موضوع: العلاقة بين آبار علي ودارفور الإثنين 8 فبراير 2010 - 5:21
الدوحة: عبدالرحمن أبوشيبة،
خطبة جمعة رائعة للدكتور/ صفوت حجازي:
بسم الله والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد،،
قليل منا من قرأ تاريخنا ووعى هذا التاريخ، ونحن للأسف الشديد أمة لا تقرأ تاريخها. وإذا قرأنا هذا التاريخ فإننا ننساه ونتعامل معه على أنه ماض، والمهم أن ننظر للحاضر والمستقبل. أيها الأحباب، التاريخ هو مجدنا ومجد آباءنا، التاريخ هو حاضرنا ومستقبلنا. وكما روى الحاكم في مستدركه من حديث عبد الله بن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنهما- أنه قال: "كان أبا سعد بن أبي وقاص يأخذ بأيدينا أنا وإخوتي، يوقفنا على مشاهد رسول الله (أي مواقع الغزوات) وآثار رسول الله، ويروي لنا ما شهد من الماضي، ويقول لنا: "تعلموا تاريخكم، وتعلموا سيرة نبيكم، فإنها مجدكم ومجد آبائكم". أما نحن فللأسف الشديد ضاع منا هذا التاريخ.
سبب تسمية ميقات ذو الحليفة بآبار علي، وأظن أن الجميع يعرف المدينة المنورة، بل إن معظمنا ذهب إليها وسار في طرقاتها. ولعل بعضنا يعرف أبيار علي، وهي ميقات أهل المدينة المنورة الذي ينوي عنده ويحرم من أراد منهم الحج أو العمرة، وكانت تسمى في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- (ذي الحليفة). ولعل البعض يظن أنها سميت أبيار علي نسبة لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وهذا غير صحيح. والصحيح أنها سميت بذلك نسبة ل(علي بن دينار). و(علي بن دينار) هذا جاء إلى الميقات عام 1898م حاجاً ( أي منذ حوالي مائة وثمانية أعوام)، فوجد حالة الميقات سيئة، فحفر الآبار للحجاج ليشربوا منها ويُطعمهم عندها، وجدد مسجد ذي الحليفة (ذلك المسجد الذي صلى فيه النبي وهو خارج للحج من المدينة المنورة). وأقام وعمّر هذا المكان، ولذلك سمي المكان بأبيار علي نسبة لعلي بن دينار.
من هو علي بن دينار ؟ أتدرون من هو علي بن دينار هذا؟ إنه سلطان (دارفور)، تلك المنطقة التي لم نسمع عنها إلا الآن فقط لما تحدث العالم عنها، ونظنها أرضاً جرداء قاحلة في غرب السودان. كانت (دارفور) منذ عام 1898م وحتى عام 1917م سلطنة مسلمة لها عضوية في (عصبة الأمم "ســـابقا" = الأمم المتحدة الآن)، ولها سلطان اسمه (علي بن دينار). وهذا السلطان لما تقاعست مصر عن إرسال كسوة الكعبة أقام في مدينة "الفاشر (عاصمة دارفور)" مصنعاً لصناعة كسوة الكعبة، وظل طوال عشرين عاما تقريباً يرسل كسوة الكعبة إلى مكة المكرمة من الفاشر عاصمة دارفور.. وإذا كنا في مصر نفخر ونشرف أننا كنا نرسل كسوة الكعبة، وكان لنا في مكة التكية المصرية، فإن دارفور لها مثل هذا الفخر وهذا الشرف. هذه الأرض المسلمة تبلغ مساحتها ما يساوي مساحة جمهورية فرنسا، ويبلغ تعداد سكانها 6 ملايين نسمة، ونسبة المسلمين منهم تبلغ 99% (أي أن نسبة المسلمين في دارفور تفوق نسبتهم في مصر!! والذي لا تعرفونه عنها أن أعلى نسبة من حملة كتاب الله عز وجل موجودة في بلد مسلم، هي نسبتهم في دارفور، إذ تبلغ هذه النسبة ما يزيد عن 50% من سكان دارفور، يحفظون القرآن عن ظهر قلب (حتى أن مسلمي أفريقيا يسمون هذه الأرض "دفتي المصحف". وكان في الأزهر الشريف حتى عهد قريب رواق اسمه "رواق دارفور"، كان أهل دارفور لا ينقطعون أن يأتوه ليتعلموا في الأزهر الشريف.
وأصل المشكلة هناك أن دارفور يسكنها قبائل من أصول عربية تعمل بالزراعة، وقبائل من أصول إفريقية تعمل بالرعي. وكما هو الحال في صحراوات العالم أجمع، أحدث النزاع بين الزراع والرعاة على المرعى والكلأ، وتتناوش القبائل بعضها مع بعض في نزاع قبلي بسيط، تستطيع أي حكومة أن تقضي عليه، غير أن هذا لم يحدث في السودان، بل تطور الأمر لما تسمعونه وتشاهدونه الآن..
لماذا كل هذا؟!! لأن السودان هي سلة الغذاء في إفريقيا، ولأن السودان هي أغنى وأخصب أراضي العالم في الزراعة، ولأن السودان اُكتشف فيها مؤخراً كميات هائلة من البترول، ومثلها من اليورانيوم في شمال دارفور. فلو استقر السودان المسلم لحل الأمن والرخاء والسخاء بالمنطقة كلها، ولأصبحت السودان ملجأ وملاذاً للمسلمين والعرب أجمعين..
أبو رائد
موضوع: رد: العلاقة بين آبار علي ودارفور الإثنين 8 فبراير 2010 - 15:24