2)
أجِدَّكُمُ لمْ تَمْنَعُوا الدَّهرَ تَلْعَة ً ... كما مَنَعَتْ عُرْضَ الحجازِ مُبَشِّرُ (3)
لَوَشْكانَ ما أعطَيتني القَوْمَ عَنْوَةً ... هيَ السُّنَّة ُ الشَّنْعاءُ والطّعْنُ يَظْأرُ (4)
لشَتّانَ حَرْبٌ أوْ تَبُوءُوا بخِزْيَة ٍ ... وَقد يَقبَلُ الضَّيمَ الذَّليلُ المُسَيَّرُ

يا بِشْرُ [الكامل]
في يوم فيف -وكان في مبعث النبي صلى الله عليه وسلم- أغارت قبائب مذحج وخثعم ومراد وزبيد بقيادة ذي الغصة الحصين بن يزيد الحارثي على بني عامر، وكان رئيس عامر ملاعب الأأسنة، فقتل من الفريقين عدد كبير، وأبلى ملاعب الأأسنة يومئذ، وفي لك اليوم أُخذت جارية سوداء للبيدـ أخذها بنو الديان، فلمّا علموا أنّها له ردّوها عليه، وهو لا يدري من ردّها، فقال:
يا بشْرُ بشرَ بَني إيَادٍ أيُّكُمْ ... أدّى أُرَيْكَة َ يَوْمَ هَضْبِ الأجْشُرِ (5)
يَتَرادَفُ الولدانُ فَوْقَ فَقَارِها ... بِنِهَا الرّدافِ إلى أَسِنِّةِ مَحْضَرِ (6)
جاءَتْ عَلى قَتَبٍ وَعِدْلِ مَزادَةٍ ... وأَرَحْتُمُوها مِنْ علاجِ الأيْصَرِ (7)
__________
(1) الضباب: هو معاوية بن كلاب أخو جعفر. الأبكر: جمع: بكرة، وهي الإبل الفتية.
(2) وَدَوكم: أي دفعوا ديتكم. الدمنة: الحقد والضغينة. والترة: الثأر.
(3) التلعة: كل أرض مرتفعة.
(4) عنوة: أي قسراً.
(5) اسم ماء متصل بفيف الريح.
(6) النها: محبس الماء. الرادف: اسم مكان وكذا محضر.
(7) العلاج: المعالجة. الأبصر: كساءٌ يُمْلأُ من الكلأ ويُشَدُّ.
(1/41)
________________________________________
من كان منّي جاهلاً [الطويل]
قال يعددّ على عمّه أبي براء أياديه عنده، وكان عمّه قد تعدى على جار للبيد من بني القين، فغضب لبيد من فعلته وأنشد:
مَنْ [كانَ] مِنّي جاهِلاً أوْ مُغَمَّراً ... فَما كانَ بِدْعاً مِنْ بَلائيَ عامِرُ (1)
ألِفْتُكَ حتّى أخْمَرَ القوْمُ ظِنَّة ً ... عليَّ بنُو أُمِّ البنينَ الأكابِرُ (2)
ودافعتُ عنكَ الصّيدَ مِن آلِ دارمٍ ... ومِنهُمْ قَبيلٌ في السُّرادِقِ فاخِرُ (3)
فُقَيْمٌ وعَبْدُ اللهِ في عِزِّ نَهْشَلٍ ... بِثَيْتَلَ، كُلٌّ حاضِرٌ مُتَناصِرُ (4)
فَذُدْتُ مَعَدّأً والعِبادَ وطَيِّئاً ... وكَلباً كَمَا ذِيدَ الخِماسُ البَوَاكِرُ (5)
على حينَ مَنْ تَلْبَثْ عَلَيهِ ذَنُوبُهُ ... يجدْ فَقْدَها، وفي [الذِّنابِ] تَداثُرُ (6)
وسُقْتُ رَبِيعاً بالفنَاءِ كأنّهُ ... قَريعُ هِجانٍ يَبتَغي مَنْ يُخاطرُ (7)
فَأفْحَمْتُهُ حتّى استَكانَ كأنّهُ ... قريحُ سُلالٍ يَكتَفُ المَسيَ فَاتِرُ (Cool
__________
(1) المغمّر: الجاهل. البدع: الحديث العهد, وما بين قوسين يروى بلفظ: [يك].
(2) أخمر ظنة: أي أضمر ريبة.
(3) الصيد: السادة المتعاظمون. القبيل: الجماعة. فاخر: ممتلئ.
(4) ثيتل: اسم موضع وقيل: ماء تشرب منها بنو شيبان أو منزل من منازل اللهازم البكريين.
(5) ذدت: منع وطردت. العباد: قبائل متشتتين من بطون شتى اجتمعوا على النصرانية بالحيرة. الخماس: هو الإبل التي لا تشرب مدة أربعة أيام. البواكر: هي الإبل التي تبكر إلى الورد في اليوم الخامس.
(6) تلبث: أي تبطئ. الذنوب: الدلو المملوءة. تداثر: أي تتدافع وتتزاحم. وما بين قوسين يروى بلفظ: [المقام].
(7) القريع: فحل الإبل الكريم. الهجان: الإبل. يخاطر: أي يراهن.
(Cool السلال: الداء والمرض. القريح: الجريح. يكتف: أي يمشي رويداً.
