موسم الهجرة الي الحصاحيصا !!
تشهد مدينة الحصاحيصا ظاهرة هجرة يومية كثيفة لمواطنين سودانيين من المناطق المتأثرة بالحروب في دارفور والنيل الأزرق و جنوب كردفان . هذه الهجرة فرضتها ظروف قاهرة وهي الحرب التي خلفت أعداد كبيرة من القتلى و صعوبة الحياة جراء تحول المنطقة بأسرها إلي منطقة عمليات ، من ينج من الموت لا ينج من الجوع والأمراض الفتاكة ولا حديث هنا عن فرص عمل او خدمات لان تلك المناطق واقعة تحت قانون الحرب (البقاء للاقوي) ، جيوش من الضحايا المروعين بآلة الحرب اللعينة يبحثون عن ملاذ آمن تتوفر فيه ابسط مقومات الحياة.
بما أن دستور البلاد يقر بحرية الحركة للمواطن السوداني في ربوع البلاد بدون قيد أو شرط (كل أجزائه لنا وطن ) ولا تستطع أي قوة في الأرض أن تمنع مواطن سوداني جاء من الشرق أو الغرب أو أي جهة ما أن يتخذ منطقة ما في ارض السودان وطنا أو مقاما له طالما أنه لم يتجاوز القانون وهذه من الحريات الأساسية التي يبيحها دستور البلاد إلا أن ظاهرة الهجرة المكثفة نحو منطقة معينة يجب أن تخضع للدراسة الجادة نظرا لما تفرزه من آثار سالبة وربما تخلق حالة من التوتر والاحتكاكات سيما و أن النازحين بسبب الحروب يحتاجون في المقام الأول لدعم نفسي لتقبل واقع الهجرة ولمواطني المناطق المهاجر إليها يحتاجون لتوعية بقبول الآخر .
مناطق مشروع الجزيرة يوجد بها أكثر من 1750 كمبو ظلت مرتبطة بالانتاج الزراعي نشأت هذه الكنابي بصورة مؤقتة يقوم العاملون بعد الموسم بالعودة إلي المناطق التي جاءوا منها في دارفور وكردفان. بعد حالة الجفاف والتصحر والمحل التي أفرزت حروب قبلية بسبب النزاع حول المرعي و مناطق المياه صارت هجرة العمال الموسميين لمناطق مشروع الجزيرة هجرة one way ticket لا رجوع منها أصبحت كنابي مشروع الجزيرة سكن ثابت رغم الظروف الغير صحية التي يعيشون فيها وانعدام لصحة البيئة إلا أنهم أصبحوا مكرهين علي تلك العيشة علي الأقل يتوفر الماء أساس الحياة والعمل الشريف و الحياة الآمنة .
بعد الظروف المعلومة التي تعرض لها مشروع الجزيرة أصبح هو الآخر منطقة طاردة للمزارع وصاحب الأرض و حتى العمال الزراعيين الذين يقطنون تلك الكنابي في مشروع الجزيرة هجروا الزراعة الي ممارسة الأعمال الهامشية في المدن وأشباه المدن خاصة سوق الحصاحيصا الذي أصبح فوضي (خلاقة) لجبايات المحلية وبعد ظهور التعدين العشوائي أصبحت الهجرة إلي مناطق التعدين بكثافة تأثر بها الإنتاج الزراعي في مشروع الجزيرة . مناطق مشروع الجزيرة ما عادت تلك المناطق التي تقبل الهجرة كما كانت خاصة الحصاحيصا التي (اتقفلت) بالنازحين والمهجرين و كل مقومات البقاء في مشروع الجزيرة انتفت ومنه انطلقت هجرات إلي العاصمة والخارج. الهجرة إلي مدن الجزيرة في ظل انعدام سوق العمل فيها تشجيع للعمل الهامشي والعشوائي وبالتالي جيوش العطالة وإفرازاتها من جريمة واشتباكات وتهديد للأمن الاجتماعي ونقل الحرب وهذه هي قضية الساعة هل تعي السلطات الأمنية في الحصاحيصا هذه القنبلة الموقوتة التي ستنفجر قريبا؟ .