رحيق السنابل
حكايات في ذكري رحيل مصطفي سيداحمد
· في السابع عشر من شهر ينائر عام 1996 فجع الشعب السوداني برحيل احد مبدعيه الافذاذ ، الاستاذ مصطفي سيداحمد بعد صراع مرير مع الالم والغربة القسرية بعيدا عن الوطن الذي سلبته جماعات الانقاذ في 30 يونيو89 ليخيم حزنا عميقا علي السودان منذ ذلك التاريخ وتتضاعف الاحزان برحيل المبدعين وكان رحيل الاستاذ مصطفي سيداحمد حزنا اناخ احماله فينا ولا يزال .
· كان الاستاذ مصطفي سيداحمد فنانا شاملا وملتزما تجاه فنه وجمهوره وتربطه علاقات انسانية مع الجميع وتميزت علاقاته مع فرقته الموسيقة التي كونها في بداية انطلاقته الفنية في الحصاحيصا بصورة خاصة. اجبر افراد فرقته علي الالتزام بالسلوك القويم وذلك بالاقلاع عن تعاطي الكحول واستبدل شرب الخمر بشرب الشاي وتصادف ان حضر احد اصدقاء العازفين ووجد الجميع يشربون في الشاي والطاولة مليئة بحفاظات الشاي فما كان من هذا الضيف الا ان يخرج غاضبا علي الاستاذ مصطفي قائلا له، والله جماعتك ديل بكرا الصباح الا يفكوها بي زلابية.
· اجري الصحفي النابه الاستاذ هاشم كرار حوار مطولا مع الاستاذ مصطفي سيداحمد ومن ضمن الاسئلة التي طرحها عليه حول تجربته مع الألم ، فكانت هذه الاجابة الفلسفية الرائعة:
الألم شعور ذاتي خاص، والتعامل معه ومعايشته يومياً يورث المرء قدراً من الجرأة، وقدراً كبيراً من الشفافية والألم، من خلال معايشتي اللصيقة له يلون الطاقة الإبداعية... يشحذ همتها من خلال عملية الإسقاط هذه ، ومن خلال الجرأة المكتسبة، والشفافية تتفجر الطاقة الإبداعية بشكل أو بآخر.
أيضا ومن خلال معايشتي للألم، يمكنني أن أقول أن الألم قد يجعلك تنكفئ على ذاتك أو تنفلت منها وفي حالة الإنكفاء على الذات تتوارى كوامن الإبداع وتندثر وتموت... وفي الحالة الثانية... حالة الانفلات تكتسب قدرة أكبر في الإحساس بألم الأخرين ويستميل هذا الإحساس إلى مشاركة أعمق وأرحب، وبشكل موضوعي.
المسألة في ظني أشبه بالتربية في الصوم إحساسك بالجوع في الصوم يجعلك تحس بجوع الآخرين تلتفت إليهم... تتعاطف معهم تنحاز إليهم وتتبنى– في الغابة- موقفاً معارضاً للجوع حيث وجد وأنى كان.
· بمناسبة مرور عام علي رحيل المبدع مصطفي سيداحمد اقام اصدقاءه ومعجبيه السنوية الاولي لرحيله فكانت حدثا فريدا لم تشهده الحصاحيصا من قبل في وقت كانت الانقاذ اكثر دموية وعنف وكانت اجهزة الامن تحارب وتصادر كل شيء يحمل سيرة الراحل مصطفي سيداحمد . الحصاحيصا فتحت بيوتها لضيوف مهرجان الذكري الاولي والذين توافدوا في مجموعات من كل اصقاع السودان قراه ومدنه شيبا وشبابا من الجنسين ، عجزت كل الاجهزة الامنية والشعبية تعقبهم او افشال الاحتفال خوفا من ان ينفجر الوضع وتحدث الكارثة. في خضم هذا الجو المفعم بالانفعالات النبيلة وقف احد رموز الحركة الاسلامية بالمنطقة وهولم يصدق روعة هذا المشهد يردد في استنكار ، من اين اتي هؤلاء فكانت الاجابة بنفس السؤال من اين اتيتم انتم ؟؟
· اثناء حملات التعذيب التي كانت تمارسها الاجهزة الامنية في مكاتب الامن الملاصقة لمحلية الحصاحيصا كانوا يبثون اغاني الراحل مصطفي سيداحمد وبصوت عال حتي لا تسمع اصوات ومحاولة لكسر صمود المعتقلين عبدالوهاب احمد صالح والاستاذ عبدالرؤوف عمروآخرين ومن قبلهم اسلم الروح الي بارئها الشهيد عبدالمنعم رحمة من جراء التعذيب الذي تصاحبه اغنيات الراحل مصطفي سيداحمد والتي تنزلت عليه بردا وسلاما وهو في عليين . التحية للذكري الخامسة عشر لرحيل قيثارة الشعب مصطفي سيداحمد والتحية لجمهوره الوفي .