مشكــــــــــــــــــور اخي كمال علي تطرق هذا الموضوع الهاااام جدا جدا وكلامك كافي جدا ونحنا المسلمين عارفين الحقيقه دي بس مازلنا ماسكين فيهو وبالعكس الصيدليه البكون مافيها الشعار دا الناس ما بتفتكر انها صيدليه لانو خلاص ارتبطت بها وبقا شي لازم مع انو نحنا اسياد الصيدله ونشأتها عندنا زي ما قلت..
نشأت علم الصيدله عن المسلمين:
بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه يضع أسسًا لهذا العلم تنظمه، وتحدد مهام من يقومون به، والمسئولية الكبيرة الملقاة على عاتقهم فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من تَطبَّبَ ولم يعلم منه طِبٌّ فهو ضامن. رواه أبو داود، وصححه سلحاكم والذهبي. والطب يشمل الصيدلة كما هو معلوم ولم ينفصلا إلا في مرحلة متأخرة..
وتؤكد المخطوطات العربية القديمة أن علم الصيدلة هو علم قائم بذاته، ولكنه يأتي باستمرار مكملاً لمهنة الطب، وتدل الأبحاث على أن نشوء علم الصيدلة عند العرب يعود إلى تاريخ سابق للقرن التاسع إذ تؤكد المصادر الببليوغرافية وجود مُرَكِّبِي أدوية في القرن الثامن في مستشفى Jundîshâbûr في (إيران)، ونميز من بينهم "ماسويه" والد الطبيب "يوحنا بن ماسويه" (القرنين الثامن والتاسع.
ويعود تاريخ ظهور أول العقاقير العربية إلى بداية القرن التاسع، ومعروف أن علم الصيدلة والأدوية كان مطبقاً في المستشفيات وكذلك في الصيدليات (دكاكين الصيدلة). ويسجل علم الصيدلة عند العرب حدثاً مهماً، وهو انفصال شقي علم الطب (الطب والصيدلة) (3)
اهتمام الإسلام بعلم الصيدلة:
الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تحث على التداوي وتأمر به:
أشارت آيات من القرآن الكريم إلى التداوي وذكرت أنواعا من الدواء ومنها:
1 - ماء السماء:
قال الله تعالى [وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا] {ق: 9} [وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ] {الأنبياء:30} [ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ] {ص:42}
2 - عسل النحل:
[وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ. ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ] {النحل: 68، 69}
3 - زيت الزيتون: قال الله تعالى [وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآَكِلِينَ] {المؤمنون:20}
4 - التين والزيتون معًا [وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ] {التين:1 }
5 - اللبن [وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ] {النحل: 66}
6 - ثمرات النخيل والأعناب [وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ] {النحل: 67}
ومن الأحاديث التي تشير إلى التداوي:
روى البخاري بسنده عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ أَوْ يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ تُوَافِقُ الدَّاءَ وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِي (4)
و ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن جعفر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل الرطب بالقثاء والرطب حار رطب في الثانية، يقوي المعدة الباردة ويوافقه، ويزيد في الباه، ولكنه سريع التعفن، معطش، معكر للدم، مصدع مولد للسدد ووجع المثانة، ومضر بالأسنان، والقثاء بارد رطب في الثانية مسكن للعطش، منعش للقوي بشمه لما فيه من العطرية مطفيء لحرارة المعدة الملتهبة، وإذا جفف بذره ودُقَّ واستحلب بالماء وشرب سكن العطش، وأَدَرَّ البول، ونفع من وجع المثانة، وإذا دق ونخل ودلك به الأسنان جلاه، وإذا دق ورقه وعمل منه ضماد مع الميفختج نفع من عضة الكلب، وبالجملة فهذا حار وهذا بارد وفي كل منهما صلاح الآخر وإزالة لأكثر ضرورة ومقاومة كل كيفية بضدها ودفع سورتها بالأخرى، وهذا أصل العلاج كله، وهو أصل في حفظ الصحة بل علم الطب كله يستفاد من هذ، وفي استعمال ذلك وأمثاله في الأغذية والأدوية إصلاح لها وتعديل، ودفع لما فيها من الكيفيات المضرة لما يقابله، وفي ذلك عون على صحة البدن وقوته وخصبه، قالت عائشة رضي الله عنها:" سمنوني بكل شيء فلم أسمن؛ فسمنوني بالقثاء والرطب فسمنت"، وبالجملة فدفع ضرر البارد بالحار والحار بالبارد والرطب باليابس واليابس بالرطب وتعديل أحدهما بالآخر من أبلغ أنواع العلاجات وحفظ الصحة، ونظير هذا ما تقدم من أمره بالسنا والسنوت وهو العسل الذي فيه شيء من السمن يصلح به السنا ويعدله، فصلوات الله وسلامه على من بعث بعمارة القلوب والأبدان وبمصالح الدنيا والآخرة...
