(( *الحدث الجلل الذى عمّ أهل السودان بوجه عام ، والمجتمع الجمهوري بوجه خاص والحزب الجمهوري بوجه أخص .. بإنتقال أمنا آمنة لطفي ارملة المعلم الشهيد الأستاذ / محمود محمد طه ، قد حمل العميق من الدروس والعبر ، فكما كانت حياتها مدرسة فى الأدب الرفيع والسلوك المؤدب بادب القرآن والمجسِّد للشمائل النبوية ، كان رحيلها بهدوء مدهش .. تاركاً ابلغ العبر بلاعبارات .. فكنا نحسب ان هذا الدرس مقتصرٌ على المجتمع الجمهوري وحده ، ولكن التشييع المهيب اثبت أن الرسالة التى خطتها الفقيدة كانت اكبر من خيالنا القاصر ..
*ففى تشيع الراحل الكبير شاعر الشعب محجوب شريف حضر غمار الناس الذين احبهم محجوب وعاش بينهم ومعهم ولهم ، فكانوا هم حملة نعشه الى عرشه ، بادلوه حباً بحب وتوجوه ملكاً على القلوب .. وتجلّت كرامته فى أن التمثيل الحكومي الذى حاول تغييبه حياً غيبهم عن تشييعه وهو فى طريقه الى حياته الحية ..
*وبالأمس ذات المشهد يتكرر يخرج موكب تشييع ( أمنا آمنة) يلتقيه الحضور والسابلة وغمار الناس والقاطعين الفيافي راكبين وراجلين .. وإكتشف الجمهوريون أنهم قلة فى هذه الكثرة المتدفقة والتى شاهدنا مبتداها فى منزل الفقيدة وآخرها فى مقابر البكري التى ضاقت بالناس على سعتها .. وهذا ليس هو بيت القصيد إنما الذى يدلل على عظمة شعبنا أن الذين يتلقون العزاء هم عامة الناس الكل يعزي بعضه ساعتها ايقنا ان التى فقدنا وكنا نناديها امنا هى (أم الأمة ) بلا إصطناع وحضور المرأة الجمهورية المميز زاد رونقاً لأن طغيان الحضور كان المرأة السودانية .. التى لم يوقفها عن المشهد قساوة الطقس فغالبت الغبار وتركت العيال وجاءت للحضرة ..
* وايضاً تجلّت الولاية فى غياب التمثيل الحكومى وإنقطاعه عن الحضور ولو من باب إنزال اكذوبة مناخ الحوار لأرض الواقع .. ولو من باب إيجاد منفذ للمأزق القانونى والأخلاقي الذى أوقع فيه مسجل الأحزاب قومه برفض تسجيل الحزب الجمهوري باسباب اقل ماتوصف به إقصائية متعمدة مع سبق الإصرار ، فكأن الحضور الشعبي اللافت للنظر بمثابة رسالة قوية للحكومة تقول : لاتفسدوا علينا ذكرنا بخواطرنا ضدكم .. ولاتشوهوا لنا مشهدنا مثلما شوهتم ديننا .. شكراً لإنقطاعكم .. فلاقيمة ترتجى من أرواح منبتة.. وأبعدتهم بجاهها عن الحضور فلامعنى ان يقف الشهود على قبر الضحية وهى التى قالت عندما بلغها تنفي جريمة إغتيال الأستاذ محمود ( شكيتهم لي الله ) ولم تزد .. شكرا شعبنا الأصيل النبيل ..)). حيدر أحمد خير الله