(1/42)
________________________________________
ويَوْمَ ظَعَنتمْ فاصْمعَدّتْ وفُودُكُمْ ... بأجْمادِ فاثُورٍ كَريمٌ مُصَابِرُ (1)
ويَوْمَ مَنَعْتُ الحَيَّ أنْ يَتَفَرَّقُوا ... بنَجرانَ، فَقْري ذلك اليوْمَ فاقِرُ (2)
وَيَوْماً بصَحراءِ الغَبيطِ وَشاهِدي الـ ... ـمُلُوكُ وأرْدافُ المُلوكِ العَراعِرُ (3)
وفي كلِّ يومٍ ذي حفاظٍ بَلَوتَني ... فقُمتُ مَقاماً لم تَقُمْهُ العَواوِرُ (4)
ليَ النَّصرُ مِنْهُمْ والوَلاءُ عَلَيكُمُ ... وما كنتُ فَقْعاً أنْبَتَتْهُ القَرَاقِرُ (5)
وأنتَ فَقيرٌ لمْ تُبَدَّلْ خَلِيفَة ً ... سِوايَ، وَلمْ يَلْحَقْ بَنُوكَ الأصاغرُ (6)
فقُلتُ ازدَجِرْ أحْناءَ طَيرِكَ واعلمنْ ... بأنّكَ إنْ قَدَّمْتَ رِجْلَكَ عاثِرُ (7)
وإنَّ هوانَ الجَارِ للجَارِ مُؤلِمٌ ... وفاقرة ٌ تأوي إليْها الفَوَاقِرُ (Cool
فأصْبَحْتَ أنَّى تأتِها تَبْتَئِسْ بِها ... كلا مَرْكَبَيْها تحتَ رِجليكَ شاجِرُ
فإنْ تَتَقَدَّمْ تَغْشَ منها مُقَدَّماً ... عَظيماً وإنْ أخّرتَ فالكِفلُ فاجِرُ
وما يكُ منْ شيءٍ فقدْ رُعتَ رَوْعة ً ... أبا مالِكٍ تَبيَضُّ مِنها الغَدائِرُ (9)
فلَوْ كانَ مَوْلايَ أمرَأً ذا حَفِيظَةٍ ... إذاً زَفَّ راعي البَهْمِ والبَهمُ نافِرُ (10)
__________
(1) اصمعدت: أي أمعنت في الذهاب. أجماد: آكام. فاثور: اسم موضع.
(2) الفقر: الحز. فاقر: أي عميق.
(3) الغبيط: اسم لوادٍ سُمِّيت به الصحراء. الأرداف: جمع: ردف، وهو الجالس عن يمين الملك وبشرب بعده ويقوم مقامه إذا غاب.
(4) العواور: حمع: عوار، وهو الرجل الجبان المتخاذل.
(5) الفقع: ضرب من الكمأة. القرقر: الأرض المستوية.
(6) فقير: أي محتاج إليّ. لم يلحقك بنوك: أي لم يكبروا.
(7) أحناء: جمع: حنو، وهو الجانب.
(Cool الفاقرة: الداهية التي تكسر فقرات الظهر. تأوي إليها: أي تجتمع وتنضم إليها.
(9) الغدائر: جمع غديرة، وهي ضفيرة الشعر.
(10) المولى: هنا الحليف. ذا حفيظة: أي ذا منعة. زف: أي أسرع في مشيه.
(1/43)
________________________________________
فَلا تَبْغِيَنّي إنْ أخَذْتَ وَسِيقَة ً ... منَ الأرْضِ إلاَّ حيثُ تُبغى الجَعافرُ (1)
أُولئِكَ أدْنَى لي وَلاءً ونَصْرُهُمْ ... قَريبٌ، إذا ما صَدَّ عَنّي المَعَاشِرُ
متى تَعْدُ أفْراسي وَرَاءَ وَسِيقَتي ... يَصِرْ مَعْقِلَ الحَقِّ الذي هوَ صَائِرُ
فجمَّعتُها بعدَ الشتاتِ فأصْبَحَتْ ... لدَى ابنِ أسيدٍ مؤنِقاتٌ خَنَاجِرُ (2)

هل النفس إلا متعة مستعارة؟ [الطويل]
قال لبيد يذكر من فقد من قومه ومن سادات العرب، ويتأمل في سطوة الموت وضعف الإنسان إزاءه:
أعاذِلَ قُومي فاعذُلي الآنَ أوْ ذَري ... فلَستُ وإنْ أقصرْتِ عنّي بمُقْصِرِ (3)
أعاذِلَ لا وَاللهِ ما مِنْ سَلامَةٍ ... وَلَوْ أشفقتْ نَفْسُ الشّحيحِ المُثمِّرِ
أقي العِرْضَ بالمَالِ التِّلادِ وأشْتَري ... بهِ الحَمدَ إنَّ الطّالبَ الحمدَ مُشترِي
وكَمْ مُشترٍ من مالِهِ حُسنَ صِيِتهِ ... لأيّامِهِ في كُلِّ مَبْدىً ومَحْضَرِ (4)
أُباهي بهِ الأكْفاءَ في كلِّ مَوْطِنٍ ... وأقضي فُرُوضَ الصَّالحينَ وَأقْتَرِي (5)
فإمّا تَرَيْني اليَوْمَ عِندَكِ سالِماً ... فَلستُ بأحْيا مِنْ كِلابٍ وجَعْفَرِ
وَلا منْ أبي جَزْءٍ وجارَيْ حَمُومَةٍ ... قَتيلِهِمَا والشّارِبِ المُتَقَطِّرِ
__________
(1) الوسيقة: الجماعة من الإبل.
(2) الخناجر: جمع: خنجرة، وهي الناقة الغزيرة. مؤنقات: أي معجبات.
(3) أقصرت: أي كففت عن العذل. مقصر: أي كاف عما تعهد فيه من خُلُقي.
(4) الصيت: الشرف والذكر. مبدى: من البداوة ومحضر من الحضارة.
(5) أباهي: أي أفاخر. موطن: مشهد ومقام. أقتري: أي أتتبع فعال الصالحين. أماني: أكافئ بالمال.
