من ديوانه (الخيل والحواجز) عندما كان في زيارة إلى مدينة نيالا أيام مجدها في الستينات.. والجرداق عند أهل دارفور يعني شعر الغزل
في هذه الظهيرة الندية العيون
لا بد أن أقول شعراً للمطر
****
لما دعت لنا عجوزة من أرض فور حافية
ـ جاءت لتحتمي بنا من جلدة السحاب ـ
بأن ننام ـ بعد دفقة السماء ـ عافية،
خرجت للطريق،
يا طيبون، مهرجانكم
والأرض لم تزل غريقة بالماء
والخور يستطيل عزة وكبرياء
بهرجني
كما عيونكم
تطرزت
بالعشب والدليب
والذُرة
وشالني وحطني فوق السماء الممطرة!
اندلق الأطفال في المياه كالأسماك
وانتشرت ثياب العاملات في الأسواق
كالشباك
تصطاد كل نسمة وكل وهجة شمسية
وها هنا ...
تسمرت بي الخطى تشدها روائح العبير والبهار
ويحتوي دروبها الدَهَشْ
من بعد ما تبخر الخريف
واستنشقته فوهة الرمال الساخنة
وضيعته في قبور الجوع والعطشْ
لكنما هذا المساء
طوحت به مرجيحة النسيم وانتعشْ
هذا المساء لو يباع
تنهشه الخرطوم من عيونكم
حتى تبل ريقها
ويستجم السادة الكبار تحت أذرعه
وتستحم في ندائه الشوارع المرصعة
لكنه يقر في براءة الرمال
يستفزه توهج الأسفلت والحديد ...
... لا يُباع
وهذه الخرطوم ـ بنت دار الصباح ـ
لصة الذراع
تسرقكم نداوة الرذاذ
كي تقر في بيوت السادة الكبار
بعد الخريف، ذهباً وجلنار
ومركبات حافلات بالعوين والخدم
وأنتم هنا ...
لا شيء غير رنة الجرداق
غناؤكم ألم
خريفكم ألم
ربيعكم ألم
لكنما ربيعنا ... ربيعكم
لو تبغضونه، يجيئكم
مزدهر الكفين، راقص الشهاب
بعد الخريف الواعد السحاب