هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ما تبقى من (ديوان لبيد) (5)..

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ناجي جندي

ناجي جندي



ما تبقى من (ديوان لبيد) (5).. Empty
مُساهمةموضوع: ما تبقى من (ديوان لبيد) (5)..   ما تبقى من (ديوان لبيد) (5).. Icon_minitime1السبت 31 أغسطس 2013 - 11:38

لا تأْمُرِيني أنْ أُلامَ فإنَّني ... آبَى وأكْرهُ أمْرَ كلِّ مُليمِ
أوَلَمْ تَرَيْ أنَّ الحوادثَ أهلكتْ ... إرَماً ورامَتْ حِمْيَراً بِعَظِيمِ
لو كان حيٌّ في الحياةِ مُخَلَّداً ... في الدهر ألْفَاهُ أبُو يَكْسُومِ (1)
والحارِثانِ كلاهُما وَمُحَرِّقٌ ... والتُّبَّعَانِ وفارسُ اليَحْمُومِ
والصَّعْبُ ذو القرنين أصبَحَ ثاوياً ... بِالحِنْوِ في جدَثٍ، أُمَيْمَ، مُقيمِ (2)
وَنَزَعْنَ من داودَ أحسنَ صُنعِهِ ... ولقَد يَكونُ بِقُوَّة ٍ وَنَعيمِ
صَنَعَ الحديدَ لِحِفْظِهِ أسْرَادَهُ ... لِينَالَ طُولَ العيشِ، غَيْرَ مَرُومِ (3)
فكأنَّما صادفْنَهُ بِمُضِيعَةٍ ... سَلَماً لهنَّ بواجِبٍ مَعْزُومِ (4)
فَدَعِي الملامةَ وَيْبَ غيرِكِ إنَّهُ ... ليسَ النّوالُ بِلَوْمِ كلِّ كريمِ
ولقَد بَلَوْتُكِ وابْتَلَيْتِ خَلِيقَتي ... ولقَد كفَاكِ مُعَلِّمي تَعْليمي (5)
وَعَظيمةٍ دافَعْتُهَا فَتَحولَّتْ ... عنِّي فَلَمْ أدْنَس وَصَحَّ أديمي (6)
في يومِ هَيْجَا فاصطَليتُ بِحَرِّها ... أوْ في غَدَاةِ تَحَافُظٍ وَخُصُومِ
وَمُبَلِّغٍ يَوْمَ الصُّرَاخِ مُنَدِّدٍ ... بِعِنَانِ دَاميةِ الفُروج كَلِيمِ (7)
فرَّجتُ كُرْبَتَهُ بِضَرْبَةِ فَيْصَلٍ ... أو ذاتِ فَرْغٍ بالدِّماءِ رَذُومِ (Cool
__________
(1) أبو يكسوم: أحد ملوك الحبشة.
(2) الصعب: هو المنذر بن ماء السماء. الحنو: اسم لموضع. الجدث: القبر.
(3) الأسراد: جمع: سرد، وهو العمل والشغل.
(4) مضيعة: أي ضَيْعة. معزوم: أي حق.
(5) الخليقة: الطبيعة.
(6) الأديم: البشرة أو الجلد، وصح أديمي كناية عن عدم وجود عيب فيه.
(7) المبلغ: الرجل الذي يبلغ قومه بما حدث. مندد: المطوّل في صوته.
(Cool القيصل: السيف القاطع. الفرغ: الطعنة الواسعة. رذوم: أي يسيل دمها ويقطر.
(1/121)
________________________________________
أوْ عازبٍ جادَتْ عَلى أرْوَاقِهِ ... خَلْقَاءُ عاملة ٌ وَرَكْضُ نُجُومِ (1)
مَرَتِ الجنوبُ لَهُ الغَمامَ بوابلٍ ... وَمُجَلْجَلٍ قَرِدِ الرَّبَابِ مُدِيمِ
حتَى تَزَيَّنَتِ الجِواءُ بِفَاخِرٍ ... قَصِفٍ، كألوانِ الرِّحَال، عَميمِ (2)
هَمَلٌ عَشَائِرُهُ على أوْلادِهَا ... من راشحٍ مُتَقَوِّبٍ وَفَطِيمِ (3)
أُدْمٌ مُوَشَّمَةٌ وَجُونٌ خِلْفَةً ... وَمَتى تَشأْ تَسْمَعْ عِرَارَ ظَلِيمِ (4)
بِكَثيبِ رابيةٍ قليلٍ وَطْؤهُ ... يعتادُ بَيْتَ مُوَضَّعٍ مَرْكُومِ (5)
وَيَظَلُّ مُرْتَقِباً يُقَلِّبُ طَرْفَهُ ... كعريشِ أهل الثَّلَّةِ المَهْدُومِ (6)
باكَرْتُ في غَلَسِ الظَّلامِ بِصُنْتُعٍ ... طِرْفِ كَعَالِية القَنَاةِ سَليمِ (7)
ولقَد قَطَعْتُ وَصِيلةً مَجْرُودَةً ... يَبْكِي الصَّدَى فيها لِشَجْوِ البُومِ (Cool
بِخَطِيرةٍ تُوفي الجديلَ سَرِيحَةٍ ... مِثْلِ المَشُوفِ هَنَأْتَهُ بعَصِيمِ (9)
__________
(1) العازب: المكان البعيد. الأرواق: جمع: روق وهو الجانب. الخلقاء: هي السحابة التي لا فرجة فيها.
(2) الجواء: الأماكن المتطامنة. الرحال: الطنافس. العميم: الكثير الملتف.
(3) همل: أي مهملة. العشائر: كل ما يرتاد ذلك النبات من ظباء وبقر. الراشح: أي الراضع. المتقوّب: الصغير الذي أخذ زغبه يتطاير عنه.
(4) أدم: أي بيض. خلفة: أي تذهب وتجيء. العرار: صوت ذكر النعام.
(5) الكثيب: الرابية من الرمل، والرابية: كل ما ارتفع من الأرض. موضذع: يراد به البيض الذي يوضع في ذلك المكان. المركوم: المتكدس.