(1/44)
________________________________________
وَلا الأحْوَصينِ في لَيالٍ تَتابعَا ... وَلا صاحبِ البَّراضِ غيرِ المُغَمَّرِ
وَلا مِنْ رَبيعِ المُقْتِرينَ رُزِئْتُهُ ... بذي عَلَقٍ فاقْنَيْ حَيَاءَكِ واصْبِرِي (1)
وقَيسِ بنِ جَزْءٍ يَوْمَ نادى صِحابَهُ ... فَعَاجُوا عَلَيهِ من سَوَاهمَ ضُمَّرِ (2)
طَوَتْهُ المَنَايَا فَوْقَ جَرْدَاءَ شَطْبَةٍ ... تَدِفُّ دَفيفَ الرَّائحِ المُتَمَطِّرِ (3)
فباتَ وَأسْرَى القَوْمُ آخِرَ لَيلِهِمْ ... وما كانَ وقّافاً [بِدارِ] مُعَصَّرِ (4)
وبالفُورَة ِ الحَرَّابُ ذو الفَضْلِ عامِرٌ ... فَنِعْمَ ضِياءُ الطّارِقِ المُتَنَوِّرِ (5)
ونِعْمَ مُنَاخُ الجارِ حَلَّ بِبَيْتِهِ ... إذا ما الكَعَابُ أصبحتْ لم تَسَتَّرِ
ومَنْ كانَ أهلَ الجودِ والحزْمِ والندى ... عُبَيْدَة ُ والحامي لَدَى كلِّ محْجَرِ
وَسَلْمَى، وسَلمَى أهلُ جودٍ ونائلٍ ... متى يَدْعُ مَوْلَاهُ إلى النّصرِ يُنْصَرِ
وبَيْتُ طُفَيْلٍ بالجُنَيْنَة ِ ثاوِياً ... وبَيتُ سُهَيْلٍ قد علِمتِ بصَوْءَرِ (6)
فلَمْ أَرَ يَوْماً كانَ أكْثَرَ باكِياً ... وحَسْنَاءَ قامتْ عن طِرافٍ مُجَوَّرِ (7)
تَبُلُّ خُمُوشَ الوَجهِ كلُّ كريمَةٍ ... عَوانٍ وبِكْرٍ تَحْتَ قَرٍّ مُخَدَّرِ (Cool
__________
(1) أقني: أي افظي وارعَيْ.
(2) قيس بن جزء: والد أربد أخي لبيد شاعرنا لأمه، وقد خرج غازياً فظفر، فلما قفل عائداً مات على ظهر فرسه. السواهم: جمع: ساهمة، وهي الفرس المتعبة.
(3) شطبة: هي الفرس الطويلة. تدف: أي تطير. الرائح: هو الطير الذي يغادر موضعه. المتمطر: الذي يسرع في عَدْوه هرباً من المطر.
(4) المعصر: الملجأ والحزر. وما بين قوسين يروى بلفظ: [بغير].
(5) الطارق: الزائر ليلاً. المتنوّر: هو الذي ينظر إلى النار من بعيد فيأتيها.
(6) البيت: هنا بمعنى القبر. الجنينة: مصغر الجنة وهي الروضة.
(7) الطراف: كل بيت مصنوع من أدم. المجور: هو المقوض الساقط.
(Cool خموش: أي خدوش. عوان: المرأة المتزوجة. القر: الهودج. المخدر: المستور بالثياب.
(1/45)
________________________________________
وبالجرِّ مِنْ شَرْقيِّ حَرْسٍ مُحارِبٌ ... شُجاعٌ وذو عَقْدٍ منَ القَوْمِ مُحتَرِ
شهابُ حُروُبٍ لا تَزالُ جِيادُهُ ... عَصائبَ رهْواً كالقَطا المُتَبَكِّرِ (1)
وصاحِبُ مَلْحُوبٍ فُجِعْنَا بيَوْمِهِ ... وعِنْدَ الرِّداعِ بَيتُ آخرَ كَوْثرِ
أُولئِكَ فابكي لا أبَا لَكِ وانْدُبي ... أبَا حازِمٍ في كُلِّ يَوْمٍ مُذَكَّرِ
فشَيَّعَهُمْ حَمْدٌ وزانَتْ قُبورَهُمْ ... سَرَارَة ُ رَيحانٍ بقاعٍ مُنَوّرِ
وَشُمْطَ بني ماءِ السّماءِ ومُرْدَهُمْ ... فهَل بَعْدَهُمْ مِنْ خالدٍ أوْ مُعَمَّرِ (2)
وَمَنْ فادَ مِن إخوانِهِمْ وبَنيهِمِ ... كُهُولٌ وشُبّانٌ كَجِنَّةِ عَبقَرِ (3)
مَضَوْا سَلَفاً قَصْدُ السّبيلِ عَلَيهِمِ ... بهيٌّ منَ السُّلاَّفِ ليسَ بحَيْدَرِ (4)
فكائِنْ رَأيْتُ مِنْ بَهاءٍ ومَنْظَرٍ ... وَمِفْتَحِ قَيْدٍ للأسِيرِ المُكَفَّرِ
وكائنْ رأيْتُ منْ ملوكٍ وسوقَة ٍ ... وراحلَةٍ شدّتْ برَحْلٍ مُحَبّرِ
وأفنى بَناتُ الدّهرِ أرْبابَ ناعطٍ ... بمُسْتَمَعٍ دونَ السّماء ومَنْظَرِ (5)
وبالحارِثِ الحَرَّابِ فَجَّعْنَ قَوْمَهُ ... ولَوْ هاجَهُمْ جاءُوا بنَصْرٍ مُؤزَّرِ
وأهلَكْنَ يَوْماً رَبَّ كِنْدَةَ وابنَهُ ... وربَّ مَعَدٍّ بينَ خَبْتٍ وعَرْعَرِ (6)
__________
(1) العصائب: الجماعات. رهواً: أي متتابعين. المتبكر: لبذي يرد الماء باكراً.
(2) بنو ماء السماء: هم بنو المنذر.
(3) فاد: مات. الجِنّة: الجن. عبقر: وادٍ باليمن فيه جن كثير.
(4) سلَفا: أي متقدمين. قصد السبيل عليهم: كناية عن توجه الموت إليهم. الحيدر: الذميم أو الوضيع.
(5) بنات الدهر: نوائبه ومصائبه. أرباب ناعط: قوم من همذان. وناعط: اسم قصر عالٍ مشرف.