وعن أسامة بن شريك قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كأنما على رءوسهم الطير فسلمت ثم قعدت فجاء الأعراب من ههنا وههنا فقالوا: يارسول الله أنتداوى؟ فقال: تداووا فإن الله تعالى لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم. (5)
عن أبي سلمة عن أبي هريرة: أن أبا هند حجم النبي صلى الله عليه وسلم في اليافوخ؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا بني بياضة أنكحوا أبا هند وانكحوا إليه "، وقال: " وإن كان في شىء مما تداوون به خير فالحجامة. (6)
عن أسامة بن شريك قال: قالت الأعراب: يا رسول الله ألا نتداوى؟ قال: نعم يا عباد الله تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أو قال دواء إلا داء واحد. قالوا: يا رسول الله وما هو؟ قال: الهرم. (7)
عن خالد الحذاء قال سمعت أبا عبد الله ميمونا يحدث عن زيد بن أرقم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يتداووا من ذات الجنب بالعود الهندي والزيت. (
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تداووا بألبان البقر فإني أرجو أن يجعل الله فيها شفاء فإنها تأكل من الشجر. (9)
عن عقبة بن عامر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( عليكم بهذه الشجرة المباركة زيت الزيتون فتداووا به فإنه مصحة من الباسور. (10)
عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تداووا من ذات الجنب بالزيت والقسط البحري. (11)
بداية النهضة والتطوير:
قام العرب بتطوير الكثير من الأدوية البسيطة والمركبة في علم المداواة التي اعتمد الطب اللاتيني بعضاً منها فيما بعد، إضافة إلى التطور الذي شهده تطبيق علم الصيدلة، إذ أدخل العرب أنواعاً صيدلية جديدة تلبية لحاجات المهنة، وعُدّت فتحاً جديداً في علم الصيدلة الذي اعتمد في قسم كبير منه على الترجمات العربية لبعض الأعمال المتعلقة بعلوم الطب عند الهنود والإغريق والتي أضيف إليها ما تداولته بعض الشعوب كالعرب والأكراد والخوز، وبرزت هنا ملاحظات وتجارب شخصية لأطباء وصيادلة عرب.
ساعدت ترجمة الأعمال الطبية إلى العربية في تطور علمي الطب والصيدلة عند العرب، إذ شهد عصر الخليفة هارون الرشيد (786 - 809) نشاطاً ملحوظاً على صعيد الترجمة، فقد تمت ترجمة الموسوعات الطبية الهندية التي كشفت عن وجود (علم الحياة المديدة)، كما قاد حنين بن إسحاق (القرن التاسع) فريقاً من المترجمين برعوا في تعريب أعمال كبار الأطباء الإغريق أمثال ديوسكوريد (القرن الأول) وغاليان (القرن الثاني)
وارتسمت في منتصف القرن التاسع تقريباً الخطط التي اتبعها الأطباء والصيادلة العرب في علم المداواة: فمن الناحية التطبيقية، لجؤوا إلى استخدام الأدوية البسيطة والمركبة المستخدمة من قِبَلِ الأطباء الهنود، وكذلك الإغريق، أو من قبل بعض الشعوب في العالم العربي، أما فيما يتعلق بالناحية النظرية، فقد طوّر الأطباء والصيادلة العرب طريقة غاليان بالمعالجة، وذلك باستخدام الأدوية البسيطة التي اطّلعوا عليها في كتابه الذي يحمل عنوان "كتاب الأدوية البسيطة" والتي وجدوها غير كافية، إذ أسقط معيار نوعية الأدوية المركبة، ولسد هذه الفجوة وضع الطبيب الفيلسوف الكندي (القرن التاسع) نظرية في مبحث مقادير الأدوية المركبة، حيث طبق نظرية الرياضيات المتعلقة بالتطورات، ووفق هذه النظرية التي شرحها الكندي في كتابه "في مفردات قوى الأدوية المركبة": إن أي زيادة في درجة النوعية حتى الدرجة القريبة تتطلب أن تتضاعف قوة هذه النوعية.