(6) الثلة: القطيع من الضأن.
(7) الصنتع: يريد فرسه ويصفه بأنه ذو رأس صغير.
(Cool الوصيلة: هي الصحراء الموصولة بالأخرى. مجرودة: لا نبات فيها. الصدى: الطائر.
(9) الجلالة: العظيمة الضخمة. الجديل: الزمام. سريحة: سريعة سهلة. المشوف: البعير المطلي بالقطران. العصيم: القطران.
(1/122)
________________________________________
أُجُدِ المَرَافِقِ حُرَّةٍ عَيْرَانةٍ ... حَرَجٍ، كَجَفنِ السيفِ، غيرِ سؤومِ (1)
تَعْدُو إذا قَلِقَتْ عَلى مُتَنَصِّبٍ ... كالسَّحْلِ في عاديَّةٍ دَيْمُومِ (2)
سَبْطٍ كأعناقِ الظِّباء إذا انْتَحَتْ ... ينسَلُّ بين مَخَارِمٍ وَصَرِيمِ (3)
يَهْوِي إلى قَصَبٍ كأنَّ جِمَامَهُ ... سَمَلاتُ بَوْلٍ أُغْلِيَتْ لِسَقِيمِ (4)
وجناءُ تُرْقِلُ بَعْد طُول هِبَابِها ... إرقالَ جأْبٍ مُعْلَمٍ بِكُدُومِ (5)
جَوْنٍ تَرَبَّعَ في خَلَى وَسْمِيَّةٍ ... رَشَفَ المناهِلَ، ليس بالمظلُومِ (6)

كمّا أتاني [الطويل]
وقال يرثي الطفيل، ولعلّ المرثي هنا هو عمّه الطفيل بن مالك:
لَمّا أتَانِي عَنْ طُفَيْلٍ وَرَهْطِهِ ... هُدُوءاً فباتَتْ غُلَّة ُفي الحَيَازِمِ (7)
__________
(1) حرة: أي كريمة حسنة. عيرانة: سريعة الوثب خفيفة. الجرح: هي الطويلة عى الأرض أو الضامرة. غير سؤوم: أي غير ملولة للسير.
(2) قلقت: أي خفّت وعجلت. والمتنصب: الطريق الطويل. السحل: الثوب الخلق. العادية: الصحراء أو المفازة. الديموم: أي الدائمة.
(3) المخارم: جمع: مخرم، وهو مقطع أنف الجبل.
(4) القصب: المساقي التي تجري فيها المياه إلى الأودية. الجمام: مجتمع الماء. السملات: بقايا البول.
(5) وجناء: أي ذات وجنتين عظيمتين. ترقل: أي تمشي مشياً لا خَبَبَ فيه. الهباب: النشاط والحركة. الكدوم: العض.
(6) الخلى: الحشيش. رشف: أي شرب. المناهل: المساقي.
(7) أتى هدوءاً: أي بعد نومه. الغلة: حرارة الحزن. الحيازم: جمع: حيزوم، وهو ضلع الصدر.
(1/123)
________________________________________
دَرَى باليَسَارَى جَنَّةً عَبْقَرِيَّةً ... مُسَطَّعَةَ الأعنَاقِ بُلْقَ القَوَادِمِ (1)
نَشِيلٌ منَ البيضِ الصوارم بَعْدَما ... تَفَضَّضَّ عن سِيلَانِهِ كلُّ قَائِمِ (2)
كميشُ الإزارِ يَكْحَلُ العَيْنَ إثْمِداً ... سُرَاهُ، وَيُضْحِ مُسْفِراً غَيرَ وَاجِمِ (3)

بكَتْنا أرضُنا [الوافر]
وأنشد لبيد لمّا فارق بنو جعفر قومهم بعد أن قتل منيع مرّة بن طريف:
بَكَتْنَا أرْضُنَا لمَا ظَعَنّا ... وحَيَّتنَا سُفَيْرَةُ والغَيَامُ (4)
مَحَلُّ الحيِّ إذْ أمْسَوْا جميعاً ... فأمْسَى اليومَ ليس بِه أنَامُ
أنِفْنَا أنْ تَحُلَّ بهِ صُدَاءٌ ... وَنَهْدٌ بَعْدَما انسلخَ الحَرَامُ
ولو أدْرَكْنَ حيَّ بني جَرِيٍّ ... وتيمَ اللاتِ نفِّرَتِ البِهَامُ (5)
بكلِّ طِمِرَّةٍ وأقَبَّ نَهْدٍ ... يَفِلُّ غُرُوبَ قارِحِهِ اللِّجَامُ (6)
وكلِّ مُثّقَّفٍ لَدْنٍ وَعَضْبٍ ... تُذَرُّ على مَضَارِبهِ السِّمامُ
__________
(1) درى: أي ختل. اليسارى: اسم مكان. مسطعة: أي موسومة. بلق: جمع: أبلق، وهو ما فيه بياض.
(2) نشيل: سيف خفيف رقيق. تفضض: تكسّر وتفرّق.
(3) كميش الإزار: أي مشمّر. الإثمد: نوع من أنواع الكحول أسود كثيراً. مسفراً: أي ذو وجه مشرق. الواجم: من علا وجهه بؤس وعبوس.
(4) سفيرة والغيام: هضبتان قيل: إنهما بالشام.
(5) البهام: أولاد المعزى والضأن.
(6) الأقبّ: الفرس الضامر. النهد: من الخيل ذو الجسم المشرف. غروب الأسنان: أطرافها. القارح: من أسنان الفرس خلف رباعيَّتَيْه.