(6) ربّ كندة: هو حجر أبو امرئ القيس الشاعر. وربّ معد: هو حذيفة بن بدر. الخبت: المستوي من الأرض. العرعر: جنس أشجار وجنبات من الصنوبريات فيه أنواع تصلح للأحراج وللتزيين، وله أنواع كثيرة.
(1/46)
________________________________________
وأعوَصْنَ بالدُّوميّ من رَأسِ حِصْنِهِ ... وأنْزَلْنَ بالأسبابِ ربَّ المُشّقَّرِ (1)
وأخلَفْنَ قُسّاً ليتني ولوَ أنّني ... وأعْيا على لُقْمَانَ حُكْمُ التّدَبُّرِ (2)
فإنْ تَسألِينا فيمَ نَحْنُ فإنّنَا ... عَصافيرُ مِنْ هذا الأنامِ المُسَحَّرِ (3)
عَبيدٌ لحيّ حِمْيَرٍ إنْ تَمَلّكُوا ... وتَظلِمُنا عُمّالُ كسْرَى وقَيصرِ
وَنَحْنُ وَهُمْ ملكٌ لحِميرَ عَنْوَة ً ... وما إنْ لَنا مِنْ سادَة ٍ غير حِميرِ
تبَابِعَة سَبْعُونَ مِنْ قَبلِ تُبَّعٍ ... تولّوا جميعاً أزهراً بعدَ أزهَرِ
نَحُلُّ بِلاداً كُلُّهَا حُلَّ قَبْلَنَا ... ونَرْجُو الفَلاحَ بَعْدَ عَادٍ وحِمْيرِ (4)
وإنّا وإخواناً لَنا قدْ تتابعُوا ... لكَالمُغْتَدي والرَّائحِ المُتَهَجِّرِ
هَلِ النّفْسُ إلاَّ مُتعَة ٌ مُستَعارة ٌ ... تُعَارُ فَتأتي رَبَّها فَرْطَ أشهُرِ

فتىً كان [الطويل]
أنشد يرثي أخاه أربد:
لَعَمري لئِنْ كانَ المُخَبِّرُ صادِقاً ... لَقَدْ رُزِئَتْ في سالِفِ الدَّهرِ جعفَرُ (5)
فتىً كانَ؛ أمّا كُلَّ شيء سألْتَهُ ... فيُعْطي، وأمّا كُلَّ ذَنْبٍ فيَغْفِرُ
فإنْ يَكُ نَوءٌ مِنْ سَحابٍ أصابَهُ ... فقَد كانَ يَعلُو في اللِّقاءِ ويظفَرُ
__________
(1) أعوصن: أي انقلبن. الدومي: هو ملك دومة الجندل. الأسباب: الحبال. المشقر: اسم لقصر أو حصن بالبحرين.
(2) لقمان: صاحب النسور. حُكْم التدبر: أي ما يطلبه ويتمناه.
(3) عصافير: أي ضعاف. مسحّر: أي معلل بالطعام والشراب.
(4) الفلاح: هو العمل الصالح الباقي.
(5) رُزِئت: أي أصابتني مصيبة.
(1/47)
________________________________________
يذكرني بأربدَ كلُّ خصمٍ [الوافر]
وأنشد يرثيه أيضاً:
يُذَكِّرُني بأرْبَدَ كُلُّ خَصْمٍ ... ألَدَّ تَخَالُ خُطَّتَهُ ضِرَارَا (1)
إذا اقْتَصَدوا فمُقْتَصِدٌ أريبٌ ... وإنْ جاروا سَواءَ الحَقِّ جارَا (2)
ويهْدي القومَ، مُضْطَلِعاً، إذا ما ... رَئيسُ القومِ بالمَوْماةِ حَارَا (3)

ألفيتُ أربدَ يستضاءُ بوجهِهِ [الكامل]
وأنشد أيضاً في رثاه:
أبْكي أبا الحَزَّازِ يَوْمَ مَقَامَة ٍ ... لمُنَاخِ أضيافٍ ومأوى مُقْتِرِ (4)
والحيِّ إذْ بكرَ الشتاءُ عليهمُ ... وَعَدَتْ شآمِيَة ٌ بيَومٍ مُقْمِرِ (5)
وتَقَنَّعَ الأبرامُ في حُجًراتهِمْ ... وتَجَزَّأ الأيْسارُ كلَّ مُشَهَّرِ (6)
ألفَيْتَ أربَدَ يُستَضاءُ بوَجْهِهِ ... كالبَدرِ، غيرَ مُقَتّرٍ مُستأثِرِ (7)
__________
(1) ألد: أي ذو خصومة شديدة. ضرار: ذات ضرر كبير.
(2) جار: أي حادَ عن القصد.
(3) مضطلعاً: أي قائماً بعبء الهداية. الموماة: الصحراء الواسعة الموحشة.
(4) أبو الحزاز: كنية أربد أخي الشاعر. المقامة: هو المجلس الذي يقومون فيه بين يدي الملك.
(5) يوم مقمر: يريد ليلة ذات برد شديد.
(6) الأبرام: جمع برم، وهو الرجل اللئيم الذي يدخل مع قومه في القمار. المشهر: الذبيحة المشهورة.
(7) مستاثر: أي يؤثر نفسه دون أي شيء آخر.
