كان يا ما كان في قديم الزمان في راعي غنم يعيش وابنه الوحيد وغنيماته في الخلاء يصحو مبكراً فيصلي الصبح ويحلب الأغنام ويشرب اللبن هو ووالده ويتجهان إلى المراعي ليعودا في المغرب يشربان اللبن ويؤديان الفرائض وينامان هاني البال.. عاشا كذلك ردحاً من الزمن في سعادة وراحة بال.
٭ ذات يوم والرجل يرعى أغنامه مر بجبل فيه غار نظر إلى داخله فرأى ثعباناً ضخماً يحرس منجماً من الذهب على مدى البصر داخل الجبل.. دخل الرجل إلى الثعبان وقال له يا حضرة الثعبان أراك تتمتع بثروة كبيرة وأنا ليس لدى سوى ابني وأغنامي.. لا أريد لولدي أن يعيش مثل عيشتي الفارغة ولهذا فسأحضر لك كل يوم قدراً من اللبن على أن تعطيني قطعة صغيرة من الذهب تضعها في الإناء الذي احمله إليك فاجمع القطع وأحفظها لابني ليذهب إلى البندر ويتزوج ويعيش عيشة هنية هناك.
٭ وافق الثعبان على ذلك وأصبح الرجل يحمل إناءه باللبن كل صباح ويعود بقطعة الذهب.. واستمر الحال على هذا النحو لبضعة أشهر.. وذات يوم أحس الرجل بألم في أسنانه فقرر الذهاب للمدينة للعلاج وكلف ابنه بالقيام بما كان يقوم به تجاه الثعبان.
٭ سافر الرجل وذهب ابنه بإناء اللبن إلى الثعبان ولم يكن قد شاهده من قبل.. وعندما شاهد الشاب منجم الذهب أصابه الذهول وقال لنفسه.. لماذا كان أبي يشقى كل هذا الشقاء ليحصل كل يوم على قطعة صغيرة من الذهب؟.. ولماذا لا اقتل هذا الثعبان فأفوز بكل هذه الغنيمة دفعة واحدة.. وفي اليوم التالي حمل (ساطوراً) مع إناء اللبن وجاء للثعبان وما أن هم الأخير بشرب اللبن حتى هوى عليه بالساطور.. ولكن الثعبان تفادى الضربة لتلحق بذيله وتقطعه وهجم على الشاب وقتله.. رجع الراعي واكتشف ما حدث فبكى على ابنه وترحم عليه.
٭ بعد شهرين ذهب الراعي إلى الثعبان واعتذر له وقال أن ما حدث قد حدث فدعنا ننسى الماضي ونواصل ما انقطع بيننا لا سيما وإنني عندما ذهبت للمدينة تزوجت فيها وزوجتي حامل الآن واريد أن يكون لابني القادم ما يؤمن مستقبله.. نظر الثعبان للراعي وقال له إنني لن انسي ما حييت ذنبي المقطوع وأنت لن تنسى ما حييت ابنك القتيل فاذهب لحال سبيلك ولا تفكر في أن نكون قادرين على التعاون مرة أخرى.