(1/124)
________________________________________
يُكَسِّرُ ذابلَ الطَّرْفاءِ عنها ... بجَنْبِ سُوُيْقَةَ النَّعَمُ الرُّكَامُ (1)

لنا مَنْسَرٌ صَعْبُ المقادةِ ... [الطويل]
وقال لبيد بعد عودة بني جعفر من ديار بني الحارث بن كعب ونزولهم على حكم جوّاب الكلابي:
عفَا الرَّسْمُ أمْ لا، بَعْدَ حَوْلٍ تَجَرَّمَا ... لأسْماءَ رَسْمٌ كالصَّحِيفَةِ أعْجَمَا (2)
لأسماءَ إذْ لمّا تَفُتْنَا دِيَارُهَا ... ولم نَخْشَ مِنْ أسْبابِهَا أنْ تَجَذَّمَا
فَدَعْ ذا وَبَلِّغْ قَوْمَنَا إنْ لَقِيتَهُمْ ... وهل يُخْطِئنَ اللومُ منْ كانَ ألْوَما (3)
مَوَالِيَنَا الأحْلافَ عَمْرَو بنَ عامرٍ ... وآلَ الصموتِ أنْ نُفَاثَةُ أحْجَمَا
كلا أخَوَيْنَا قَدْ تَخَيَّرَ مَحْضراً ... من المُنْحَنَى مِنْ عَاقِلٍ ثمَّ خَيَّمَا
وَفَرَّ الوحيدُ بَعْدَ حَرْسٍ وَيَوْمِهِ ... وحَلَّ الضِّبابُ في عليٍّ بنِ أسْلَما (4)
وودَّعَنا بالجَلْهَتَيْنِ مُسَاحِقٌ ... وصاحَبَ سيّارٌ حِماراً وَهَيْثَما (5)
وَحَيَّ السَّوَاري إنْ أقُولُ لِجَمْعِهِمْ ... على النأْيِ إلاَّ أنْ يُحَيَّا وَيَسْلَمَا
فلمّا رأيْنَا أنْ تُرِكْنَا لأمْرِنَا ... أتيْنَا التي كانَتْ أحَقَّ وَأكْرَما
وقُلْنا انتظارٌ وائتِمَارٌ وَقُوَّةٌ ... وَجُرْثُومَةٌ عاديَّةٌ لَنْ تَهَدَّمَا
__________
(1) السويقة: اسم لموضع باليمامة. النعم الركام: أي الضخم الكثير.
(2) تجرّم: أي انقضى وذهب. كالصحيفة: أي مستوياً ومَلْساً.
(3) الألوم: الذي يجر اللوم على نفسه.
(4) الوحيد: قوم من بني كعب بن عامر بن كلاب. حرس: اسم جبل في ديار بني عبس. الضباب: من بني كلاب بن ربيعة. علي بن أسلم: قبائل كنانة.
(5) الجهلتان: طرفا الوادي وجهتاه.
(1/125)
________________________________________
بحمدِ الإلَهِ ما اجْتَبَاهَا وأهْلَهَا ... حميداً، وقبلَ اليوم مَنَّ وَأنْعَمَا
وقُل لابنِ عمرٍو ما ترى رَأْيَ قَوْمِكمْ ... أبا مُدْرِكٍ لَوْ يَأْخُذُونَ المُزَنَّما
وَنَحْنُ أُناسٌ عُودُنَا عُودُ نَبْعَةٍ ... صَليبٌ إذا مَا الدهرُ أجشَم مُعظِمَا (1)
وَنَحْنُ سَعَيْنا ثمّ أدْرَكَ سَعْيَنَا ... حُصَيْنُ بنُ عَوْفٍ بعدما كانَ أشْأَما
وفكَّ أبَا الجَوَّابِ عمرُو بنُ خالدٍ ... وما كانَ عَنْهُ ناكِلاً حيثُ يَمَّمَا
وَيَوْمَ أتَانا حيُّ عُرْوَةَ وابنِه ... إلى فاتكٍ ذي جُرْأةٍ قَدْ تَحَتَّمَا
غَدَاةَ دَعَاهُ الحَارِثانِ وَمُسٍهِرٌ ... فَلاقَى خَلِيجاً واسعاً غَيْرَ أخْرَما (2)
فإن تذكروا حُسنَ الفُرُوضِ فإنَّنَا ... أبَأْنَا بأنواح القُرَيْطَين مَأتَمَا
وإمّا تَعُدُّوا الصالِحاتِ فإنَّني ... أقُولُ بها حتى أمَلَّ وأسْأمَا
وإنْ لم يَكنْ إلا القِتَالُ فإنَّنَا ... نُقاتِلُ مَنْ بين العَرُوضِ وَخَثْعَمَا (3)
أبى خَسْفَنَا أنْ لا تَزَالُ رُوَاتُنَا ... وأفراسُنَا يَتْبَعْنَ غَوْجاً مُحَرَّمَا (4)
يَنُبْنَ عَدُوّاً أوْ رَوَاجعَ منهُمُ ... بَوَانيَ مَجْداً أو كَوَاسبَ مَغْنَمَا
وَإنّا أُناسٌ لا تَزَالُ جيَادُنَا ... تَخُبُّ بأعْضَاد المَطيِّ مُخَدَّمَا
تَكُرُّ أحَاليبُ اللَّديد عَلَيْهمُ ... وَتُوفى جِفانُ الضَّيْف مَحْضاً مُعَمَّما (5)
لَنَا مَنْسَرٌ صَعْبُ المَقَادَة فَاتِكٌ ... شُجَاعٌ إذا ما آنسَ السِّرْبَ ألْجَمَا
__________
(1) النبعة: الخشب الصلب. أجشم: كلف المشقّة. المعظم: من يرمي بالعظائم.
(2) الخليج: الجفنة. الأخرم: المشقوق.
(3) بين العروض وخثعم: أي بين مكة واليمن.
(4) الخسف: الحيف والظلم. الرواة: القائمون على الخيل. الغوج: ذو الأعطاف اللينة من الخيل. المحرم: الصعب.
(5) الأحاليب: جمع: حلابة، وهي ما يجمع الحليب حين تكون الإبل في المرعى. المحض: اللبن الخالص. المعمم: الأبيض.