(1/48)
________________________________________
على عامرٍ سلامٌ وحمدٌ [الخفيف]
ذهب الطوسي إلى أنه قال هه القصيدة حين ارتحلت بنو جعفر فنزلت بلاد بني الحارث بن كعب، ولعلّها تصوّر أساه على فراق بني جعفر للجزيرة حين خرجوا في الفتوحات الإسلامية:
إنَّما يَحْفَظُ التُّقَى الأبْرارُ ... وإلى اللهِ يَستَقِرُّ القَرارُ
وإلى اللهِ تُرجَعُونَ وعِنْدَ ... اللهِ وِرْدُ الأمُورِ والإصْدارُ
كُلَّ شيءٍ أحصَى كِتاباً وعِلْمَاً ... ولديهِ تجلّتِ الأسْرارُ
يومَ أرزاقُ مَنْ يفضِّلُ عمٌّ ... مُوسَقَاتٌ وحُفَّلٌ أبْكَارُ (1)
فاخِراتٌ ضُروعُها في ذُراها ... وأنَاضَ العَيْدانُ والجَبّارُ (2)
يَوْمَ لا يُدخِلُ المُدارِسَ في الرَّحـ ... ـمَة ِ إلاَّ بَراءَة ٌ واعتِذارُ (3)
وحِسَانٌ أعدَّهُنَّ لأشْهَا ... دٍ وَغفْرُ الّذي هُوَ الغَفّارُ (4)
وَمَقامٌ أكْرِمْ بهِ مِنْ مَقَامٍ ... وهَوادٍ وسُنَّة ٌ ومَشَارُ (5)
إنْ يكنْ في الحَياةِ خَيرٌ فقد أُنْـ ... ـظِرْتُ لوْ كانَ يَنْفَعُ الإنْظَارُ
عِشْتُ دَهْراً ولا يَدومُ على الأيـ ... ـامِ إلاَّ يَرَمرَمٌ وتِعَارُ
__________
(1) عمّ: هي النخل الطويلة. الموسقات: اللواتي أثقلت بالثمر، حفل اللواتي كثر حملهن.
(2) فاخرات: أي ممتلئات. أناض: الطري. العيدان: النخل الطويل. والجبار: النخل القصار.
(3) المدراس: المقارف للذنوب.
(4) حسان بن يزيد: الأعمال الصالحة. الأشها: الذي يعدّون الحسنات والسيئات.
(5) مشار: العمل الصالح. وهواد: هي الأمور التي تهدي.
(1/49)
________________________________________
وكُلافٌ وضَلْفَعٌ وبَضيعٌ ... والّذي فَوْقَ خُبَّة ٍ، تِيمَارُ (1)
والنّجُومُ التي تَتابَعُ باللّيْـ ... ـلِ وفيها ذاتَ اليَمينِ ازْوِرارُ
دائِبٌ مَوْرُها، ويصرِفُها الغَوْ ... رُ، كما تعطِفُ الهِجانُ الظُّؤَارُ (2)
ثُمَّ يَعْمَى إذا خَفِينَ عَلَيْنَا ... أطِوَالٌ أمْرَاسُها أمْ قِصَارُ (3)
هَلَكَتْ عامِرٌ فلَمْ يَبْقَ منها ... برِياضِ الأعرافِ إلاَّ الدّيارُ
غَيرُ آلٍ وعنَّة ٍ وَعَريشٍ ... [ذَعْذَعَتْها] الرّياحُ والأمْطارُ (4)
وأرَى آلَ عامِرٍ وَدَّعُوني ... غَيرَ قَوْمٍ أفراسُهُمْ أمْهَارُ
واقفيها بكلِّ ثَغْرٍ مَخُوفٍ ... هُم علَيها لعَمْرُ جَدّي نُضَارُ
لمْ يُهينوا الموْلى على حدَثِ الدّهْـ ... رِ وَلا تَجْتَويهِمُ الأصْهارُ (5)
فعَلى عامِرٍ سلامٌ وحمدٌ ... حَيثُ حَلّوا منَ البلادِ وسارُوا

قُوما فَقُولا [الطويل]
وقال يخاطب ابنتيه لما حضرته الوفاة:
تَمَنّى ابنَتَايَ أنْ يَعيشَ أبُوهُما ... وهَلْ أنا إلاَّ من رَبيعَةَ أوْ مُضَرْ
__________
(1) الخبة: الرملة الممدودة الطويلة. كلاف: اسم جبل، وكذا ضلفع وبضيع وتيمار0.
(2) المور: المجيئة والذهاب. الهجان: كرام الإبل. الظؤار: التي تعطف على ولدها وتحنو عليه. الدوار: صنم كانت نساء الجاهلية تطفن حوله.
(3) الضمير في أمراسها: عائد إلى النجوم. يعمى: أي يخفى.
(4) الآل: عيدان الخيمة. العنة: هي الحظيرة التي تقام من أغصان الشجر. ذعذعتها: أي فرّقتها. العريش: الظلة من السعف. وما بين قوسين يروى بلفظ: [غيّرتها].
(5) تجتويهم: أي تمقتهم وتبغضهم.
(1/50)
________________________________________
ونائِحَتَانِ تَنْدُبَانِ بِعَاقلٍ ... أخا ثِقَةٍ لا عَينَ مِنهُ ولا أثَرْ (1)
وفي ابْنَيْ نِزَارٍ أُسْوة ٌ إنْ [جَزِعتُما] ... وَإنْ تَسألاهُمْ تُخبَرَا فيهِمُ الخَبَرْ (2)
وَفيمَنْ سِواهُمْ مِنْ مُلوكٍ وسُوقةٍ ... دَعائِمُ عَرْشٍ خانَهُ الدهرُ [فانقَعَرْ] (3)
فَقُوما فَقُولا بالذي قَدْ عَلِمْتُمَا ... وَلا تَخْمِشَا وَجْهاً وَلا تحْلِقا شَعَرْ
وقُولا هوَ المرءُ الذي لا [خَليلَهُ] ... أضاعَ، وَلا خانَ الصَّديقَ وَلا غَدَرْ (4)
إلى الحَوْلِ ثمَّ اسمُ السّلاَمِ علَيكُما ... وَمَنْ يَبْكِ حَوْلاً كاملاً فقدِ اعتذرْ

إنّ أبانَ كان حلواً بَسرا [الرجز]
وأنشد:
إنَّ أبَانَ كانَ حُلْوَاً بسرَا
مُلِّئَ عَمْراً وأُرِبَّ عَمْرَا
ونالَ مِنْ يكْسُومَ يَوْماً صِهْرَا (5)
وَرْدٌ إذا كانَ النَّواصي غُبْرَا
وعَقَّتِ الخَيْلُ عَجَاجاً كَدْرَا (6)
أقامَ مِنْ بَعْدِ الثّلاثِ عَشْرَا
__________
(1) عاقل: اسم لموضع.