وبسبب تناوله المشكلة بطريقة رياضية، وهي طريقة غير عادية في عصره كانت هذه النظرية مثار جدل في العالمين العربي واللاتيني
ودرس الصيادلة العرب كتاب الطبيب الإغريقي "ديوسكوريد" الذي يحمل عنوان: "المادة الطبية" والذي وصف فيه الفاعلية العلاجية للعقاقير النباتية والحيوانية والمعدنية وتُرجم هذا الكتاب في مناسبات عدة إلى اللغة العربية تحت عنوان كتاب الأعشاب في الطب" وتمت ترجمته كذلك إلى السريانية والفارسية.
وكرّس الأطباء والصيادلة العرب معظم أعمالهم الطبية للأدوية البسيطة، وبفضل المبادرة الشخصية لأكثر من 110 كتّاب مسلحين بالحاجة الاجتماعية الملحة والقيمة العلمية العالية، ظهرت وللمرة الأولى في تاريخ علم الصيدلة دراسة للمواد الطبية المحلية ذات طابع جغرافي، حيث بقيت فعّالة على مدى خمسة قرون.
ولم تكن معرفة العقاقير الطبية أمراً سهلاً، ففي السابق قام كل من إسطفان بن باسيل (القرن التاسع) -الذي كان أول من ترجم كتاب "ديو سكوريد" إلى اللغة العربية- وحنين بن إسحاق -الذي أعاد وراجع ترجمة إسطفان- بنقحرة (أي نقل حروف لغة إلى لغة أخرى) الأسماء الإغريقية لبعض العقاقير إلى اللغة العربية، وذلك لأنهم لم يجدوا لها مرادفات، وقد شرح ابن البيطار، إمام النباتيين (القرن الثالث عشر) كتاب ديوسكوريد "المادة الطبية" في كتابه "تفسير كتاب ديوسكوريد" مسلطاً الضوء على الكثير من العقاقير والمركبات والآراء المهمة التي وردت بين دفتي الكتاب، وفي الوقت نفسه أهمل مارآه عديم النفع أو هامشياً.
ونذكر من بين الكتّاب الذين اهتموا بالأدوية البسيطة، ابن جلجل (القرن العاشر) من خلال عمله المتميز بمضمونه وعنوانه: (هذه مقالة ثامنة نذكر فيها ما قصّر "ديوسكوريد" عن ذكره في كتابه مما يستعمل في صناعة الطب وينتفع به ومما لا يُستعمل ولكن لانغفل ذكره) في هذا العمل طبق ابن جلجل منهاج "ديوسكوريد" و "غاليان" في وصف 62 عقاراً لم يذكرها "ديوسكوريد"، غالبيتها من أصل هندي، وتقُسم إلى 55 من منشأ نباتي (إهليلج وأخشاب الصندل)، و 5 معدنية (الياقوت والماس)، وعقارين من منشأ حيواني (العنبر)
ويعد هذا العدد 62 عقاراً قليلاً مقارنة بالعدد التقريبي 400 عقار طبي غير معروف لدى الأطباء الإغريق (حوالي 200 من منشأ نباتي و200 أخرى من منشأ حيواني ومعدني)، نجدها مجتمعة في كتاب "ابن البيطار" الذي يحمل عنوان "جامع لمفردات الأدوية والأغذية" من الطبيعي أن يتجاوز عدد العقاقير المستخدمة في المعالجة عند العرب الـ 400 عقار، وأن تدل الأبحاث يوماً ما على المشاركة الحقيقية للأطباء والصيادلة العرب فيما يتعلق بالمادة الطبية.
