عندما يستضاف أي مصري مهما كانت صفته الرسمية أو الشعبية تجده يمدح في العلاقة بين الشعب السوداني والمصري، وبأنها علاقة متميزة ومتجذرة منذ العصور القديمة، ويستمر الحديث ليقول نحن شعب واحد وفرق بيننا الاستعمار عن طريق الحدود المصطنعة، ويربطنا نيل واحد وهو يعتقد في قرارة نفسه أن النيل ينبع من اسوان، ولا يوجد شعب يمتاز بصفة ابن النيل إلا المصري، ويستمر في وصف العلاقة بين الشعبين المصري والسوداني بأنها علاقة دم وصلة رحم ونسب، وبعد كل هذه الخصوصية في العلاقة التي يدعي ويؤمن بها جميع المصريين، نجدهم يجهلون كل شيء عن السودان، من الناحية الجغرافية والاجتماعية والتاريخية، وبمناسبة التاريخية هذه فإن المصريين يدعون أنهم غزوا السودان مع الإنجليز ودخلوا السودان وكأنهم جيش ند للإنجليز، ناسين أو متناسين ، أن توقيع "اتفاقية الحكم الثنائي" بين "كرومر" ووزير الخارجية المصري "بطرس غالي"،. يقول اللورد "كرومر" عن هذه الاتفاقية: "إن اللورد سالسبوري وزير الخارجية البريطاني بعث بمشروع هذه الاتفاقية، وتسلم بطرس غالي نسخة منها للتوقيع عليها"؛ ويظهر من ذلك أن السيادة المصرية على السودان كانت اسمية فقط، وظلت هذه الاتفاقية تحكم العلاقات البريطانية المصرية بخصوص السودان فترة طويلة.
ومن هنا نجد أن اتفاقية الحكم الثنائي الفعلية كانت من جانب الإنجليز فقط والمصريين في هذه الاتفاقية إنما أداة فقط في يد الانجليز ليس لهم سلطة حقيقية على السودان، لذلك نرجو من المصريين أن يتدبروا التاريخ ويتمعنوه من أجل ان تظهر لهم الحقيقة البينة أن السودان عمره ما كان جزء من مصر، وعند الاستقلال في عام 1956، لم يكن هذا الاستقلال نوع من الانفصال من مصر، بل كان استقلال حقيقي من المستعمر الانجليزي