(2) ما بين قوسين يروى بلفظ: [نظرتما].
(3) ما بين قوسين يروى بلفظ: [فانكسر].
(4) ما بين قوسين يروى بلفظ: [كرامة].
(5) يكسوم: اسم بالحبشية.
(6) عقت: أي شقّت الغبار.
(1/51)
________________________________________
وإنَّ بالقَصيم مِنْهُ ذِكْرَا (1)
إذْ لَوْ يُطيعُ الرُّؤساءَ فَرَّا
لَكِنْ عَصاهُمْ ذِمَّةً وقَدْرَا
باتَ، وباتَتْ لَيلَها، مُقْوَرَّا (2)
تَوَجَّسُ النُّبُوحَ شُعْثاً غُبْرَا (3)
كالنّاسِكاتِ يَنْتَظِرْنَ النَّذْرَا
حتى إذا شَقَّ الصَّباحُ الفَجْرَا
ألْقَى سَرابيلاً شَليلاً غَمْرَا (4)
فَنُثِرَتْ فَوْقَ السَّوامِ نَثْرَا
فلَمْ تُغادِرْ لكِلابٍ وِتْرَا

الافتقاد للنصر [الرجز]
وأنشد راجزاً:
فاخَرْتَني بيَشْكُرَ بنِ بَكْرِ
وَأهْلِ قُرَّانَ وأهلِ حَجْرِ (5)
__________
(1) القصيم: اسم موضع يقع بنجد في شبه الجزيرة العربية وفيه كان يوم مشهور
(2) المقوّر: صفة للخيل الضامرة.
(3) النبوح: الحي وكل ما يمت إليه بصلة.
(4) الشليل: مسح أو نسج من شعر أو صوف يوضع على عجز البعير ويلبس فوقه الدروع.
(5) أهل قرّان: قوم هم بنو حنيفةـ وقرّان: موضع باليمامة، وحجر: مدينة في الموضع ذاته.
(1/52)
________________________________________
والزُّنْمَتَينِ عِندَ سِيفِ البَحْرِ (1)
ذاكَ أوَانَ افتَقَرَتْ للنَّصْرِ
إني امرؤٌ ... [الرجز]
وقال أيضاً في المنافرة بين عامر وعلقمة:
إنَي امرؤُ مِن مالِكِ بنِ جَعْفَرِ
عَلقَمَ قد نافَرْتَ غيرَ مُنْفَرِ
نافرتَ سَقْباً مِن سِقابِ العَرْعَرِ (2)
__________
(1) الزنمتين: مثنى الزنمة، وهي شجرة لا ورق لها.
(2) السقب: الطويل من كل شيء.
(1/53)
________________________________________
حرف السين

يا قومُ ... [الرجز]
وقال في هجاء قوم:
يا قَوْمُ هَلْ أحْسَستُمُ جَسّاسَا
جاوَرَكُمْ يَحْسَبُكُمْ أُنَاسَا
وَلَم يَكُنْ يَحْسَبُكُمْ أتْيَاسَا
رُبْداً يَبُلُّ مّذْيُها الأضْرَاسَا (1)
__________
(1) الضرس: الأكمة في الجبل.
(1/54)
________________________________________
حرف العين

دعي اللومَ [الطويل]
وأنشد لبيد يخاطب امرأته:
دَعي اللَّوْمَ أوْ بِيني كشِقِّ صَديعِ ... فقَدْ لُمْتِ قَبلَ اليَوْمِ غيرَ مُطيعِ (1)
وإنْ كُنْتِ تَهوَينَ الفِراقَ فَفارِقي ... لأمْرِ شَتَاتٍ أوْ لأمْرِ جَميعِ
فلَوْ أنّني ثَمَّرْتُ مالي ونَسْلَهُ ... وأمْسَكْتُ إمساكاً كَبُخْلِ مَنيعِ
رَضِيتِ بأدْنَى عَيْشِنا وَحَمِدْتِنا ... إذا صَدَرَتْ عَن قارِصٍ ونَقيعِ (2)
ولكِنَّ مالي غالَهُ كُلُّ جَفْنَةٍ ... إذا حانَ وِرْدٌ أسْبَلَتْ بدُمُوعِ (3)
وإعْطائيَ المَوْلى على حينِ فَقْرِهِ ... إذا قالَ: أبْصِرْ خَلَّتي وخُشُوعي (4)
وَخْصمٍ كنادي الجنِّ أسقَطتُ شأوَهُمْ ... بمُسْتَحْصِدٍ ذي مِرَّةٍ وصُرُوعِ (5)
كَخَصْمِ بَني بَدْرٍ غَداة َ لَقيتُهُمْ ... ومِنْ قَبْلُ قَد قَوَّمْتُ دَرْءَ رَبيعِ (6)
__________
(1) الشق: شطر الثوب ونصفه. الصديع: الثوب المشقوق إلى نصفين.
(2) الضمير في صدرت: عائد إلى الإبل. القارص: اللبن الحامض.
(3) غاله: أي اغتاله وذهب به. الدموع: الدسم.
(4) الخلة: العوز والفقر والحاجة. الخشوع: الاستكانة وسوء الحال.
(5) نادي الجن: مجلسهم. أسقطت شأوهم: أي أبطلت شوطهم. مستحصد: شوط محكم. ذو مرة: أي ذو إحكام. صروع: نواح.
(6) قوّمت: أي عدلّت. درء: أي اعوجاج وانحراف. ربيع: هو ربيع بن زياد.
