عَـودَة الشَــيْخ
جفَ فيكَ اللونُ غارت في محَاجرها العيون
قبلَ أعوامٍ طويلة
كنتَ فيها ذاتَ مرة
كانَ إن جئتَ فمَزقتَ الظلام
كنتَ في الأرض السلام و على الناس المَسَرة
من فجاج الروحِ جئتَ من قـُـرانا
من بوادينا و من عزمِ المدينة
لكَ فينا الجند و الحراس و الأعوان و الأشياع
و المنبر و القلعة و الدار الحصينة
كنتَ فينا كانتِفاض القطر عن ريشِ الحمام
كرزازِ الريحِ في وهج الكلام
كنتَ شعباً كنتَ ثورة
كنتَ فينا أغنياتٍ طليقاتِ الوجهِ حرة
كنتَ حسناً بعدَ حسرة
فرحة نابعة من كل قلب أثر فرحة
نَحنُ أسرى لقد لقيناكَ و جرحى
مرحباً يا شيخنا الأخضر مَرحى
و لكم غنتك بي البشر بلادي
باسمك الأخضر يا أكتوبر الأرض تغني
و الحقول امتلأت قمحا و وعدا و تمني
و الكنوز انفتحت من داخل الأرض تنادي
باسمك الشعب انتصر حائط السجن انكسر
و القيود انسدلت جدلة عرس في الأيادي
غير أني ابتلعنا دهشة كل نشيد
إذ نرى وجهك تخفيه غيابات الكلام
و هو يمضي في تجاويف الظلام
فلقد آب الجراد
اطفأ الأحلام في المهد
فلا أصبح صبح لا تغني لا تمني
لا و لا وعد و قمح
و حصدنا الأسف المورق في وقت الحصاد
جدلة العرس استحالت لقيود في الأيادي
ثم ما في سنين المد لهمة
حمل المصباح في الظلمة أعمى في بلادي
لم يكن طرحا و لكن كان جمعا كان قسمة
قريتي كانت تنام الليل ملء الجفن تحلم إتحادي
ثم تصحو حزب أمة
من غيابات الظلام و تجاويف الكلام
جاء مايو قدرا لابد صائر
من يسار ليمين ليسار دار بالناس الدوائر
و من الجرح الذي قد بات في التاريخ غائر
كان إبريل و غنينا له ملأ الحناجر
يا كبرياء الجرح لو متنا لحاربت المقابر
ثم من بين المقابر قام فرسان الزمان
و هفا كل فؤاد و شدا كل لسان
و مضى في الأرضآ طابور الأفاعي و الثعالب
و غدا يختال فيها كل ذي ناب طويل و مخالب
من ثنايا الذاكرة
من أقاصيص السنين الغابرة
"برز الثعلب يمشي في ثياب الواعظينا
فمشى في الأرض يهدي و يسب الماكرينا
ثم قال الحمد لله إله العالمينا"
دعك عما قال في الحمد و في التوبة و في البطن اللعينة
دعك عن هذا فإني لست أعني أن أعيد عليك قصة
عرفت معنا و نصا
فبسقف الحلق غصة
لم تنل منها مصابيح المدينة
قد رواها الدمع ما تروي الملايين الحزينة
قولها الآسف في كل صباح
بلسان لاهث يلعق من بين الجراح
فليولي الله من يصلح فينا
و ليولي الله من يصلح فينا
و قد وافتى
إن سعي الناس شتا
لست بالراكب حتى
يطمئن الحبل و المجداف و المقود و العزم
و ميقات السفينة
رقصة تعلو على صوت الشعارات الحزينة
تحتمي في قولة الديك الذي أذن فينا
"مخطئ من ظن يوما أن للثعلب دينا"
متلف عشق الحياة
قاتل عشق الحياة
أن غدا العشق جلوسا و قيام
و كلاما و السلام
و حكى بعض الرواة حدثت أن زمانا كان في هذا البلد
( قل هو الله أحد )
حارقا في السعد حتى منتهاه
ثملما جف جوف الكأس و انفض السقاه
قيل صبرا وطني
رحم الله زمان اللبن
أيها الحاكي اتئد لا لا تزد
ليس من هذا البلد من تداعت عينه خلف قفاه
نحن حظرنا كثيرا و انتظرنا و تناظرنا طويلا و روينا
ما رأينا ثم قلنا ما علينا
إنما الدهر رواه
ينشد الزمار ما شاء و كل بهواه
مدهش أن شجر يمشي و لكني لا أراه
قادما من كل بيت
و إذا ما أطبق الليل سيأتي
إنه الوعد الذي ينتظر الأرض و لا شيء سواه
إنه الوعد الذي ينتظر الأرض و لا شيء سواه