لدراسة هذه الأدوية البسيطة، اعتمد الأطباء والصيادلة العرب مختلف الأنواع الصيدلية وتناولوا الموضوع من جوانب متعددة استخدم بعضهم أمثال "ابن جلجل" و"ابن البيطار" كتاب "ديوسكوريد" كمرجع أساسي لمعرفتهم، ولكنهم حذفوا منه الباب الخامس المتعلق بالخمور واهتموا بقائمة العقاقير بالتعليق عليها وتفسيرها وإعطاء مرادفاتها.
أما فيما يتعلق بالتقديم الألفبائي (البسيط أو وفق الجمل) للعقاقير، فكانت الطريقة الأمثل والأكثر تطبيقاً: بالنسبة لأي عقار، يتم إلحاق الوصف بمرادفات في لغات مثل السريانية والفارسية واللاتينية، وفي بعض الأحيان إعطاء مرادفات باللهجات العربية المحلية.
من ناحية أخرى اعتمد هذا المنهاج كل من الطبيب الرازي (القرنين التاسع والعاشر) في كتابه /الحاوي/ الذي يضم 829 عقاراً والبيروني في كتابه (كتاب الصيدلة في الطب) الذي يصف 850 عقاراً لأهداف تعليمية، استخدم بعض الكتّاب أساليب تقديم خاصة بهم، في حين استخدم "حنين بن إسحاق" منهاج السؤال والجواب وأرفق "رشيد الدين بن الصوري" (القرن الثامن) وصف النباتات الطبية برسم للنبات في حالتيه الأخضر واليابس، ولكن لسوء الحظ لم تتم المحافظة على هذه الكتب في حين أن ابن الجزّار (القرن العاشر)، اعتمد تصنيف الأدوية وفقاً لدرجة فاعليتها اعتمد كل من الطبيب ابن سينا (القرنين العاشر والحادي عشر) والعلائي (القرن الثاني عشر) منهاج تقديم بجداول شاملة، واستخدم العلائي جدولا من 16 عموداً بإعطاء كل عقار طبي التعليمات التالية:
1) الاسم.
2) الطبيعة.
3) النوع.
4) الاختيار.
5) التركيب.
6) القوة.
7) تأثيره على أمراض الرأس.
تأثيره على أمراض الجهاز التنفسي.
9) تأثيره على أمراض جهاز الهضم.
10) تأثيره على كامل الجسم.
11) طريقة الاستعمال.
12) الكمية المستخدمة.
13) تأثيراته الجانبية.
14) ميزاته.
15) الدواء البديل.
16) رقمه.