(1/126)
________________________________________
نُغيرُ بهِ طَوْراً وطوراً نَضُمّهُ ... إلى كُلِّ مَحبوك من السَّرْو أيْهَمَا (1)
وَنَحْنُ أزَلْنَا طيِّئاً عَنْ بلاَدنَا ... وَحلْفَ مُرَادٍ منْ مَذَانب تَحْتمَا
ونَحْنُ أتَيْنَا حَنْبَشاً بابن عَمِّه ... أبا الحصن إذْ عافَ الشَّرَابَ وأقْسَمَا
فأبْلِغْ بَني بكرٍ إذا مَا لَقيتَهَا ... عَلى خَيرَ ما يُلْقَى به مَنْ تَزَغَّمَا (2)
أبُونَا أبُوكُمْ والأواصِرُ بَيْنَنَا ... قريبٌ، ولم نَأْمُرْ مَنيعاً ليَأْثَمَا (3)
فإن تَقْبلُوا المعْرُوفَ نَصبرْ لحَقِّكُمْ ... ولن يَعدَمَ المعروفُ خُفّاً وَمَنْسِمَا (4)
وإلاّ فَمَا بالمَوت ضُرٌّ لأهْله ... ولم يُبْقِ هذا الدهرُ في العَيْش مَنْدَمَا

لمّا دعاني ... أَبَيْتُ [الطويل]
وأنشد أيضاً في المنافرة بين عامر وعلقمة:
لمَا دَعَاني عَامِرٌ لأسُبَّهُمْ ... أبَيْتُ وَإنْ كان ابنُ عَيْساءَ ظَالمَا (5)
لكَيْمَا يكونَ السَّنْدَريُّ نَديدَتي ... وأجْعَلَ أقواماً عُمُوماً عَمَاعمَا (6)
وَأنْبُشَ منْ تَحْتِ القُبُورِ أُبُوَّةً ... كراماً هُمُ شَدُّوا عليَّ التَّمَائِمَا (7)
لَعِبْتُ على أكْتافِهِمْ وَحُجُورِهمْ ... وليداً وسَمَّوْني مُفيداً وَعَاصِمَا
__________
(1) المحبوك: الجيش المدمج المجتمع. السرو: جبل اليمن. أيهم: أي أعمى.
(2) التزغّم: حنين خفي يشبه حنين الفصيل.
(3) منيع: هو منيع بن عروة قاتل مرة بن طريف.
(4) الخف: يقال للبعير. والمنسم: طرف الخفّ والحافر.
(5) عامر: هو الشاعر عامر بن الطفيل. ابن عيساء: هو السندري وعيساء أمه.
(6) النديدة: المثل أو الشبه. العموم: جمع: عم. العمائم: الجماعات.
(7) التمائم: جمع: تميمة، وهي ما يعلق على الطفل من عوذة.
(1/127)
________________________________________
بَلَى: أيُّنَا ما كانَ شرّاً لمالكٍ ... فَلا زالَ في الدُّنيا مَلُوماً ولائِمَا

ألا ذهبَ المحافظ والمحامي [الوافر]
وقال يرثي أخاه أربد:
ألاَ ذَهَبَ المُحافِظُ والمُحامِي ... وَمَانعُ ضَيْمِنَا يَوْمَ الخِصَامِ
وأيْقَنْتُ التَّفَرُّقَ يَوْمَ قالوا ... تُقُسِّمَ مَالُ أرْبَدَ بالسِّهامِ
وأرْبَدُ فارسُ الهَيْجَا إذا ما ... تَقَعَّرَتِ [المَشاجِرُ] بِالْخِيَامِ (1)
تَطِيرُ عَدَائِدُ الأشْرَاكِ شَفْعاً ... وَوِتْراً والزَّعَامَةُ لِلْغُلامِ (2)
كأنَّ هِجانَهَا، مُتَأبِّضَاتٍ ... وفي الأقْرَانِ، أصْوِرَةُ الرُّعامِ (3)
وَقَدْ كان المُعصَّبُ يَعْتَفِيهَا ... وَتُحْبَسُ عِنْدَ غاياتِ الذِّمامِ
على فَقْدِ الحَرِيبِ إذا اعْتَرَاها ... وعند الفضْلِ في القُحَمِ العِظَامِ
خُبَاسَاتُ الفوارسِ كلَّ يومٍ ... إذا لم يُرْجَ رِسْلٌ في السَّوَامِ (4)
__________
(1) تقعّرت: أي تقوّضت. المشاجر: هي الخشب التي توضع علها الأقنعة. وما بين قوسين يروى بلفظ: [المغائم [، والمغائم جمع: مغأم: وهو وطاء يكون أسفل من الهودج.
(2) العدائد: الأنصباء. الأشراك: جمع: شريك. شفعاً: أي مثنى مثنى. ووتراً: أي مفرداً.
(3) الهجان: الإبل الكريمة. متأبضات: أي مشدودات بحبال إلى اليد. الأقران: الحبال. الأصورة: جمع: صوار وهو القطيع من الدواب. الرعام: المخاط.
(4) خباسات: جمع: خباسة، وهي الغنيمة. الرِسْل: اللين. السوام: الدواب والمواشي التي ترعى.
(1/128)
________________________________________
إذا ماتَعْزُبُ الأنعامُ راحَتْ ... عَلى الأيْتَام والكَلِّ العِيَام (1)
فَيَحْمَدُ قِدْرَ أرْبَدَ مَنْ عَرَاهَا ... إذا ما ذُمَّ أرْبَابُ اللِّحامِ
وجَارَتُهُ إذا حلَّتْ إليْهِ ... لها نَفَلٌ وَحَظٌّ في السَّنَامِ
فإنْ تَقَعُدْ فَمُكْرَمَةٌ حَصَانٌ ... وإن تَظْعَنْ فَمُحْسِنَة ُ الكَلامِ (2)
وإنْ تَشْرَبْ فنِعم أخُو النَّدامى ... كريمٌ ماجدٌ حُلْوُ النِّدامِ
وفتيانٍ يَرَوْنَ المجدَ غُنْماً ... صَبَرْتَ لحقِّهِم لَيْلَ التَّمامِ
وإنْ بَكَرُوا غَدَوْتَ بمسمعِاتٍ ... وأدْكَنَ عاتقٍ جَلْدِ العِصَامِ (3)
له زَبَدٌ على الناجُودِ وَرْدٌ ... بماءِ المُزْنِ مِن رِيقِ الغَمَامِ (4)
إذا بَكَرَ النساءُ مُرَدَّفَاتٍ ... حَوَاسَرَ لا يُجِئْنَ على الخِدَامِ
يُرَيْنَ عَصَائِباً يَرْكُضْنَ رَهْواً ... سَوابِقُهُنَّ كالرَّجْلِ القِيَامِ (5)
كأنَّ سِرَاعَهَا مُتَوَاتِرَاتٍ ... حَمَامٌ باكِرٌ قَبْلَ الحَمَامِ
فَوَاءلُ يَوْمَ ذلك مَنْ أتَاهُ ... كما وَألَ المُحِلُّ إلى الحَرَامِ (6)
بضربةِ فيصلٍ تَرَكَتْ رئيساً ... على الخدَّينِ يَنْحطُ غَيْرَ نَامِ
__________
(1) تعزب: أي تبعد عن المرعى. الكلل: العيال. العيام: جمع: عيمان، وهو الذي يشتهي اللبن.