(1/55)
________________________________________
متى الفتى يذوق المنايا؟ [الطويل]
وقال يرثي أربداً أخاه:
بَلِينا ومَا تَبلَى النّجومُ الطَّوالِعُ ... وتَبْقَى الجِبالُ بَعْدَنَا والمَصانِعُ (1)
وَقَد كنتُ في أكنافِ جارِ مَضِنّةٍ ... فَفارَقَني جارٌ بأرْبَدَ نَافِعُ (2)
فَلا جَزِعٌ إنْ فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنا ... وكُلُّ فَتى ً يَوْمَاً بهِ الدَّهْرُ فاجِعُ (3)
فَلا أنَا يأتيني طَريفٌ بِفَرْحَةٍ ... وَلا أنا مِمّا أحدَثَ الدَّهرُ جازِعُ (4)
ومَا النّاسُ إلاّ كالدّيارِ وأهْلها ... بِها يَوْمَ حَلُّوها وغَدْواً بَلاقِعُ (5)
ومَا المَرْءُ إلاَّ كالشِّهابِ وضَوْئِهِ ... يَحُورُ رَماداً بَعْدَ إذْ هُوَ سَاطِعُ (6)
ومَا البِرُّ إلاَّ مُضْمَراتٌ منَ التُّقَى ... وَما المَالُ إلاَّ مُعْمَراتٌ وَدائِعُ (7)
ومَا المالُ والأهْلُونَ إلاَّ وَديعَة ٌ ... وَلابُدَّ يَوْماً أنْ تُرَدَّ الوَدائِعُ
وَيَمْضُون أرْسَالاً ونَخْلُفُ بَعدهم ... كما ضَمَّ أُخرَى التّالياتِ المُشايِعُ
ومَا النّاسُ إلاَّ عامِلانِ: فَعامِلٌ ... يتبِّرُ ما يَبْني، وآخَرُ رافِعُ (Cool
فَمِنْهُمْ سَعيدٌ آخِذٌ لنَصِيبِهِ ... وَمِنْهُمْ شَقيٌّ بالمَعيشَة ِ قانِعُ
__________
(1) المصانع: القصور.
(2) مضنة: أي يُضَن به.
(3) الجزع: الخوار لدى المصيبة.
(4) الطارف: المال المستطرف أي الجديد، والماجد أيضاً.
(5) بلاقع: أي قفار.
(6) يحور: أي يصير. ساطع: أي مشتعل.
(7) المعمر: الموضوع وديعة.
(Cool يتبر: يهلك ويخسر. رافع: الذي يشيد ويبني.
(1/56)
________________________________________
أَليْسَ وَرائي، إنْ تَرَاخَتْ مَنيّتي، ... لُزُومُ العَصَا تُحْنَى علَيها الأصابعُ (1)
أُخَبّرُ أخْبارَ القُرُونِ التي مَضَتْ ... أدِبٌ كأنّي كُلّما قُمتُ راكعُ (2)
فأصْبَحْتُ مثلَ السَّيفِ [غَيَّرَ] جَفنَهُ ... تَقَادُمُ عَهْدِ القَينِ والنَّصْلُ قاطعُ (3)
فَلا تَبْعَدَنْ إنَّ المَنيَةَ مَوْعِدٌ ... عَلَيْكَ فَدَانٍ للطُّلُوعِ وطالِعُ (4)
أعاذِلَ ما يُدريكِ، إلاَّ تَظَنِّياً، ... إذا ارْتَحَلَ الفِتْيَانُ مَنْ هوَ راجعُ (5)
تُبَكِّي على إثرِ الشّبابِ الذي مَضَى ... ألا إنَّ أخْدانَ الشّبابِ الرَّعارِعُ (6)
أتَجْزَعُ مِمّا أحْدَثَ الدَّهرُ بالفَتى ... وأيُّ كَريمٍ لمْ تُصِبْهُ القَوَارِعُ (7)
لَعَمْرُكَ ما تَدري الضَّوَارِبُ بالحصَى ... وَلا زاجِراتُ الطّيرِ ما اللّهُ صانِعُ
سَلُوهُنَّ إنْ كَذَّبْتُموني متى الفتى ... يَذُوقُ المَنَايا أوْ متى الغَيثُ واقِعُ

إني رأيتُه بصيراً [الطويل]
وقال يرثيه أيضاً:
يا مَيَّ قُومي في المَآتِمِ وَانْدُبي ... فتىً كانَ ممّن يَبتني المَجدَ أرْوَعَا (Cool
__________
(1) ورائي: أمامي. تراخن: أبطأت وتباعدت.
(2) راكع: بسبب الانحناء لكبر السنّ.
(3) الجفن: الغمد. القين: الحداد. وما بين قوسين يروى بلفظ: [أخلق].
(4) دان للطلوع: أي قريب الأجل.
(5) التظني: والظن والتخمين.
(6) أخدان: جمع: خدن وهو الأخ. الرعارع: هي الأحداث.
(7) القوارع: جمع: قارعة وهي الداهية المصيبة.
(Cool الأروع: الشجاع الشهم.
(1/57)
________________________________________
وَقُولي: ألا لا يُبْعِدِ اللّهُ أرْبَدَا ... وهَدّي بهِ صَدْعَ الفُؤادِ المُفَجَّعَا (1)
عَمِيدُ أُنَاسٍ قَدْ أتَى الدَّهْرُ دونَهُ ... وَخَطُّوا لهُ يوْماً منَ الأرْضِ مضْجَعَا (2)
دَعا أرْبَداً داعٍ مُجيباً فَأسْمَعَا ... وَلمْ يَستَطعْ أنْ يَستَمِرَّ فيَمْنَعَا
وكانَ سَبيلَ النّاسِ، مَن كانَ قَبلَهُ ... وذاكَ الذي أفْنَى إيَاداً وتُبَّعَا
لَعَمْرُ أبيكِ الخَيرِ يا ابنَة َ أرْبَدٍ ... لقَد شفَّني حزُنٌ أصابَ فأوْجَعَا
فِراقُ أخٍ كانَ الحَبيبَ فَفَاتَني ... وَوَلَّى بهِ رَيْبُ المَنُونِ فَأسْرَعَا
فعَيْنَيَّ إذْ أوْدَى الفِراقُ بأرْبَدٍ ... فَلا تَجْمُدَا أنْ تَسْتَهِلاَّ فتَدمَعَا
فتىً ً عارِفٌ للحَقِّ لا يُنكِرُ القِرَى ... ترَى رَفْدَهُ للضَّيفِ ملآنَ مُتْرَعَا (3)
لحَا اللّهُ هَذا الدَّهرَ إنّي رَأيْتُهُ ... بصِيراً بما سَاءَ ابنَ آدَمَ مُولعاً

أنا لبيدٌ [الرجز]
وحين ملك النعمان بن المنذر جاءه وفد من بني عامر فيهم طفيل بن مالك وعامر بن مالك للتسليم عليه، وفداء أسرى من بني عامر كانوا لديه، وكان معهم لبيد، فخلفوه في رحالهم ودخلوا على النعمان، فوجدوا عنده الربيع بن زياد العبسي، وكان أثيراً قد غلب على مجلسه، فلم ينل العامريون حظوة لدى النعمان بسبب كيد ربيع لهم، فعادوا إلى رحالهم بحال سيئة، فلما استخبرهم لبيد عن ذلك قالوا له: خالك -وكانت أم لبيد عبسيّة- قد صدّه عنا ببلاغته وتأثيره؛ فاقترح عليهم لبيد أن يأخذوه معهم لدى عودتهم إلى الملك، وأنّه كفيل بمعارضة ربيع. فدخلوا على النعمان وإذا به هو وربيع يأكلان، فاستأذنه لبيد في الكلام فأذن له، فأنشده قوله:
__________
(1) الصدع: الشقّ في الشيء.
(2) العميد: الرئيس في القوم.
(3) الرفد: القدح العظيم.
(1/58)
________________________________________
لا تَزْجُرِ الفِتْيان عَن سُوءِ الرِّعَه (1)
يا رُبَّ هَيْجَا هيَ خَيرٌ مِنْ دَعَه
يا ابن المُلُوكِ السّادَةِ الهَبَنْقَعَهْ (2)
أنَا لبيدٌ ثمَّ هذي المَنْزَعَهْ (3)
في كُلِّ يَوْمٍ هَامَتي مُقَزَّعَهْ (4)
قانِعةً وَلمْ تَكُنْ مُقَنَّعَهْ (5)
نَحْنُ بَنُو أُمِّ البَنِينَ الأرْبَعَهْ
نَحْنُ خَيرُ عامِرِ بِنِ صَعْصَعَهْ
المُطْعِمونَ الجَفْنَةَ المُدَعْدَعَهْ (6)
والضَّارِبونَ الهَامَ تحتَ الخَيْضَعَهْ (7)
يا واهِبَ المَالِ الجَزيلِ مِنْ سَعَهْ
سُيُوفُ حَقٍّ وَجِفانٌ مُتْرَعَهْ
إلَيْكَ جاوَزْنَا بِلاداً مُسْبِعَهْ (Cool
إذِ الفَلاةُ أوْحَشَتْ في المَعْمَعَهْ
__________
(1) الرعة: حالة الحمق.
(2) الهبنقعه: أهل الزهو والكبرياء.
(3) المنزعة: القوس.
(4) مقزعة: المتساقطة شعرها.
(5) قانعة: أي مغطاة بقناع.
(6) الجفنة: القصعة الكبيرة.
(7) الهام: جمع: هامة، وهي الرأس. الخيضعة: اختلاط الصوت.
(Cool مسبعة: أي تسكنها السباع.
(1/59)
________________________________________
يُخْبِرْكَ عَنْ هذا خَبيرٌ فاسْمَعَهْ
مَهْلاً أبَيْتَ اللّعنَ لا تأكلْ معَهْ
إنَّ اسْتَهُ مِنْ بَرَصٍ مُلَمَّعَهْ (1)
وإنَهُ يُدْخِلُ فِيهَا إصْبَعَهْ
يُدْخِلُها حتى يُواري أشْجَعَهْ (2)
كأنّما يَطْلُبُ شَيئاً ضَيَّعَهْ

من يبسط الله عليه إصبعا [الرجز]
وقال في سلمان الباهلي (وقيل العامري) لما ندبع عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، ليميز الخيل العتاق من الهجن، فدعا بطست ماء فوضعت بالأرض ثم قدم الخيل واحداً إثر واحد فما ثنى سنبكه عده هجيناً وما شرب دون أن يثنيها عده عتيقاً، وذلك لأن أعناق العتاق طويلة وأعناق الهجن قصيرة، وقيل: إن الأرجوزة ليست له.
مَنْ يَبْسُطِ اللّهُ عَلَيْهِ إصْبَعَا (3)
بالخَيرِ والشرِّ بأيِّ أوُلِعَا
يَمْلا لَهُ مِنْهُ ذَنُوباً مُتْرَعَا (4)
وَقَدْ أبَادَ إرَماً وتُبَّعَا
وقَوْمَ لُقْمانَ بنِ عادٍ أخْشَعَا (5)
__________
(1) ملمعة: أي فيها بقع تخالف سائر اللون.
(2) الأشجع: أصل الإصبع.
(3) الإصبع: هنا بمعنى الفعل المذكور والأثر الحسن.
(4) الذنوب: الدلو المملوءة. المترع: المملوء.
(5) أخشع: أذل وأخضع.
(1/60)
________________________________________
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ثلاثون صفحة من (ديوان لبيد) (2)..
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ثلاثون صفحة من (ديوان لبيد) (1)..
» ثلاثون صفحة من (ديوان لبيد) (3)..
» ثلاثون صفحة من (ديوان لبيد) (4)..
» ما تبقى من (ديوان لبيد) (5)..
» ثلاثون سبب للسعادة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المكتبه العامه ومنتدى الحصاحيصا التوثيقى :: مكتبة الحصاحيصا العامه-
انتقل الى: