حسن وراق حسن
| موضوع: دراسة لتحديد بعض العوامل المؤثرة في أزمة الزراعة بمشروع الجزيرة والمناقل الأربعاء 9 أبريل 2014 - 16:33 | |
|
دراسة لتحديد بعض العوامل المؤثرة في أزمة الزراعة بمشروع الجزيرة والمناقل دراسة لتحديد بعض العوامل المؤثرة في أزمة الزراعة بمشروع الجزيرة والمناقل
04-08-2014 11:26 PM[img] [/img] بقلم الأستاذ : حسبو إبراهيم محمد * مقدمة :
هذه الورقة عبارة عن محاولة متواضعة لتجميع وتحديد وتحديد بعض العوامل المؤثرة وذات الصلة بمسار علاقات الإنتاج بمشروع الجزيرة حيث تأتي إنطلاقاً من قناعتنا الذاتية بضرورة الأخذ بمبدأ الدراسة العلمية في وضع الخطط والبرامج لتطوير الإنتاج الزراعي بمشروع الجزيرة والمناقل ورفع معدلاته والذي أصبح بداهة إتجاه إختطته كافة مشاريع التنمية الجادة والمستدامة في سبيل البحث من أجل زراعة حدثية ومتطورة ,ولذا نري أن محاولة إصلاح مشروع الجزيرة وإعادة تأهيله تحتاج إلي إعداد التفاصيل الدقيقة وتحتاج إلي مسح شامل لإمكانيات المشروع المادية والفنية والبشرية , وتحتاج أيضاً لدراسة الأرض ودرجات خصوبتها ولدراسة المتغيرات الظروف الطبيعية والمناخية التي تحيط بالمشروع وإعداد الإحصائيات والإرقام والمقارنات التي تشير الي إنتاجية الفدان وتكاليفه في السنوات الماضية وتحتاج لمسح القوى العاملة وتحتاج في المرتبة الأولي لتحديد مراحل مختلفة وتنفيذ كل ذلك حتي يتحول إلي إنجازات ملموسة علي أرض الواقع الزراعي وتطور تفاصيل العمليات الإنتاجية من القضايا التي تعتمد في الأساس إلي مجهودات الخبراء الإقتصاديين وعلماء البحوث الزراعية والري ووقاية المحاصيل الزراعية ومكافحة الآفات. إيضاً نري ضرورة تكوين جهاز للبرمجة ووضع الخطط الزراعية وهو ما أصبح أمراً هاما وملحاً للخروج من دائرة النبح العشوائي في المسألة الزراعية وأن عبره من الممكن أن يساعد في وضع نظام دقيق للمراقبة والتنفيذ .
الهدف العام لعمليات الإصلاح الزراعي وماينبغي أن تكون عليه :
في كل محاولة لعملية إصلاح زراعي من المهم بتصورنا أن يتم تحديد المحور الأساسي الذي تدور حوله خطة محاولة الإصلاح وأن تتجه كل التفاصيل العملية صوب هذا الهدف العام لتصب في مجراه العريض . ولكن قد يطرح التساؤل عن ما هو هذا المحور الأساسي ؟ وفي نظرنا أن المحور هو وضع المزيد من الإصلاحات والإستثمارات في المشروع عن طريق إستخدام أحدث منجزات العلم والتقنية المتطورة في التكنيك الزراعي وإدخال التحسينات في طرق وسبل الزراعة الحديثة للوصول للنتائج المرجوة ؛ وهي الوصول إلي أقصي حد من المنتجات الزراعية لواقع الفدان الواحد وبأقل التكاليف ؛ أو بتعبير الإقتصاديين الزراعيين التوسع الرأسي في الإنتاجية في كل المحاصيل بغير زيادة في مساحة الأرض . وأن يتم ذلك في ظل أقل حد ممكن من التكاليف بواقع الفدان الواحد. ومن الضروري أخذ هذه المسألة بالإعتبار في الإتجاه العام للعملية الزراعية لأنها تشكل حجر الزاوية لتطوير مشروع الجزيرة والمناقل وإعادة تأهيله وتنميته بشكل مستدام ولتصب هذه الزاوية كما أشرنا وحددنا في الإتجاه العام للتطوير المنشود في المشروع . نهدف إلي زيادة إنتاجية الفدان لكافة المحاصيل وبالأساس محصول القطن الذي فصل مشروع الجزيرة من أجله وهذا من الممكن علمياً مضاعفة إنتاجية القطن بالإستفادة من البحوث الروسية التي أجريت في هذا الشأن لجعل متوسط إنتاجية الفدان الواحد من القطن تقفز من المتوسط الحالي (4_5) فدان إلي حوالي (7_ قنطار . وتطبيق نتائج الأبحاث التي أجريت لنظام( السـراب الطويل) بهدف توفير الأرض التي تضيع في جراء شق الجداول و(التقـانت) والتي في العادة تصل لحوالي 12% من إجمالي المساحات المزروعة حاليا وهي عبارة عن 2 مليون ومائتي ألف فدان . كذلك تطبيق نتائج آخر نتائج الأبحاث الزراعية والدراسات في مجال مكافحة الآفات والأبادة الكيماوية للحشائش والتسميد عن طريق وسبل العمل الآلي عوضـاً عن الذي يعرض المزارعين لخطر الأمراض الفتاكة والميكنة التامة لزراعة وحصاد الفول السوداني و محصولي القمح والذرة وكل العمليات الزراعية القطن ماعدا (اللقيط ). وكذلك الأهتمام بزراعة الخضروات كالطماطم والبصل وغيرها بهدف التصنيع الزراعي والسعي لإيجاد أسواق خارجية ترفع من قيمتها وتجعلها منافساً قويا في خارج السودان . ونري أيضاُ أنه آن الآوان للإهتمام بزراعات الفاكهة والشروع في إنشاء مزارع نموذجية للموالح والخضروات والإستفادة أيضاُ من الدراسات والبحوث ذات القيمة المنجزة في هذا المضمار وذلك مبدئياُ بأنشاء أربعة مصانع لتصنيع وتعليب الطماطم والبصل بالحد الأدني . وأيضاً ألا يهمل مجال الثروة الحيوانية المرتبط بالمشروع وذلك بإنفاذ مشروعات مصاحبة تعني بتوفير الخدمات البيطرية و تحسين سلالات الأبقار والضأن والماعز عبر السبل والطرق العلمية لتهجين السلالات وتوفير الأعلاف الرخيصة ذلك مع إعطاء إعتبارات لمساحات الأراضي اللازمة لزراعة الأعلاف في خطط التكثيف الزراعي وتطويرطرق لحفط الإعلاف بوسائل علمية وحديثة . وكذلك إعطاء الأهتمام بمجالات تربية الدواجن وتعميمها علي نطاقات واسعة بأقسام المشروع وأيضا إستنباط بذور جديدة ومحسنة لصفات المحاصيل المزروعة الآن والعمل علي إكتشاف محاصيل نقدية جديدة وهذا يعني السير بإتجاه( تنويع التركيبة المحصولية) .
في مجال حوافز الإنتاج بمشروع الجزيرة والمناقل : لضرورة تحفيز المنتجين بمشروع الجزيرة نري أن يجب تحديد متوسط الإنتاج لكل (غُـره ) مزروعة قطناً في المشروع لمدة عشرة سنوات في فترة ما قبل نظام الإنقاذ ؛ ولكل مزراع ينتج أعلي من متوسط لعشر سنوات يمنح ما يزيد علي هذا حافزاً له كمنتج مثالي ولكل مزارع ينتج دون متوسط (الغُـرة ) تخصم منه الدولة نصيبها علي أساس متوسط محسوب للغرة للسنوات العشرة المشار إليها . وهذا في سبيل إدخال سياسة الحوافز المعنوية والتشجيعية ومن نتائج ذلك أن يظل الحد الأدني لدخل الدولة ثابتاً وأن يرتفع دخل المزارع الذي ينتج أعلي من المتوسط من دخله بطريقة المحاسبة التي أشرنا إليها في صدر هذه الورقة وفي ذات الوقت يقل دخل المزارع الذي تقل إنتاجيته عن المتوسط بطريقة المحاسبة القديمة التي كان معمولاُ بها في ظل ما عرف (بالحساب المشترك) ونتيجتها العامة هي تشجيع المزارع المنتج فوق المتوسط وطريقة عادلة لعقاب المزارع الذي يتنج دون المتوسط وهذا أيضاً من شأنه أن يدفع للإرتفاع بمعدلات الإنتاج المتصاعد عاماٌ تلو الآخر . وكذلك لأبد من توسيع البحوث الزراعية ونقل التجارب التي تجريها إلي الحقل مباشرة وذلك عن طريق قطاع الإرشاد الزراعي والمرشدين الزراعيين ونقل السلطات الإدراية إلي لجان الإنتاج في (التفاتيش) والأقسام ومجالس إنتاج القري وأيضا تكوين لجان تابعة لمجلس الإنتاج تشرف علي العمليات الآتية وهي : (أ) المحاريث (ب) الفنارك(ج) سكة حديد مشروع الجزيرة (د) المشتروات والمبيعات( هـ) ورش الصيانة والترحيل . وهذا تجدر الإشارة بأن كل ما ذكرت من أصول قد تم نهبها وبيعها من قبل زبانية نظام الإنقاذ ونؤكد تصميمنا القوى علي إستعادة كل ما سرق بواسطة نظام الإنقاذ لأن بدون إسترجاع هذه الأصول لا يمكن أن يتم تأهيل مشروع الجزيرة والمناقل . وفي مجال التصنيع الزراعي لابد من الإهتمام بصناعة المبيدات و صناعة الأسمدة وصناعة الخيش والدبارة ونتقترح الأتي 1_ أن يقام أسطول من لطائرات الرش يتبع لأدارة المشروع يؤدي خدماته للمزارعين بسعر التكلفة الأساسية . 2_أن يحدث توسع مدروس في مجال صناعة الغزل والنسيج يهدف لخلق سوق محلي لجزء من قطن مشروع الجزيرة طويل التيلة وإقامة قشارات حديثة تخصص لتقشير وتنقية الفول السوداني وفرزه وعصره حتي يتم إعداده كمنتج مصنع وجاهز للبيع في الأسواق الإقليمية والعالمية . ومن جهة ثانية نري أن علي الدولة أن تشتري المحاصيل من المزارعين علي أساس الدفع نقداً وفق الأسعار العالمية في تاريخ الحصاد وذلك عبر هيئة حكومية دورها ينحصر في شراء المحاصيل من المزراع فقط مثل محصولي القطن والفول السوداني كمحاصيل نقدية تتولي بيعها في الأسواق العالمية بدلاً عن شركة الأقطان التي بتقديرنا فشلت فشلاً زيعاُ وتحولت إلي مافيا تخصصت في سرقة ونهب مجهود وعرق المزراعين .
في مجال الخدمات الإجتماعية بمشروع الجزيرة والمناقل : أولاً : من المهم والضروري جداً إستعادة قيادة إتحاد المزراعين من (العصابة) الحالية إلي سيرته الأولي كمصلحة مستقلة مهتمها خدمة سكان القطاع المروي في الجـزيرة والمناقـل وفي مقدمة ذلك لا بد أن تقوم الخدمات الإجتماعية بإستكمال تخطيط القري وتجميع القري الصغيرة بعضاً لبعض وتوفير الخدمات الصحية وتأهيل المراكز الصحية والمشافي الريفية وتوفير مياه الشرب النقية عبر حفر المزيد من الآبار الجوفية الجديدة و القيام بصيانة الآبار الموجودة حالياً , وكذلك لأبد مراعاة أوضاع التعليم بتأهيل المدارس وتعميمها بقري المشروع في المرحلتين الأساس والثانوي وضرورة مجانية التعليم الفعلية في هاتين المرحلتين وخـاصة لأبناء فقراء المزارعين والعمال الزراعـيين . كما نهدف لإدخـال الكهرباء لجميع قري الجزيـرة والمناقـل ومع ذلك لابد من تأهيل كادر فني من أبناء الجزيرة عبر فتح معاهد تعليم فنية ومهنية ومراكز للتدريب المهني والإستفادة من البعثات والمنح الخارجية حيث كانت تخصص في السابق منح لمشروع الجزيرة بغرض التأهيل في مختلف المجالات. علاقات الإنتاج وتوزيع العوائد السابقة و الحالية بمشروع الجزيرة والمناقل : في هذا المجال ينبغي أن تراجع بدقة وبدراسات موضوعية علاقات الإنتاج التي كانت قائمة في السابق ومالها وما عليها من إيجابيات وسلبيات وهنا نركز علي علاقة الحساب المشترك لتطوير الجوانب الإيجابية في هذه العلاقة والتعرف علي جوانبها السلبية ومحاولة تلافي عدم إنتاجها في المستقبل حيث تعكس هذا النمط من العلاقة الذي كان قائماً ومعمولاً به في السابق أهمية شراكة الدولـة والمزارعـين والتي تتطلب الأوضاع الحالية إرجاعها حيث إتسمت تلك العلاقة المميزة بسمة القطاع العام والتكافل الإجتماعي , ومن المعروف بداهة أن علاقـة الحساب المشترك والتي كانت تضم الشركاء الثلاثة في العملية الزراعية وهم (الدولـة _ المـزارع _ الإدارة) قـد إلغيت في مطلع الثمانينات من القرن المنصرم بموجب قرارات جعفر نميري رئيس النظام المايوي البائد لتحل محلها علاقـة الحساب الفـردي المعمول بها حتي الآن . وكانت علاقـة الحساب المشترك بين الشركاء الثلاثة المذكورين أنه بعد خصم تكلفة الحساب المشترك يتم توزيع هامش الفـائدة علي أساس (50%) للمزارعـين يخصم منها مال إحتياطي للمزارعين وبذلك يتبقي لهم (48%) و للدولـة (50%) يخصم منها ما نسبته(2%) للخدمات و (2%) أخري تخصم للحكم المحلي فيتبقي للدولة ما نسبته (46%) . ولكن نري أن تخصص ميزانية مناسبة للإدارة وليس عن طريق تحديد نسبة مئوية محددة كما في السابق في ظل الحساب المشترك . وفي صعيد آخر نري ضرورة لتكـوين لجنة تجمع بين الإدارة وإتحاد المزارعيين وأن تكون مهمتها الأساسية هي تأهيل مشروع الجزيرة وتأهيل إسترجاع أصوله تلك الأصول المعروفة بوسائل الإنتاج الزراعي وتشكل أذرع المشروع الصلدة والفعالة وتهدف لتحقيق أو الإقتراب من جوهر الإصلاح الزراعي الجذري الذي ظللنا نعمل من أجله ونحلم به . وفوق هذا من الجلّي أن القطاع التعاوني يمثل أهم ركيزة من ركائز التنمية المستدامة في المشروع ولذا نري من الأهمية بمكان أن يعطي هذا المجال أهمية كافية بوضع خطط واضحة تستصحب كل نماذج التجارب السابقة مدركين بأن علينا أن نقف و نتحمل المسئولية التاريخية كاملة تجاه ممارسـات الفساد الكبيرة التي تمت علي أيدي مزراعي الجزيرو والمناقـل أنفسهم في عهدهـم الذهبي من خلال الخلافات والصراعات صاحبت نشاط وحراك الجمعية التعاونية و المثارة و المفتعلة من قبل القوى المعادية لفكرة التعاون ومبادئه من الأساس التي والذي كانت إحدي نتائجه أن عصفت بتجربة الحركة التعاونية برمتها علي الرغم من إنجازاتها ونجاحاتها الهائلة بعد أن لعبت دوراً مدمراً ومأساوياً في بنية حركة التعاون وهكذا عاث تجار وسماسرة العمل العام خراباً وفساداً وإمتدت أيدي زبانية نظام الإنقاذ وأنصاره من الطفيليين بالسرقـة والنهـب المباشر وغير المباشر لممتلكات قطاع التعاون حتي تم القضاء عليها تماماً وأصبحت في يوم كثير الغيوم نسياٌ منسياٌ , بيد أن ذات القطاع الذي نتحدث عنه كان قد شيد مجموعة مقدرة من مصانع الأنتاج الزراعي تتمثل بعض إسهاماته في مصنع غلال كبرو ومصنع الأعلاف المركزة ومصنع الألبان ومصنع قشر الفول ومصنع النسيج هذا غير العربات التي قدمها للمزارعين نذكر منها ( 12 عربة ) بحالة ممتازة وأسطولاً نادراً من الجرارات الزراعية لذا يصبح من الأهمية بمكان ونحن نراجع قضايا التعاون ومايعتريه من علل ومتاعب كثيرة لابد من إخضاع هذه الأمراض لعملية جراحة قاسية حتي نخلصه من أورام الفساد السرطانية التي قضت علي الأخضر واليابس في مشروعنا المفتري عليه وبهذا وحده نستطيع أن نضع أرجلنا علي أرضية ثابتة لحركة تعاونية جديدة في المشروع . هذا ولكي نكمل لوحة البرنامج الذي إبتدرناه في صدر هذه الورقة لابد من أن نتناول قضية تعليم الكبار ضمن مجال التوعية الإجتماعية ونهدف من ذلك الإهتمام بقطاع الحكم المحلي وتدريب الجماهير علي الممارسة الديمقراطية في هذا المجال الحيوي والمرتبط بمشاكل الناس في الحياة اليومية ويكون ذلك متماشياً مع معطيات الظروف الجديدة وإتجاهات وشعارات التحول الديمقراطي خـاصة في أوساط مجالس إنتاج القري حتي تقوم بدورها كاملاً .
دور الأبحاث الزراعية في تطوير مشروع الجـزيرة والمناقـل : من المعلوم مدي أهمية دور البحوث الزراعية في تطور الزراعـة الحديثة التي تقوم علي معطيات ما توصل إليه العلم في الحزم التقنية والمكننة الزراعية وغيرها من المجالات المتعلقة بمجالات الزراعة المختلفة ولكن من الملاحظ عدم إعطاء الإهتمام من الدولة بمرفق هام مثل البحوث الزراعية ونقول ذلك بناءاً علي دراسة جديدة أشارت بوضوح لتضاؤل نمو إعداد الباحثين الزراعيين بمؤسسات الدولة البحثية في قطاع الزراعـة وأن أعداد الباحثين قد تقلصت في خلال عقد التسعينيات إلي نحو (2%) مقارنة بنحو (8%) لمتوسط الثلاثة عقود الماضية وفي ذات الوقت أشارت لحدوث تدهور مضطرد في التمويل الذي يخصص للبحوث الزراعية بمعدل (3%) سنوياً خلال الثلاثين عاماً الماضية حيث نقص التمويل بمقدر الثلثين فيما بين السبعينيات وأواسط التسعينيات مما تسبب في نقصان وعجر كبيرين في ميزانية الباحث الزراعي , والتي مثلت في عام 2000 فقط نصف ميزانية الباحث الزراعي . وهكذا ظلت هيئة البحوث الزراعية تعاني من الضمور وتدهور في المبالغ المدفوعة لتسيير البحوث الزراعية بمعدل وصل نحو 20% من جملة الميزانية المصدقة في السنوات الأخيرة والتي مثلت بدورها نحو 30% من الميزانية المقررة بالفعل ، أي أن الإنفاق الحقيقي لم يتعدي 9_ 10 % من الميزانية المقررة أصلاُ علي الرغم من شحها وبالرغم من الإختناقات الحادة في مجال البحوث الزراعية ومدي التدهور الكبير في البنيات الأساسية , إلا أنه وبالرغم من كل هذا مازالت محطة البحوث الزراعية وما تمتاز به من وجود هيئة رئاسة البحوث الزراعية بقربها بالإضافة لوجود مركزين بحثيين هامين هما بحوث الأراضي والمياه وبحوث وقاية المحاصيل تمتلك إمكانيات كبيرة من الكوادر المؤهلة لأن تدفع بالعمل البحثي خطوات كبيرة ومتقدمة متي ماتوفرت لها الميزانيات التي تعينها علي أداء مهامها .
قطاع الري في مشروع الجزيرة والمناقل : هذا القطاع يعد أساسياً ومحورياٌ في مشروع الجزيرة والمناقل والتدهور الحادث الآن فيه مازال يهدد مشروع الجزيرة بالمزيد من الخراب والدمار , ولكي تتضح وتكتمل الصورة الجلية لماحدث في مشروع الحزيرة والمناقل تجدر الأشارة بأن قطاع الري بالمشروع ظل يقوم بتشغيل شبكة الري الإنسيابي في المشروع منذ تشييد خزان سنار العام 1925 وحتي العام 1999 وفقاً لما للاتي : كانت وزارة الري مسؤليتها تتجسد في تشغييل القنوات الرئيسية وصيانة الخزان والقنوات الفرعية وصيانة ( الميجورات ) أما إدارة مشروع الجزيرة فكانت مسؤليتها تتجسد في تشغييل وصيانة القنوات الفرعية (أبو عشرينات ) أما المزراعون فمسؤليتهم كانت توصيل كميات المياه اللازمة للحقول (الحواشات ) بعد فتح الجداول والتقانت الضرورية لإنسياب المياه . وقد ظل هذا النظام يعمل بكفاءة نسبية حتي العام 1975 م حيث فرضت فيما بعد متطلبات التكثيف الزراعي أعباء إضافية كبيرة علي نظام الري المذكور . ومن المعروف أن مشروع الجزيرة صمم أساساً لأنتاج محصول واحد وهو محصول القطن حيث يتم الري في نصف المساحة في أي وقت من الأوقات وقد أقتضي هذا الأمر إدخال محاصيل القمح والفول والخضروات والتوسع في زراعة الذرة وبذلك يتم إلغاء التخزين الليلي للماء في القنوات ولذا أصبح من غير الممكن ري أي نمرة في (7 أيام) للحفاظ علي فترة ري إلي (14يوم ) المنتظمة , وإنما أصبح الري يتطلب (10) أيام علي الأقل بينما صارت فترة الري تمتد إلي أكثر من 20 يوماً . وعندما تحول المشروع في العام ( م )من نظام علاقة الحساب المشترك إلي نظام علاقة الحساب الفردي أصبح مفروضا علي المزراع دفع رسوم علي مياه الري ومن هنا نشأت التعقيدات التي عصفت فيما بعد بكفاءة نظام الري التي كانت ملموسة لعدم توفير التمويل اللازم من الدولة لعمليات التشغيل والصيانة . وأكثر من هذا زاد الوضع سوءاً علي سوءٌ تبني نظام الإنقاذ في العام 1992م لسياسة التحرير الإقتصادي وفرضه للسوق الحر حيث لم تعد الدولة معنية بتوفير بتوفير مدخلات الإنتاج بالمشروع وأصبحت السلفيات التي كانت تمنح للمزارعين في السابق ماعادت تعين علي علي مواجهة تلك الإحتياجات وأصبح لزاماً علي المزارع أن يواجهها لوحده إما عبر الإقتراض من البنوك التجارية وبشروطها المجحفة وأرباحها وفوائدها الخرافية أو اللجوء الي الخيار الثاني للتمويل وهي مصادر المزارعين الشحيحة أو التي تبقت لهم بعد أن طالهم وعصف بهم الفقر المدقع من جراء سياسات التحرير الخرافية . ومما ضاعف أيضاٌ من تدهور نظام الري بمشروع الجزيرة والمناقل تدني العوائد من رسوم المياه من جراء ضعف إنتاجية المحاصيل وإرتفاع تكاليف الإنتاج وعدم قدرة المزراعين علي حل هذا المشكل خاصة بعد رفع الحكومة يدها تماما عن أي نوع المساهمات في علميات الإنتاج الزراعي وتحولت إلي مجرد جابي للضرائب همها الأول والأخير هو تحصيل الرسوم من المزارعين ,وفي هذا السياق نذكر أن إدراة مشروع الجزيرة قد إبتدعت بدعة جديدة لما أسمته بتحفيز مفتشي التفاتيش وذلك بإعطاءهم نسبة مئوية مقدرة من حاصل الجبايات من المزارعين من رسوم وضرائب وبهذه الصفة الجديدة قد تحول مفتش الإدارة من وظيفته الأخيرة كمرشـد زراعي إلي مجرد جابي للرسوم والضرائب وشتان مابين وظيفته كمرشدٍ زراعي ومهمة جمع الضرائب ،ولم تقف الأمر علي ذلك فمن أجل جمع أكبر قدر من الضرائب من المزارعين إستعانوا بوحدات جهاز الأمن لتقوم بإذلال وإرهاب المزارعين وبذلك تحولت إدراة المشروع من إدراة زراعية مهمتها تطورير الإنتاج إلي إدارة بوليسية كمهمتها الأولي والأخيرة قمع وإرهاب المزارعين و إشهار البنادق في وجوههم المعروقـة وهكذا تدهورت العلاقة بين المزارع والإدارة في ظل سياسات نظام الإنقاذ المعادية لجماهير المزراعين التي أدت كذلك فيما أدت لتوتر العلاقات مع كافة العاملين بمشروع الجزيرة والمناقل .
نبذة عن كاتب الدراسة :
السيد حسبو ابراهيم محمد من قيادات الباررزة سكرتارية تحالف مزارعي مشروع الجزيرة والمناقل.
يعتبر السيد حسبو من مؤسسي التنظيم التاريخي المعروف بـ"وحدة المزارعين" | |
|