يبين لنا هذا المثال أنه قد تمت دراسة تأثير الأدوية البسيطة من قبل بعض الأطباء والصيادلة العرب وفق معايير معقدة شيئاً فشيئاً، في الحقيقة لم ينوه غاليان إلا لثلاثة أنواع من الفاعلية لكل عقار: الخاصيات البدائية (الأولية) الفعّالة (برودة أو سخونة) والسلبية (جفاف أو رطوبة)، والخاصيات الثانوية التي تتضمن الرائحة والطعم، والخاصيات الثالثة والتي تتضمن تأثير الدواء على الجسم ويحتل مؤلّف ابن البيطار الذي يحمل عنوان (جامع لمفردات الأدوية والأغذية) الذي أشرنا إليه مسبقاً مكانة مهمة في تاريخ الصيدلة عند العرب، ورد في هذا الكتاب ذِكْرُ حوالي 260 مصدراً وحوالي 2400 اسم لعقاقير طبية، ثلثها تقريباً هي مرادفات بسيطة أما عدد العقاقير المذكورة فيبلغ حوالي 1400 عقار طبي، منها حوالي 400 عقار لم تكن معروفة عند الأطباء الإغريق. تم في تلك الفترة تأليف الكثير من كتب المرادفات والمعاجم وذلك من أجل تسهيل المهمة الموكلة للأطباء والصيادلة ولم ينس أكثر هؤلاء الكُتَّاب أن يشيروا في هذه الكتب إلى تسميات العقاقير وفق اللهجات العربية المتنوعة، على سبيل المثال أشار الطبيب أبو عمران موسى بن ميمون بن عبد الله /Maimonide/ القرن الثاني عشر في كتابه "كتاب شرح أسماء العقار" أن التمر هندي tamarin هو اسم شجرة الـ humar
ومما تركه الببليوغرافيون القدامى والجدد، نعرف أنه قد تم تأليف عدد قليل من الأعمال في العالم العربي بلغة أخرى غير العربية: منها كتاب من تأليف إسحاق بن مراد (القرن الرابع عشر) مكتوب باللغة التركية.
نشطت في القرن الحادي عشر في الشرق كما في الغرب حركات ترجمة الأعمال الطبية المكتوبة باللغة العربية إلى اللغات الفارسية والكتالونية وبشكل خاص إلى اللاتينية، وشملت كذلك الكتب الطبية في الأدوية البسيطة، ومن الجدير بالذكر وعلى سبيل المثال تمت ترجمة كتب الأدوية البسيطة لـ ابن سينا وابن الوافد (القرن الحادي عشر) وابن الجّزار إلى اللغة اللاتينية، حيث كان لها الأثر الحاسم على علم الصيدلة عند الصيادلة اللاتين.
أسهم العرب كثيرًا في حقلي الطب والصيدلة؛ ومن أهم إسهاماتهم:
إدخال طرق جديدة للتشخيص المباشر والتشخيص السريري، وعلاج أمراض القلب،
واكتشاف طرق مستحدثة للعلاج النفسي، وتطوير عمليتي التخدير والإنعاش بإدخال مواد جديدة إلى هذا الحقل،
واكتشاف طرق جديدة لتفتيت الحصى في المثانة للرجال، واستئصال حصى المثانة عند النساء عن طريق المهبل،
وفي جراحة القضيب الهوائية، كما اكتشفوا الدورة الدموية الصغرى (الدورة الرئوية).
ومن منجزاتهم أنهم أسسوا علم الطب التجريبي. وقد حفظوا التراث الطبي للأمم التي سبقتهم من الضياع وأهملوا ما يتنافى فيه مع العلم والتجربة، وصححوا الأخطاء الواردة فيه وأضافوا معارف جديدة. ومن ذلك إقامة المدارس الطبية الملحقة بالبيمارستانات، بما في ذلك نظام الإعاشة لطلابها على غرار المدارس الداخلية في وقتنا الراهن، ويتلقى فيها الطلاب دروسهم النظرية والتطبيقية، ويتقدمون في نهاية الدراسة إلى امتحان كفاية يُقْسِم بعده من ينجحون يمين المهنة، ويتسلمون براءة ممارستها تحت رقابة الدولة. ومن هذه المدارس: مدرسة دمشق، ومدرسة بغداد، ومدرسة قرطبة.
كما أدخلوا نظام الفحص اليومي على المرضى بالمستشفيات، وتدوين خلاصة الفحص على لوحة سرير المريض،
وابتكار نظام الحمْيات (الوجبات الخاصة) للمرضى،
ووضع القواعد في طب العيون، وابتكار أدوات جراحية مختلفة كالمكاشط، والكلاليب والحقن المعدنية لاستخراج حصاة المثانة والمشارط. كما أجروا نظام اختبار كفاية للأطباء وهم في الخدمة، وكان مبدأ ذلك في عهد الخليفة المقتدر بإشراف الطبيب سنان بن ثابت بن قُرة.