(2) حصان: أي عفيفة. محسنة الكلام: أي تثني ثناءً حسناً.
(3) المسمعات: المغنّيات. العاتق: الزق الذي تعتعق فيه الخمرة. العصام: الرباط الذي يشد به رأس الزق.
(4) الناجود: الخمرة أو أول ما يزل منها. ريق الغمام: أول مطره.
(5) عصائب: جمع: عصابة، وهي الفرقة من الخيل. رهواً: أي متتابعاً. الرَّجْل: الرجال.
(6) وأل: أي فاز ونجا. المُحِلّ: الرجل المحل. الحرام: يريد البيت الحرام.
(1/129)
________________________________________
وكُلِّ فَرِيغَةٍ عَجْلَى رَمُوحٍ ... كَأنَّ رَشَاشَهَا لَهَبُ الضِّرامِ (1)
تَردُّ المرءَ قَافِلَةً يَدَاهُ ... بعامِلِ صَعْدَةٍ والنَّحْرُ دامي (2)
فودِّعْ بالسَّلام أبَا حُزَيز ... وقَلَّ وَدَاعُ أرْبَدَ بالسَّلامِ
يُفَضِّلُهُ شتاءَ الناسِ مَجْدٌ ... إذا قُصِرَ الستورُ على البِرَامِ (3)
فَهَلْ نُبِّئتَ عَنْ أخَوَيْنِ دَاما ... على الأيّام إلاَّ ابْنَي شَمَامِ
وإلاَّ الفَرْقَدَيْنِ وآلَ نَعْشٍ ... خَوَالِدَ ما تَحَدَّثُ بانْهِدَامِ
وكنتَ إمَامَنا وَلَنَا نِظَاماً ... وكان الجَزْعُ يُحْفَظُ بالنِّظَامِ (4)
وَلَيْسَ الناسُ بَعْدَكَ في نَقيرٍ ... ولا هُمْ غَيْرُ أصْدَاءٍ وَهَامِ (5)
وإنَّا قَدْ يُرَى ما نَحْنُ فيه ... وَنُسْحَرُ بالشرابِ وبالطعامِ
كما سُحِرَتْ بِه إرَمٌ وعَادٌ ... فأضْحَوْا مثْلَ أحْلامِ النِّيامِ

إن تُمْسِ فينا [الرجز]
اعتدى عامر بن الطفيل على قراء بعث بهم الرسول إلى بني عامر ليفقهوهم في الدين وذلك هو يوم بئر معونة، فقتلهم أجمعين، وكانوا في جوار عمّه أبي براء ملاعب الأسنّة؛ فاغتمّ أبو براء؛ لأن عامراً أخفر ذمّته؛ ثم أخذ بنو عامر يرتحلون من مواطنهم دون أمر أبي
__________
(1) الفريغة: الطعنة. عجلى: سريعة الإخراج للدبر. رموح: أي يرمح دمها. القلوس: التي تقلس الدم، أي تدفعه.
(2) قافلة: أي يابسة. العامل: أعلى الرمح أو القنا. الصعدة: الرمح أو القناة.
(3) البرام: جمع: برمة، وهي آنية الطعام.
(4) النظام: هو الخيط الذي ينظم فيه اللؤلؤ. الجزع: الخرز.
(5) النقير: النقرة خلف النواة. أصداء: نوع من أنواع الطير.
(1/130)
________________________________________
براء فلمّا سأل عن ذلك قيل له: يزعمون أنه قد عرض لك عائض في عقلك؛ فحزن لهذه الكلمة ودعا لبيداً ودعا قينتين له فشرب وغنّتاه، وقال للبيد: إن حدث بعمك حدث ما كنت قائلاً؟ فإن قومك يزعمون أن عقلي قد هب والموت خير من عزوب العقل؛ فأنشأ لبيد هذه الأرجوزة، وقيل: إن أبا براء لما أثقله الشراب اتكأ على سيفه وقتل نفسه:
يا عامرَ بنَ مالكٍ يا عَمّا
أهْلكْتَ عمّاً وأعَشْتَ عَمّا
إن تُمْسِ فِينَا خَلَقاً رِمَمّا (1)
فقد تَكونُ واضحاً خِضَمّا (2)
مُرْتدياً سابِغةً مُعْتَمّا (3)
مُتَّخِذاً أرْضَ العَدُوِّ حَمّا
__________
(1) خلقاً: أي بالياً. رمماً: أي كالرمّة الخرقاء.
(2) الواضح: الأبيض الصافي. الخِصمّ: صفة للبحر في كرمه وسخائه.
(3) السابغة: الدرع الواسعة. معتماً: أي لابساً العمامة.
(1/131)
________________________________________
حرف النون

درس المنا بمُتالعٍ [الكامل]
وأنشد ذات مرة:
دَرَسَ المَنَا بمُتَالِعٍ فأبَانِ ... وَتَقَادَمَتْ بالحُبْسِ فالسُّوبَانِ (1)
فنعافِ صارةَ فالقَنَانِ كأنَّها ... زُبُرٌ يُرجِّعها وليدُ يَمَانِ (2)
مُتَعَوِّدٌ لَحِنٌ يُعيدُ بِكَفِّهِ ... قَلَمَاً على عُسُبٍ، ذَبُلْنَ، وَبانِ (3)
أو مُسْلَمٌ عَمِلَتْ له عُلْوِيَّةٌ ... رَصَنَتْ ظُهُورَ رَوَاجِبٍ وَبَنَانِ (4)
لِلْحَنْظَلِيّةِ أصْبَحَتْ آياتُهَا ... يَبْرُقْنَ تحتَ كَنَهْبُل الغُلّانِ (5)
خَلَدَتْ ولم يَخْلُدْ بها مَنْ حَلَّها ... وَتَبَدَّلتْ خَيْطاً من الأُحْدَانِ (6)
__________
(1) المنا: اسم لمنزل. أبان والحٌبْس: جبلان يقعان بالبادية. السوبان: وادٍ يمر بديار بني تميم.
(2) النعاف: رؤوس الأودية. صارة والقنان: جبلان يقعان في ديار بني فقعس. زُبُر: أي كتب.
(3) لحٍنٌ: أي فَطِنٌ. العسب: سعف النخل.
(4) علوية: امرأة من عالية. رصنت: أي وشمت. الرواجب: قصب الكف.
(5) يبرقن: يلحن. كنهبل: شجر عظام. الغلّان: أودية الشجر.
(6) الخيط: جماعة النعام. الأحدان: المتفرقة واحداً واحداً.
(1/132)
________________________________________
والخَاذِلاتُ مَعَ الجآذِرِ خِلْفَةً ... والأُدْمُ حانيةٌ مَعَ الغِزْلانِ
فصَددْتُ عَنْ أطْلالِهنَّ بجَسْرَةٍ ... عَيْرَانَة ٍ كالعَقْرِ ذِي البُنْيانِ (1)
فقَدَرْتْ للْوِرْدِ المُغَلِّسِ غُدْوَةً ... فَوَرَدْتَ قَبْلَ تَبَيُّنِ الألْوانِ
سُدُماً قَديماً عَهْدُهُ بأنيسِهِ ... مِنْ بينِ أصْفرَ ناصعٍ ودِفَانِ (2)
فَهَرَقْتُ أذْنِبَةً على مُتَثَلِّمٍ ... خَلقٍ بِمُعْتَدِلٍ منَ الأصْفَانِ (3)
فتَغمَّرَتْ نَفساً وَأدْركَ شَأْوُهَا ... عُصَبَ القَطا يَهْوِينَ للأذْقانِ (4)
فثنيتُ كفّي والقرابَ ونُمْرُقي ... ومكانَهُنَّ الكورُ والنِّسْعَانِ (5)
كسَفينَة ِ الهنديِّ طابقَ دَرْءَهَا ... بسَقائفٍ مَشْبُوحَةٍ وَدِهَانِ (6)
فالتَامَ طائقُها القديم فأصْبَحَتْ ... ما إنْ يُقَوِّمُ دَرْءَهَا رِدْفَانِ (7)
فكأنَّها هي يَوْمَ غِبِّ كَلاَلِهَا ... أوْ أسْفَعُ الخدّيْنِ شاةُ إرَانِ (Cool
حَرِجٌ إلى أرْطَاتِهِ، وتَغَيَّبَتْ ... عنْهُ كواكبُ ليلةٍ مِدْجَانِ (9)
__________
(1) الجسرة: الناقة الضخمة. عيرانة: العير في نشاطها. العقر: القصر.
(2) السدم: الماء القديم الذي لم يُسْتَق منه. دفان: أي مندفن.
(3) هرقت: أي صببت. أذنبة: دلاءً. خلق: أي دارس. الأصفان: السفر.
(4) تغمرت: أي شربت قليلاً. شأوها: سيرها.
(5) القراب: غلاف السيف. الفتان: غشاء للرحل من أدم. النمرق: الوسادة. الكور: الرحل وأداته.
(6) طابق: أي أحكم عملها. الدرء: العيب.
(7) الطائق: الفرجة بين خشبتين. درؤهما: اعوجاجها. ردفان: ملاحان.
(Cool كلالها: إعياؤها. الأسفع: ما قيه سواد ضارب إلى الحمرة. الإران: النشاط.
(9) جرح: أي مضطر إليها. الأرطاة: شجرة.
(1/133)
________________________________________
يَزَعُ الهَيَامُ عن الثَّرى، وَيَمُدُّهُ ... بُطْحٌ تَهَايُلُهُ على الكُثْبانِ (1)
فَتَدارَكَ الإشراقُ باقيَ نَفْسِهِ ... مُتَجَرِّداً كالمائح العُرْيَانِ
لَوْ كانَ يَزْجُرُها لَقَدْ سَنَحتْ له ... طَيْرُ الشِّياحِ بِغَمْرَةٍ وطِعَانِ (2)
فَعَدَا على حَذَرٍ مُوَرَّثُ عُدَّةٍ ... يَهْتَزُّ فَوْقَ جَبِينِهِ رُمْحَانِ
حتّى أُشِبَّ له ضِرَاءُ مُكَلِّبٍ ... يَسْعَى بهنَّ أقَبُّ كالسِّرحانِ
فَحَمَى مَقَاتِلَهُ وذادَ بِرَوْقِهِ ... حَمْيَ المُحارِبِ عَوْرَةَ الصُّحْبَانِ (3)
شَزْراً على نَبْضِ القلوب وَمُقْدِماً ... فَكأنَّما يَخْتَلُّهَا بِسِنَانِ (4)
حتّى انجلَتْ عَنْهُ عَمَايَة ُ نَفْرِهِ ... فكأنَّ صَرْعَاها ظُرُوفُ دِنَانِ (5)
فاجتازَ مُنْقَطَعَ الكثيبِ كأنَّهُ ... نِصْعٌ جَلَتْهُ الشمسُ بَعْدَ صِوانِ (6)
يَمْتَلُّ مَوْفوراً وَيَمْشِي جانِباً ... رَبَذاً يُسَلَّى حاجَةَ الخَشْيَانِ (7)
أفَذَاكَ أمْ صَعْلٌ كأنّ عِفَاءَهُ ... أوزاعُ ألقَاءٍ على أغْصَانِ
يُلْقِي سَقِيطَ عِفَائِهِ مُتَقَاصِراً ... للشدِّ عَاقِدَ مَنْكِبٍ وَجِرَانِ (Cool
__________
(1) يزع: أي يحبس ويمفّ. الهيام: هو الرمل الذي ينهار ولا يتماسك. الثرى: الرمل الندي. بُطْح: جمع: أبطح، وهو مكان سهل لين.