وهم أول من اعتمد طريقة التشخيص السريري على المرضى، وكذلك العزل (الحجر) الصحي، كما ابتكروا طرقًا أخرى في التشخيص تعرفوا بها على أعراض كثير من الأمراض، وتوصلوا إلى سبل لمعالجتها. من ذلك؛ العقم وأسبابه، والتخنث وحالاته وعالجوا بعض حالاته جراحيًا. ومن هذه الأمراض داء الجمرة والفيلارية والأورام الخبيثة التي عالجوا بعضها جراحياً وهي في أطوارها الأولى، والجذام وقد عزلوا المصابين به في مستشفيات خاصة، والسُّل الذي اكتشفوا أعراضه في لون أظافر المرضى. والشلل وأنواعه وعالجوه بأدوية مخالفة للأدوية التي استخدمها من قبلهم، وكذلك البواسير وقد درسوا أسبابه، وأجروا عمليات جراحية مستعصية في العين مثل قدح الماء الأزرق، كما شقّوا القصبة الهوائية والمريء والمستقيم للتوصل إلى التغذية الاصطناعية. وربطوا الشرايين أثناء العمليات الجراحية وفي حالات النزف.
كما كانوا أول من استخدم فتيلة الجرح وأمعاء الحيوانات في العمليات الجراحية، وأول من استخدم الرصاص الأبيض في المراهم، والزئبق في تركيب المسهلات.
وكانوا أول من فرّق بين الجراحة وغيرها من الحقول الطبية، وجعلوها قائمة على أساس دراسة تشريح الأجسام.
وفصلوا بين الصيدلة والطب، وأسسوا علم الصيدلة وفق أساليب علمية منظمة.
وقد برعوا في التمييز بين الأمراض ذات الأعراض المتشابهة كالحصبة والجدري، ومرض النقرس والرثية، والالتهاب الرئوي والالتهاب البلوري، وحصى الكلية وحصى المثانة، والمغص المعوي والمغص الكلوي، والسدر والدوار، والشلل النصفي واللقوة (شلل الوجه). وميّزوا بين ما هو ناتج عن سبب موضعي وما ينتج عن سبب مركزي في الدماغ، وألّفوا في هذا المجال بعض التصانيف منها كتاب ابن الجزار (الفرق بين العلل التي تشتبه أسبابها وتختلف أعراضها).
واكتشفوا مرض الإنكلستوما و الدودة التي تسببه.
واكتشفوا الطفيليات المسببة للجرب.
والعلماء المسلمون أول من استفاد من الكيمياء في حقل الصيدلة.
ولما اعتمد علمهم التجربة والمشاهدة والقياس؛ فقد أجروا التجارب على الحيوانات كالقرود قبل تجربتها على بني البشر.
وبيّنوا علاقة بعض الأمراض بالخمر، كما وصفوا داء الفيل وانتشاره في الجسم. ولاحظوا أن لكل مرحلة من العمر معدّلاً معينًا في النبض، وبيّنوا أثر العوامل النفسية في اضطرابه. واستخدموا الأنابيب القصديرية المجوّفة لتغذية المصابين بعسر البلع.
والأطباء المسلمون أول من استخدم الإسفنجة المبنجة (المخدِّرة) التي كانت توضع في عصير من الحشيش والأفيون والزؤان وست الحسن (الهيوسيامين).
كما برعوا في تشريح العيون وجراحتها وعرفوا ما يطلق عليه اليوم التشريح المقارن.
وعرفوا كيفية خياطة الجروح بشكل داخلي لا يترك أثرًا ظاهرًا من الخارج والتدريز في جراحات البطن، وكيفية الخياطة بإبرتين وخيط واحد مثبت بهما. وهناك إسهامات أخرى للعلماء المسلمين في حقلي الطب والصيدلة يضيق المجال عن ذكره. موقع الموسوعة العربية العالمية
والعرب أول من ابتكر الشراب الحلو المستخرج من نبات الكرنب مع السكر ولا يزال الغرب يطلقون عليه كلمة (SYRUP ) وهي مأخوذة من كلمة شراب العربية، كما أنهم أول من غلف حبات الأدوية المرة بغلاف من السكر ليتمكن المريض من استساغة الدواء. وأما عادة تغليف حبات الأدوية بالذهب والفضة في الوقت الحاضر، فهي تقليد يعود إلى ابن سينا الذي وصف الذهب والفضة كأدوية مفيدة للقلب وقام بتغليف الأدوية المعمولة على شكل حبوب،وبرع العرب في تحضير وصنع وتركيب الضمادات والمساحيق والمراهم واللزوق وقد وفقوا إلى صنع مراهم تجف مع الوقت كشماعات الجروح الحديثة.
وضع العرب عصارة أفكارهم ونتائج تجاربهم في كتب خاصة سميت (بالأقرباذين) نشرت فيما بعد على أسس صالحة للاستعمال تحت عنوان (وسائل شافية) وتناولها الجميع.
والحق أن المسلمين هم أول من أسس الصيدلة فقد أضافوا تركيبات جديدة وابتكارات علمية لم تكن معروفة قبلهم كما إنهم أول من كتب وألّف في العقاقير
ومن أهم مآثر العرب في علم الصيدلة إدخالهم نظام الحسبة ومراقبة الأدوية، إذ أن بعض الصيادلة لم يكونوا أمناء ومخلصين في أعمالهم، وقسم منهم يدعي أن لديه جميع أصناف الأدوية فأمر المأمون ( 218هجرية- 1133ميلادية) بامتحان أمانة الصيادلة ثم أمر المعتصم سنة ( 221هجرية- 1135م) أن يمنح الصيدلي الذي تثبتت أمانته شهادة تجيز له العمل. انتقل نظام الحسبة إلى أوربا ولا تزال كلمة "محتسب" تستعمل في اللغة الاسبانية بلفظها العربي حتى الوقت الحاضر.
ومنذ فجر التاريخ لم تنقطع الصلة بين الطبيب والصيدلة حتى أن علماء الآثار تمكنوا من العثور على عدد كبير من الوثائق البابلية والآشورية الخاصة بالطب والعلاج وهي منقوشة على الطين بالكتابة المسمارية، وتشتمل على ثلاثة أقسام من الإيضاحات:
الأول: خاص بقوائم الأعشاب الطبية.
الثاني: مجموعة من الوصفات العلاجية المرتبة حسب العضو المصاب.
الثالث: خاص بمناقشة تشخيص الأمراض.
لقد اعتمد الطب العراقي القديم في الغالب على المملكة النباتية في عقاقيره وأدويته إلى درجة كبيرة، وهناك مجموعة كبيرة من النباتات استعملت أوراقها وجذورها وخلاصة بذورها وأزهارها في مختلف الأمراض. وفي ظل الخلافة العباسية وفي عهد المنصور والرشيد والمأمون والمتوكل كان تقدم الصيدلة فيها يعود بسبب تقدم علم الكيمياء نتيجة البحث والاستقراء والتجارب وقد اشتهر في بدء هذه العهود جابر بن حيان والكندي والرازي وغيرهم ممن اكتشفوا كثيرا من المستحضرات الكيماوية التي بُنيت عليها الكيمياء الحديثة وهم أول من وصف التقطير والترشيح والتصعيد والتبلور واستحضار مركبات وأحماض كثيرة.
الطبيب الكبير والصيدلاني ( الزهراوي) يُعَدُّ أوّلَ من صنع أقراص الدواء، وكان يصبُّها في قوالب من خشب الأبنوس، أو العاج وعليها ينقش اسمها الطبي.
أول من تنبّه إلى أهمية تاريخ صناعة كل دواء، والطريقة المثلى لحفظه كي لا يتسرّب إليه تلف أو فساد، هو الطبيب العربي (داود الأنطاكي) الذي أكّد في كتابه (تذكرة أولي الألباب، والجامع للعجب العجاب) على ملاحظة تاريخ صنع الدواء، وتحديد فترة صلاحيته للعلاج (الإكسباير) كي لا ينقلب نفعه -كما يقول- إلى مضار.
(منــــــــــــقول)