(2) سنحت: أي عرضت له عن يساره إلى يمينه. طير الشياح: يريد القتال. الغمرة: الشدة والمصيبة والكرب.
(3) مقاتله: مراق بطنه وخصره. ذاد: أي دافع. الروق: القرن. العورة: الثغرة المنكشفة.
(4) شزراً: أي طعناً من الجانب. يختل: يطعن ويشك.
(5) عماية نفره: ما ألبسه من الفزع الذي عمى عليه أمره.
(6) النصع: الثوب الأبيض الخالص. الصوان: العيبة التي تصان فيها الثياب.
(7) ربذاً: أي سريعاً. يسلي: أي يطرح ويسهل.
(Cool السقيط: ما سقط من ريشه. الجران: باطن الحلق. عاقد المنكب: أي قابضه.
(1/134)
________________________________________
صَعْلٌ كَسَافِلَةِ القَنَاةِ وَظِيفُهُ ... وكأنَّ جُؤْجُؤهُ صَفِيحُ كِرَانِ (1)
كَلِفٌ بعارِيَةِ الوَظِيفِ شِمِلَّةٍ ... يَمْشِي خِلالَ الشَّرْيِ في خِيطانِ (2)
ظلَّتْ تتبَّع مِن نِهاءِ صَعَائِدٍ ... بَيْنَ السَّليل وَمَدْفَع السُّلاَّنِ (3)
سَبَداً من التَّنُّومِ يَخْبِطُهُ النّدَى ... وَنَوادِراً مِنْ حَنْظَلِ الخُطْبانِ (4)
حتى إذَا أفِدَ العَشِيُّ تَرَوَّحَا ... لِمَبِيِتِ رِبْعِيِّ النِّتاج هجَانِ (5)
طالَتْ إقامَتُهُ وغَيَّرَ عَهْدَهُ ... رِهَمُ الرَّبيع بِبُرْقَةِ الكَبَوَانِ (6)

لو كان يعلمُ ... [الطويل]
وقال:
غَشِيتُ ديارَ الحيِّ بالسَّبُعَانِ ... كمَا البَدْرُ فالعَينانِ تَبْتَدِرَانِ (7)
مَنازِلُ مِنْ بِيضِ الخُدُودِ كأنَّهَا ... نِعَاجُ المَلاَ مِنْ مُعْصِرٍ وَعَوَانِ (Cool
وإنِّي لأعطِي المالَ مَنْ لا أوَدُّهُ ... وألْبَسُ أقْوَاماً عَلى الشَّنَآنِ (9)
__________
(1) الكران: البربط. الصفيح: الخشب المشقوق.
(2) عارية الوظيف: يريد أنثى الظليم. الشري: شجر الحنظل. خيطان: فرق النعام.
(3) نهاء: جمع: نهي وهو مكان حاجز ينتهي إليه السيل. مدفع: مجرى.
(4) سبداً: أي نابتاً. التنوم: شجر. النوادر: ما ندر فسقط. الخطيان: صفرة الحنظل وحفرة فيه.
(5) أفد: أي عجل الحضور. هجان: أي أبيض.
(6) الرهم: الأمطار الضعيفة. البرقة: رملة يخالطها حصباء.
(7) السبعان: جبل يقع قبل الفلج.
(Cool المعصر: التي بلغت عصر شبابها. العوان: التي بلغت نصف عمرها.
(9) الشنآن: البغض والحقد.
(1/135)
________________________________________
ومُسْتخْبِرٍ عَنِّي يَوَدُّ لو أنَّنِي ... شَرِبْتُ بِسَمٍّ ريقَتِي فَقَضَاني (1)
وَذِي لُطُفٍ لو كانَ يَعْلَمُ أنَّهُ ... شفَائي دمٌ مِنْ جَوْفِهِ لَشَفَاني

وليسوا بالوفاء ولا المداني [الوافر]
أخصبت بلاد غطفان، غرعت بنو عامر جانباً منها، فأغار الربيع بن زياد العبسي على يزيد بن الصعق فلم يفلح، فغنم سروح بني جعفر والوحيد ابني كلاب وقال:
فإن أخطأت قومك يا يزيدا ... فأنعى جعفراً لك والوحيدا
فقال ليبد يردّ عليه:
لستُ بِغَافرٍ لِبَني بَغِيضٍ ... سَفَاهَتَهُمْ ولا خَطَلَ اللسانِ
سآخذُ من سَراتِهِمُ بِعِرْضِي ... وليسُوا بالوَفَاءِ ولا المُدَاني (2)
فإنَّ بَقِيَّةَ الأحسابِ مِنّا ... وَأصحابَ الحمالةِ والطِّعَانِ
جراثيمٌ مَنَعْنَ بَياضَ نَجْدٍ ... وأنْتَ تُعَدُّ في الزَّمَع الدَّوَاني (3)

تلك المكارمُ إن حفظتَ ... [مجزوء الكامل]
روي أن لبيداً لما حضرته الوفاة قال لابن أخيع -ولم يكن له ولد ذكر-: يا بني، إن أباك لم يمت ولكنه فني فإذا قبض أبوك فأقبله القبلة وسجّه بثوبه ولا تصرخن عليه
__________
(1) الريقة: الريق نفسه.
(2) السراة: الأشراف.
(3) الجراثيم: الأصول الراسخة. الزمع: جمع: زمعة، وهي الهنة الزائدة في قائمة الشاة.
(1/136)
________________________________________
صارخة، وانظر جفنتي اللتين كنت أصنعهما، فاصنعهما ثمّ احملهما إلى المسجد، فإذا سلم الإمام فقدمهما إليه، فإذا طعموا فقل لهم فليحضروا جنازة أخيهم؛ وأنشد: (وإذا دفنت أباك ... البيت) وهذه الأبيات قصيدة طويلة من جيد الشعر، ويقول بعض الرواة: إن لبيداً قالها في الليلة التي توفيّ فيها، ولكنّه يقول فيها: (واعفف عن الارات وامنحهن ميسرك السمينا) وهذه صورة جاهليّة إن لم نعدّها مجازاً من القول:
أُنْبئْتُ أنَّ أبَا حَنِيـ ... ـفٍ لامَنِي في اللَّائِمينا
أبُنَيَّ هلْ أحْسَسْتَ أعْـ ... ـمامِي بَني أُمِّ البَنِينا
وأبي الذي كانَ الأرا ... ملُ في الشِّتاءِ لهُ قَطِينَا (1)
[وَأبُو شُرَيحٍ والمُحَا ... مي] في المَضِيقِ إذا لَقِينَا (2)
الفتيَةُ البِيضُ المصَا ... لتُ أشبَعُوا حَزماً ولِينا (3)
مَا إنْ رأيتُ ولا سَمعْـ ... ـتُ بِمِثْلِهِمْ في العالمينا
لم تَبْقَ أنْفُسُهُمْ وكا ... نُوا زِينَةً للنّاظرِينَا
فلئنْ بعثتُ لهمْ بُغَا ... ةً ما البُغَاة ُ بِوَاجِدِينَا (4)
فَمَكَثْتُ، بَعْدَهُمُ وَكُنْـ ... تُ بِطُولِ صُحْبَتِهِمْ ضَنينَا (5)
ذَرْني وَمَا مَلَكَتْ يَمِيـ ... ـني إنْ رَفَعْتُ بِهِ شؤونا (6)
وافْعَلْ بمالِكَ ما بَدا ... لَكَ، إنْ مُعَاناً أو مُعِينَا
__________
(1) الأرامل: المحتاجون. القطين: القوم القاطنون الماكثون في الديار.
(2) ما بين قوسين يروى بلفظ: [وأبو شريك والمنازل].
(3) المصالت: جمع: مصلت، وهو الرجل الذي يمضي في أمره.
(4) بغاة: أي يطلبون البحث عنهم.
(5) ضنين: مختص بطول صحبتهم لا يود الفقد.
(6) رفع شؤونا: أي أزال به أموراً وقضى حقوقاً. الشزون: شدّة العيش.
(1/137)
________________________________________
واعْفِفْ عن الجاراتِ وامنَحْـ ... ـهُنَّ مَيْسِرَكَ السَّمينا (1)
وابْذُلْ سَنَامَ القِدْرِ إ ... نَّ سوَاءَها دُهْماً وجُونا
ذا القدرَ إنْ نَضِجَتْ وعجِّـ ... ـلْ قَبْلهُ مَا يَشْتَوِينا
إنَّ القُدُورَ [لَوَاقِحٌ] ... يُحْلَبْنَ أمْثَلَ ما رُعِينَا (2)
وإذا دَفَنْتَ أباكَ فَاجـ ... ـعَلْ فَوْقَهُ خَشَباً وطِينا
[وَصَفائحاً] صُمّاً رَوَا ... سيهَا يُسَدِّدْنَ الغُضُونَا (3)
لِيَقِينَ وَجْهَ المرءِ سَفْـ ... ـسَافَ التُّرَابِ ولَنْ يَقِينَا (4)
ثمّ اعْتَبِرْ بِثَنَاءِ رَهْـ ... ـطِكَ، إذْ ثَوَى جدثاً جنينا
وَتَراجَعُوا غُبْرَ المرا ... فِقِ مِنْ أخيهمْ يَائِسينا
تلك المكارمُ إن حفظْـ ... ـتَ فلن تُرَى أبَداً غَبينا
في [رَبْرَبٍ] كَنِعَاجِ صَا ... رَةَ يَبْتَئِسْنَ بِمَا لَقِينَا (5)
مُتَسَلبَات في مُسُو ... ح الشَّعرِ أبْكَاراً وَعُونَا (6)
وَحَذِرْتُ بَعْدَ الموتِ، يوْ ... مَ تَشينُ أسْمَاءُ الجَبِينَا (7)
__________
(1) الميسر: الجور التي يتقاسمها المتياسرون.
(2) رُعين: أي استحفظن. وما بين قوسين يروى بلفظ: [لقائح].
(3) الصفائح: الحجارة العريضة. الغصون: مكاسر الجلد في الجبين. وما بين قوسين يروى بلفظ: [وسقائفاً].
(4) سفساف التراب: ما دق منه.
(5) الربرب: القطيع من بقر الوحش. صارة: اسم لموضع. وما بين قوسين يروى بلفظ: [مأتم].
(6) المسوح: جمع: مسح وهو الكساء من الشعر.
(7) تشين الجبين: أي تخمشه حزناً عليه.
(1/138)
________________________________________
طول العمر
وقال حين بلغ السابعة والسبعين من عمره:
قامتْ تشكي إليَّ النفسُ مُجْهِشْةً ... وقد حملتكَ سبقاً بعد سبعينَا
فإن تزادي ثلاثاً تَبْلُغي أملاً ... وفي الثلاث وفاءٌ للثمانينا
(1/139)
ث
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ما تبقى من (ديوان لبيد) (5)..
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ثلاثون صفحة من (ديوان لبيد) (1)..
» ثلاثون صفحة من (ديوان لبيد) (2)..
» ثلاثون صفحة من (ديوان لبيد) (3)..
» ثلاثون صفحة من (ديوان لبيد) (4)..
» ديوان وملحمةالشاهنامة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المكتبه العامه ومنتدى الحصاحيصا التوثيقى :: مكتبة الحصاحيصا العامه-
انتقل الى: